توسعة المسجد النبوي في عهد رسول الله
بدأ بناء المسجد النبوي (عهد النبي)، من أول أيام وصول الرسول (ص) إلى المدينة المنورة. وبحسب الأبحاث حول تاريخ بناء المسجد النبوي، في حياة الرسول (ص)، تم ترميم المسجد أو توسيعه عدة مرات. وبدأ بناء المسجد منذ بداية وصول الرسول (ص) إلى المدينة المنورة واستمر البناء سبعة أشهر حسب الرواية الشهيرة.
وفي البداية كانت القبلة باتجاه المسجد الأقصى. ولذلك تم بناء مظلة في المصلى الذي يقع شمال المسجد. ومع تغيير القبلة، نُقل مكان الصلاة إلى جنوب المسجد، وفي هذا الجزء من المسجد، بُني رواق بثلاثة صفوف من الأعمدة و 6 أعمدة في كل صف. وأعيد بناء المسجد النبوي بعد فتح خيبر، وهذه المرة جعلوا المسجد أكبر.
ولم يكن للمسجد النبوي محراب أو إكليل في زمن النبي، وكانت بيوت زوجات النبي هي الخلايا المتصلة بالجدار الشرقي للمسجد.
المبنى الأول
بنى الرسول (ص) بعد الهجرة من مكة إلى المدينة والاستقراربها، بيتًا ومسجدًا. ولهذا الغرض اشترى الأرض المملوكة ليتيمين من بني نجار وبنى فيها المسجد، واستمر بناء المسجد قرابة سبعة أشهر وبحسب التقارير شهر أو سنة.[١]
وتم صب حجر أساس المسجد على عمق 3 أذرع (حوالي 1.5 متراً) وبُنيت عليه جدران من الطين.[٢] وكان أول مبنى في المسجد النبوي من أربعة جدران. وتوجد تقارير مختلفة عن طول وعرض المسجد ومساحته.[٣] وبحسب الرواية فإن المسجد كان طوله من الشرق إلى الغرب 63 وعرضه من الشمال إلى الجنوب 54 ذراعاً وليس له سقف.[٤] وفي رواية أخرى كان طول المسجد 70 ذراعاً وعرضه 60 ذراعاً أو أكثر قليلاً.[٥] وقدرت بعض المصادر طول المسجد بمائة ذراع وعرضه أقل بقليل. وبناءً على ذلك، اعتبر بعض الباحثين أن المساحة الأولية للمسجد حوالي 2450 مترًا (كل ذراع نصف متر).[٦]
بناء المظلة
بعد مرور بعض الوقت، وبسبب الحرارة الشديدة، تم بناء مظلة في الاتجاه الشمالي للمسجد، حيث كان مكان الصلاة (مصلی) في المسجد. ويسمى هذا الجزء من المسجد الرواق. وتم وضع هذه المظلة المصنوعة من أوراق الشجر على أعمدة خشبية وكانت مصنوعة في البداية من الخشب وأوراق الشجر، وبعد فترة تم تغطيتها بالطين لمنع تغلغل المطر.[٧]
وكان ارتفاع سقف المسجد مساوياً لارتفاع الإنسان أي 3.5 أذرع (1.75 متراً).[٨]
الأبواب
تم بناء باب في نهاية المسجد وباب آخر على الحائط الغربي يسمى باب عاتکة، والذي سمي فيما بعد باب الرحمة. وتم بناء باب في الجدار الشرقي الذي أصبح يعرف بباب آل عثمان وباب جبرائيل.[٩]
إعادة البناء بعد تغيير القبلة
مرحلة أخرى من تغيير المسجد النبوي كانت عندما تم تغيير القبلة من الجانب الشمالي (المسجد الأقصى) إلى جنوب المدينة المنورة (الكعبة). وفي هذه المرحلة لم تتغير أبعاد المسجد ولكن كان لا بد من نقل مكان الصلاة الذي كان له مظلة ويقع في الجهة الشمالية إلى الجهة الجنوبية من المسجد.
