سعيد بن المسيب
سعيد بن المسيب:
ابن حزن أبو محمد المخزومي، سمع منه (علي بن الحسين ع)، و روى عنه(ع)، و هو من الصدر الأول، رجال الشيخ في أصحاب السجاد(ع)(1). و عده البرقي أيضا في أصحاب السجاد(ع).
و قال الكشي (54) سعيد بن المسيب: «قال الفضل بن شاذان: و لم يكن في زمن علي بن الحسين(ع)في أول أمره إلا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، و سعيد بن المسيب .. رباه أمير المؤمنين(ع)، و كان حزن جد سعيد أوصى إلى أمير المؤمنين ع». ثم إن الروايات قد اختلفت في الرجل قدحا و مدحا أما المادحة: فمنها: ما تقدم في ترجمة أويس القرني من رواية أسباط بن سالم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر(ع)، من عد سعيد بن المسيب من حواري السجاد(ع)، و قد ذكرنا أنها ضعيفة السند. و منها:
ما رواه الكشي في ذيل ترجمته (54): «محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا محمد بن الوليد بن خالد الكوفي، قال: حدثنا العباس بن هلال، قال: ذكر أبو الحسن الرضا(ع)، أن طارقا مولى لبني أمية نزل ذا المروة عاملا على المدينة، فلقيه بعض بني أمية و أوصاه بسعيد بن المسيب، و كلمه فيه و أثنى عليه، و أخبره طارق أنه أمر بقتله و أعلم سعيدا بذلك و قال له: تغيب، و قيل له تنح عن مجلسك فإنه على طريقه فأبى، فقال سعيد: اللهم إن طارقا عبد من عبيدك ناصيته بيدك و قلبه بين أصابعك، تفعل فيه ما تشاء فأنسه ذكري و اسمي، فلما عزل طارق، عن المدينة لقيه الذي كان كلمه في سعيد من بني أمية بذي المروة فقال: كلمتك في سعيد لتشفعني فيه فأبيت و شفعت فيه غيري؟ فقال: و الله ما ذكرته بعد أن فارقتك حتى عدت إليك».
أقول: هذه الرواية أيضا ضعيفة بالعباس بن هلال. و منها:
ما رواه أيضا عن محمد بن قولويه قال: حدثني سعد بن عبد الله القمي، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن محمد بن عمر، قال: أخبرني أبو مروان، عن أبي جعفر(ع)، قال: سمعت علي
بن الحسين(ص)يقول: سعيد بن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الآثار و أفهمهم في زمانه.
أقول: هذه الرواية أيضا ضعيفة بالقاسم بن محمد الأصفهاني، و بمحمد بن عمر، و بأبي مروان. و منها:
ما رواه الحميري في قرب الإسناد: الجزء 3، الحديث 25، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: و ذكر عند الرضا(ع)القاسم بن محمد خال أبيه و سعيد بن المسيب، فقال(ع): كانا على هذا الأمر.
أقول: هذه الرواية لا تدل على حسن الرجل فضلا عن وثاقته بل تدل على أنه كان شيعيا مواليا لأهل البيت(ع). و منها:
ما رواه الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن أحمد، عن إبراهيم بن الحسن، قال: حدثني وهب بن حفص، عن إسحاق بن جرير، قال: قال أبو عبد الله(ع): كان سعيد بن المسيب، و القاسم بن محمد بن أبي بكر، و أبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين(ع). الكافي: الجزء 1، كتاب الحجة 4، باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد(ع)119، الحديث 1.
أقول: هذه الرواية ضعيفة بإبراهيم بن الحسن فإنه مجهول. و منها:
ما رواه في المناقب: الجزء 4، (فصل معجزات علي بن الحسين ع)، الحديث 26، عن الروضة سأل ليث الخزاعي سعيد بن المسيب عن إنهاب المدينة؟ قال: نعم شدوا الخيل إلى أساطين مسجد رسول الله(ص)، و رأيت الخيل حول القبر، و انتهبت المدينة ثلاثا فكنت أنا و علي بن الحسين(ع)نأتي قبر النبي(ص)فيتكلم علي بن الحسين(ع)بكلام لم أقف عليه، فيحال ما بيننا و بين القوم و نصلي و نرى القوم و هم لا يروننا، و قام رجل عليه حلل خضر على فرس محذوف أشهب بيده حربة
مع علي بن الحسين(ع)فكان إذا أومأ الرجل إلى حرم رسول الله(ص)يشير ذلك الفارس بالحربة نحوه فيموت قبل أن يصيبه ..، الحديث.
أقول: هذه الرواية مرسلة لا يعتمد عليها في شيء.
و منها ما رواه الشيخ المفيد في الإرشاد في (باب ذكر طرف من أخبار علي بن الحسين ع)، الحديث 12، قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد، قال: حدثني جدي، قال حدثنا أبو يونس محمد بن أحمد، قال: حدثني أبي و غير واحد من أصحابنا أن فتى من قريش جلس إلى سعيد بن المسيب فطلع علي بن الحسين(ع)فقال القرشي لابن المسيب: من هذا يا أبا محمد؟ قال: هذا سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع).
