منهاج الكرامة في معرفة الإمامة (كتاب)
مِنهاجُ الكرامة في مَعرفة الإمامَة كتاب يحتوي على كمّ كبير من البراهين العقلية والنقلية المثبّتة لإمامة أمير المؤمنين علي وأبنائه المعصومين عليهم السلام وأحقّية المذهب الشيعي. من تأليف أبي منصور جمال الدين الحسن بن يوسف الحلّي الشهير بالعلامة الحلي المتوفى سنة 726 هـ.
مؤلف الكتاب
أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلّي المشهور بـالعلامة الحلّي من أعلام القرن الثامن الهجري. وكان لمؤلفاته ومناظراته الدور الكبير في تحول السلطان محمد خدا بنده إلى التشيع وانتشار المذهب الشيعي في إيران.
عرف العلامة بكثرة مؤلفاته في شتّى العلوم كـالفقه، والأصول، والعقائد، والفلسفة، والمنطق، والدعاء و... وكانت له زعامة الشيعة بعد رحيل المحقق الحلي سنة 676 هـ حيث وقع اختيار تلاميذ المحقق وعلماء الحلّة عليه كأفضل شخصية لتولي هذا المنصب الخطير وكان له من العمر آنذاك 28 سنّة.
اسم الكتاب
ذكره الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتاب الذريعة تحت عنوان «منهاج الكرامة إلى إثبات الإمامة».[١]
المحتويات
رتب العلّامة الكتاب على فصول ستة:
خَصَّص الفصل الأوّل منه للنظريات المطروحة في أوساط المسلمين حول موضوع الإمامة قائلا: «إن الشيعة الإمامية تذهب إلى الإيمان بالعدل الإلهي وأنّ الله تعالى عدل حكيم لا يفعل قبيحًا ولا يخلّ بواجب، وأنه تعالى أرسل الرسل المعصومين وأنّ الإمامة استمرار للرسالة ويشترط في الإمام أن يكون معصومًا، وأنّ النبيّ صلی الله عليه وآله وسلم لم يمت إلا عن وصية بالإمامة. في حين ذهب أهل السنة إلى خلاف ذلك كلًه».
أما الفصل الثاني منه فقد صبّ البحث فيه على إثبات أحقّية مذهب الإمامية ووجوب اتّباعه، مستدلا عليه بأمور منها:
- الأول: لمّا نظرنا في المذاهب وجدنا أحقّها وأصدقها وأخلصها عن شوائب الباطل، وأعظمها تنزيها لله تعالى ولرسله ولأوصيائه.
- الوجه الثاني: «ما قاله الخواجة نصير الدين الطوسي، وقد سألته عن المذاهب، فقال: بحثنا عنها وعن قول رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية والباقي في النار، فوجدنا الفرقة الناجية هي فرقة الإمامية، لأنهم باينوا جميع المذاهب، وجميع المذاهب قد اشتركت في أصول العقائد».
- الوجه الثالث: إنّ الإمامية جازمون بحصول النجاة لهم ولأئمتهم، قاطعون على ذلك، وبحصول ضدها لغيرهم، وأهل السنّة لا يجزمون بذلك لا لهم ولا لغيرهم، فيكون أتباع أولئك أولى.
- الوجه الرابع: إنّ الإمامية أخذوا مذهبهم عن الأئمة المعصومين عليهم السلام، المشهورين بالفضل والعلم والزهد والورع.
- الوجه الخامس: إنّ الإمامية لم يذهبوا إلى التعصب في غير الحق.
- الوجه السادس: إنّ الإمامية لما رأوا فضائل أمير المؤمنين وكمالاته لا تحصى، قد رواها المخالف والمؤالف، ولم ينقلوا في علي طعنًا البتة، اتبعوا قوله وجعلوه إماما لهم، حيث نزهه المخالف والمؤالف.
أمّا الفصل الثالث فقد سلّط فيه الأضواء على الأدلة الدالة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ونظمه على أربعة مناهج:
المنهج الأول: في الأدلة العقلية، وهي خمسة:
الأول: العصمة؛
الثاني: نص النبي صلی الله عليه وآله وسلم؛
الثالث: إنّ الإمام يجب أن يكون حافظًا للشرع فلا بد من إمام منصوب من الله تعالى، معصوم من الزلل والخطأ، لئلا يترك بعض الأحكام أو يزيد فيها عمدًا أو سهوًا، وغير علي لم يكن كذلك بالإجماع؛
الرابع: إنّ الله تعالى قادر على نصب إمام معصوم، والحاجة للعالم داعية إليه، ولا مفسدة فيه، فيجب نصبه، وغير علي لم يكن كذلك إجماعًا.
