السيد شهاب الدين المرعشي النجفي
السيد شهاب الدين المرعشي النجفي (1315 هـ|1315 ــ 1411 هـ|1411 هـ)، من مراجع التقليد في المدرسة الإمامية، تصدّى لمقام المرجعية بعد رحيل آية الله البروجردي. هو تأسّس المكتبة العامّة المسمّاة باسمه في قم والتي تحتوي على كم وافر من المخطوطات الإسلامية والكتب القيمة في شتى العلوم، فقد قام بتأسيس مدارس علمية في قم. من مولفاته تعليقات على إحقاق الحق وازهاق الباطل، مشجرات آل الرسول، طبقات النسابين وحاشية على عمدة الطالب. وكان قد تحمّل عناء السفر والترحال إلى بعض البلدان واللقاء بعلمائها لأجل تدوين بعض مؤلفاته.
الحياة
ولد السيد شهاب الدين المرعشي 20 صفر، سنة 1315 هـ. في النجف الأشرف، وقد اختار له المحدث النوري بعد أن أذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى اسم محمد حسين، فيما اختار له الميرزا حسين بن الميرزا خليل لقب آقا نجفي، وكنّاه السيد مرتضى الكشميري بأبي المعالي، فيما لقّبه السيد إسماعيل الصدر بشهاب الدين.[١]
يعود نسب السيد المرعشى إلى الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) بعد (33) واسطة، فهو من السادة المرعشية الحسينية الذين ينتمون الى جدّهم الأعلى السيد علي المرعشي نسبة إلى مدينة مرعش الواقعة على الحدود التركية السورية. هاجر جدّهم الأعلى إلى إيران في القرن الثالث الهجري، واختار منطقة طبرستان (محافظة مازندران الراهنة) وطنا له حيث تزوج هناك. وتعد منطقة طبرستان المركز الذي انطلقت منه السادة المرعشيين ويعود لها الفضل في تشيّع أبناء تلك الديار[٢] والده السيد محمود المرعشي كان قد تزّوج من فاطمة السبزواري بنت السيد حسين الحسيني، فأنجبت له ولده عليّا، وبعد أن انفصل عنها، تزوج من صاحبه خانم حفيدة السيد مهدي الحسيني التي أنجبت له كلا من السيد شهاب الدين والسيد ضياء الدين وفاطمة ومرضية.[٣]
توفي السيد المرعشي إثر جلطة قلبية في قم يوم السابع من صفر عام 1411 هـ الموافق لـ 29 آب/ أغسطس 1990 م عن عمر ناهز 96 عاماً، وكان قد أوصى أن يدفن في مكتبته الواقعة في شارع إرم.[٤] وكتب في وصيته: "ادفنوني عند مدخل المكتبة كي تطأني أقدام باحثي العلوم الإسلامية ومحققيها." كما أوصى نجله السيد محمود بأن يضع في لحده السجادة التي عبد الله عليها سبعين عاماً والملابس التي كان يرتديها اثناء مراسم العزاء الحسيني مع التربة الحسينية والتراب الذي جمع من أضرحة السادة
زواجه و اولاده
تزوج السيد المرعشي من ابنة عمّه جوهر تاج إلا أنّ العلاقة الزوجية بينها لم تستمر طويلا.[٥] أعقب السيد أربعة من الذكور وأربعة من الإناث، والذكور هم: السيد محمود (المولود سنة 1320 هـ) والسيد محمد كاظم (ولد سنة 1322 هـ) والسيد محمد جواد (ولد سنة 1326 هـ) والسيد أمير حسين. صاهره على بناته كل من عباس علي عميد زنجاني وعلي فاضل لنكراني (الأخ الأكبر للشيخ فاضل لنكراني) والسيد عباس موسوي حرمي والسيد خليل ميري طهراني.[٦]
