أم سلمة

أم سلمة، زوجة رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم، وإحدى أمهات المؤمنين. اعتنقت الإسلام في أوائل البعثة والإعلان عن الرسالة، فهي من السابقين إلى الإسلام ومن ضمن القافلة التي هاجرت إلى الحبشة. تزوجها النبي (ص) في السنة الرابعة للهجرة بعد وفاة زوجها. توفيت أم سلمة حسب أكثر المؤرخين بعد واقعة عاشوراء.

اسمها ونسبها

اسمها هند، وتكنى باسم ولدها سلمة، فيقال لها أم سلمة. وهي ابنة أبي أمية بن المغيرة واسم أمها عاتكة، وذهب بعض المؤرخين إلى القول بأن أمها هي عاتكة بنت عبد المطلب، وذهب آخرون إلى القول بأنها ابنة عاتكة بنت عامر بن ربيعة الكناني. ولم تحدثنا المصادر التاريخية عن تاريخ ولادتها.

إسلام أم سلمة

كانت أم سلمة متزوجة من أبي سلمة ابن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب، أخو رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم من الرضاعة، وابن عمته برة بنت عبد المطلب، وأحد السابقين الأولين في الإسلام وقد التحقت أم سلمة بصفوف المسلمين في مكة المكرمة مع زوجها.

هجرتها إلى الحبشة

هاجرت أم سلمة مع زوجها أثناء هجرة المسلمين إلى الحبشة. وكانت هي الراوية لكل الأحداث التي وقعت في تلك الرحلة والمتعلقة بسفراء قريش في الحبشة والمناظرات التي جرت بينهم وبين جعفر بن أبي طالب أمام النجاشي، وقد روى ابن هشام عنها أنها قالت: لما نزلنا أرض الحبشة، جاورنا بها خير جار النجاشىّ، أمنّا على ديننا، وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئاً نكرهه‏.

هجرتها إلى المدينة

تصف أم سلمة هجرتها إلى المدينة بعد أن أمر الرسولصلى الله عليه وآله وسلم المسلمين بالهجرة إليها كما في رواية ابن إسحاق:

لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره ثم حملني عليه، وحمل معي ابني سلمة، فلما رأته رجال بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قاموا إليه، فقالوا هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتك هذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟ قالت: فنزعوا خطام البعير من يده، فأخذوني منه، وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة وفرّق بيني و بين زوجي و بين ابني، قالت: فكنت أخرج كلّ غداة فأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي، حتى أمسى سنة أو قريباً منها حتى مرّ بي رجل من بني عمّي، أحد بني المغيرة، فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون هذه المسكينة، فرّقتم بينها و بين زوجها وبين ولدها! قالت: فقالوا لي: ألحقي بزوجك إن شئت. فلحقت به.

في المدينة

زواجها من النبي

كانت أم سلمة متزوجة من أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد قبل زواجها من النبيصلى الله عليه وآله وسلم، وبعد وفاة أبي سلمة في السنة الرابعة للهجرة على أثر جراحات أصيب بها في معركة أحد تزوّجها النبي (ص). يقال أن أبا بكر وعمر خطباها بعد إكمال عدّتها، فردت طلبهما، عندها أرسل رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم لها خاطباً فقبلت ذلك. وقد أفصحت عائشة عن غيرتها منها كما نقل ذلك الذهبي.

حضورها في الغزوات والسرايا

لقد حضرت أم سلمة كثيراً من الغزوات والسرايا مع النبي (ص) كمُرَيسيع، وخيبر والحديبية، والخندق، وفتح مكة، وحنين. وكانت أم سلمة تذهب إلى قبور شهداء أحد فتسلم عليهم في كل شهر فتظل يومها هناك.

