التابعون
التابعون، (جمع تابع) وهو الشخص الذي لاقى أحد صحابة الرسول محمد (ص) سواء كان مميزاً أم لا، وسمع منه أو لا، وقد اشترط فيه العلماء عدة شروط، ومنها: طول ملازمته للصحابي، أو صحة السماع منه.
قسّم العلماء التابعين إلى طبقات واختلفوا في ضابطة هذه الطبقات وكذلك اختلفوا في تحديد أفضل التابعين، واصطلحوا على مجموعة من التابعين بـ (الفقهاء السبعة).
تعريف التابعين
هو مفرد تابع وتابعي،[١] وعرفوه بأنه من لاقى أحد الصحابة سواء كان مميزا أم لا وسمع منه أو لا،[٢] وقد اشترط ابن حبان في التابعي بالإضافة إلى رؤيته للصحابي أن يحفظ عنه شيئا لا أن يراه فقط وقد ضرب مثالا لخلف بن خليفة الذي أدرك عمرو بن حريث وقد كان صغيرا فلم يعتبره من التابعين،[٣] واشترط بعض العلماء شروطا أخرى في التابعي، ومنها: طول ملازمته للصحابي، أو صحة السماع، أو التمييز.[٤]
التابعون في القرآن والسنة
ورد مصطلح الإتباع في قوله تعالى: قالب:قرآن،[٥] ولكن هذا الإصطلاح الوارد في القرآن قالب:قرآن لا يدل على مصطلح (التابعين) المعروف في وقتنا الحاضر، بل هو شامل لكل من إتبع الصحابة بإحسان.[٦]
وورد في قوله تعالى: قالب:قرآن،[٧] ذكر المفسرون أنَّ المراد من (التابعون بإحسان) في هذه الآية هم التابعون بإحسان الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة.[٨]
وذكر العلماء أنه ورد اصطلاح التابعين في السنة الشريفة والذي صار بعد ذلك مصطلح خاص بمن رأوا الصحابة ورووا عنهم، كقول النبيصلى الله عليه وآله وسلم بحق أويس القرني: إنَّ خیرَ التابعینَ رَجلٌ یقالُ لَهُ أویس.[٩]
عدد التابعين
لا يمكن تحديد عدد التابعين لكثرتهم؛ وذلك لكثرة عدد الصحابة الذين بلغ عددهم وقت استشهاد النبيصلى الله عليه وآله وسلم مائة وأربعة عشر ألف صحابي،[١٠] وبسبب انتشار الصحابة في الكثير من البلدان واشتراط صحبة الشخص للصحابي ليكون تابعيا يصعب تحديد عدد التابعين، بالإضافة إلى بقاء بعض الصحابة على قيد الحياة حتى نهاية القرن الأول وكان آخرهم أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني الشيعي،[١١] وآخر التابعين توفي في سنة 181 هـ.[١٢]
طبقات التابعين
تعددت الأقوال في طبقات التابعين، وهي:
- القول الأول: لابن حبان
من نظر إلى التابعين على أنهم الذين لقوا الصحابة جعلهم طبقة واحدة كما فعل ابن حبان.[١٣]
- القول الثاني: لمسلم وابن سعد
جعل مسلم التابعين على ثلاث طبقات، وجعلهم ابن سعد أربع طبقات،[١٤] ولكن لابن سعد قول آخر في تقسيم التابعين إلى أقسام باعتبار منازلهم: كوفيين، وبصريين, وشاميين، ومكيين، ومدنيين، وعراقيين، ويمنيين، ومصريين، ومن نزل اليمامة, ومن نزل البحرين، وغير ذلك.[١٥]
- القول الثالث: للحاكم النيسابوري
جعل الحاكم النيسابوري التابعين على خمس عشرة طبقة، فأعلى هذه الطبقات من روى عن العشرة المبشرين بالجنة وذكر منهم: سعيد بن المسيب، وقيس بن أبي حازم، وقيس بن عباد، وأبا عثمان النهدي، وأبا وائل وأبا رجاء العطاردي، وأبا ساسان حصين بن المنذر وغيرهم.[١٦]
وقد رفض الكثير من علماء الحديث ما ذهب إليه الحاكم النيسابوري؛ لأنَّ جميع الأسماء التي ذكرها لم يرو عن الصحابة إلا قيس بن أبي حازم،[١٧] وأما سعيد بن المسيب فإنه ولد في أيام حكم عمر ولم يروِ إلا عن سعد بن أبي وقاص.[١٨]
- القول الرابع: لعلماء آخرون