أقول: الرواية ضعيفة و لا أقل من أن راويها الحسن بن محمد (بن يحيى)، و هو كذاب وضاع على ما تقدم. هذه هي عمدة ما ورد في مدح سعيد بن المسيب، و قد عرفت أنها غير تامة و ما قال له الفضل بن شاذان- لو اعتمدنا عليه- لا دلالة فيه على وثاقة سعيد، و الله العالم. و أما الروايات الذامة: فمنها ما اشتهر عنه من الرغبة عن الصلاة على زين العابدين(ع). و الجواب: أن ذلك لم يثبت، فإنه لم يرد إلا في روايتين مرسلتين ذكرهما الكشي في ترجمته (54) قال: «و روي عن بعض السلف: أنه لما مر بجنازة علي بن الحسين(ع)انجفل الناس فلم يبق في المسجد إلا سعيد بن المسيب، فوقف عليه خشرم مولى أشجع قال: يا أبا محمد أ لا تصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح؟ فقال: أصلي ركعتين في المسجد أحب إلي من أن أصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح!».
ثم قال: «و روي عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، و عبد الرزاق، عن معمر، عن علي بن زيد، قال: قلت لسعيد بن المسيب إنك أخبرتني أن علي بن الحسين النفس الزكية و أنك لا تعرف له نظيرا؟ قال: كذلك و ما هو مجهول ما أقول فيه و الله ما رئي مثله، قال علي بن زيد: فقلت و الله إن هذه الحجة الوكيدة عليك يا سعيد فلم لم تصل على جنازته؟! فقال: إن القوم كانوا لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين، فخرج و خرجنا معه ألف راكب فلما صرنا بالسقيا نزل فصلى و سجد سجدة الشكر فقال فيها ..
و في رواية الزهري: عن سعيد بن المسيب، قال: كان القوم لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين سيد العابدين، فخرج فخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين، فسبح في سجوده فلم يبق شجر و لا مدر إلا سبحوا معه، ففزعنا فرفع رأسه و قال: يا سعيد أ فزعت؟ فقلت: نعم يا ابن رسول الله، فقال: هذا التسبيح الأعظم حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله(ص)أنه قال: لا تبقى الذنوب مع هذا التسبيح، فقلت: علمناه.
و في رواية علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب: أنه سبح في سجوده، فلم تبق حوله شجرة و لا مدرة إلا سبحت بتسبيحه، ففزعت من ذلك و أصحابي، ثم قال: يا سعيد إن الله جل جلاله لما خلق جبرئيل ألهمه هذا التسبيح، فسبح فسبحت السماوات و من فيهن لتسبيحه، و هو اسم الله الأعز الأكبر. يا سعيد أخبرني أبي الحسين، عن أبيه عن رسول الله(ص)، عن جبرئيل، عن الله جل جلاله أنه قال: ما من عبد من عبادي آمن بي و صدق بك، فصلى في مسجدك ركعتين على خلإ من الناس، إلا غفرت له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، فلم أر شاهدا أفضل من علي بن الحسين(ع)حيث حدثني بهذا الحديث، فلما أن مات شهد جنازته البر و الفاجر، و أثنى عليه الصالح و الطالح، و انهالت الناس يتبعونه حتى وضع الجنازة، فقلت: إن أدركت الركعتين يوما من الدهر فاليوم هو، و لم يبق إلا رجل و امرأة ثم خرجا إلى الجنازة، و وثبت لأصلي فجاء تكبير من السماء، فأجابه تكبير من الأرض فأجابه تكبير من السماء، فأجابه تكبير من الأرض، ففزعت و سقطت على وجهي، فكبر من في السماء سبعا و كبر من في الأرض سبعا، و صلى على علي بن الحسين(ع)، و دخل الناس المسجد، فلم أدرك الركعتين و لا الصلاة على علي بن الحسين(ع)، فقلت: يا سعيد لو كنت أنا لم أختر إلا الصلاة على علي بن الحسين(ع)، إن هذا هو الخسران المبين، قال: فبكى سعيد ثم قال: ما أردت إلا الخير، ليتني كنت صليت عليه فإنه ما رئي مثله. و التسبيح هو هذا: (سبحانك اللهم و حنانيك سبحانك اللهم و تعاليت، سبحانك اللهم و العز إزارك، سبحانك اللهم و العظمة رداؤك، و تعالى سربالك، سبحانك اللهم و الكبرياء سلطانك، سبحانك من عظيم ما أعظمك، سبحانك سبحت في الأعلى، سبحانك تسمع و ترى ما تحت الثرى، سبحانك أنت شاهد كل نجوى، سبحانك موضع كل شكوى، سبحانك حاضر كل ملإ، سبحانك عظيم الرجاء، سبحانك ترى ما في قعر الماء، سبحانك تسمع أنفاس الحيتان في قعور البحار، سبحانك تعلم وزن السماوات، سبحانك تعلم وزن الأرضين، سبحانك تعلم وزن الشمس و القمر، سبحانك تعلم وزن الظلمة و النور، سبحانك تعلم وزن الفيء و الهواء، سبحانك تعلم وزن الريح كم هي من مثقال ذرة، سبحانك قدوس قدوس قدوس، سبحانك عجبا من عرفك كيف لا يخافك، سبحانك اللهم و بحمدك، سبحان الله العلي العظيم».