أحمد بن أبي يعقوب

من ويكي علوي
(بالتحويل من اليعقوبي)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

أحمد بن أبي يعقوب (وفاة 284 أو 292هـ) والمعروف باليعقوبي، مؤرخ وجغرافي من القرن الثالث الهجري. له مجموعة من الكتب، مثل «تاريخ اليعقوبي» و«البلدان»، و«مشاكلة الناس لزمانهم». ويتضح تشيعه من محتوى كتاب تاريخ اليعقوبي، وأسلوبه في كتابة الأحداث التاريخية وتحليلها. كان لآباء اليعقوبي توجه شيعي أيضاً.

حياته

أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح،[١] أشير إليه في بعض المصادر باسم الأصفهاني؛ لأنَّه كان في الأصل من أصفهان،[٢] وفي مصادر أخرى باسم المصري؛ بسبب إقامته الطويلة في مصر.[٣]كما لقّب اليعقوبي في المصادر المختلفة بالكاتب والعباسي والإخباري، وكنّوه بابن أبي يعقوب وابن واضح.[٤]

لا توجد معلومات موثوقة عن زمان ومكان ولادة اليعقوبي. وقد اشار اليعقوبي في كتاب البلدان إلى أنَّ أسلافه عاشوا في بغداد؛ ولهذا السبب حدد العديد من العلماء بغداد على أنها مكان ولادته المحتمل.[٥] كما أن اهتمام اليعقوبي ببغداد، والذي يتضح في مؤلفاته وخاصة كتاب البلدان يقوّي هذا الاحتمال.[٦] ومع ذلك، لا يعتبره البعض من مواليد بغداد ويحدسون بأن عائلة اليعقوبي ذهبت إلى مصر قبل ولادة اليعقوبي بسنوات خلال مهمة جده واضح في مصر ولم يعد إلى بغداد أبداً.[٧] سنة وفاته 284هـ وذهب البعض الآخر 292هـ.[٨]

تاريخ تشيع أجداده

أشير إلى أن واضح من أجداد اليعقوبي، كان من موالي المنصور العباسي ومقربيه، ومن عمّاله وكان لواضح شهرة كبيرة في بغداد لدرجة أن أحد شوارع بغداد سمي باسم «سكة اليعقوبي». ووفقاً لبعض الأخبار كان أيضاً مديراً لجزء من بغداد يعرف باسم «قطيعة واضح».[٩] وفي سنة 162هـ وصل واضح إلى الحكومة المصرية، لكنه سرعان ما أزيل من منصبه وبقي في في مصر كرئيس لديوان البريد.[١٠] كما كان لواضح توجه للتشيع وفي عام 169هـ تعاون مع الثوّار العلويين، ولذا صار عرضة لغضب الخليفة.[١١]

تشيع اليعقوبي

بالإضافة إلى سابقة التشيع في عائلة اليعقوبي المشار إليها سابقاً، هناك بعض العلامات على التشيع عند اليعقوبي في مؤلفاته، وخاصة في كتاب تاريخ اليعقوبي، وكثير من الكتّاب اعتبروا اليعقوبي شيعياً بالتوجه إلى هذه العلامات.[١٢] والقائمة التالية هي بعض العلامات:

إن الإشارة إلى سيرة معظم الأئمة الشيعة بالترتيب المقبول من قبل الشيعة الإثني عشرية دليل على فرضية أن اليعقوبي كان شيعياً إثني عشرياً.[١٨] ومع ذلك، لا ينبغي مقارنة التوجه الشيعي لليعقوبي مع التشيع الإعتقادي المتكامل عند الشيعة في الفترات اللاحقة.[١٩] ولابد أن نأخذ بالإعتبار كون اليعقوبي مقرباً وتابعاً للخلفاء العباسيين وأن مؤلفاته كتبت مع مراعاة العباسيين. لذلك، فإن بعض أحاديثه لا تتوافق مع الأحاديث المعروفة والمقبولة عند الشيعة. على سبيل المثال وعلى الرغم من أنه ذكر أن الإمام الكاظمقالب:اختصار/ع قد سجن، إلا أنه لم يذكر استشهاده بأمر من هارون العباسي أو استشهاد الإمام الرضاقالب:اختصار/ع على يد المأمون.[٢٠] كما أشاد بالحكومة العباسية.[٢١]

