السيد عبد الحسين شرف الدين

من ويكي علوي
(بالتحويل من شرف الدين)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (1290- 1377 هـ) فقيه شيعي، ومن المتبنين لفكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية، والوحدة بين الشيعة والسنة، وحاول أن يقدم الحلول لأُصول الاختلاف بين الطائفتين. درس في العراق بالحوزة العلمية في سامراء، وفي النجف الأشرف. وسافر إلى مصر، وإلى الحجاز، كما وله مناظرة مع ملك السعودية الأسبق عبد العزيز آل سعود، استطاع من خلالها أن يقنع ملك السعودية بجواز التبرك بآثار النبيصلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهارعليهم السلام.

يُعد من قيادات النهضة اللبنانية التي حققت الاستقلال. فقد أفتى بمحاربة الاستعمار الفرنسي، وكلفته هذه الفتوى الخروج من لبنان عندما هاجمت قوات الاستعمار الفرنسي قريته، ولكنه عاد بعد سنة من الهجرة.

ترك آثار مختلفة من أهمها كتاب المراجعات، وهو عبارة عن مجموعة من الرسائل بينه وبين الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر في زمانه، وكتاب النص والاجتهاد وقد كتبه في أخريات حياته، وقد تمت ترجمتهما إلى لغات مختلفة.

من أوائل المحاربين للهجرة اليهودية إلى فلسطين، وكان يرى أن الهجرة اليهودية إليها تشكل خطراً على مستقبل فلسطين، ويجب الوقوف بوجه هذا الاستعمار الاستيطاني.

حياته

نسبه وولادته

هو السيد عبد الحسين بن السيد يوسف بن السيد جواد بن السيد اسماعيل بن السيد محمد بن السيد محمد بن السيد ابراهيم شرف الدين بن السيد زين العابدين ابن السيد نور الدين الموسوي، الشهير بالسيد عبد الحسين شرف الدين.[١]

ولد في مدينة الكاظمية في العراق في سنة 1290 هـ. أبوه السيد شرف الدين، وأمه السيدة زهراء الصدر ابنة آية الله السيد هادي الصدر، وأخت السيد حسن الصدر عالم معروف ومؤلف كتاب تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، ويرجع نسبه إلى إبراهيم المرتضى بن الإمام الكاظمعليه السلام.[٢]

الهجرة إلى النجف

هاجر والد السيد شرف الدين من الكاظمية إلى النجف بصحبة عائلته ومنهم السيد عبد الحسين؛ لطلب العلم، وكان عمر السيد عبد الحسين شرف الدين سنة واحدة. وقد أدخل في الكتاتيب في السنة السادسة من عمره، وعند سن الثامنة هاجرت العائلة إلى لبنان، وفي سن السابعة عشرة تزوج من ابنة عمه، وكان خلال هذه الفترة قد درس المقدمات عند أبيه.

العودة إلى العراق

وفي سن العشرين عاد السيد شرف الدين إلى العراق. نزل في مدينة سامراء في بداية أمره، وكان هذا بتوصية من جده السيد هادي الصدر. حضر خلال هذه الفترة عند الشيخ حسن الكربلائي ت 1322 هـ. والشيخ باقر حيدر ت 1333 هـ. وحضر دروس الحكيم الإلهي الشيخ فتح علي سلطان آبادي، وكان درسه صباح كل جمعة.

لم يبقَ في سامراء أكثر من سنة بعد أن هاجر منها الميرزا الشيرازي ــــ أكبر مراجع الشيعة ــــ متوجها إلى النجف الأشرف. وكان لخروج الميرزا الشيرازي من سامراء أثر كبير في هجرة الأساتذة والطلاب منها إلى النجف، ومن المهاجرين السيد شرف الدين. وبقي في النجف حتى نال الاجتهاد في سن الثانية والثلاثين، وكان بالإضافة إلى دراسته في الفقه والأصول، مطلعاً على الحديث ومصادره عند السنة والشيعة، ومطالعة على التاريخ الإسلامي، والعقائد ، وآدآب اللغة العربية.

الرجوع إلى لبنان

بعد اثني عشر سنة من الجِّد عاد السيد شرف الدين إلى لبنان مرة أخرى وكان هذا سنة 1322 هـ. واختار الإقامة في منظقة شحور في مدينة صور وذلك بطلب من أهل صور. وقام بتأسيس حسينية صور. وأصبحت مركز نشاطه الديني والاجتماعي.[٣]

تأليف كتاب المراجعات

في أواخر سنة 1329 هـ سافر السيد عبد الحسين إلى مصر من أجل الإطلاع على الحركة العلمية فيها، وأحوال العلماء والمفكّرين، ومن أجل إيجاد أرضية مشتركة لتحقيق الوحدة الإسلامية. وخلال هذا السفر التقى مفتي الأزهر الشيخ سليم البشري، وأصبحت بينهما علاقة ومراسلات في موضوع خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصل عدد هذه الرسائل إلى 112 رسالة، وتحمل هذه الرسائل طابعاً علمياً وبمنتهى الأدب والاحترام في مناقشة الأفكار. وقد جُمِعت هذه المراسلات بعد خمسة وعشرين عاماً في كتاب، ونشرت تحت عنوان المراجعات.