الخامس: إنّ الإمام يجب أن يكون أفضل من رعيته، وعلي أفضل أهل زمانه.
المنهج الثاني: في الأدلة المأخوذة من القرآن والبراهين الدالّة على إمامة علي من الكتاب العزيز، وهي أربعون برهانًا؛ وفي الأدلّة المستندة إلى السنة المنقولة عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم وهي اثنا عشر حديثًا؛ بالإضافة إلى الأدلة على إمامته، المستنبطة من أحواله وفضائله ، وهي إثنا عشر أيضا.
أمّا الفصل الرابع فقد تعرّض فيه لدليل إمامة باقي الأئمة الإثني عشر، وذكر فيه ثلاث طرق، هي:
- أحدها: النص.
- الثاني: ما ثبت في محلّه من أنه يجب في كل زمان إمام معصوم، وغير هؤلاء عليهم السلام إجماعًا ليس بمعصوم.
- الثالث: الفضائل التي اشتمل كل واحد منهم عليها، الموجبة لكونه إماماً.
أما الفصل الخامس، فقد خصّصه لإثبات عدم إمامة من تقدّم على أمير المؤمنين مستعرضًا فيه أربعة عشر دليلاً.
وختم الكلام في الفصل السادس بنسخ الحجج المقامة على إمامة أبي بكر حيث احتجّوا بوجوه:
الأول: الإجماع: والجواب منع الإجماع، فإن جماعة من بني هاشم لم يوافقوا على ذلك، وجماعة من أكابر الصحابة، كسلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وحذيفة بن اليمان وسعد بن عبادة وزيد بن أرقم وأسامة بن زيد وخالد بن سعيد بن العاص.
الثاني: ما رووه عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم أنّه قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. والجواب المنع من دلالة الرواية على الإمامة، فإن الاقتداء بالفقهاء لا يستلزم كونهم أئمة وأيضًا فإنّ أبا بكر وعمر اختلفا في كثير من الأحكام، فلا يمكن الاقتداء بهما.
الثالث: ما ورد منه من الفضائل، كالآية الأربعين من سورة التوبة المعروفة بآية الغار. وهذه لا تدل على المطلوب؛ لأنّ الحزن إن كان طاعة استحال أن ينهَ النبي صلی الله عليه وآله وسلم، وإن كان معصية، كان ما ادّعوه فضيلة رذيلة.[٢]
مكانته وأهميته
صنّف العلامة كتابه للسلطان محمد خدابنده (أولجايتو) فكان له الأثر الكبير في تشيّعه وتشيّع الكثير من الناس، مما أثار حفيظة البعض فذهب إلى ابن تيمية الحراني طالباً منه الرد على الكتاب فصنف كتابه منهاج السنّة، الذي شحنه بالشتائم والكلمات الركيكة بالإضافة إلى الكذب والافتراء. وقد ردّ على كتاب ابن تيمية هذا الكثير من الأعلام منهم السيد سراج الدين حسن بن عيسى اليماني تحت عنوان «إكمال المنة» في نقض منهاج السنة، والسيد مهدي الكاظمي في كتابه «منهاج الشريعة» في الرد على منهاج السنة.[٣]
شرح الكتاب
تصدّى السيد علي الحسيني الميلاني من الأعلام المعاصرين في قم المقدسة لشرح كتاب منهاج الكرامة باللغة العربية، ولم يطبع من الشرح سوى المجلد الأول منه الذي يقع في 582 صفحة سنة 1376 هـ ش عن مؤسسة الهجرة للطباعة الخاص بشرح الفصل الأوّل من الكتاب فقط.[٤]
النسخ الخطية
توجد مجموعة من النسخ الخطية للكتاب متوزعة على أكثر من مكان، منها:
1. النسخة الموجودة في المكتبة الرضوية في مشهد المقدسة تحت الرقم 13754.
2. النسخة الموجودة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي في قم المقدسة.
3. مجموعة من النسخ الأخرى موجودة في نفس المكتبة.[٥]
الطبع
حقق الكتاب وصححه الأستاذ عبد الرحيم مبارك سنة 1379 شمسي وتولّت نشره لأول مرة دار تاسوعاء للطباعة والنشر، مشهد، ونشره أيضا مركز الأبحاث العقائدية ضمن سلسلة الكتب المؤلفة في رد الشبهات رقم (120)