عمل ووظيفة اليعقوبي

وفقاً للمعلومات المتاحة، لا يمكن تصوير مراحل حياة اليعقوبي بوضوح. من لقب «الكاتب» وارتباطه بالعباسيين يمكن الحدس بأنه كان من موظفي الدولة العباسية،[٢٢] لكن المدة التي قضاها في هذا المنصب غير معروفة. كما لا تتوفر معلومات عن مدة إقامته في بغداد. قام يعقوبي في شبابه بالعديد من الرحلات في الأراضي الإسلامية، بما في ذلك خراسان والهند ومصر والمغرب العربي. ووفقاً لبعض المصادر عاش في أرمينيا لفترة طويلة وعمل ككاتب في جهاز السلطة.[٢٣] من جهة أخرى هناك أخبار عن خدمته للطاهريين.[٢٤]

مؤلفاته

يعد اليعقوبي واحداً من أعظم الجغرافيين والمؤرخين المسلمين. كما درس علم الفلك وكتب الشعر. قائمة الأعمال المنسوبة إليه في مصادر مختلفة هي كما يلي:[٢٥]:

  • البلدان
  • مشاكلة الناس لأزمانهم
  • التاريخ
  • المسالك و الممالك
  • فتح افريقيا و أخبارها
  • أخبار الطاهريين
  • أخبار الأمم السالفة
  • أخبار بلاد الروم


وفيما يلي ما وصلتنا من كتبه، وسنقدمها بإيجاز:

تاريخ اليعقوبي

يعد تاريخ يعقوبي من أقدم الأمثلة على التاريخ العالمي في التأريخ الإسلامي،[٢٦] حيث يخصص الجزء الأول منه لتاريخ العالم حتى ظهور الإسلام، ويتتبع الجزء الثاني أحداث تاريخ الإسلام من زمن البعثة إلى خلافة المهتدي العباسي (255-256ق). تاريخ يعقوب ليس شكلاً من أشكال كتب التاريخ الحولي (الحوليات) ولكن محتوياته منظمة وفقاً للمقاطع والفترات والموضوعات التاريخية.[٢٧] يعتبر تاريخ اليعقوب أحد المؤلفات الأولى بطريقة التركيب في التأريخ الإسلامي والتي يركب فيها المؤلف محتوى الأحاديث التاريخية في موضوع ما وينقل المطالب وفقاً لتفضيلاته الخاصة ولا يستشهد بسند الروايات،[٢٨] وتعتبر هذه الطريقة معارضة للمنهج السردي، ولا يخفى أن مراحلاً من تكامل التأريخ الإسلامي بدأت مع بعض المؤلفات من قبيل الأخبار الطوال وتاريخ اليعقوبي.

إن النهج العقلاني لنقد الروايات التاريخية هو أحد خصائص تاريخ اليعقوب الذي ينعكس بشكل خاص في إنكاره لبعض الروايات الغريبة والشائعة. بالإضافة إلى الأمور السياسية، ركز في تاريخه على الجوانب الثقافية والاجتماعية أيضاً. في المجلد الأول من الكتاب، في ذكر اليعقوبي لتاريخ بعض الملل المختلفة بيّن أعمالهم الثقافية والعلمية كما تحدث عن المعتقدات والأديان والطقوس.[٢٩]

