الشيخ محمد باقر المجلسي
محمد باقر بن محمد تقي المجلسي المعروف بالعلامة المجلسي أو المجلسي الثاني، (1037 ــ 1110 هـ) من محدثي الشيعة وفقهائهم المعروفين، صاحب المصنفات الكثيرة، منها موسوعة «بحار الأنوار» والتي تعدّ أكبر دائرة معارف حديثية شيعية، كما كان له منزلة ونفوذ في البلاط الصفوي.
ولادته ونسبه
ولد المجلسي في مدينة أصفهان سنة 1037 هـ،[١] في عصر الدولة الصفوية وبالتحديد في زمن حكومة الشاه عباس الأول، أبوه الشيخ محمد تقي المجلسي من أعيان الشيعة ومجتهديهم، كما أنه من أبرز تلامذة الشيخ البهائي والملا عبد الله الشوشتري والميرداماد. أمّه بنت صدر الدين محمد عاشوري القمي والتي تنحدر من بيت علم وفضيلة.[٢]
زوجاته وأبناءه
قيل أنّه تزوج من ثلاث نساء، كان ثمرته منهن أربعة من الذكور وخمساً من الإناث.[٣]
أسرة المجلسي
ينتسب جده الأعلى من جهة الأب إلى الحافظ أبي نعيم الأصفهاني؛ الذي يعد من المحدثين والحفّاظ. وجده الملا مقصود علي كان شاعراً وعالماً.[٤] جدّته من جهة الأب ابنة كمال الدين الشيخ حسن العاملي النطنزي الأصفهاني. أخوته كل من الميرزا عزيز الله والملّا عبد الله؛ الّذين امتدحهم وأثنى عليهم المحدث النوري كثيراً. أشهر أخواته آمنة بيكم؛ والتي كانت من العالمات الفاضلات في عصرها وهي زوجة الملا صالح المازندراني.[٥]
وجه التسمية بـالمجلسي
قال العلامة المجلسي نقلا عن مرآة الأحوال: إنّه لمّا كان جدّه «مقصود علي» بصيراً ورعاً مروجاً لمذهب الإثني عشرية جامعا للكمال والحسن في المقال وكان له أبيات رائعة بديعة ولحسن محاضرته وجودة مجالسته سمّي بالمجلسي فصار هذا لقباً في هذه الطائفة الجليلة والسلسلة العلية.[٦] وقيل أن ذلك يعود إلى قرية في أصفهان يقال لها «مجلس» كان الشيخ محمد تقي يقطنها فلقّبت الأسرة بها.[٧]
دراسته
عكف على طلب العلم منذ نعومة أظفاره، فتتلمذ على والده، وأنكبّ في عنفوان شبابه على طلب العلوم بأنواعها، ثمّ صرف همّته إلى تتبع كتب الحديث، والبحث عن أخبار وآثار أئمّة أهل البيت عليهم السّلام وجمعها وتدوينها ودراستها، وقد أبدى رغبة كبيرة في طلب العلم ووصف تلك الفترة بقوله: إني كنت في عنفوان شبابي حريصا على طلب العلوم بأنواعها مولعاً باجتناء فنون المعالي من أفنانها فبفضل الله سبحانه وردت حياضها وأتيت رياضها وعثرت على صحاحها ومراضها حتى ملأت كمّي من ألوان ثمارها واحتوى جيبي على أصناف خيارها وشربت من كل منهل جرعة روية وأخذت من كل بيدر حفنة...[٨]
دعاء أبيه له
روي عن والده الجليل المولى محمد تقي أنّه قال: إنه في بعض الليالي بعد الفراغ من التهجد عرضت لي حالة عرفت منها أني لا أسأل من الله تعالى شيئا حينئذ إلا استجاب لي وكنت أتفكر فيما أسأله عنه تعالى من الأمور الأخروية والدنيوية وإذا بصوت بكاء محمد باقر في المهد فقلت: إلهي بحق محمد وآل محمد (ص) اجعل هذا الطفل مروّج دينك وناشر أحكام سيد رسلك (ص) ووفقه بتوفيقاتك التي لا نهاية لها.[٩] وعن صاحب قصص العلماء أنّ المولى محمد تقي أمر زوجته أن لا ترضعه ّإلا وهي على طهارة.[١٠]
المجلسي في كلمات الأعلام
قيل عنه أنّه أول من نشر علم الحديث في العصر الصفوي.[١١]
وقال الحر العاملي: العالم المتبحر النقاد المضطلع الخبير البصير الذي لم ير مثله.[١٢]
وقد أثنى عليه العلامة محمد علي الأردبيلي بأعظم كلمات الثناء والمدح.[١٣]
وقال العلامة التنكابني : كان لكتابه «حق اليقين» دور في تشيّع سبعين ألفاً من العامة.[١٤]
وقال عبد العزيز الدهلوي من علماء العامة والمؤلفين في الرد على الشيعة الإمامية: لو قيل بأن دين الشيعة دين محمد باقر المجلسي لما جانبوا الحقيقة؛ فهو الذي أضفى على المذهب رونقا وعظمة لم يكن قد نالهما من قبل.[١٥]
أساتذته ومشايخه
أورد الميرزا حسين النوري في كتابه «الفيض القدسي في ترجمة العلامة المجلسي» قائمة بأسماء أساتذة ومشايخ المجلسي بلغ عددهم 18 شيخاً، منهم:
- والده محمد تقي المجلسي المتوفى 1071 هـ.