نشاطه السياسي

كانت نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مرحلة المطالبة بالاستقلال من الدولة العثمانية ، ولم يكن لبنان بمعزل عن هذه الحركة، وقد وقف السيد شرف الدين إلى جانب أبناء وطنه بمطالبهم العادلة، ولكن بعد أن سقط الاحتلال العثماني، بدأت مرحلة جديدة في حياة لبنان وهي مرحلة الاستعمار الفرنسي، ولكن كانت ردة فعل العلماء حاسمة قوية اتجاه الاحتلال الفرنسي، وكان من بينهم السيد شرف الدين حيث أفتى بالجهاد ضد المستعمر الفرنسي.[٤]

ونتيجة لهذه الفتوى طارده الفرنسيون، فهاجر السيد شرف الدين من صور إلى جبل عامل في بداية أمره، ثم هاجر إلى دمشق. وقد قام المحتل الفرنسي بإحراق مكتبته، وقد أتلفت بعض مؤلفاته في هذه الحادثة. بقي في سوريا لمدة سنة، ثم عاد إلى صور، واستمر بمحاربة الاستعمار حتى تحقيق الاستقلال سنة 1366 هـ.

كان السيد شرف الدين يرى هجرة يهود العالم إلى فلسطين أمراً خطيراً على مستقبل فلسطين، وكان دائم التذكير بهذا الخطر.[٥] في سنة 1338 هـ عزم مرة أخرى على السفر إلى مصر، ولكن بشكل مخفي هذه المرة، والغرض من هذه السفرة هو الاجتهاد في سبيل تحقيق الوحدة السنّيىة الشيعية.[٦] وفي سنة 1340 هـ ذهب السيد شرف الدين إلى الحج، وخلال هذه السفرة أمّ المصلين الشيعة والسنة في المسجد الحرام، وذلك بطلب من ملك السعودية.[٧]

في سنة 1355 هـ هاجر السيد عبد الحسين إلى العراق من أجل زيارة المراقد المقدسة هناك، وفي سنة 1356 هـ سافر إلى إيران فزار قم ومشهد. أسس في سنة 1361 هـ مدرسة الزهراء للبنات وقد أغلقها المخالفون له بضغط من الدولة، ولكن السيد عبد الحسين نقل مكان درس الفتيات إلى بيته. وبعد سنتين من إغلاق المدرسة فتحت مرة أخرى.[٨] وبعد ذلك قام بتأسيس الكلية الجعفرية. وفي سنة 1365 هـ قام بتأسيس مؤسسة خيرية لرعاية المحتاجين، وفي آخر أيام حياته ألّف كتاب النص والاجتهاد.[٩]

خطبه المؤثرة

كان السيد شرف الدين خطيباً بارعاً، ملأت خطبه المدن والبلدان، في الموضوعات الدينية المختلفة فضلاً عن اهتمامه بوحدة المسلمين، فكان يركز في خطاباته على نبذ التعصّب المذهبي، كما له العديد من الخطب السياسية. وكان يقول: إن الشيعة والسنة فرّقتهم السياسة فيجب أن توحّدهم السياسة. ومن أقواله الأخرى: لا ينتشر الهدى إلا من حيث انتشر الضلال.

مناظرته مع ملك السعودية

حينما كان السيد شرف الدين في الحج توجه نحو ملك السعودية عبد العزيز آل سعود وقدّم له مصحفاً مغلّفاً بجلد كهدية له. قبل الملك الهدية أخذها وقبلها. فقال له السيد شرف الدين: كيف تقبل هذا الجلد وتعظمه؟ هذا شرك. فتعجب ملك السعودية وقال: كان غرضي من تقبيل الجلد هو الاحترام للقرآن، وليس لهذا الجلد. فقال له السيد عبد الحسين: أحسنت، نحن كذلك حين نقبّل قبور الأئمة، أو شباك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أبواب أضرحتهم ليس غرضنا من التقبيل هو نفس التراب أو الشباك المحيط بالقبر، بل مقصودنا تعظيم صاحب القبر. فكبّر الحاضرون وصدّقوه. عندها أجبر الملك السعودي على الموافقة للحجاج بالتبرّك بتراث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن الملك الذي جاء بعده أصدر حكمه بالمنع. [١٠]

وفاته

توفي السيّد شرف الدين في لبنان في جمادي الآخرة سنة 1377 هـ، ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف، ودفن إلى جوار مرقد أمير المؤمنين عليه السلام.

أساتذته

آثاره

ألف شرف الدين العديد من الآثار في مختلف الموضوعات، وقد أصبح بعضها موضع اهتمام العلماء والمفكرين من الشيعة والسنة، كما تمّت ترجمة بعض كتبه إلى عدّة لغات، إلا أنّ بعض كتبه ومقالاته مفقودة.[١٢] ومن أشهر آثاره كتاب المراجعات الذي يتضمن ۱۱۲ مكاتبة بين شرف الدين ومفتي الأزهر الشيخ سليم البشري المالكي حول موضوع الخلافة والإمامة من رؤية الشيعة.[١٣] ومن كتبه المشهورة كتاب النص و الاجتهاد.

المصادر والمراجع

  1. الصدر، تكملة أمل الآمل، ج 1، ص 256.
  2. آغا بزرك الطهراني، نقباء البشر، ج 3، ص 1080.
  3. القبيسي، حياة شرف الدين، ص 85.
  4. النص والاجتهاد للسيد شرف الدين، مقدمة كتاب للسيد محمد صادق الصدر، ص 14، 15.
  5. الحكيمي، شرف الدين، ص 226 ــ 228.
  6. شرف الدين، النص والاجتهاد، ص 14.
  7. شرف الدين، المراجعات، بمقدمة الشيخ مرتضى آل ياسين، ص 19.
  8. الحكيمي، شرف الدين، ص 225.
  9. القبيسي، حياة الإمام شرف الدين، ص 91.
  10. التيجاني، ثم اهتديت، ص 68.
  11. الحكيمي، شرف الدين، ص 53.
  12. الطباطبائي، كتابشناسي علامه شرف الدين، ۱۳۸۳ش.
  13. طباطبايي، غلامي جليسه، كتابشناسي علامه شرف الدين، ۱۳۸۳ش.