البلدان

يعد كتاب البلدان أحد المصادر الرئيسية للجغرافيا العامة للعالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري. كتب اليعقوبي هذا الكتاب في آخر سنوات حياته في حدود سنة 278ق. يتضمن كتابه مقدمة موجزة عن المدن والولايات وأقسام كل ولاية، كما يشير إلى القادة والحكّام والشعوب والقبائل التي تعيش فيها. كذلك ذكر الطرق مما جعل من كتابه دليلاً للمسافرين. اتبع اليعقوبي في هذا الكتاب المنهج العقلاني فكتابه خالٍ من نقل الأخبار الغريبة.[٣٠] يعد اتباع طريقة المشاهدة في وصف الأماكن ، والنظر في الجغرافيا التاريخية ، والتركيبة السكانية والأنثوغرافيا، وذكر الآداب والتقاليد والاهتمام بالجغرافيا الاقتصادية والتجارية والزراعية للمناطق من بين السمات القيّمة للتدوين الجغرافي لليعقوب.[٣١]

مشاكلة الناس لزمانهم

هو رسالة صغيرة لليعقوبي وصف فيها سلوك الخلفاء بإيجاز. تكمن أهمية هذه الرسالة في منهج اليعقوبي الإجتماعي. وطرح في هذا الكتاب نظرية "تشابه الناس مع الحكام" والتي على أساسها يعيش الناس في كل فترة تاريخية على نمط حياة الملك والخليفة. طرح اليعقوبي هذه النظرية أولاً ثم ذكر الأدلة والشواهد التاريخية لإثباتها. ذكر في الكتاب اسم 31 من الخلفاء مع إشارة موجزة إلى أهم الخصائص الأخلاقية والسلوكية للخليفة المذكور ثم يشير اليعقوبي إلى تشابه الناس مع كل واحد من الخلفاء، وبعض الأحيان يذكر أشخاصاً معينين كانوا يشبهون الخليفة.[٣٢]

