تحف العقول (كتاب)
تُحَفّ العُقول فيما جاء من الحِكَم والمواعظ عن آل الرسول، كتاب حديثيّ تأليف ابن شُعبة الحَرّاني من علماء القرن الرابع الهجري، الغاية منه جمع ما تيسّر للمؤلف من أحاديث أهل البيتعليهم السلام والأنبياء الإلهيين في مجال المواعظ والنصائح والحكم.
وقد خصص المؤلف فصلاً لكلام النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم ولكل واحد من الأئمةعليهم السلام جمع فيه الأحاديث الواردة عن ذلك المعصوم، وأفرد فصلاً خاصاً للمواعظ الواردة عن سائر الأنبياء جعله في الفصول الأخيرة من الكتاب.
وقد اعتمد المؤلف طريقة البدء بالاحاديث الطويلة فيما يختم الفصل بالاحاديث القصار من كل باب، مع حذف الأسانيد مراعاةً لحجم الكتاب.
ترجم الكتاب الى الفارسية أكثر من مرّة، ممّا يكشف عن أهمية الكتاب في الوسط الشيعي، وقد تصدّت أكثر من دار لنشر الكتاب مع ترجمته.
الهدف من تدوين الكتاب
أشار ابن شعبة[١] الى الهدف من وراء تأليف الكتاب بقوله: «إنّي لمّا تأملت ما وصل إليّ من علوم نبينا ووصيه والائمة من ولدهما (ص)، فوجدته مشتملا على أمر الدين والدنيا وجامعا لصلاح العاجل والآجل،. ورأيت من تقدّم من علماء الشيعة قد ألّفوا عنهم في الحلال والحرام والفرائض والسنن ما قد كتب الله لهم ثوابه وأغنوا من بعدهم عن مؤونة التأليف وحملوا عنهم ثقل التصنيف، ووقفت مما انتهى إليّ من علوم السادة عليهم السلام على حكم بالغة ومواعظ شافية وترغيب فيما يبقى، وتزهيد فيما يفنى، ووعد ووعيد، وحض على مكارم الأخلاق والأفعال ونهي عن مساويهما، وندب إلى الورع وحثّ على الزهد».
ووجدت بعضهم (ع) قد ذكروا جملا من ذلك فيما طال من وصاياهم وخطبهم ورسائلهم وعهودهم فجمعت ما كانت هذه سبيله وأضفت إليه ما جانسه وضاهاه وشاكله وساواه من خبر غريب أو معنى حسن متوخيا بذلك وجه الله - جل ثناؤه - وطالبا ثوابه.
المحتويات
الكتاب يشتمل على مجموعة كبيرة من الأحاديث في أصول الدين وفروعه وكليات عامة مع طائفة من السنن والآداب الدينية والنصائح والمواعظ الواردة عن أئمة الدين والحكماء والصالحين.
وهو مقتطفات من كلام النبي الأكرم (ص) وأئمة الشيعة الا الإمام الثاني عشر (ع). وكان لكلام النبي (ص) الحظ الأوفر من الكتاب، وقد ختم الكتاب بما روي عن الإمام الحادي عشر (ع). وكان من طريقة المؤلف البدء متدرجاً بالأحاديث الطويلة فيما يختم الفصول بالأحاديث القصار من كل باب.
ومن أهم الفصول التي تعرض لها الكتاب، هي:
- وصايا النبي (ص) لـأمير المؤمنين (ع).
- جواب النبي (ص) عن أسئلة شمعون بن لاوي النصراني.
- وصية النبي (ص) لمعاذ بن جبل عندما بعثه إلى اليمن.
- خطبة النبي (ص) في حجّة الوداع.
- خطبة أمير المؤمنين (ع) في إخلاص التوحيد.
- وصية الإمام علي (ع) لابنه الحسن المجتبى (ع).
- خطبة الإمام علي (ع) المعروفة بالوسيلة.
- رسالة الإمام علي (ع) لكميل بن زياد.
- وصية الإمام علي (ع) لكميل بن زياد.
- جواب الإمام الحسن (ع) عن سؤال الحسن البصري.
- خطبة الإمام الحسن (ع) بعد الصلح مع معاوية.
- خطبة الإمام الحسين (ع) في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- رسالة الإمام الحسين (ع) لأهل الكوفة.
- رسالة الحقوق للإمام علي زين العابدين (ع).
- وصايا الإمام الباقر (ع) لجابر بن يزيد الجعفي.
- وصايا الإمام الصادق (ع) لمؤمن الطاق.
- من كلمات الإمام الصادق (ع) التي سمّاها البعض بنثر الدرر.
- وصية الإمام الكاظم (ع) لهشام بن حكم.
- جواب الإمام الرضا (ع) عن سؤال المأمون العباسي حول أحكام الشريعة.
- وصف الإمام الرضا (ع) للإمامة وبيان مكانتها في مسجد مدينة مرو.
