زين الدين بن نور الدين العاملي

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الشهيد الثاني هو زين الدين بن نور الدين العاملي (911 ــ 965 هـ) من أحفاد العلامة الحلي ومن أبرز علماء وفقهاء الإمامية في القرن العاشر الهجري وله مصنفات كثيرة أشهرها شرح اللمعة الدمشقية في الفقه الإسلامي.

ذاع صيت الشهيد الثاني في الأوساط العلمية بعد استقراره في بعلبك وتصدّيه لإدارة المدرسة البعلبكية حيث شدّ الرحال إليه الكثير من الفضلاء والعلماء، وأخيرا استشهد سنة 965 للهجرة في بلاد الروم.

ولادته ونسبه

ولد في 13 شوال سنة 911 هـ في قرية جُبَع من توابع جبل عامل اللبنانية.[١]

هو زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد العاملي الجُبَعي، يرجع الشهيد الثاني إلى أسرة عرفت بالعلم والورع حتى وصف رجالها بسلسلة الذهب، منهم:

  • والده الشيخ نور الدين علي الذي يعد من أكابر عصره.
  • ولده الشيخ أبو منصور جمال الدين حسن المعروف بـصاحب المعالم.
  • سبطه السيد محمد علي العاملي المعروف بـصاحب المدارك.
  • أحفاده الشيخ علي والشيخ زين الدين أبناء الشيخ حسن صاحب المعالم.[٢]

وتعود اليه – من جهة الأم- عائلة آل الصدر كالسيد حسن الصدر صاحب كتاب تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام، والإمام السيد موسى الصدر، والإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر.[٣]

أحواله في طلب العلم‏

اشتغل بالدراسة بعد أن ختم كتاب الله العزيز وسنّه إذ ذاك تسع سنين، مشتغلا بقراءة الفنون العربية والفقه على والده علي بن أحمد العاملي إلى أن توفي سنة 925 هـ، وكان من جملة ما قرأه عليه المختصر النافع للمحقق الحلي واللمعة الدمشقية للشهيد الأول، وغير ذلك من الكتب.

وفي السنة التي توفي فيها والده (925 هـ )، هاجر في طلب العلم إلى قرية ميس مشتغلا في طلب العلم على زوج خالته الشيخ الجليل علي بن عبد العالي الميسي إلى أواخر سنة 933 هـ وكان من جملة ما قرأه عليه مجموعة من المتون الفقهية كـشرائع الإسلام وإرشاد الأذهان وأكثر قواعد الأحكام للعلامة الحلي.

أسفاره ورحلاته

عرف عن الشهيد ولعه بطلب العلم والانتهال من نمير علماء الأمصار والمناطق التي يسافر إليها منذ صباه حيث كان العلم ضالته التي يشدّ الرحال إليها أينما وجدها، حيث ارتحل من ميس إلى كرك نوح (ع) وقرأ فيها على السيد حسن ابن السيد جعفر الكركي (صاحب كتاب المحجة البيضاء) وبعد ثلاث سنين قضاها في جُبَع توجه صوب دمشق مشتغلا بطلب العلم على يد المحقق والفيلسوف شمس الدين محمد بن مكي فقرأ عليه مجموعة من كتب الطب والهيئة وبعض حكمة الإشراق لـلسهروردي.

وقرأ في تلك المدة بدمشق على المرحوم الشيخ أحمد بن جابر، الشاطبية َفي علم القراءة. وفي دمشق تتلمذ على الشيخ شمس الدين بن طولون الدمشقي الحنفي وقرأ عليه جملة من صحيحي البخاري ومسلم. في سنة 943 هـ وفي نسخة 942 هـ توّجه صوب مصر مشتغلا بها على ستة عشر شيخاً من شيوخها فقرأ عليهم العلوم العقلية والعربية (المعاني، البيان، العروض) والتفسير وغير ذلك من العلوم. وفي سنة 944 للهجرة هـ توجه نحو الحجاز لأداء فريضة الحج، وفي سنة 946 هـ سافر إلى العراق لزيارة الأئمة الأطهار (ع). وتخلل تلك الأسفار العودة بين الفينة والأخرى إلى موطنه جُبَع. وفي سنة 948 هـ توجّه لزيارة بيت المقدس‏ واجتمع في تلك الرحلة بالشيخ شمس الدين بن أبي اللطف المقدسي وقرأ عليه بعض صحيح البخاري وبعض صحيح مسلم وأجازه إجازة عامة ثم رجع إلى وطنه جُبع. وفي سنة 949 هـ قرر السفر إلى القسطنطينية واصفا ذلك بقوله:

«ثم برزت لي الأوامر الإلهية والإشارات الربانية (يشير إلى الاستخارة) بالسفر إلى جهة الروم والاجتماع بمن فيها من أهل الفضائل والعلوم»

وكان وصوله إلى مدينة القسطنطينية سنة 952 هـ. كتب في الأيام الأولى من وصوله رسالة جيدة تشتمل على عشرة مباحث جليلة كل بحث في فن من الفنون العقلية والفقهية والتفسير وغيرها وأوصلها إلى قاضي العسكر وهو محمد بن قطب الدين بن محمد بن محمد بن قاضي زاده الرومي وهو رجل فاضل أديب عاقل لبيب من أحسن الناس خلقا وتهذيبا وأدبا فوقعت منه موقعا حسنا وحصل له بسبب ذلك منه حظّ عظيم وأكثر من تعريفه والثناء عليه للأفاضل وفي اليوم الثاني عشر من اجتماعه به أرسل إليه الدفتر المشتمل على الوظائف والمدارس وبذل له ما اختاره وأكّد في كون ذلك في الشام أو حلب فاقتضى الحال أن اختار منه المدرسة النورية بـبعلبك. ثمّ شدّ الرحال لزيارة الأئمة الأطهار (ع) ومن هناك رجع إلى موطنه جُبَع ملقياً فيها رحله ومشتغلاً بالتدريس والتأليف حتى شهادته.[٤]

مرجعيته

بعد استقراره في بعلبك وتصدّيه لإدارة المدرسة البعلبكية ذاع صيت الشهيد الثاني في الأوساط العلمية، حيث شدّ الرحال صوب درسه الكثير من الفضلاء والعلماء لينهلوا من نمير علمه وكرم خلقه، خاصّة وأنّ الشهيد عرف بتبحّره في الدروس المقارنة على المذاهب الخمسة الجعفري، والحنفي، والشافعي، والمالكي، والحنبلي، فكان يدّرس الفقه والعقائد المقارنة على جميع المذاهب الخمسة.

أقوال العلماء في حقه‏

ترجم له صاحب أعيان الشيعة واصفاً إياه بقوله:

«كان عالماً فاضلاً جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة تقياً نقياً ورعاً زاهداً عابداً حائزاً صفات الكمال متفرداً منها بما لا يشاركه فيه غيره مفخرة من مفاخر الكون وحسنة من حسنات الزمان أو من غلطات الدهر...».

وقال عنه الحر العاملي في آمل الآمل: «أمره في الثقة والعلم والفضل والزهد والعبادة والورع والتحقيق والتبحر وجلالة القدر وعظم الشأن وجمع الفضائل والكمالات أشهر من أن يذكر ومحاسنه وأوصافه الحميدة أكثر من أن تحصى وتحصر ومصنفاته كثيرة مشهورة وكان فقيهاً محدثاً نحوياً قارئاً متكلماً حكيماً جامعاً لفنون العلم».[٥]

ووصفه التفرشي في كتابه نقد الرجال: «وجه من وجوه هذه الطائفة وثقاتها كثير الحفظ نقي الكلام له تلاميذ أجلاء وله كتب نفيسة جيدة».[٦]

مشايخه

تتلمذ الشهيد الثاني على الكثير من الأعلام، منهم:


تلامذته

تملّذ عليه الكثير من الأعلام، منهم:

  • صهره نورالدين علي بن حسين الموسوي العاملي؛
  • السيد علي الحسيني الجزيني العاملي، المشهور بالصائغ؛
  • الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي والد الشيخ البهائي؛
  • علي بن زهرة الجبعي؛
  • السيد نور الدين الكركي العاملي؛
  • بهاء الدين محمد بن علي العودي الجزيني، المعروف بابن العودي؛
  • الشيخ محي الدين بن أحمد الميسي العاملي؛
  • السيد عزّ الدين حسين بن أبي الحسن العاملي؛
  • الشيخ تاج الدين بن هلال الجزائري.[٨]

مؤلفاته

قال ابن العودي في رسالته هو عالم الأوان ومصنفه ومقرط البيان ومشنفه بتواليف كأنها الخرائد وتصانيف أبهى من القلائد وضعها في فنون مختلفة وأنواع وأقطعها ما شاء من الإتقان والإبداع وسلك فيها مسلك المدققين وهجر طريق المتشدقين.

ذكر له السيد صاحب أعيان الشيعة، 79 مصنفاً، منها:

شهادته

كان السبب في قتله أنّه ترافع إليه رجلان فحكم لأحدهما على الآخر فغضب المحكوم عليه وذهب إلى قاضي صيدا وكتب القاضي إلى سلطان الروم أنّه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع خارج عن المذاهب الأربعة فأرسل السلطان رجلاً في طلب الشيخ وقال له: «ائتني به حياً حتى أجمع بينه وبين علماء بلادي فيبحثوا معه ويطّلعوا على مذهبه ويخبروني فأحكم عليه بما يقتضيه مذهبي فجاء الرجل فأخبر أن الشيخ توجه إلى مكة فذهب في طلبه فاجتمع به في طريق مكة»، فقال له: «تكون معي حتى نحج بيت الله ثم افعل ما تريد. فلما فرغ من الحج سافر معه إلى بلاد الروم فقتله ذلك الرجل في مكان على ساحل البحر وأخذ الرجل رأسه إلى السلطان وألقى جسده في البحر فأنكر عليه وقال أمرتك أن تاتيني به حيّاً فقتلته».[١٢] وذلك سنة 955 هـ وذهب السيد الأمين في أعيان الشيعة الى القول بأن شهادته كانت سنة 965 هـ.[١٣]

الهوامش

قالب:مراجع

المصادر والمراجع

  • الأمين العاملي، السيد محسن، أعيان الشيعة، بيروت، دار التعارف، بلا ‌تا.
  • التفرشي، مصطفى بن حسين، نقد الرجال، قم، آل البيت، 1418هـ .
  • الطهراني، آقا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، 1403هـ .
  • الحر العاملي، محمد بن حسن، أمل الآمل، بغداد، مكتبة الأندلس، بلا ‌تا.
  • الدواني، علي، مفاخر الإسلام.

وصلات خارجية

  1. أعيان الشيعة، ج 7، ص 143؛ الأعلام، ج 3، ص 64.
  2. أعيان الشيعة، ج 7، ص 144.
  3. مفاخر اسلام، ج 4، ص 484.
  4. الأميني، أعيان الشيعة، ج 7، ص 147 - 152.
  5. أمل الآمل، ج 1، ص 85.
  6. نقد الرجال، ج 2، ص 292.
  7. الأمين، أعيان الشيعة، ج 7، ص 153 و 154.
  8. أعيان الشيعة، ج 7، ص 154.
  9. الأمين، أعيان الشيعة، ج 7، ص 145.
  10. العاملي، أمل الآمل، ج 1، ص 87.
  11. العاملي، أمل الآمل، ج 1، ص 87؛ آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 1، ص 193، ج 2، ص 296، ج 3،ص 58، ج 4، ص 433 و 452، ج 5، ص 278، ج 11، ص 126 و 275، ج 20، ص 378.
  12. أمل الآمل، ج 1، ص 90 و 91.
  13. أعيان الشيعة، ج 7، ص 143.