أبو رافع
أبو رافع، أحد صحابة الرسول الأكرم، وينتمي إليه آل أبي رافع، حيث كان مولى نبي الإسلامصلی الله عليه وآله وسلم ومعتوقه. اعتنق الإسلام في مكة وهاجر الهجرتين شهد بعد هجرته للمدينة جميع الغزوات مع النبيصلى الله عليه وآله وسلم. لازم أبو رافع الإمام علي بعد وفاة الرسول وصحبه حتى آلت إليه الخلافة، وخرج معه إلى الكوفة فسكنها وكان له من العمر 85 سنة، وقد عُيّن صاحب بيت المال. كتب أول كتاب فقهي دوّن فيه أبواب: الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والقضاء بإملاء الإمام علي. أختلف في وقت وفاته وذكروا أنه أدرك خلافة الإمام الحسن.
حياته
أبو رافع (وفاة بعد 40هـ/660م) كان قبطياً، واختلف في اسمه، فذكر في الكتب بأسماء مختلفة مثل أسْلم وإبراهيم وثابت وهرمز وسنان وقرمان وصالح ويزيد ويسار وعبد الرحمن؛ ولكن غلب عليه اسم أسلَم.[١]
كان أبو رافع في البدء عبداً للعباس بن عبد المطلب، فوهبه للنبيصلى الله عليه وآله وسلم، وحينما أخبر أبو رافع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسلام العباس بن عبد المطلب أعتقه لهذه البشارة.[٢]
اعتنق أبو رافع الإسلام في مكة قبل الهجرة،[٣] وكان ممن هاجروا إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب هرباً من ظلم كفار قريش،[٤] ولا يعلم تاريخ اعتناقه للإسلام ولكن قالوا: إنه أسلم حينما كان المسلمون لا يزالون يستقبلون المسجد الأقصى في الصلاة.[٥]
المعروف أن أبا رافع لم يرافق الرسول(ص) في هجرته إلى المدينة وأنّه أقام في مكة حتى غزوة بدر والتحق بالرسول (ص) بعد هذه الغزوة.[٦] وبعد دخوله إلى المدينة زوّجه الرسول (ص) مولاته سَلْمى، فولدت له عبيد الله.[٧]
حضوره في الغزوات
شهد أبو رافع بعد هجرته إلى المدينة جميع الغزوات، وكان يعدّ من المقرّبين ومن أصحاب رسول الله حيث قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن لكلّ نبي أميناً، وإنّ أميني أبو رافع.[٨]
بعد النبي(ص)
لازم أبو رافع الإمام علي (ع) بعد وفاة الرسول (ص) وصحبه حتى آلت إليه الخلافة. وحينما خرج معاوية في الشام وطلحة والزبير في البصرة على خلافة علي (ع) قال أبو رافع: إنّ رسول الله أخبره بهذه الواقعة قبل وقوعها. وقال: إنّ علياً على حقّ ومخالفيه على باطلٍ.[٩]
الهجرة إلى الكوفة
باع أبو رافع أرضه وبيته في خيبر والمدينة، ثم خرج مع الإمام علي (ع) إلى الكوفة، وله 85 سنة،[١٠] وكان وقتها يقول:
- "الحمد لله لقد أصبحت لا أحد بمنزلتي لقد بايعت البيعتين: بيعة العقبة وبيعة الرضوان، وصلّيت الى القبلتين، وهاجرت الهجرات الثلاث، وفسّر الهجرات الثلاث بقوله: هاجرت مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض الحبشة، وهاجرت مع رسول الله (ص) إلى المدينة، وهذه الهجرة مع علي بن أبي طالب (ع) إلى الكوفة".[١١]
وقد عيّن صاحب بيت مال علي (ع) في الكوفة، وكان ابناه عبيد الله وعلي كاتبي الإمام (ع) أيضاً.[١٢]
بعد استشهاد الإمام علي (ع)
ويروى أن أبا رافع كان حيّاً حتى زمن الإمام الحسن (ع)، فقد عاد معه إلى المدينة بعد استشهاد أمير المؤمنين (ع)، وإذا صحت هذه الرواية يمكن القول إن عمره آنذاك كان قد تجاوز التسعين.[١٣]
ولمّا كان أبو رافع قد باع بيته وأرضه من قبل في المدينة، فإنّه بعد عودته إليها نصّف الإمام الحسن (ع) دار أبيه (ع)، وأعطاه سنح أرض (في ضواحي المدينة) أقصعه إيّاها،[١٤] فباعها ابنه عبيد الله بـ 170000 (ربما درهم) بعد وفاة أبيه.[١٥]
وفاته
هناك آراء متعددةحول وفاته:
- قبل عثمان أو بعده بقليل.[١٦]
- إنَّ وفاته كانت في خلافة الإمام علي (ع).[١٧]
- توفي في سنة استشهاد الإمام علي (ع).[١٨]
- توفي سنة أربعين للهجرة في الكوفة.[١٩]
- أنه أدرك خلافة الإمام الحسن (ع).[٢٠]
تأليف أول كتاب فقهي
سعى أبو رافع لجمع وتدوين وتبويب الأحاديث، وقد جمع كتاب السنن والأحكام والقضايا الذي كان أول كتاب فقهي. [٢١]
ويبدو أنه كان أول من ألّف كتاباً فقهياً في تاريخ الإسلام، ويشتمل هذا الكتاب على أبواب: الصلاة والصيام والحج والزكاة والقضاء أملاه عليه الإمام علي (ع)،[٢٢] كما روى أولاد أبي رافع وزوجته سلمى وآخرون روايات كثيرة عنه. ويعده المسلمون وخصوصاً الشيعة ثقة في روايته.