النشاط العلمي
تعلم شهاب الدين القرآن المجيد وعلوم اللغة العربية إلى كتاب مغني اللبيب على يد جدته لأبيه شمس أشرف بيجم.[٧] ثم تلمّذ على والده في مقدمات بعض العلوم ثم التحق بالمدارس العصرية لتحصيل بعض العلوم كالرياضيات والهندسة والجغرافيا. وتعلم الطب على يد والده وعلى يد الميرزا محمد علي المعروف بمؤيد الأطباء.[٨]
قام السيد المرعشي في 21 محرم الحرام عام 1342 هـ برحلة إلى إيران فحضر دروس بعض العلماء في مدينة الري، ثم مدينة قم وبقي هناك يمارس دوره بالتبليغ والتدريس بطلب من زعيم الحوزة العلمية الشيخ عبد الكريم الحائري. التقى أثناء إقامته في مدينة قم (سنة 1345 هـ) وبأمر من الشيخ الحائري بالشاعر الهندي المعروف رابيندارات تاغور، ودارت بينهما مناظرات ومباحث علمية.[٩]
مشايخه وأساتذته
تتلمذ السيد على الكثير من العلماء في شتّى العلوم: [١٠]
- التفسير: محمد حسين الشيرازي، شمس الدين شكوئي، أبو الحسن المشكيني النجفي.
- الفقه والأصول: السيد آقا شوشتري (شرح اللمعة الدمشقية)، أبو الحسن المشكيني الأردبيلي (كفاية الأصول)، نعمة الله لاريجاني (قوانين الأصول)، أحمد آل كاشف الغطاء، السيد محمد رضا المرعشي الرفسنجاني، غلام علي القمي، حبيب الله الإشتهاردي، الميرزا حسن الرشتي، آقا ضياء العراقي، محمد حسين الطهراني، الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي، محمد رضا المسجد شاهي.
- علم الرجال: السيد حسن الصدر، عبد الله المامقاني النجفي، أبو الهدي الكرباسي، موسي الكرمانشاهي.
- الأخلاق والعرفان: السيد علي القاضي الطباطبايي، السيد أحمد الكربلائي، الميرزا جواد ملكي تبريزي
- الأنساب: والده ( تعلم عليه مشجرات أنساب السادات)، السيد محمد رضا ابن السيد علي الشهير بالصائغ البحراني الغُرَيفي، السيد مهدي الموسوي البحراني.
رحلاته ومناظراته
شد الرحال الى سامراء عام 1326 هـ ولم يكن حينها يبلغ الـحادية والعشرين من عمره، وبقي هناك مدّة ثلاث سنين التقى خلالها بالشيخ عبد الكريم الكردستاني والشيخ نور الدين الشافعي، ودارت بينهم مباحث ومناظرات علمية. وفي عام 1340 هـ شدّ الرحال نحو الكاظمية وبغداد حيث التقى السيد إبراهيم الرفاعي البغدادي، ثم سافر إلى كربلاء حيث حصل على إجازة من الشيخ عبد الهادي المازندراني، والتقى خلالها بكبار مشايخ الشيخية كالحاج الميرزا موسى الأسكوئي التبريزي والميرزا محمد ثقة الإسلام التبريزي وأخيه ودارت بينهم مناظرات علمية.[١١]
وقد سافر السيد المرعشي إلى كل من الحلة، والموصل، والعمارة، والكوت، والبصرة، والكوفة، والمسيب والدجيل والزبير و.... كما وسافر أيضا إلى الهند، فالتقى في مدينة بومباي بكبار البوذيين.[١٢]
له مراسلات كثيرة مع العلامة الطنطاوي الجوهري المصري رئيس جمعية الأخوة الإسلامية المصرية، وأهدى له كتاب رياض السالكين وشرح الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين(ع). [١٣]