ويعتقد بعض العلماء أنَّ التابعين يُقسمون إلى ثلاث طبقات: طبقة كبار التابعين، وهم الذين رووا عن كبار الصحابة، وهؤلاء يقع حديثهم موقع حديث متأخري الصحابة، أكثر ما يوجد عند تابعي، وطبقة متوسطي التابعين، وهم الذين أدركوا هؤلاء الأئمة وأمثالهم ورووا عن الصحابة وعن التابعين، وطبقة صغار التابعين وهم الذين حدثوا عن صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم فأدركهم في حال صغر سنهم وكبر سن الصحابة الذين كانوا صغارا في عهد رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم.[١٩]
مكانة التابعين
يعتقد أهل السنة بأنَّ التابعين هم حاملو علم الصحابة ومبلغي الدين وهم أفضل الخلق بعد الصحابة، وقد استدلوا على ذلك بقوله تعالى: قالب:قرآن،[٢٠] وبحديث النبيصلى الله عليه وآله وسلم الذي قال فيه: إنَّ خیرَ التابعینَ رَجلٌ یقالُ لَهُ أویس.[٢١]
أفضل التابعين
اختلفت الأقوال بين علماء أهل السنة حول تحديد أفضل التابعين، والأقوال هي:
- القول الأول: للمشهور
ذهب مشهور علماء أهل السنة إلى أن أفضل التابعين سعيد بن المسيب لأنه من أولاد الصحابة، وقد أدرك عشرة منهم، وهو فقيه أهل الحجاز ومفتيهم، وأول الفقهاء السبعة، ولذلك قالوا: إنَّ مراسيله كالصحاح،[٢٢] وممن ذهب لهذا الرأي أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو حاتم الرازي.[٢٣]
- القول الثاني: للبلقيني
ذهب البلقيني إلى أنَّ الأفضل من بين التابعين من حيث الزهد والورع أويس القرني، ومن حيث حفظ الخبر والأثر سعيد بن المسيب.[٢٤]
- القول الثالث: لأبي عبد الله محمد بن خفیف
ذهب أبو عبد الله محمد بن خفيف إلى أنَّ أفضل التابعين من أهل المدينة سعيد بن المسيب، ومن أهل البصرة الحسن البصري، ومن أهل الكوفة أويس القرني،[٢٥] ولكن ذهب بعض الكوفيين إلى أنَّ أفضل التابعين علقمة بن قيس والأسود بن يزيد النخعي، واعتقد أهل مكة بأنَّ الأفضل هو عطاء بن أبي رباح،[٢٦] وذهب أبو بكر بن أبي داود إلى أنَّ أفضل التابعات حفصة ابنة سيرين، وعمرة ابنة عبد الرحمن وبعدهما أم الدرداء.[٢٧]
- القول الرابع: لبعض العلماء
قال مجموعة من العلماء أنَّ أفضل التابعين هو أويس القرني واستدلوا بحديث النبي الأكرمصلى الله عليه وآله وسلم الذي مدحه فيه.[٢٨]
الفقهاء السبعة
قالب:مفصلة خصص العلماء مصطلح (الفقهاء السبعة) للتابعين الذين كانت لهم الكثير من الفتاوى والآراء الفقهية، وهم: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعروة، وخارجة بن يزيد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار.[٢٩]
التابعي المخضرم
سمي بعض التابعين بـ (المخضرمين) وهم الذين عاشوا في أيام الجاهلية وأدركوا الإسلام في زمن رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم ولكنهم لم يتشرفوا برؤيته، ومنهم: أبو عمرو الشيباني، سويد بن غفلة الكندي، عمر بن ميمون الأودي، عبد الخير بن الخيواني، أبو عثمان النهدي، وربيعة بن زرارة،[٣٠] وعرفوا بعضهم بالصحابة والبعض الآخر بكبار التابعين وقد اختلف في عددهم بين 20 إلى 42.[٣١]
أول التابعين وآخرهم
أول من مات من التابعين هو أبو زيد معمر بن زيد الذي قُتل سنة 30 هـ، وآخرهم كان خلف بن خليفة الذي توفي سنة 180 هـ.[٣٢]
المصادر والمراجع
- ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن، معرفة أنواع علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح)، المحقق: نور الدين عتر، (سوريا) - (لبنان)، الناشر: دار الفكر (سوريا)، دار الفكر المعاصر (بيروت)، 1406 هـ - 1986 م.
- ابن حبان، محمد بن حبان، الثقات، طبع بمراقبة: الدكتور محمد عبد المعيد خان، الهند، الناشر: دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند، ط1، 1393 ه - 1973 م.
- ابن كثير، إسماعيل بن عمر، اختصار علوم الحديث، المحقق: أحمد محمد شاكر، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 2، د.ت.
