الأشعث بن قيس الكندي

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الأشعَث بن قَيس الكِندي40 هـ) من قادة جيش أمير المؤمنين (ع) في معركة صفين، الذي ألحّ على وقف القتال مع معاوية بن ابي سفيان وقبول التحكيم، كما خالف الإمامَ علياً (ع) في أن يكون عبد الله بن العباس حَكَما من قبل معسكر الإمام، وقدّم أبا موسى الأشعري لهذا الأمر. وبعد معركة نهروان خالف الإمامَ (ع) أيضاً، وكان (ع) يريد العودة إلى محاربة معاوية، لكن الأشعث لم يوافق وتذرّع بالتعب والملل من طول الحرب، مما أدّى إلى تضاؤل معنويات الجنود؛ فتراجع الإمام علي (ع) عن الحرب مع معاوية.

وبناءً على بعض الروايات التأريخية فقد كان الأشعث على علم بمؤامرة اغتيال الإمام علي (ع)، وبحسب رواية عن الإمام الصادق (ع) أنَّ الأشعث قد شارك في دم أمير المؤمنين (ع)، كما كان لابنيه محمد وقيس أدوار في واقعة الطف، وقد قامت ابنته جعدة بدس السمّ إلى الإمام الحسن (ع) بإغراء من معاوية.

وكان الأشعث رئيس قبيلة الكندة، وعيّنه عثمان بن عفان والياً على آذربيجان، توفي سنة 40 هـ.

حياته

يعود الأشعث بن قيس إلي قبيلة كندة وهو من أهالي حضرموت في اليمن.[١] وذكرت بعض المصادر أن اسمه معدي كرب، ولُقّب بالأشعث، وكنيته أبو محمد.[٢] ذهب في السنة العاشرة للهجرة[٣] مع جماعة من قبيلته إلى المدينة عند النبي (ص)، وأسلم هناك،[٤] وعلى هذا عُدّ من صحابة الرسول،[٥] كما روي عنه أحاديث عن النبي (ص) في مصادر أهل السنة كصحيح البخاري[٦] وصحيح مسلم.[٧]

امتنع الأشعث بعد وفاة النبي (ص) عن مبايعة أبي بكر،[٨] فأرسل أبو بكر بعض رجاله في طلبه إلى اليمن، فأسروا الأشعث، وجاؤوا به إلى المدينة، إلا أنَّ أبا بكر أطلق سراحه، وزوّجه من أخته أم فروة.[٩]

وفي عهد عمر بن الخطاب شارك الأشعث في معركة اليرموك وفتح العراق[١٠] ومعركة القادسية،[١١] وكان من أوائل الذين سكنوا الكوفة.[١٢] وفي عهد عثمان أصبح الأشعث والياً على آذربيجان،[١٣] وظلّ في منصبه بعدما تولى الإمام علي (ع) الخلافة،[١٤] فبعد وقعة الجمل عزله الإمام (ع)[١٥] وأمره بالقدوم إليه بأموال آذربيجان، فروى نصر بن مزاحم المنقري أنَّ الأشعث رفض أمر الإمام، وقرّر الالتحاق بمعاوية، فذمّه قومه، فرجع عن رأيه وذهب إلى الإمام علي (ع) بـالكوفة.[١٦]

هذا وقد ذكر ابن حبيب وهو من مؤرخي القرن الثالث أنَّ الأشعث شارك في معركة الجمل، وكان في جيش الإمام علي (ع) .[١٧] إلا أنَّه يظهر من رسالة الإمام علي (ع) إليه أنَّه كان آنذاك في آذربيجان، ولم يشارك في المعركة.[١٨]

توفي الأشعث في سنة 40 هـ[١٩] أو 42 للهجرة،[٢٠] وهو في الثلاثة والستين من العمر،[٢١] وقيل أنَّ الإمام الحسن (ع) صلّى عليه.[٢٢]

دوره في إيقاف حرب صفين

روي أنَّ الأشعث بن قيس كان على رجال كندة وربيعة في جيش الإمام علي (ع) في معركة صفين،[٢٣] فعزله الإمام، وولّى قيادتهما لحسان بن مخدوج، فاعترض على الإمام بعض أصحابه اليمنيين، مما أدى إلى خلاف في جيش الإمام، فاستغل معاوية الفرصة وسعى لجذب الأشعث إلى معسكره، إلا أنَّ الإمام عيّنه قائداً على ميمنة جيشه.[٢٤] وبعد أنَّ قطع جيش معاوية ماء الفرات على جيش الإمام علي (ع)، استأذن الأشعث من الإمام لاسترجاع مشرعة الماء من الشاميين، وقد استرجعوها منهم.[٢٥]