- الملا محمد صالح المازندراني صاحب كتاب شرح أصول الكافي، المتوفى 1081 هـ.
- الملا محسن الفيض الكاشاني صاحب تفسير الصافي، والمحجة البيضاء والوافي، المتوفى 1081 هـ.
- السيد علي خان المدني صاحب كتاب رياض السالكين في شرح الصحيفة السجادية، المتوفى 1118 هـ.
- الملا خليل القزويني صاحب كتاب الصافي في شرح الكافي، المتوفى 1018 هـ.
- الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة، المتوفى 1104 هـ.
- الملا محمد طاهر القمي، المتوفى 1098 هـ.
- الميرزا رفيع الدين النائيني، المتوفى 1099 هـ.
- الملا حسن علي التستري (الشوشتري)، المتوفى 1029 هـ.
- أمير محمد قاسم القهبائي.
- محمد شريف الرويدشتي الأصفهاني، المتوفى 1087 هـ.
- أمير شرف الدين الحسيني الشولستاني، المتوفى 1060 هـ.
- العلامة الشيخ علي، المتوفى 1103 هـ.[١٦]
تلامذته والرواة عنه
نقل بعض الاعلام أن عدد تلامذة المجلسي بلغ الألف.[١٧] كل منهم عالم في الفن الذي تخصص فيه، وذكر منهم الميرزا حسين النوري 49 تلميذاً، منهم:
- الميرزا عبد الله الأفندي الأصفهاني صاحب كتاب رياض العلماء و الدرر المنظومة المأثورة المشهور بالصحيفة السجادية الثالثة، المتوفى 1137 هـ.
- السيد نعمة الله الجزائري صاحب كتاب الأنوار النعمانية، المتوفى 1112 هـ.
- الشيخ عبد الله البحراني صاحب كتاب عوالم العلوم، المتوفى 1127 هـ.
- محمد بن علي الأردبيلي صاحب الكتاب الرجالي «جامع الرواة» المتوفى 1101 هـ.
- الميرزا محمد المشهدي صاحب تفسير كنز الدقائق المتوفى 1125 هـ.
- الملا محمد رفيع الجيلاني.
- مير محمد حسين الخاتون آبادي.
- السيد أبو القاسم الخونساري.
- الملا محمد سراب التنكابني.[١٨]
نشاطاته السياسية والعلمية والثقافية
للعلامة الكثير من النشاطات، منها:
- واجه العلامة المجلسي الحركات الصوفية مفنداً عقائدهم ومحذرا من خطرهم.[١٩]
- قام بتأليف الكثير من المصنفات في شتى العلوم كـالفقه، والتفسير، والكلام، والحديث، والتاريخ، والأدعية بالإضافة إلى موسوعة بحار الأنوار التي ضمت الكثير من الروايات والمصنف موضوعيا وهي أكبر دائرة معارف شيعية.[٢٠]
- قام بتأليف وترجمة بعض المصنفات الدينية باللغة الفارسية ووضعها تحت متناول عامة الناس.[٢١]
- تصدّى للإجابة عن أسئلة المسلمين بطريقة يفهمها الجميع.[٢٢]
- قام بإصلاحات مذهبية وتصدّى لمراكز الفساد وبيوت الأصنام ومنع المسكرات.[٢٣]
- إقامة صلاة الجمعة والجماعة وإيجاد مجالس للوعظ والخطابة.[٢٤]
- تصدى لمنصبي القضاء ومشيخة الإسلام في زمن كل من الشاه سلطان سليمان والشاه حسين، مستفيداً من المنصبين في خدمة الناس وترسيخ دعائم الدين والمذهب.[٢٥]
- قام بحل الخصومات وفض المنازعات بين الناس.[٢٦]
مؤلفاته
خاض العلامة المجلسي في موضوعات شتّى بلغت أكثر من سبعين عنوانا باللغتين الفارسية والعربية، وقد سجّل له العلامة أغا بزرك الطهراني 169 مؤلفا، ومنها:
- بحار الأنوار يقع في 110 مجلدات عرفت بدائرة معارف الحديث الشيعية الكبرى.
- مرآة العقول في شرح كتاب الكافي لمؤلفه الشيخ الكليني في 26 مجلداً.
- ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار شرح لكتاب التهذيب للشيخ الطوسي يقع في 16 مجلداً.
- الوجيزة في الرجال.
- حق اليقين في العقائد دوّنه باللغة الفارسية.
