جعفر بن أبي طالب
جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب، المشهور بجعفر الطيار، وذي الجناحين، ابن عم رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم، والأخ الأكبر للإمام علي، ومن صحابة رسول الله المشهورين، كان له منزلة عظيمة عند رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم، وكان قائد المجموعة التي هاجرت إلى الحبشة من المسلمين الأوائل، كما أنه بقي هو وأصحابه في الحبشة حتى هاجر النبي إلى المدينة، فهاجروا إثره إلى المدينة. وقد علّمه النبيصلى الله عليه وآله وسلم صلاة عرفت فيما بعد باسمه، أي صلاة جعفر الطيار.
أمره رسول الله بقيادة الجيش الإسلامي في معركة مؤته مع الروم، فـاستشهد في هذه المعركة، ودفن في أرض المعركة، وله مزار في محافظة الكرك الأردنية.
حياته
المشهور أنّ جعفر الطيّار ولد قبل البعثة النبوية بعشرين سنة، وهو من قبيلة بني هاشم القرشية. وأبوه أبو طالب من كبار قريش وساداتها. وأمّه فاطمة بنت أسد، وهو الولد الثالث لأبي طالب، ويأتي تسلسله بعد طالب وعقيل أبناء أبي طالب. وأصغر منه الإمام علي . قالب:شجرة أبي طالب
- كناه وألقابه
يُكنى جعفر الطيار بأبي عبدالله، لأنّ ابنه الكبير كان اسمه عبدالله.[١] ومن كناه الأخرى أبو المساكين، والسبب لشهرته بهذه الكنية عطفه على الفقراء والمساكين، والإحسان إليهم.[٢] كما لُقِّب بالطيار وذي الجناحين، لأنه قطعت يداه في أرض المعركة قبل أن يستشهد.
وينقل عن الإمام الباقر أنه قال بحق جعفر: إن الله أبعد جعفر عن أربعة خصال في أيام الجاهلية، قيل وما هي؟ فقال: عدم شرب الخمر، ولم يقل الكذب، والإبتعاد عن الفحشاء، ولم يعبد الأصنام.[٣]
كفالته من قبل عمه
لما أَلَمَّ الفقر وضاق العيش بأبي طالب إلى الحد الذي لم يستطع معه أن يُعيل أبنائه، قدّم له أخوته المساعدة من خلال تكفّل أولاده بدلاً عنه، وكان من نصيب العباس بن عبد المطلب أن تكفل جعفراً، وبقي جعفر في بيت العباس مذ هو صغير إلى أن دخل في الإسلام.[٤]
زوجته وأولاده
أسماء بنت عميس هي زوجة جعفر بن أبي طالب، وقد ولدت له ثمانية أولاد: أبرزهم عبدالله وعون، ومحمد، وأحمد.[٥]
إسلامه
كان جعفر بن أبي طالب ثاني النّاس إسلاماً بعد الإمام علي ، حيث كان علي يصلي خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم لوحده، وفي إحدى المرات كان النبي والإمام علي يُصليان، وقد مرّ بهما أبو طالب وابنه جعفر، فقال أبو طالب لجعفر: صلِ جُناح ابن عمك، فالتحق بالصلاة خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ ذلك الحين.
مقامه ومنزلته
له منزلة رفيعة عند النبي (ص) وكان يعتمد عليه حتى جعله قائداً على ثلاثة آلاف من المجاهدين المسلمين، وبعد أن استُشهِدَ في المعركة قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حقه: أنّ لجعفر جناحين في الجنّة يطير بهما عوضاً عن يديه اللتين قطعتا في المعركة.
كما أنّه قائد الجماعة المسلمة التي هاجرت إلى الحبشة في أول الهجرة، حيث هاجروا إلى الحبشة ومن الحبشة إلى المدينة المنورة. كما إنه ثاني من آمن من الرجال بعد الإمام علي ، كل هذا وغيرها من مشاركاته في نصرة الإسلام تكشف المقام السامي لهذا الرجل.قالب:بحاجة إلى مصدر
صفاته
يقول أبو نعيم الأصفهاني عنه: إنسان خطيب وسخي، شجاع وعارف.[٦] أما ابن قدامة فيقول عنه: إنه كان متواضع[٧]، ويقول الذهبي بحقه: جعفر بن أبي طالب كبير الشأن، سيد الشهداء والمجاهدين.[٨]
مصداق لبعض الآيات القرآنية
لقد نزلت بعض الآيات القرآنية بجعفر بن أبي طالب، فقد جاء عن الإمام الباقر : أن المراد من قوله تعالى:قالب:قرآن هم علي والحمزة وجعفر.[٩]
قائد المهاجرين إلى الحبشة
في السنة الخامسة من البعثة النبوية المباركة ازداد أذى قريش للمسلمين، عندها أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلممجموعة من المسلمين بالخروج من مكة حفاظاً على حياتهم، فخرجت جماعة منهم مهاجرين إلى الحبشة، وقال لهم: أن فيها ملك صالح لا يُظلم عنده أحد.[١٠]
وكان عدد المهاجرين 82 رجلاً ماعدا النساء والأطفال.[١١] وكان قائد المهاجرين جعفر بن أبي طالب.[١٢]
وقد حماهم النجاشي، ورفض أن يسلمهم إلى قريش، وعاشوا في الحبشة آمنين مطمئنين حتى هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة حيث هاجروا بعد ذلك خلفه.
