أبو عبيدة بن الجراح
أبو عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله بن الجراح، أحد أصحاب النبيصلى الله عليه وآله وسلم ومن خواص أعوان أبي بكر وعمر بن الخطاب. كان له دور كبير فی وصول أبي بكر إلى الخلافة بعد وفاة النبي، كما قام بأخذ البيعة لأبي بكر ممن رفض خلافته، وبالخصوص الإمام علي.
كان له تأثير في الفتوحات والتي كان قد عينه عمر قائداً عاماً للجيش الإسلامي الذي فتح الشام. وقد توفي أبو عبيدة بمرض الطاعون الذي حل بمدينة دمشق سنة 17 أو 18 هـ.
نسبه
أَبو عُبيدةَ: عامر بن عبد الله بن الجَرّاح بن هلال بن أهيب بن ضَبّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة، اشتهر بكنيته ونسبه إلى جدّه،[١]وينتمي أبو عبيدة إلى قبيلة بني الحارث القرشية.[٢] وكان أبوه عبد الله من قادة قريش في حرب الفجار.[٣] وأمه أيضاً من قريش وقد دخلت في الإسلام بعد ذلك.[٤]
إسلامه
نقل أنّ أبا عبيدة أسلم، وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظعون.[٥] وهذا هو القول المشهور، ولكن هناك قول آخر يقول: أنّ أبا عُبيدة أسلم في بداية الإسلام على يد أبي بكر.[٦] قال ابن الأثير في كتابه أسد الغابة: وهو من العشرة الذين بشرهم رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم بالجنة وشهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد مع رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم. [٧]
قال حسان الجمال عن أبي عبد الله في وصف أبي عبيدة الجراح، أنه لما وصلنا إلى مسجد الغدير في رحلتنا من المدينة إلى مكة نظر إلى ميسرة المسجد فقال قالب:عليه السلام: ذاك موضع قدم رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، ثم نظر إلى الجانب الآخر، فقال: ذاك موضع فسطاط المنافقين وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة الجرّاح، فلمّا رأوه رافعاً يده قال بعضهم أنظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون! فنزل جبرئيل بهذه الآيه: قالب:قرآن. [٨]
هجرته
الهجرة إلى الحبشة
نقل أنّ أبا عبيدة كان من الذين كانوا يدعون الناس للدخول في الإسلام،[٩] وذكر اسمه من المهاجرين إلى الحبشة قبل جعفر بن أبي طالب،[١٠] ويعدّه البعض من الذين هاجروا الهجرتين، أي إلى الحبشة وإلى المدينة.[١١]
الهجرة إلى المدينة
بعد أن هاجر النبي (ص) إلى المدينة رجع أبو عبيدة إلى مكة ثم ومن مكّة هاجر إلى المدينة،[١٢] وقد آخا النبي بينه وبين سعد بن معاذ بن النعمان،[١٣] أو بينه وبين سالم مولى أبي حذيفة،[١٤] أو بينه وبين أبي طلحة الأنصاري[١٥]كما جعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومحمد بن مسلمة يتوارثان بعضهما البعض.[١٦]
مشاركته في الغزوات والسرايا
لقد شارك أبو عبيدة في معركة بدر إلى جانب النبي (ص)، وكان أبوه مع المشركين وقد قتله المسلمون في هذه المعركة[١٧] وقد نزلت آية في حقه،[١٨]وقيل إنّ أباه لم يدرك الإسلام.[١٩]
وفي معركة أحد كان أبو عبيدة مع النفر القليل من المسلمين الذين بقوا يقاتلون إلى جانب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينسحبوا بعد أن هرب أكثر المسلمين.[٢٠] كما اشترك أبو عبيدة في بعض الغزوات والسرايا.[٢١] كما كان قائداً لبعض السرايا.[٢٢] كما شهد صلح الحديبية.[٢٣]
دور أبي عبيدة في تبليغ الإسلام
