السيد مصطفى الخميني
السيد مصطفى الخميني، من علماء الشيعة في القرن 14 هـ ومن الناشطين في الثورة الإسلامية في إيران وهو ابن زعيمها السيد روح الله الخميني. درس في حوزة قم وحوزة النجف، ومن أبرز أساتذته السيد البروجردي والسيد الخوئي، والسيد محسن الحكيم، كما له عدّة مؤلفات منها ما فُقد، ومنها ما طُبع.
عُرف أيضاً بجهاده السياسي ومساندته إلى أبيه الإمام الخميني قائد الثورة، وكان له الدور البارز فيها، مما تسبب في اعتقاله من قبل حكومة الشاه، ثم نفيه إلى تركيا مع أبيه. وتوفي في النجف الأشرف سنة 1397 هـ/1356 ش، في ظروفٍ غامضةٍ، وله من العمر 47 عاماً، ودُفن في الصحن العلوي الشريف.
ولادته ونسبه
ولد السيد مصطفى الخميني في مدينة قم المقدسة، عام 1309 ش، والده السيد روح الله الموسوي الخميني، الذي اشتُهِر بلقب الإمام الخميني من كبار مراجع التقليد. قاد الثورة الإسلامية في إيران، والتي أدّت إلى إسقاط الشاه وتأسيس نظام الجمهورية الإسلامية. ووالدته الفاضلة كريمة الميرزا محمد الثقفي صاحب كتاب (روان جاويد) في التفسير و(غرر العوائد من درر الفوائد) في الأصول. وكان الميرزا أبو الفضل الطهراني صاحب كتاب (شفاء الصدور في شرح زيارة عاشور) جد والدته الفاضلة، وجدها الأعلى العلامة الشهير الميرزا أبو القاسم الكلانتر مقرر الشيخ الأعظم الأنصاري، وتقريراته الشهيرة معروفة بــ (مطارح الأنظار).
سماه والده محمداً، ولقبه بـ (مصطفى)، فاشتهر بالسيد مصطفى. قُتل في النجف، وقامت المظاهرات، وأجبر السيد الخميني على إثرها إلى ترك العراق.[١]
مسيرته العلمية
أساتذته
كانت جلّ استفادته من والده في شتّى الميادين العلمية، وإلى جانب ذلك، فقد حضر عند كبار العلماء في حوزتي قم والنجف، واستفاد من العديد منهم: كالسيد البروجردي، والسيد محمد المحقق الداماد، والسيد أبي الحسن الرفيعي القزويني، والسيد محسن الحكيم، والسيد محمود الشاهرودي، والسيد أبي القاسم الخوئي، وغيرهم.[٢]
دراسته في قم
نشأ السيد مصطفى في قم المقدسة، واشتغل بدراسة العلوم العصرية الحديثة وعمره (6) سنوات، وبعدها اشتغل بطلب العلوم الدينية. وقد ارتدى الزي العلمائي الخاص وهو ابن (17) سنة. ثم درس العلوم الأدبية. وبعدها شرع بدراسة العلوم الأخرى فقهاً وأصولاً، ورجالاً وحديثاً، وفلسفةً وعرفاناً. كما درس العديد من الكتب الدراسية العالية، وكان موضع تقدير وحفاوة من طلابه ومريديه.[٣]
دراسته في النجف
ألقى في النجف الأشرف دورة أصولية مفصلة، نقد فيها آراء المحققين، وأبدى فيها آراءه وتحقيقاته، مضافاً إلى دروسه الموسعة في الفقه والتفسير. وما قاله فيه والده حين بلغ السيد مصطفى الخامسة والثلاثين من العمر: إن مصطفى أفضل مني حينما كنت في سنه.[٤]
أخلاقه وعبادته
كان السيد روح الله الخميني يشيد بفضائل ولده قولاً وعملاً، ويشير إلى مكانته العلمية والمعنوية، وعرف عنه أنه لم يمد رجليه في حضرة ولده إكراماً وتبجيلاً له. ومما نُقل عن صفاته أنه كان عفيفاً زاهداً قريباً من الناس، محسناً محباً لأصدقائه، كما كان مواظباً على النوافل والأدعية والأوراد، ملتزماً بصلاة الجماعة، محتاطاً في تصرفاته وخصوصاً فيما يتعلق ببيت المال.[٥]
جهاده السياسي
كان السيد مصطفى يؤمن بقيادة والده وحكمته، كما يُؤمن أيضاً بأنّ قيادة الناس وحكم البلاد فرض على عاتق الفقهاء الأكفاء في عصر الغيبة الكبرى، فكان مساعد والده الأمين في جهاده ونهضته الإسلامية. ومن مواقفه السياسية الجهادية التي وقفها: [٦]
1- قام السيد مصطفى بدوره الفعال في إلهاب مشاعر الأمة وقيادة جماهيرها الغاضبة من أجل تخليص قائدها روح الله الخميني من سجون الشاه وتحريره من أيدي أزلامه.