وبعد أن اشتدت الحرب على جيش الشام أرسل معاوية أخاه عتبة بن أبي سفيان إلى الأشعث بن قيس ليُقنعه بترك القتال، فتكلم عتبة مع الأشعث، ورغّبه لترك القتال، وفي ليلة الهرير حيث قُتل الكثير من جيش معاوية وكاد جيش الإمام علي (ع) أن ينتصر في المعركة قام الأشعث خطيباً في أصحابه وتكلم معهم في وقف القتال.[٢٦] وعندما علم معاوية برأي الأشعث أمر بأن تُرفَع المصاحف على أسنة الرماح مطالباً وقف القتال والتحكيم لكتاب الله،[٢٧] فعندما ارتفعت المصاحف على الرماح طالب الأشعث الإمام بوقف القتال وقبول التحكيم.[٢٨]

وقد ذُكر أنَّ الأشعث كان ينوي أن يلتحق بـمعاوية قبل معركة صفين إلا أن أصحابه اعترضوا عليه، وصرفوه عن قصده.[٢٩]

مخالفته للإمام علي (ع) في التحكيم

روى المنقري أنَّ الأشعث ذهب عند معاوية فتناقشا ووافق الأشعث على رأي معاوية في الرضا بما يراه حَكَم من أهل الشام وحكَم من أهل العراق،[٣٠] فأخبر الأشعث الإمام علي (ع) بالأمر، واقترح هو والذين اشتهروا فيما بعد بـالخوارج أبا موسى الأشعري حَكَماً لأهل العرا ق، وخالفوا رأي الإمام في أن يكون الحَكَم ابن عباس أو مالك الأشتر.[٣١]

وبناءً على ما ذكر اليعقوبي (مؤرخ القرن الثالث): عندما اختلف ممثلو الطرفين في استخدام لقب أمير المؤمنين لعلي (ع) في كتابة وثيقة الصلح قال الأشعث: امحوا هذا الاسم.[٣٢]

وكان يرى الأشعث ضرورة محاربة الخوارج في النهروان قبل العودة إلى محاربة معاوية،[٣٣] إلا أنِّه بعد معركة النهروان حيث خطب الإمام علي (ع) واستنفر الناس لمحاربة معاوية تذرّع الأشعث بتعب الناس ومللهم من طول الحرب، فأثّر كلامه في الناس وتضاؤلت معنوياتهم، وتهربوا متسللين من المعسكر؛ فتراجع الإمام عن محاربة معاوية وعاد إلى الكوفة.[٣٤]

مشاركته مع ابن ملجم في قتل الإمام علي (ع)

يظهر من المصادر التأريخية أنَّ الأشعث بن قيس كان على علم بمؤامرة اغتيال الإمام علي (ع)، فروى اليعقوبي أن عبد الرحمن بن ملجم عندما دخل الكوفة ليقتل الإمام أقام شهراً في بيت الأشعث وكان خلال هذه المدة يشحذ سيفه[٣٥] ويسمّها[٣٦] وبحسب ما ورد في الطبقات الكبرى إنَّ الأشعث هو الذي شجع ابن ملجم أن يُقدم على اغتيال الإمام قبل طلوع الفجر حتى لا يُفتضح.[٣٧] وبعد أن ضُرب الإمام بعث الأشعث ابنه ليستطلع عن حاله.[٣٨] وقد ورد في رواية عن الإمام الصادق (ع) أنَّ الأشعث شَرِك في دم أمير المؤمنين (ع).[٣٩] كما ورد في بعض الروايات أنَّه كان قد هدَّد الإمام بالموت والفتك.[٤٠] وبحسب ما ورد في نهج البلاغة عدّه الإمام علي (ع) منافقا في إحدى خطبه.[٤١]

أولاده

كان للأشعث ابنان وبنت، وهم:

ولمحمد بن الأشعث ولد باسم عبد الرحمن95 هـ) وكان يميل إلى بني أمية إلا أنَّه خرج عليهم فيما بعد.[٤٤]