نقل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسله بعنوان ممثل له عند بعض القبائل من أجل أن يدعوهم للدخول في الإسلام.[٢٤] وروي أن النبي أرسله لتبليغ الإسلام إلى البحرين،[٢٥] وقيل إلى نجران، وقيل إلى اليمن.[٢٦]
وكان من ضمن أفراد جيش أسامة الذي أعدّه النبي لغزو الروم قبل وفاته، وقد عاد إلى المدينة بعد أن سمع بـوفاة النبيصلى الله عليه وآله وسلم مع أسامة وعمر بن الخطاب.[٢٧]
دوره في وصول أبي بكر إلى الحكم
تنقل المصادر التاريخية أنّ لأبي عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطاب الدور الكبير في وصول أبي بكر إلى خلافة المسلمين، فلم يكن من المهاجرين في سقيفة بني ساعدة إلا عمر بن الخطاب وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجرّاح الذين استطاعوا أن يشقوا صف الأنصار ويجعلوهم مغلوبين على أمرهم، فهما أول من بايع أبا بكر ودعوا بعض الناس إلى بيعته وأرغموا البعض الآخر على البيعة.[٢٨]
أخذ البيعة من المخالفين لخلافة أبي بكر
لم يقبل كل المسلمين خلافة أبي بكر، ومنهم بنو هاشم ومن وقف معهم من المهاجرين والأنصار، وكان لأبي عبيدة دور كبير في إرغام هؤلاء المخالفين على الدخول في بيعة أبي بكر والتسليم إلى الأمر الواقع.[٢٩] ولهذا بقي من رجال الدولة الكبار حتى وفاته،[٣٠] وكان عمر يقول في أيامه الأخيرة: لو كان أبوعبيدة حاضراً لجعلته خليفة عليكم.
أبو عبيدة وحروب الردة
في بداية حروب الردة حذّر كل من أبي عبيدة و عمر، أبا بكر بشأن عدم أخذ الزكاة بالقوة قبل أن يستحكم أمر الخلافة. وكان من المقربين لأبي بكر ومن المستشارين الذين يوجهون شؤن الحكومة.
المشاركة في الفتوحات
فتح الشام
كان لأبي عبيدة بن الجراح دور مهم في فتح الشام، فبعد أن مات أبوبكر وأصبح عمر هو الخليفة قام بعزل خالد بن الوليد من قيادة الجيش الإسلامي في الشام، وأسند هذه المهمة إلى أبي عبيدة وقد بقي في هذا المنصب حتى وفاته.[٣١]
فتح بعلبك وحمص
بعد أن تم فتح مدينة دمشق سلماً ودون حرب توجه أبو عبيدة إلى مدينة حمص وبعلبك، فتم فتحهما صلحاً.[٣٢] أمّا اللاذقية فقد تم فتحها بعد حربٍ ضروس.[٣٣] ثم توجه بعد ذلك إلى فتح قنسرين وأنطاكيا.[٣٤] وبعدها توجه أبوعبيدة إلى القدس وتم حصارها وقد طلب أهلها الصلح، ولكن بشرط أن يكون هذا الصلح مع الخليفة نفسه، وكان هذا سنة 17 هـ. فكتب أبوعبيدة إلى الخليفة عمر ما طلبوا فوافق الخليفة فسافر إلى دمشق ومن هناك إلى القدس وتم الصلح بين الطرفين.[٣٥]
دعاءه لتعجيل الموت
قال قتادة عن أبي عبيدة بن الجراح: لوددت أني كبش يذبحني أهلي فيأكلون لحمي ويحسون مرقي وقال عروة بن الزبير: لمّا نزل طاعون عمواس كان أبو عبيدة معافى منه وأهله، فقال: اللهم، نصيبك في آل أبي عبيدة. قال: فخرجت بأبي عبيدة في خنصره بَثرَة، فجعل ينظر إليها، فقيل له: إنّها ليست بشيء فقال: إنّي لأرجو أن يبارك الله فيها، فإنّه إذا بارك الله في القليل كان كثيراً. [٣٦]وقد مات أبو عبيدة بهذا المرض سنة 17 أو 18 هـ.[٣٧] وقد أدركه الأجل بفحل (موضع بالشام) وقيل بعمواس وأنّ قبره ببيسان وكان عمره ثمان وخمسون سنة. [٣٨]
الهوامش
المصادر والمراجع
- ابن إسحاق، محمد بن إسحاق، السير والمغازي، تحقيق: سهيل زكار، بيروت - لبنان، الناشر: دار الفكر، ط 1، 1398 هـ - 1978 م.
- ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة في معرفة الصحابة، تحقيق: محمد ابراهيم البنا وآخرون، القاهرة - مصر، دا رالشعب، د.ت.
- ابن حبيب، محمد بن أمية، المحبّر، تحقيق: ايليزه ليختن شيتر، بيروت - لبنان، دار الآفاق الجديد، د.ت.
- ابن حنبل، أحمد بن حنبل، المسند، القاهرة - مصر، د.ن، 1313 هـ.
- ابن خياط، خليفة بن الخياط، الطبقات، تحقيق: سهيل زكار، دمشق - سوريا، د.ن، 1966 هـ.
- ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، بيروت - لبنان، دار صادر، د.ت.
- ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: شكري فيصل، دمشق - سوريا، د.ن، 1406 هـ/ 1986 م.
- ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وآخرين، القاهرة - مصر، د.ن، 1375 هـ/ 1955 م.
- أبو الفرج الاصفهاني، علي بن الحسين، الأغاني، القاهرة - مصر، دار الكتب المصرية، د.ت.
- البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، د.م، مطبعة بولاق، د.م، 1315 هـ.
- البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، تحقيق: محمد حميد الله، القاهرة - مصر، د.ن، 1959 م.
- البلاذري، أحمد بن يحيى، فتوح البلدان، تحقيق: صلاح الدين منجد، القاهرة - مصر، د.ن، 1965 م.
- الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه، تصحيح: علي أكبر الغفاري، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 2، 1404 هـ
- الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، تحقيق: حمدي عبدالمجيد السلفي، بغداد - العراق، وزارة الأوقاف، د.ت.
- الكلبي، هشام بن محمد، جمهرة الأنساب، تحقيق: ناجي حسن، بيروت - لبنان، د.ن، 1407 هـ/ 1986 م.
- المطلبي، محمد بن إسحاق، السير والمغازي، تحقيق: سهيل زكار، دمشق - سوريا، د.ن، 1398 هـ/ 1978 م.
- الواقدي، محمد بن عمر، الردة، تحقيق: محمد حميد الله، باريس - فرنسا، د.ن، 1989 م.
- الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق: مارسدن جونز، لندن - بريطانيا، د.ن، 1966 م.
- اليعقوبي، أحمد بن إسحاق، تاريخ اليعقوبي، بيروت - لبنان، د.ن، 1379 هـ/ 1960 م.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 3، ص 128.
- ↑ الكلبي، جمهرة الأنساب، ص 125.
- ↑ ابن حبيب، المحبر، ص 170.؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، ج 22، ص 63.
- ↑ ابن خياط، الطبقات، ج 1، ص 62.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، صص 252 ـــ 253. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 393.
- ↑ ابن إسحاق، السير والمغازي، ص 140.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 3، ص 128.
- ↑ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص 559.
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 123.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 410.
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 2، ص 366.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 369.؛ الأصبهاني، معرفة الصحابة، ج 2، ص 20.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 421.؛ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 505.
- ↑ ابن حبيب، المحبّر، ص 71.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 3، ص 129.
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، صص 270 ـــ 271.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 685.
- ↑ الطبراني، المعجم الكبير، ج 1، صص 117 ـــ 118.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ص 267.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 240.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 410.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 504.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 2، ص 612.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 1، صص 352 - 354.
- ↑ أحمد بن حنبل، مسنده، ج 4، ص 137.
- ↑ البخاري، صحيحه، ج 8، ص 134.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1120.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 262.؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، صص 580 - 581.؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 123.
- ↑ الواقدي، الردة، ص 29.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 426.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 436.
- ↑ البلاري، فتوح البلدان، ج 1، ص 154-156.
- ↑ البلاذري، فتوح البلدان، ج 1، ص 157.
- ↑ البلاذري، فتوح البلدان، ج 1، ص 172-174.
- ↑ البلاذري، فتوح البلدان، ج 1، ص 608-609.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 3، ص 130.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، صص 319 - 322.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 3، ص 130.