أم سلمة وأهل البيت

كانت أم سلمة ملازمة لركب أهل البيتعليهم السلام، وكانت راسخة القدم في موقفها منهم، يذكر المؤرخون بأنها كانت بعد وفاة النبيصلى الله عليه وآله وسلم من أشدّ المدافعين عن أهل البيت عامة وعن السيدة فاطمةقالب:عليها السلام خصوصاً عندما أنكر أبو بكر ميراثها من النبي (ص) في قضية فدك، حيث خاطبت القوم قائلة: ألمثل فاطمة يقال هذا، وهي الحوراء بين الإنس! أتزعمون أن رسول الله حرّم عليها ميراثه، ولم يعلمها، وقد قال الله لهقالب:قرآن وهي خيرة النساء، فحرمت أم سلمة تلك السنة عطاءها.

حرب الجمل

بعد مقتل عثمان لحق طلحة والزبير بعائشة إلى مكة فحرضاها على الخروج، فأتت أم سلمة، فقالت لها: إن ابن عمي وزوج أختي أعلماني أن عثمان قتل مظلوماً، وأن أكثر الناس لم يرض ببيعة علي، وأن جماعة ممن في البصرة قد خالفوا، فلو خرجت بنا لعل الله أن يصلح أمر أمّة محمد على أيدينا؟ فقالت لها أم سلمة: إن عماد الدين لا يقام بالنساء، حماديات النساء غض الأبصار، وخفض الأطراف، وجرّ الذيول. إن الله وضع عني‏ وعنك هذا، ما أنت قائلة لو أن رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم عارضك بأطراف الفلوات قد هتكت حجاباً قد ضربه عليك؟.

وبعد أن يئست من عائشة كتبت إلى علي تُعلمه خبر القوم قائلة له: يا أمير المؤمنين، لولا أن أعصي الله عز وجل وأنك لا تقبله مني لخرجت معك، وهذا ابني عمر- و الله لهو أعزّ عليّ من نفسي- يخرج معك فيشهد مشاهدك فخرج فلم يزل معه،‏ واستعمله على البحرين ثم على فارس ويقال على حلوان و ماه وماسبذان.

محبتها للإمام الحسين

عرفت أم سلمة بحبّها الشديد لأهل البيتعليهم السلام، فقد روي عن الباقر أنه قال: « لما أراد الحسين الخروج إلى العراق بعثت إليه أم سلمة، وهي التي كانت ربّته، وكان أحب الناس إليها، وكانت أرق الناس عليه....» وقد روى صاحب أسد الغابة: «... دخلت على أم سلمة، وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله في المنام، وعلى رأسه و لحيته التراب، فقلت: مالك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل الحسين آنفاً».

دور أم سلمة في واقعة كربلاء

قالب:مفصلة روى العلامة المجلسي في بحار الأنوار، أنه لمَّا أَراد اللَّهُ أَن يقبض نبيهصلى الله عليه وآله وسلم أَورث عليّاً علمهُ وسلاحهُ وما هناكَ ثمَّ صار إِلى الحسن وإِلى الحسين ثمَّ حين استشهد الحسينُ استودعهُ أُمَّ سلمة. ومما يكشف عن عظم منزلتها عند أهل البيت أيضاً، رواية التربة التي كانت عندها والتي رواها العامة والخاصة، وقد أعطاها النبي المصطفىصلى الله عليه وآله وسلم لها حين أتى بها جبرئيل إلى النبي (ص) وحين اُسري به هناك. فأتى بهاصلى الله عليه وآله وسلم بيده الشريفة وأعطاها إلى أم سلمة وهي تربة حمراء، فقال لها: «احتفظي بها، فإذا صارت دما فإن ابني قد قُتل» قالت: فوضعتها في قارورة زجاج وكنت أنظر إليها كل يوم، وأبكي ، حتى صار يوم العاشر من المحرم، نظرت إليها وقت الصبح فوجدتها على حالها، ثم عدت إليها بعد الزوال فاذا هي دم عبيط، فصحت وصرخت. وأخبرت الناس باستشهاد الحسين.