وبنيت منطقة مسقوفة على ثلاثة صفوف من الأعمدة في جنوبي المسجد، وفي كل صف ستة أعمدة. كان هذا هو الرواق الجنوبي للمسجد النبوي. وبقي الرواق الشمالي (المظلة التي كانت عبارة عن قاعة الصلاة قبل تغيير القبلة) على حاله وأصبح مكانًا لأهل الصفة.[١٠][١١]
وفي هذا التجديد، تم إغلاق الباب الجنوبي للمسجد وبدلاً من ذلك تم فتح باب على الجانب الشمالي، لكن لم يتم تغيير الأبواب الشرقية والغربية (باب عثمان وباب عاتكة).[١٢]
إعادة البناء بعد فتح خيبر
بدأ الرسول(ص) بعد عودته من حملة خيبر، في تطوير المسجد. ولهذا الغرض تم شراء منزل أحد الأنصار وإضافته إلى المسجد.[١٣] وزادت أبعاد المسجد إلى 100 × 100 ذراع[١٤] أو 100 × 90 ذراعًا (حوالي 45 × 50 مترًا).[١٥] والباحثون الذين اعتبروا طول وعرض المسجد في بداية المبنى مائة ذراع، يرون أنه في هذا التعمير بلغ طول المسجد 68 مترا وعرض المسجد 57 مترا، وبلغت مساحتها 3876 متر.[١٦]
توسعة الرواق
في هذا التجديد أضيفت ثلاثة أعمدة إلى كل صف من أعمدة رواق المسجد وبلغ عدد الأعمدة في كل صف 9 أعمدة.[١٧] وتم إضافة عمودين في الجزء الغربي وعمود في الجزء الشرقي. وبهذه الطريقة، كان رواق المسجد يبلغ عمقه ثلاثة أعمدة وعرضه تسعة أعمدة. وكان سقف المسجد سبع أذرع، ثلاثة أمتار ونصف.[١٨]
وبحسب بعض المصادر ، تسبب تطوير المسجد في تدمير الصفة.[١٩] وتعتقد بعض المصادر أن المسجد رُصف بالحصى خلال هذه الفترة.[٢٠]
البيوت الملحقة بالمسجد
كان الرسول بعد الزواج، يبني حجرةٌ بجوار المسجد لكل من نسائه. وقام ببناء أول البيوت لعائشة وسودة في الجزء الشرقي من المسجد بمسافة صغيرة. وفيما بعد ازداد عدد هذه المنازل وفي تطور المسجد بعد فتح خيبر تم ربط سور المسجد بالبيوت وفتح باب من كل بيت للمسجد.[٢١]
وكان عدد الحجرات تسعة و آخرها قرب باب عثمان (باب جبرئيل) أو باب النساء (البوابة التي بناها عمر).
كان المقطع الأفقي للمنازل حول كل مسجد مربعًا يتراوح ضلعه من 8 إلى 9 أذرع (4 إلى 5.4 مترًا) ويمكن لمس سقفه من الداخل. ويقال أن ارتفاعه كان بارتفاع أروقة المسجد.[٢٢]
وكان داخل كل منزل حجرة من 6 إلى 7 أذرع (3 إلى 5.3 متر) ، كانت جدرانها مغطاة بغطاء من خشب السرو. ويتكون كل بيت من مدخل وحجرة (غرفة)، وكان بابها يقع في الجدار الغربي الذي يفتح على المسجد.[٢٣]
المحراب وإكليل المسجد
في زمن النبي(ص)، لم يكن للمسجد مئذنة أو محراب مجوف.[٢٤]
وبحسب المصادر، کان بلال وهو يؤذن للصلاة یوقف على سطح منزل من بني نجار، وهو أطول منزل حول المسجد. وكما قال البعض إن بلال كان يصعد على عمود مربع من منزل عبد الله بن عمر في جنوب المسجد ويؤذن بصوت عالٍ.[٢٥]
الهوامش
- ↑ المسجد النبوي عبر التاریخ، ص 28.
- ↑ المدینة المنورة، ص 75.
- ↑ صنف السمهودي أربع روايات مختلفة: وفاء الوفاء، ج2، ص 50.
- ↑ عمارة المسجد النبوي، ص 38.
- ↑ وفاء الوفاء، ج2، ص 50.
- ↑ المسجد النبوي عبر التاریخ، ص 22-23.
- ↑ . عمارة المسجد النبوي، ص 38-39.
- ↑ المدینة المنورة، ص 77.
- ↑ وفاء الوفاء، ج2، ص 45.
- ↑ . عماره المسجد النبوی، ص 45.
- ↑ عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ص 53.
- ↑ عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ص 52-53.
- ↑ عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ص 54.
- ↑ عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ،ص 54.
- ↑ المدینة المنورة، ص 79.
- ↑ المسجد النبوي عبر التاریخ، ص 39.
- ↑ عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ص 54-56.
- ↑ عمارة المسجد النبوي، ص 55.
- ↑ المدینة المنورة، ص 77.
- ↑ المدینة المنورة، ص 80.
- ↑ عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ص 56.
- ↑ عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ص 56.
- ↑ المدینة المنورة، ص77.
- ↑ عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ص 53.
- ↑ المدینة المنورة، ص 80.
المصادر
- المدینة المنورة:تطورها العمراني وتراثها المعماري، صالح لمعي مصطفی، بيروت، دارالنهضة العربیة، 1981م.
- المسجد النبوي عبر التاریخ، محمد السید الوکیل، دار المجتمع للنشر و التوزیع، 1988م.
- عمارة المسجد النبوي منذ انشائه حتی نهایة العصر المملوکي، محمد هزاع الشهري، قاهرة، دارالقاهرة، 2001م.
- عمارة و توسعة المسجد النبوي الشریف عبر التاریخ، ناجي محمد حسن عبدالقادرالانصاري، مدینة، نادی المدینة المنورة الادبي، ب.ت.
- وفاء الوفاء، نورالدین علی السمهودي، تحقیق قاسم السامرایي، لندن، موسسة الفرقان، ب.ت.