التدريس
شرع السيد المرعشي بتدريس مرحلة السطوح، فألقى دروسه في مادة الفقه والأصول: معالم الأصول، شرح اللمعة الدمشقية، القوانين، فرائد الأصول، شرائع الإسلام والمتاجر وكفاية الأصول. بالاضافة الى تدرس كل من علم: المنطق، الكلام، التفسير، الفلسفة، الرجال والدراية وعلم الأنساب. وكان يلقي محاضراته الدراسية في المدرسة الفيضية، وقد درّس في أُخريات حياته في مسجد بالا سر الواقع داخل حرم السيدة المعصومة ثم انتقل الى الحسينية التي شيدها الى جنب داره الواقعة بجوار حرم السيدة فاطمة المعصومة.[١٤]
وقد تخرج على يديه الكثير من العلماء، منهم: السيد مصطفى الخميني، مرتضى مطهري، محمد مفتح، سيد محمد حسيني بهشتي، محمد صدوقي، قاضي طباطبائي،السيد محمود الطالقاني، شهاب الدين إشراقي، مرتضى الحائري (ابن الشيخ عبد الكريم الحائري)، حسين النوري الهمداني، سيد موسى الصدر.[١٥]
مؤلفاته
فقد خطّ يراع السيد آية الله المرعشي طيلة حياته العلمية ما يربو على 150 مؤلفاً بين كتاب ورساله.[١٦] صدر البعض منها وما زال البعض منها مخطوطاً لم ير النور بَعدُ، بل فُقد البعض منها، وهناك مؤلفات مازالت مبعثرة لم تجمع في مخطوط خاص. ومن مؤلفاته: [١٧]
- الرد علي مدعي التحريف
- سند القراء والحفاظ
- الفروق (كتاب)|الفروق
- مفتاح أحاديث الشيعة
- شرح دعاء السمات
- شرح زيارة الجامعة الكبيرة
- شمس الأمكنه والبقاع في خيرة ذات الرقاع
- فوائد من الصحيفه الكاملة السجادية
- الرسالة العملية|توضيح المسائل
- مصباح الناسكين (مناسك الحج)
- تراجم أعيان السادة المرعشيين
- سادات العلماء الذين كانوا بعد الألف من الهجرة
- الفوائد الرجالية
- وفيات الأعلام
- مشجرات آل رسول الله الأكرم أو مشجرات الهاشميين
- مزارات العلويين
- ملحقات أحقاق الحق
- نسمات الصبا في فؤائد علم الرمل، الحروف، الأوراد والأذكار.
النشاطات الثقافية والإجتماعية والسياسية
- تشييده عام 1339 لحسينية آية الله المرعشي المجاورة لمنزله في مدينة قم.قالب:بحاجة إلى مصدر
- تشييد محطة للطاقة في مرقد السلطان علي أردهال الكاشاني سنة 1381ه وترميم وإعادة إعمار مرقد محمد باقر المجلسي صاحب موسوعة بحار الأنوار.
- إعادة تشييد مسجد محطة السكك الحديدية في قم المقدسة الذي حولته دول التحالف إبّان الحرب العالمية الثانية الى كنيسه وإنشاء مسجد سكة الحديد في مدينة أزنا الإيرانية؛ وتوفير الميزانية اللازمة لمسجد كامكار في قم.
- إنشاء مستوصف جديد تابع لمستشفى نيكوئي في قم و جناح خاص لقسم الامراض القلبية في مستشفى نيكوئي.
- تشييد بناية لمؤسسة اعادة التأهيل والرعاية الإجتماعية المسماة بدار الشفاء.
- تشييد 140 بيتا لطلاب العلوم الدينية.
- مساعدة المتضررين بالحوادث الطبيعية كالسيول والزلازل والنازحين إبّان الحرب المفروضة على ايران.
- مساعدة المدينين.