مخالفتها لمعاوية

روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه وبعد صلح الإمام الحسن مع معاوية، أنه قال: أتيت أم سلمة بنت أبي أمية فقالت: بايع فقد أمرت عبد الله بن زمعة ابن أخي أن يبايع على دمه وماله أنا أعلم أنها بيعة ضلالة. لكنها لم تسكت أمام ظلم معاوية وجناياته، فلما كتب معاوية إلى عمّاله يأمرهم بأن يَلعنوا علياً على المنابر، ففعلوا، كتبتْ أم سَلمة إلى معاوية: «إنكم تلعنون اللّه ورسولَه على منابركم، وذلك أنكم تلعنون عليّ بن أبي طالبقالب:عليه السلام ومن أحبّه، وأنا أشهد أن اللّه أحبَّه ورسولَه».

وفاتها

لم يتفق المؤرخون على سنة وفاتها وتردّدوا ما بين 59 إلى 62 هـ. بيد أن الظاهر هو أن الأخير هو الصحيح، لأنها كانت موجودة عند واقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين. وعليه فهي آخر من توفى من زوجات النبيصلى الله عليه وآله وسلم. أما عن عمرها فقد نقل عن ابنها عمر بأنها توفيت عن 84 سنة. تقع مقبرة أم سلمة في مقبرة البقيع إلى جوار شخصيات إسلامية كبيرة.

مسند أم سلمة

روي عن أم سلمة أحاديث كثيرة عن النبي محمد (ص) مبثوثة في كتب الفريقين وقد جمعت أحاديثها البالغة 378 حديثاً في كتاب باسم مسند أم سلمة. وللأسف لم تنشر مثل هذه الفهرسة في المصادر الشيعية عن أحاديث أم سلمة. نكتفي هنا بالإشارة إلى بعض أحاديثها الواردة في كتب الفريقين:

1. شأن نزول آية التطهير؛

2. حديث الكساء؛

3. الرواية النبويّة عن واقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين؛

كما أن أم سلمة قد روت الحديث عن أبي سلمة بن عبد الأسد وعن السيدة الزهراءقالب:عليها السلام وقد كان يحضر عندها جمع من الرواة يستمعون لحديثها، وقد ذكرت أسماءهم في المصادر المختلفة.

وثاقة أم سلمة

عندما خرج الإمام الحسين من المدينة قاصداً مكة، استودع ودائع الإمامة عند أم سلمة، وعندما رجع الإمام زين العابدين من كربلاء، سلّمته أم سلمة كتب علم أمير المؤمنين وذخائر النبوة وخصائص الإمامة التي كانت مودّعة عندها، ومن هنا تستظهر وثاقتها التي لا تحتاج إلى دليل. ولاريب أنّها أفضل نساء النبي بعد خديجة بنت خويلد، ويكفي في فضلها إخبار النبي (ص) لها في حديث الكساء بقوله: أنت على خير إلى خير.