الهوامش

قالب:مراجع


المصادر والمراجع

  • ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دار الفكر، 1409 هـ - 1989 م.
  • ابن العديم، عمر بن أحمد، بغية الطلب في تاريخ حلب، تحقيق: سهيل زكار، دمشق، دار الفكر، 1409 هـ - 1988 م.
  • ابن حبيب البغدادي، محمد بن حبيب، المحبر، تحقيق: ايلزة ليختن شتيتر، بيروت، دارالآفاق الجديدة، د.ت.
  • ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد المعوض، دار الكتب العلمية، 1415 هـ - 1995 م.
  • ابن خياط، خليفة بن خياط، تاريخ خليفة بن خياط، تحقيق: فواز، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415 هـ - 1995 م.
  • ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1410 هـ - 1990 م.
  • ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، بيروت، دارالجيل، 1412 هـ - 1992 م.
  • ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، المعارف، تحقيق: ثروت عكاشه، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992 م.
  • أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين، مقاتل الطالبيين، تحقيق: أحمد صقر، بيروت، دار المعرفة، د.ت.
  • الأمين، محسن، أعيان الشيعة، بيروت، دار التعارف، 1403 هـ.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، 1422 هـ.
  • الثفقي الكوفي، إبراهيم بن محمد، الغارات، تحقيق: جلال‌الدين المحدث الأرموي، طهران، انجمن آثار ملي، 1355 ش.
  • الدينوري، أحمد بن داود، الأخبار الطوال، تحقيق: عبد المنعم عامر، قم، منشورات الرضي، 1368 ش.
  • الذهبي، محمد، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب ارنؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة، 1405 هـ - 1985 م.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري (تاريخ الامم و الملوك)، تحقيق: محمد أبوالفضل إبراهيم، دار التراث، بيروت، 1387 هـ - 1967 م.
  • الطريحي، فخر الدين،‌ مجمع البحرين، ‌المحقق والمصحح: السيد أحمد الحسيني،‌ طهران - إيران،‌ الناشر: كتابفروشى مرتضوى، ط 3،‌ ‌1416 ه‍.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري ومحمد الآخوندي، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1407 هـ.
  • المبرد، محمد بن يزيد، الكامل في اللغة والعرب، د.م، د.ن، د.ت.
  • المنقري، نصر بن مزاحم، وقعه صفين، تحقيق: عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، المؤسسة العربية الحديثة، 1382 هـ 1962 م.
  • النيسابوري، محمد بن مسلم، صحيح مسلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • اليعقوبي، أحمد بن أبي‌يعقوب، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار صادر، د.ت.
  1. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 1، ص 133.
  2. ابن حجر، الإصابة، ج 1، ص 239؛‌ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 1، ص 118.
  3. ابن الأثير، أسد الغابة، ج 1، ص 118.
  4. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 1، ص 133.
  5. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 1، ص 133؛ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 1، ص 118-119؛ ابن حجر، الإصابة، ج 1، ص 239-240.
  6. البخاري، صحيح البخاري، ج 9، ص 8 باب القسامة.
  7. النيسابوري، صحيح مسلم، ج ج 1، 122.
  8. ابن قتيبة، المعارف، ص 334.
  9. ابن الأثير، أسد الغابة، ج 1، ص 118؛ ابن حجر، الإصابة، ج 1، ص 239؛ ابن خليفة، تاريخ خليفة، ص 60-61.
  10. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 1، ص 134.
  11. الدينوري، الأخبار الطوال، ص 120.
  12. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 1، ص 134.
  13. الدينوري، الأخبار الطوال، ص 156.
  14. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي،ج 2، ص 200.
  15. الأمين، أعيان الشيعة، ج ‏1، ص 465.
  16. المنقري، وقعة صفين، ص 21.
  17. ابن حبيب، المحبر، ص 291-29.
  18. المنقري، وقعة صفين، ص 20-21.
  19. ابن خليفة، تاريخ خليفة، ص 120؛ ابن الأثير، أسد الغابة، ج ‏1، ص 119؛ ابن قتيبة، المعارف، ص 334.
  20. ابن الأثير، أسد الغابة، ج 1، ص 119.
  21. ابن حجر، الإصابة، ج 1، ص 240.
  22. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 1، ص 134؛ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 1، ص 119.
  23. المنقري، وقعة صفين، ص 137.
  24. المنقري، وقعة صفين، ص 138-140.
  25. المنقري، وقعة صفين، ص 165-167.
  26. المنقري، وقعة صفين، ص 480.
  27. المنقري، وقعة صفين، ص 480-481؛ الدينوري، الأخبار الطوال، ص 188-189.
  28. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 188-189؛ المنقري، وقعة صفين، ص 482.
  29. المنقري، وقعة صفين، ص 21.
  30. المنقري، وقععة صفين، ص 499.
  31. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 189؛ المنقري، وقعة صفين، ص 499 - 500.
  32. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 189.
  33. الطبري، تاريخ الطبري، ج 5، ص 82.
  34. الطبري، تاريخ الطبري، ج 5، ص 89؛ الثقفي، الغاراث، ج 1، ص 24-25؛ الدينوري، الأخبار الطوال، ص 211؛ ابن العديم، بغية الطلب، ج 4، ص 1911.
  35. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 212.
  36. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 27.
  37. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 26.
  38. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 27.
  39. الكليني، الكافي، ج 8، ص 167، ح187.
  40. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 2، ص 40-41؛ أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 48.
  41. نهج البلاغة، الخطبة 19.
  42. الطبري، تاريخ الطبري، ج 5، ص 263-264، 367، 369، 380.
  43. الكليني، الكافي، ج 8، ص 167.
  44. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 138.
  45. الطبري، تاريخ الطبري، ج 5، ص 417، 422، 425.
  46. الطبري، تاريخ الطبري، ج 5، ص 453.
  47. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 3، ص 14.
  48. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 3، ص 14؛ أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 73.