الهوامش
المصادر والمراجع
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الأصابة في تمييز الصحابة، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، 1328 هـ.
- ابن حيون، نعمان بن محمد، شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار (ع)، تحقيق وتصحيح: محمد حسين الحسيني الجلالي، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1409 هـ.
- ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، 1410 هـ - 1990 م.
- ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، المحقق: علي محمد البجاوي، بيروت - لبنان، دار الجيل، ط 1، 1412 هـ - 1992 م
- ابن معصوم، علي خان، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، تحقيق: السيد محمد صادق بحر العلوم، قم - إيران، منشورات مكتبة بصيرتي، 1397 هـ.
- الأبطحي، محمد علي، تهذيب المقال، قم - إيران، الناشر: ابن المؤلف، ط 2، 1417 هـ.
- الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، المحقق : مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، د.م، مؤسسة الرسالة، ط 3، 1405 هـ - 1985 م.
- الحسكاني، عبيد الله بن عبد الله، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، تحقيق وتصحيح: ، محمد باقر المحمودي، طهران - إيران، التابعة لوزارة الثقافة و الإرشاد الإسلامي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، ط 1، 1411 هـ.
- الحسني، هاشم معروف، تاريخ الفقه الجعفري، بيروت - لبنان، د.ن، 1973 م.
- العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، إيضاح الإشتباه، تحقيق: الشيخ محمد الحسون، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1411 هـ.
- القمي، عباس، الكنى والألقاب، طهران - إيران، مكتبة الصدر، 1368 ش.
- النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 6، 1418 هـ.
- بحر العلوم، محمد مهدي، الفوائد الرجالية، حققه وعلق عليه: محمد صادق بحر العلوم وحسين بحر العلوم، طهران - إيران، منشورات مكتبة الصادق، 1363 ش.
- عدة من العلماء، الأصول الستة عشر، تحقيق وتصحيح: ضياء الدين المحمودي - نعمة الله الجليلي - ، نعمة الله و مهدي غلام علي، قم - إيران، مؤسسة دار الحديث الثقافية، ط 1، 1423 هـ - 1381 ش.
- ↑ بحر العلوم، الفوائد الرجالية، ج 1، ص 203.
- ↑ ابن معصوم، الدرجات الرفيعة، ص 373.
- ↑ العلامة الحلي، إيضاح الإشتباه، ص 80.
- ↑ النجاشي، رجال النجاشي، ص 5.
- ↑ بحر العلوم، الفوائد الرجالية، ج 1، ص 205.
- ↑ النجاشي، رجال النجاشي، ص 4.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 4، ص 55.
- ↑ القمي، الكنى والألقاب، ج 1، ص 77.
- ↑ ابن حيون، شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار (ع)، ج 2، ص 17؛ النجاشي، رجال النجاشي، ص 5.
- ↑ النجاشي، رجال النجاشي، ص 5.
- ↑ النجاشي، رجال النجاشي، ص 5.
- ↑ عدة علماء، الأصول الستة عشر، ص 171.
- ↑ الحسكاني، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، ج 1، ص 241.
- ↑ النجاشي، رجال النجاشي، ص 6.
- ↑ النجاشي، رجال النجاشي، ص 6.
- ↑ بحر العلوم، الفوائد الرجالية، ج 1، ص 203.
- ↑ ابنحجر، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 4، ص 67.
- ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 1، ص 85.
- ↑ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 2، ص 16.
- ↑ الحسكاني، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، ج 1، ص 241.
- ↑ النجاشي، رجال النجاشي، ص 4.
- ↑ الحسني، تاريخ الفقه الجعفري، ج 2، ص 283.