- تأسيس مدرسة المهدية الواقعة في شارع باجك، ومدرسة المؤمنية الواقعة في شارع إنقلاب، والشهابية الواقعة في شارع الإمام حيث كانت في فترة حكم الشاه دارا للسينما فاشتراها السيد وحولها الى مدرسة علمية، و المدرسة المرعشية الواقعة في شارع إرم على مسافة قصيرة من حرم السيدة فاطمة المعصومة.[١٨]
- ولعل أوّل لقاء بين السيد الخميني والسيد المرعشي يعود الى الاجازة التي منحها للسيد الخميني سنة 1308 ه، ثم توالى دعمه لحركة الإمام إبّان موقفه من انتخابات مجلس الولايات، وانتخابات اللوائح الستة. وعندما أصدرت حكومة الشاه أمراً بإبعاد السيد الخميني الى تركيا ومنها الى العراق، بعث السيد المرعشي رسالة الى علماء النجف يطلبهم فيها بدعم الإمام ومساندته والتفاعل مع حركته والتعاطف معه، وكان أوّل ممثل التقى بالإمام في ذلك الوقت هو ممثل السيد المرعشي.[١٩]
المكتبة العامة
تعود جذور تأسيس وإعداد المكتبة العامة الى المرحلة النجفية من عمر السيد المرعشي حيث بدأ بذلك منذ أن كان طالباً في النجف. وبعد انتقاله الى قم واصل السيد المرعشي الاهتمال بشأن المكتبة.[٢٠] وفي سنة 1394 هجرية (1973 ميلادية) حصل العلامة المرعشي على قطعة أرض تمكن من إنشاء وقف مكتبة متواضعة عليها تحتوي على ما يقارب 1500 كتاب. وتوسعت المكتبة لتبلغ اليوم سبعة طوابق ومساحة إجمالية تبلغ ما يقارب 21000 متر مربع. وتحتوي المكتبة على أقسام مصنفة كخزانة المخطوطات والمطبوعات الحجرية والفريدة.
اللقاء مع الشاعر الإيراني شهريار
نقل عن السيد المرعشي: أنه توسل ذات ليلة إلى الله بأن يريه في منامه ولياً من أولياء، يقول :نمت ،وإذا أنا في مسجد الكوفة وكان الإمام علي(ع) وجماعة حاضرين، فقال الإمام: أحضروا لي شعراء أهل البيت، فأحضرت الشعراء إليه، فبحث عن شهريار الشاعر الفارسي، فقال: فأين شهريارنا؟ ثم تقدم شهريار، و قرأ قصيدته المشهور، فعندما اكتملت القصيدة انتبه السيد المرعشي من النوم.
وكان السيد شهاب الدين لم يعرف هذا الشاعر حتى ذلك الحين، فبحث عنه حتى اطلع عليه، وحكى السيد المرعشي لشهريار ما رأه في عالم الرؤيا، فتعجب الشاعر؛ لأنّه لم يخبر أحداً بقصيدته، ومن الملفت للنظر كان ساعة إنشاد تلك القصيدة متزامنة ومتفقة تماماً مع ما رآه السيد المرعشي في عالم الرؤيا.[٢١]
مواضيع ذات صلة
المصادر والمراجع
- گلي زواراه، غلام رضا، جامع فضل و فضيلت: مقالات و مقولاتي درباره كارنامه علمي و عملي حضرت آيتالله مرعشي نجفي، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم، 1389هـ ش[جامع الفضل والفضيلة مقالات حول الحياة العلمية والعلملية لسماحة آية الله السيد المرعشي النجفي].
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 19.
- ↑ راجع : كلي زواره، جامع [الـ]فضل و[الـ] فضيلت، ص17-18.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 18.
- ↑ المصدر السابق، ص 74.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 24.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 27.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 120 .
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 21-22.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 23-24 و 88.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 54-58.
- ↑ المصدر السابق، ص 86-88.
- ↑ المصدر السابق، ص 86-88.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 85-86.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 59.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 60.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 78.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 62-64.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 67-68.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص69-70.
- ↑ راجع: المصدر السابق، ص 66-67.
- ↑ انظر: المصدر السابق، ص 117-118.