المصادر والمراجع

• القرآن الكريم.
• ابن أبي طاهر، أحمد بن أبي طاهر، بلاغات النساء، بيروت - لبنان، دار النهضة الحديثة، د.ت.
• ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت - لبنان، دار الفكر، 1409 هـ/ 1989 م.
• ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة، طهران - إيران، المطبعة الإسلامية، د.ت.
• ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، صفة الصفوة، تحقيق: محمود الفاخوري و محمد رواس قلعه جي، بيروت - لبنان، د.ن، 1406 هـ.
• ابن حبيب، محمد بن حبيب، المحبر، تحقيق: ايلزه ليشتن اشتتر، حيدر آباد دكن - الهند، د.ن، 1361 هـ/ 1942 م.
• ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب، حيدر آباد دكن - الهند، د.ن، 1327 هـ.
• ابن حمزة، محمد بن‌ علي، الثاقب في المناقب، تحقيق: نبيل رضا علوان، قم - إيران، د.ن، 1412 هـ.
• ابن حنبل، أحمد بن حنبل، مسند أحمد، بيروت - لبنان، دار صادر، د.ت.
• ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، بيروت - لبنان، دار صادر، د.ت.
• ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد بجاوي، القاهرة - مصر، د.ن، 1380 هـ/ 1960 م.
• ابن عبد ربه، أحمد بن محمد، العقد الفريد، تحقيق: أحمد أمين وآخرين، بيروت - لبنان، د.ن، 1402 هـ/ 1982 م.
• ابن عساكر، عبد الرحمن بن محمد، الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين، تحقيق: محمد مطيع حافظ و غزوه بديز، بيروت - لبنان، دار الفكر، د.ت.
• ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقّا وآخرين، القاهرة - مصر، د.ن، 1375 هـ/ 1955 م.
• البخاري، محمد بن إسماعيل، التاريخ الصغير، تحقيق: محمود إبراهيم الزايد، بيروت - لبنان، د.ن، 1406 هـ/1986 م.
• البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، تحقيق: محمد حميد الله، القاهرة - مصر، د.ن، 1959 م.
• الثقفي، إبراهيم بن محمد، الغارات، تحقيق: عبد الزهراء الحسيني، بيروت - لبنان، د.ن، 1407 هـ/ 1987 م.
• الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، بيروت - لبنان، د.ن، 1398 هـ/ 1978 م.
• الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، تحقيق: محمد الرازي، بيروت - لبنان، د.ن، 1389 هـ.
• الحسكاني، عبيد الله بن عبد الله، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل‏، المحقق والمصحح: محمد باقر المحمودي، الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، قم - إيران، ط 1، 1411 هـ.
• الحكيمي، محمد رضا، أعيان النساء، بيروت - لبنان، د.ن، 1403 هـ/ 1983 م.
• الخصيبي، الحسين بن حمدان، الهداية الكبرى، بيروت - لبنان، مؤسسة البلاغ، د.ت.
• الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد، القاهرة - مصر، د.ن، 1349 هـ.
• الدينوري، عبد الله بن قتيبة، الإمامة والسياسة، القاهرة - مصر، د.ن، 1356 هـ/ 1937 م.
• الدينوري، عبد الله بن قتيبة، المعارف، تحقيق: ثروت عكاشة، القاهرة - مصر، د.ن، 1960 م.
• الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب أرناؤوط وآخرين، بيروت - لبنان، د.ن، 1405 هـ.
• الصدوق، محمد بن علي، معاني الأخبار، تحقيق: محمد مهدي حسن الخرسان، قم - إيران، منشورات مكتبة المفيد، د.ت.
• الصفار، محمد بن الحسن، ‏بصائر الدرجات في فضائل آل محمّد صلّى الله عليهم‏، تحقيق وتصحيح: محسن بن عباس علي كوچه باغي، ‏قم - إيران، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي النجفي، ط 2، 1404 هـ.‏
• الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، بغداد - العراق، الدار العربية للطباعة، د.ت.
• الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، د.م، د.ن، د.ت.
• الطبري، محمد بن جرير، دلائل الإمامة، النجف - العراق، د.ن، 1383 هـ/ 1963 م.
• المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، ‏بحار الأنوار، تحقيق وتصحيح: مجموعةمن المحققين‏، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1403 هـ.‏
• المحلاتي، ذبيح الله، رياحين الشريعة، أصفهان - إيران، الناشر: مؤسسة تحقيقات ونشر معارف أهل البيت(ع)، 1364 ش.
• المسعودي، علي بن الحسين، إثبات الوصية، قم - إيران، د.ن، 1404 هـ.
• المفيد، محمد بن محمد، الاختصاص، تحقيق: محمد مهدي حسن الخرسان، قم - إيران، مكتبه بصيرتي، د.ت.
• الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق: مارسدن جونز، لندن - بريطانيا، د.ن، 1966 م.
• اليعقوبي، أحمد بن إسحاق، تاريخ اليعقوبي، ترجمهة: محمد إبراهيم آيتي، طهران - إيران، د.ن، 1356 ش.