- ردّ الإمام الجواد (ع) على أسئلة يحيى بن أكثم.
- رسالة الإمام الهادي (ع) في ردّ الجبر والتفويض.
- رد الإمام الهادي (ع) على أسئلة يحيى بن أكثم.
- كتاب الإمام الحسن العسكري (ع) الى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري.
وذكر في خاتمة كل فصل مقتطفات من الكلمات القصار لكل معصوم.
وفي الختام تعرض لبيان: قالب:Div col
- مناجاة الله تعالى لموسى بن عمران (ع)
- مناجاة الله تعالى لعيسى المسيح (ع)
- مواعظ ونصائح المسيح (ع) في الانجيل وغيره.
- وفي الختام ذكر وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة.
مكانة الكتاب
تمكّن الكتاب في القرون الأخيرة من شقّ الطريق الى الساحة العلمية ونيل إهتمام كبار علماء الشيعة حتى وصف القطيفي الكتابَ بأنه لا نظير له.[٢] وقد استقت منه الكثير من الكتب الفقهية والحديثية.[٣]
ومع المكانة التي يحتلها الكتاب الا أن المشكلة التي تواجهه وتصوب سهام النقد اليه وسلب الحجية عنه للارسال وخلوّ رواياته عن الأسانيد التي حذفها المؤلف. علماً أن ابن شعبه نفسه ملتفت الى هذه القضية حيث قال في مقدمة كتابه: «وأسقطت الأسانيد تخفيفاً وإيجازاً وإن كان أكثره لي سماعاً ولأن أكثره آداب وحكم تشهد لانفسها، ولم أجمع ذلك للمنكر المخالف بل ألفته للمسلم للأئمة، العارف بحقهم، الراضي بقولهم، الرّاد إليهم».
وممن رفضوا حجية الكتاب السيد الخوئي حيث قال: «أبو محمد بن الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّاني أو الحلبي وإن كان رجلا وجيها فاضلا جليل القدر رفيع الشأن وكان كتابه مشتملا على الدرر واليواقيت. من مواعظ أهل البيت (ع) وقد اعتمد عليه جملة من الأصحاب إلا أنّه لم يذكرها مسندة بل أرسلها عن الصادق (ع) فلا تكون مشمولة لأدلة حجيّة خبر الواحد».[٤]
علماً أن الكتاب حظي بمكانة خاصة عند الفرقة النُصَيرية حيث اقتناه الكثير من النصيريين.[٥]
الترجمة والنشر
ترجم الكتاب في كلٍّ من إيران والعراق ولبنان، وتعود الترجمة الأولى الى سنة 1297 هـ ق حيث صدر مع روضة الكافي في مجلد واحد. ومن أفضل الطبعات هي الطبعة المزدانة بتعليقات وتصحيح علي أكبر الغفاري سنة 1376هـ ش في طهران. وقد ترجم الكتاب الى الفارسية أكثر من مرّة أفضلها ترجمة برويز أتابكي تحت عنوان رهاورد خود في طهران سنة 1376 هـ ش. وقد ترجمه الى الإنجليزية بد شاهين سنة 1383هـ ش في مدينة قم المقدسة.
المصادر والمراجع
- آقا بزرك الطهراني، محمد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م.
- ابن شعبة، الحسن بن علي، تحف العقول عن آل الرسول صلی اللّه عليهم، تحقيق: علي أكبر غفاري، قم، د.ن، 1363 ش.
- البحراني، يوسف بن أحمد، الحدائق النّاضرة، قم، د.ن، 1367 ش.
- التوحيدي، محمد علي، مصباح الفقاهة، تقريرات درس آية اللّه الخوئي، قم، د.ن، 1377 ش.
- الشوشتري، نوراللّه بن شريف الدين، مجالس المؤمنين، طهران، د.ن، 1354 هـ.
- ضيائى، علي أكبر، فهرست مصادر الفرق الإسلامية، بيروت، د.ن، 1412 هـ/ 1992 م.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م.
- المعلم، محمد علي، أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق، تقريرات درس آية اللّه الداوري، قم، د.ن، 1416 هـ.
- النورى، حسين بن محمد تقي، خاتمة مستدرك الوسائل، قم، د.ن، 1420 هـ.
- ↑ ابن شعبة، تحف العقول، ص 2 ــ 3.
- ↑ الشوشتري، مجالس المؤمنين، ج 1، ص 383.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 1، ص 29؛ البحراني، الحدائق النّاضرة، ج 25، ص 180؛ النوري، خاتمة مستدرك الوسائل، ج 1، ص 187.
- ↑ التوحيدي، مصباح الفقاهة، ج 1، ص 5؛ ص 9؛ المعلم، أصول علم الرجال، ص 274 ــ 277.
- ↑ الضيائى، فهرست مصادر الفرق الإسلامية، ج 1، ص 81.