- أبو شهبة، محمد بن محمد، الوسيط في علوم ومصطلح الحديث، د.م، الناشر: دار الفكر العربي، د.ت.
- الترمسي، محمد محفوظ بن عبد الله، منهج ذوي النظر شرح منظومة علم الأثر، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، 1424 هـ - 2003 م.
- التهانوي، ظفر أحمد، قواعد في علوم الحديث، بيروت - لبنان، الناشر: دار القلم، ط 3، 1392 هـ - 1972 م.
- الخطيب، محمد عجاج، أصول الحديث علومه ومصطلحه، د.م، الناشر: دار الفكر، ط 2، 1391 هـ - 1971 م.
- الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، المحقق : مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، د.م، الناشر : مؤسسة الرسالة، ط 3، 1405 هـ - 1985 م.
- الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب (تفسير الرازي)، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1420 هـ.
- السخاوي، محمد بن عبد الرحمن، فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي، المحقق: علي حسين علي، مصر، الناشر: مكتبة السنة، ط 1، 1424 هـ - 2003 م.
- السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، حققه: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، الناشر: دار طيبة، د.ت.
- الطيبي، الحسين بن محمد، الخلاصة في معرفة الحديث، المحقق: أبو عاصم الشوامي الأثري، د.م، الناشر: المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع - الرواد للإعلام والنشر، ط 1، 1430 هـ - 2009 م.
- المامقاني، عبد الله، مقباس الهداية في علم الدراية، تحقيق: الشيخ محمد رضا المامقاني، قم - إيران، الناشر: منشورات دليل ما، ط 1، 1428 هـ.
- النووي، يحيى بن شرف، إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق، تحقيق وتعليق: الدكتور نور الدين عتر، دمشق - سوريا، الناشر: دار اليمامة - دار الفرفور، ط 7، 1430 هـ - 2009 م.
- النيسابوري، محمد بن عبد الله، معرفة علوم الحديث، المحقق: السيد معظم حسين، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 2، 1397 هـ - 1977 م.
- النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- رشيد رضا، محمد رشيد بن علي، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990 م.
- عتر، نور الدين، منهج النقد في علوم الحديث، دمشق - سوريا، الناشر: دار الفكر، ط 3، 1401 هـ - 1981 م.
- ↑ ابن الصلاح، مقدمة ابن الصلاح، ص 302.
- ↑ السخاوي، فتح المغيث، ج 4، ص 145.
- ↑ ابن حبان، الثقات، ج 6، ص 270.
- ↑ المامقاني، مقباس الهداية، ج 2، ص 332.
- ↑ التوبة: 100.
- ↑ رشيد رضا، تفسير المنار، ج 11، ص 13.
- ↑ الحشر: 10.
- ↑ الرازي، الفخر الرازي، ج 29، ص 509.
- ↑ النيسابوري، صحيح مسلم، ج 4، ص 1968.
- ↑ ابن كثير، اختصار علوم الحديث، ص 185.
- ↑ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 3، ص468.
- ↑ السخاوي، فتح المغيث، ج 4، ص 148.
- ↑ أبو شهبة، الوسيط في علوم ومصطلح الحديث، ص 542.
- ↑ السيوطي، تدريب الراوي، ج 2، ص 701.
- ↑ أبو شهبة، الوسيط في علوم ومصطلح الحديث، ص 547.
- ↑ أبو شهبة، الوسيط في علوم ومصطلح الحديث، ص 542.
- ↑ النووي، إرشاد طلاب الحقائق، ص 200.
- ↑ أبو شهبة، الوسيط في علوم ومصطلح الحديث، ص 543.
- ↑ عتر، منهج النقد في علوم الحديث، ص 148.
- ↑ التوبة: 100.
- ↑ الحاكم النيسابوري، معرفة علوم الحديث، ص 41.
- ↑ التهانوي، قواعد في علوم الحديث، صص 150 - 151.
- ↑ السخاوي، فتح المغيث، ج 4، ص 150.
- ↑ السيوطي، تدريب الراوي، ج 2، ص 710.
- ↑ السخاوي، فتح المغيث، ج 4، ص 151.
- ↑ الخطيب، أصول الحديث علومه ومصطلحه، ص 412.
- ↑ الطيبي، الخلاصة في معرفة الحديث، ص 153.
- ↑ السيوطي، تدريب الراوي، ج 2، ص 710.
- ↑ السيوطي، تدريب الراوي، ج 2، ص 699.
- ↑ ابن الصلاح، مقدمة ابن الصلاح، ص 408.
- ↑ الترمسي، منهج ذوي النظر، ص 282.
- ↑ الترمسي، منهج ذوي النظر، ص 284.