2- بعد أن أقصت حكومة الشاه السيد الخميني إلى تركيا وأخضعته هناك للرقابة التامة.صعّد السيد مصطفى من نشاطاته الجهادية، فقام النظام باعتقاله وزجه في السجون، وبعد ضغط الجماهير الغاضبة اضطرت سلطات الشاه إلى الإفراج عنه بعد شهرين فقط.
3- لم يجد النظام الحاكم إلا إقصائه عن وطنه ونفيه إلى تركيا حيث نفي والده.
4 - بعد أن حلّ أرض النجف الأشرف مع والده كان نائباً له في إدارة شؤونه السياسية وقيادة الثورة في بلاده من بعيد، ومواكبة الأحداث الساخنة في الساحة السياسية في إيران والعراق وسوريا ولبنان وغيرها من البلدان.
مؤلفاته
ألّف الكثير من الكتب، التي صودر قسمٌ كبير منها من قبل حكومة الشاه، ولم يسلم منها سوى ما صنفه في النجف وبورسا، بعد أن أقصته الحكومة مع والده إلى تركيا.
ومن كتبه المفقودة:[٧]
1ــ القواعد الحكمية.
2ــ رسالة ( لا تعاد ).
3ــ الخلل في الصلاة، وهذا غير ما كتبه في النجف الأشرف المطبوع ضمن تراثه.
4ــ المختصر النافع في علم الأصول، كتبه أثناء دورته الأصولية الأولى.
5ــ رسالة في قاعدة (لا ضرر).
6ــ رسالة في حديث الرفع.
7ــ رسالة في العلم الإجمالي، كتبها في ( القيطرية).
8ــ كتاب الإجارة، وهو مجلدان.
9ــ المكاسب المحرمة، وهو جزء من كتابه الكبير ( تحريرات في الفقه).
10ــ تتمة كتاب البيع، وفيه الأبحاث الباقية من كتاب البيع المطبوع ضمن تراثه.
11ــ كتاب الخيارات، وهو المجلدان الأول والثاني من الخيارات.
12ــ رسالة في علم الباري.
13ــ رسالة في الرد على كتاب (الهيئة والإسلام).
14ــ رسالة في قضاء الصلوات.
15ــ الفوائد الرجالية.
16ــ كتاب الاجتهاد والتقليد.
17ــ كتاب الصلاة، والظاهر وهو قسم من كتابه الكبير (تحريرات في الفقه).
18ــ رسالة في (السرقفلية).
وله تعليقات كثيرة على عدة من الكتب الأدبية والفقهية والرجالية والفلسفية والعرفانية وقد صرّح ببعضها في مطاوي كتبه، منها: تعليقته على (شرح الرضي على الكافية). وحاشيته على خاتمة (مستدرك الوسائل). وتعليقته على كتاب (المبدأ والمعاد لصدر المتألهين).
أما كتبه المطبوعة:[٨]
1ــ تحريرات في الأصول.