- زاد المعاد في أعمال وأدعية الشهور باللغة الفارسية.
- شرح الأربعين.
- تحفه الزائر في الزيارات باللغة الفارسية.
- عين الحياة، يشتمل على مواعظ وحكم مستلة من آيات الذكر الحكيم وروايات المعصومين باللغة الفارسية.
- مشكاة الأنوار في القرآن والدعاء، فضيلة القراءة وثوابها.
- حياة القلوب يشتمل على ثلاث مجلدات في تاريخ الأنبياء عامّة والنبي الأكرم خاصة (ص) والإمامة.
- جلاء العيون في باب تاريخ ومصائب المعصومين الأربعة عشر(ع).
- حلية المتقين في آداب المعاشرة ومستحبات الحياة الفردية والاجتماعية وقد دوّنه باللغة الفارسية.
- الفرائد الطريقية في شرح الصحيفة السجادية.
- ربيع الأسابيع.
- رسالة الديّات.
- رسالة الاعتقاد.
- رسالة الأوزان.
- رسالة الشكوك.
- مقباس المصابيح.
- المسائل الهندية.
- صراط النجاة.[٢٧]
وفاته
توفي العلامة محمد باقر المجلسي في مدينة أصفهان ليلة 27 رمضان من سنة 1110 هـ. عن عمر ناهز السبعين عاما.[٢٨] ودفن طبقا لوصيته الى جنب المسجد الجامع في أصفهان الى جنب والده.
الهوامش
المصادر والمراجع
- أفندي، عبد الله، رياض العلماء وحياض الفضلاء، قم ــ إيران، مطبعة الخيام، ط 1، 1401 هـ.
- آقا بزرك الطهراني، محمد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م.
- الأردبيلي، محمد بن علي، جامع الرواة، قم، منشورات مكتبة اية الله العظمى المرعشي النجفي، 1403 هـ.
- الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق: حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1403 هـ/ 1983 م.
- البحراني، يوسف بن أحمد، لؤلؤة البحرين، تحقيق: محمد صادق بحر العلوم، المنامة ــ البحرين، مكتبة فخراوي، ط 1، 1429 هـ/ 2008 م.
- التنكباني، محمد بن سليمان، قصص العلماء، د.م، د.ن، د.ت.
- الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، قم، إسماعیلیان، ط 1، 1390 ش.
- القمي، عباس، الكنى والألقاب، طهران، مكتبة الصدر، ط 5، 1409 هـ.
- الكرمانشاهي، أحمد، مرآة الأحوال جهان نما، قم، أنصاريان، 1373 ش.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403 هـ/ 1983 م.
- المجلسي، محمد باقر، عين الحياة، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، د.ت.
- المدرس التبريزي، محمد علي، ريحانة الأدب، طهران، كتاب فروشي خيام، ط 3، 1369 ش.
- النوري، حسين، مستدرك الوسائل، قم، مؤسسة آل البيتقالب:عليهم السلام لإحياء التراث، 1407 هـ.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 182؛ المدرس التبريزي، ريحانة الأدب، ج 5، ص 196.
- ↑ آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 1، ص 151؛ المجلسي، بحارالأنوار، ج 102، ص 105.
- ↑ كرمانشاهي، مرآة الأحوال جهان نما، ص 122؛ المجلسي، بحارالانوار، ج 102، ص 105 - 143.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 102، ص 105.
- ↑ أفندي، رياض العلماء، ج 5، ص 407.
- ↑ المجلسي، بحارالانوار، ج 102، ص 105.
- ↑ خدمات العلامة المجلسي، مجلة مكتب إسلام، العدد 7، ص 50.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 1، ص 2.
- ↑ المجلسي، بحارالأنوار، ج 102، ص: 11.
- ↑ التنكباني، قصص العلماء، ص 209.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 102، ص 107 و 108.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 107، ص 104.
- ↑ الأردبيلي، جامع الرواة، ج 2، ص 78.
- ↑ التنكباني، قصص العلماء، ص 205.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 183.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 102، ص 76 ــ 83.
- ↑ القمي، الكنى والألقاب، ج 3، ص 147؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 102، ص 13.
- ↑ المجلسي، بحار الانوار، ج 102، ص: 83 – 104.
- ↑ البحراني، لؤلؤة البحرين، ص 55.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 102، ص: 28.
- ↑ المجلسي، عين الحياة، ص 4.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 102، ص 28.
- ↑ القمي، الكنى والألقاب، ج 3، ص 148.
- ↑ القمي، الكنى والألقاب، ج 3، ص 148؛ الخوانساري، روضات الجنّات، ص 131.
- ↑ النوري، مستدرك الوسائل، ج 3، ص 408.
- ↑ النوري، مستدرك الوسائل، ج 3، ص، 408؛ الكنى والألقاب، ج 3، ص 149.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 183.
- ↑ القمي، الكنى والألقاب، ج 3، ص 149.