قائد جيش المسلمين
عاد جعفر بن أبي طالب إلى المدينة المنورة من الحبشة بعد فتح خيبر، وبعدها أرسله النبي (ص) إلى محاربة الروم في بلاد الشام شمال الجزيرة العربية على رأس جيش تعداده ثلاثة آلاف مقاتل، ثم أوصى النبي الجيش أن يلتزموا تحت إمرة جعفر فإذا مات أو استشهد فالقائد من بعده زيد بن حارثة، فأن استشهد فالقائد من بعده عبدالله بن رواحة.[١٣] وقد استشهد الثلاثة في هذا المعركة الواحد تلو الآخر، وحمل الراية بعد ذلك خالد بن الوليد، وانسحب بالجيش إلى المدينة. ونقل الطبري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى أولاً لزيد بن حارثة ثم إلى جعفر بن أبي طالب.[١٤]
شهادته
ذكر المؤرخون: أنه لما اشتد القتال اقتحم جعفر بن أبي طالب عن فرس له شقراء فعقرها، ثم قاتل حتى استشهد، وكان جعفر أول من عقر فرسه في الإسلام، فوجدوا به بضعاً وثمانين بين رمية وضربة وطعنة.[١٥]
استشهد جعفر الطيار في معركة مؤته في شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة النبوية.[١٦] وقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني: أن جعفر أول شهيد من أبناء أبي طالب في كتابه مقاتل الطالبيين.[١٧]
ويقول الطبري عن شهادته: بعد أن استشهد زيد بن حارثة أخذ جعفر بن أبي طالب الراية وبدأ يقاتل، ولما رأى جنود الأعداء قد أحاطوا به من كل مكان نزل من فرسه، ثم بدأ يقاتل راجلاً حتى قطعت يداه، فسقط شهيداً في أرض المعركة.[١٨]
وعلى القول المشهور فإن جعفر حين شهادته كان في سن الحادية والأربعين، وهو عاشر شخص ينال الشهادة في هذه المعركة. ويذكر الشيخ الصدوق: حين وصل نبأ شهادة جعفر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، دخل على عائلة جعفر، وبدأ يبكي بكاءاً شديداً.[١٩] وأخذ أولاده ووضعهما في حجره،[٢٠] وقد رثاه كعب بن مالك الأنصاري بشعره، وكذلك أسماء بنت عميس زوجة جعفر.[٢١]
مدفنه
دفن جعفر الطيار ومن معه من شهداء في منطقة قريبة من أرض المعركة, وهي اليوم محافظة أربد الأردنية، وله مزار كبير في تلك المنطقة يأتي إليه الزائرون من مختلف البقاع الإسلامية.
ذات صلة
المصادر والمراجع
- ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتاب العربي، ط1، 1417 هـ - 1997 م.
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة في معرفة الصحابة، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، 1415 هـ.
- ابن عنبة، أحمد بن علي، عمدة الطالب، النجف الأشرف - العراق، المطبعة الحيدرية، 1380 هـ.
- ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، القاهرة - مصر، المدني، 1383 هـ.
- أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين، مقاتل الطالبيين، النجف الأشرف - العراق، المكتبة الحيدرية، 1385 هـ.
- الأمين، محسن بن عبد الكريم، أعيان الشيعة، بيروت - لبنان، دار التعارف، د.ت.
- الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، بيروت - لبنان، مؤسسة الرسالة، 1413 هـ.
- الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع، النجف الأشرف - العراق، المكتبة الحيدرية، 1385 هـ.
- الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، د.ت.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، بيروت - لبنان، مؤسسة الأعلمي، 1403 هـ.
- القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، قم - إيران، مؤسسة دار الكتاب، 1404 هـ.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت - لبنان، مؤسسة الوفاء، 1403 هـ.
- الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، بيروت - لبنان، دار الأعلمي، 1409 هـ.
- ↑ أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 3.
- ↑ ابن حجر، الإصابة في معرفة الصحابة، ج 7، ص 309.
- ↑ الصدوق، علل الشرائع، ج 2، ص 558.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 162.؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 52.
- ↑ ابن عنبة، عمدة الطالب، ص 36.؛ ابن حجر، الإصابة في معرفة الصحابة، ج 1، ص 325.
- ↑ أبو نعيم الأصفهاني، حلية الأولياء، ج 1، ص 114.
- ↑ العكبري، التبيين، ص 115.
- ↑ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 1، ص 206.
- ↑ القمي، تفسير القمي، ج 2، ص 84.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 18، ص 412.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 18، ص 412.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 323.؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 4، ص 34.
- ↑ أبوالفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 6.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 321.
- ↑ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 113.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 4، ص 118.
- ↑ أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 3.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 321.
- ↑ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 177.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 2، ص 766.
- ↑ أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 8-9.