2ــ مستند تحرير الوسيلة.
3ــ تفسير القرآن الكريم.
4ــ تعليقات على الحكمة المتعالية.
5ــ تحرير العروة الوثقى.
6ــ تعليقة على العروة الوثقى.
7ــ دروس الأعلام ونقدها.
8ــ العوائد والفوائد.
9ــ ولاية الفقيه: وهو قطعة من كتاب البيع المفقود بعض أجزائه.
10ــ الطهارة.
11ــ الواجبات في الصلاة.
12ــ الخلل في الصلاة.
13ــ الصوم.
14ــ كتاب البيع من أوله إلى مبحث تعاقب الأيدي.
15ــ كتاب الخيارات وهو المجلدان الثالث والرابع.
وفاته
توفي مصطفى الخميني في 9 ذي القعدة سنة 1397 هـ المصادف لسنة 1356 ش، في النجف الأشرف، وله من العمر (47) عاماً، حيثُ قضى نحبه في ظروفٍ غامضةٍ، بعد جهادٍ طويلٍ مع أعداء الدين، والثورة الإسلامية، ودُفن إلى جنب جده أمير المؤمنين قالب:عليه السلام بالصحن الشريف بالقرب من إيوان العلماء.[٩] جانب قبر الشيخ محمد حسين الأصفهاني الكمپاني، وخلف قبر العلامة الحلي، وكان تشخيص الأطباء أنه قضى مسموماً، ولكن السلطة هددتهم ومنعتهم من التصريح عن سبب الوفاة.[١٠] لكنه أُشيع الخبر من أنه مات بالسم.[١١]
انتشر الخبر في كربلاء، فتدفق الناس على تشييعه من المغتسل إلى الحرم، وكان التشييع عند الثانية ظهراً في نفس يوم وفاته، ثم نُقل إلى النجف.[١٢]
في صباح اليوم التالي انطلق تشييع جثمان السيد مصطفى في الساعة التاسعة صباحاً بحضور السيد الخوئي، وصلى عليه بعد موافقة السيد الخميني، ثم أُقيمت مجالس الفاتحة للسيد مصطفى ليالي الأربعاء والخميس والجمعة.[١٣]
الهوامش
المصادر والمراجع
- الخميني، مصطفى، تحريرات في الأصول، قم-إيران، مؤسسة نشر آثار الإمام الخميني، ط 1، 1376 ش.
- العاملي، أحمد عبد الله، محمد باقر الصدر السيرة والمسيرة، بيروت-لبنان، مؤسسة العارف، ط 1، 1427 هـ.
- الفتلاوي، كاظم عبود، مشاهير المدفونون في الصحن العلوي الشريف، النجف، مكتبة الروضة الحيدرية، ط 3، د.ت.
- ↑ الخميني، تحريرات في الأصول، مقدمة التحقيق، ص 5.
- ↑ الخميني، تحريرات في الأصول، مقدمة التحقيق، ص 7.
- ↑ الخميني، تحريرات في الأصول، مقدمة التحقيق، ص 7.
- ↑ الخميني، تحريرات في الأصول، مقدمة التحقيق، ص 8.
- ↑ الخميني، تحريرات في الأصول، مقدمة التحقيق، ص 8.
- ↑ الخميني، تحريرات في الأصول، مقدمة التحقيق، ص 9.
- ↑ الخميني، تحريرات في الأصول، مقدمة التحقيق، ص 5.
- ↑ الخميني، تحريرات في الأصول، مقدمة التحقيق، ص 7.
- ↑ الفتلاوي، مشاهير المدفونون في الصحن العلوي الشريف، ص 358.
- ↑ العاملي، السيرة والمسيرة، ج 3، ص 404.
- ↑ الفتلاوي، مشاهير المدفونون في الصحن العلوي الشريف، ص 357.
- ↑ العاملي، السيرة والمسيرة، ج 3، ص 405.
- ↑ العاملي، السيرة والمسيرة، ج 3، ص 406.