الهوامش

قالب:مراجع

المصادر والمراجع

قالب:المصادر

  • ابن تغري بردي، سيف، النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة، تحقيق فهيم محمد شلتوت وآخرين، القاهرة، 1392ق.
  • ابن الفقيه، أحمد بن محمد، البلدان، تحقيق يوسف الهادي، بيروت، عالم الكتب، 1416ق.
  • آئينه‌وند، صادق، علم تاريخ در گسترده تمدن إسلامي، طهران، انتشارات پژوهشگاه علوم إنساني و مطالعات فرهنگي، 1377ش
  • تبريز نيا تبريزي، مجتبي، كتاب ماه تاريخ و جغرافيا، العدد 41، اسفند 1479ش.
  • جعفريان، رسول، منابع تاريخ إسلام، قم، إنصاريان، 1376ش.
  • حضرتي، حسن، جامعة باقر العلوم، العدد 6، صيف 1380ش.
  • الحموي، ياقوت، معجم البلدان، بيروت،‌ دار الصادر، 1995م.
  • سجادي، صادق و هادي عالم زاده، تاريخ نگاري در إسلام، طهران، سمت، 1389ش.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم و الملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت،‌ دار التراث، 1387ش/1967م.
  • عاصي، حسين، اليعقوبي (عصره، سيرة حياته، منهجه التاريخي)، بيروت، دار الكتب العلمية،1992م.
  • عزيزي، حسين، مجلة پژوهش‌هاي تاريخي، كلية الأدبيات و العلوم الإنسانية في جامعة أصفهان، العدد 13، ربيع1391ش
  • كراتشكوفسكي، ايكناتي يولياتنوويتش،‌تاريخ نوشته‌هاي جغرافيايي در جهان إسلامي، ترجمة أبو القاسم پاينده،‌ طهران،‌ انتشارات علمي و فرهنگي، 1379ش.
  • منتظري مقدم، حامد،مجلة تاريخ در آينه پژوهش، مقدمة العدد 4، شتاء 1382ش
  • منتظري مقدم،‌ حامد، تاريخ در آيينه پژوهش، العدد 2، صيف 1383ش.
  • اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، البلدان، تحقيق محمد أمين صناوي، بيروت،‌ دار الكتب العلمية، 1422ق.
  • اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار الصادر، بدون تاريخ.
  • اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي، ترجمه محمد ابراهيم آيتي، طهران، علمي و فرهنگي، 1387ش.
  • اليعقوبي، تحقيق ويلم ملورد، بيروت، دارالكتاب الجديد.
  1. الحموي، معجم البلدان، ج1، ص161.
  2. منتظري مقدم، بررسي زندگي و آثار أحمد بن واضح اليعقوبي، ص208.
  3. منتظر‌ي مقدم، بررسي زندگي و آثار أحمد بن واضح اليعقوبي، ص308.
  4. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج1، مقدمة المترجم، ص16و17.
  5. عاصي، اليعقوبي، ص39.
  6. حضرتي، مشكلة فرهنگ در تاريخ‌نگاري اليعقوبي، ص85.
  7. عزيزي، ابن واضح اليعقوبي وآثاره في الميراث المكتوب، ص80.
  8. اليقعوبي، تاريخ اليعقوبي، الترجمة الفارسية، ج1، المقدمة، ص19.
  9. اليعقوبي، البلدان، ص38.
  10. ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج2، ص40.
  11. الطبري، تاريخ الأمم و الملوك، ج8، ص198.
  12. الطهراني، الذريعة، ج3، ص297؛ الأمين، أعيان الشيعة، ج3، ص202؛ جعفريان، منابع تاريخ الإسلام، ص155؛ منتظري‌مقدم، بررسي زندگاني و آثار أحمد بن واضح اليعقوبي، ص218.
  13. للمثال أنظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص303، 320، 381، 453، 503.
  14. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، المقدمة الفارسية، ص 20؛ عزيزي، ابن واضح اليعقوبي، ص81.
  15. تبريز نيا تبريزي، فضائل الإمام علي في سيرة ابن هشام، تاريخ الطبري و تاريخ اليعقوبي، ص73-74.
  16. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص112.
  17. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص123.
  18. جعفريان، منابع تاريخ الإسلام، ص155-156؛ عزيزي، ابن واضح اليعقوبي و آثاره في الميراث المكتوب، ص82؛ منتظريي مقدم، بررسي زندگاني و آثار أحمد بن واضح يعقوبي، ص218-219.
  19. حضرتي، مشكله فرهنگ در تاريخ‌نگاري يعقوبي، ص87.
  20. تاريخ اليعقوبي، ج2، ص453.
  21. عزيزي، ابن واضح اليعقوبي و آثاره في الميراث المكتوب، ص81.
  22. منتظري مقدم، بررسي زندگاني و آثار أحمد بن واضح اليعقوبي، ص82.
  23. ابن الفقيه، البلدان، ص586.
  24. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج1، مقدمة المترجم، ص18.
  25. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي مقدمة المترجم، ص21؛ عزيزي، ابن واضح اليعقوبي و آثاره في الميراث المكتوب، ص83.
  26. آئينه‌وند، علم تاريخ در گستره تمدن اسلامي، ص149.
  27. آئينه‌وند، علم تاريخ در گسترده تمدن اسلامي، ج1، ص138.
  28. سجادي و عالم‌زاده، تاريخ‌نگاري در إسلام، ص51-53.
  29. حضرتي، مشكلة فرهنگ در تاريخ‌نگاري يعقوبي، ص95-100.
  30. نك: كراتشكوفسكي، تاريخ نوشته‌هاي جغرافيايي در جهان اسلام، ص124-126.
  31. حضرتي، مشكلة فرهنگ در تاريخ‌نگاري يعقوبي، ص92.
  32. اليعقوبي، مشاكلة الناس لزمانهم، ص9؛ منتظري مقدم، اليعقوبي و نظرية مشاكلة الناس للحكام، ص190-191.