ليلة المبيت

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

ليلة المبيت، هي الليلة التي بات فيها الإمام علي عليه السلام في فراش النبي محمد صلی الله عليه وآله وسلم بدلاً عنه، وذلك حينما أراد مجموعة من مشركي قريش الهجوم على بيت النبي صلی الله عليه وآله وسلم من أجل قتله، فبطلب من رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم بات الإمام علي عليه السلام في فراشه، وبهذه الطريقة لم يحصل المشركون على مبتغاهم في قتل رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، واستطاع النبي في هذه الليلة الهجرة إلى يثرب، وقد ذكر مجموعة من المفسرين بأن آية الشراء في سورة البقرة نزلت في حق أمير المؤمنين عليه السلام؛ وذلك تبعاً لفداء نفسه لرسول الله في تلك الليلة. وذكرت المصادر التاريخية إن هذه الحادثة وقعت في الليلة الأولى من ربيع الأول في السنة 13 أو 14 من البعثة.

خطة قتل النبي(ص)

لقد قام زعماء قريش بإيذاء المسلمين واضطهادهم؛ لكي يُرغموهم على ترك الإسلام، وعلى إثر ذلك أمر رسول الله (ص) المسلمين بالهجرة إلى المدينة. وقد توجه المسلمون أيضاً إثر هذا القرار إلى المدينة في عدة مراحل على شكل مجموعات صغيرة، وبصورة سرية بعيداً عن أنظار قريش.[١]

اجتمع جمع من قريش في دار الندوة، للتشاور واتخاذ القرار حول كيفية مواجهة النبي (ص) وإن الشيطان -طبقا لبعض المصادر التاريخية- كان حاضراً معهم في هذه الجلسة على هيئة رجل عجوز يدير الجلسة، ويرشد المشركين برأيه، [٢] وقد صدر القرار أخيراً -بعد اقتراح من أبي جهل- على اختيار شاب شجاع من كل قبيلة حتى يداهموا بيت رسول الله (ص) ليلاً ويقتلوه فيه؛ ويتقسم عندئذ دمه بين كل قبائل العرب، عند ذلك لن يكون بمقدور بنو هاشم -وهم أهل النبي (ص) ومن يثأر له- محاربة جميع قبائل قريش، فيضطرون أخيراً للقبول بـالديّة.[٣]

نزول الآية واطلاع النبي(ص)

نزل الأمين جبرئيل على رسول الله (ص) بعد قرار وعزم قريش على قتله (ص) ليُطلعه على خطة قريش، وليبلغه حكم الله سبحانه، كما جاء في الآية 30 من سورة الأنفال قالب:قرآن[٤] فقرّر رسول الله (ص) حينئذٍ ترك بيته قبل وصول المشركين متوجهاً إلى يثرب.[٥]وقد تلا عند خروجه من البيت آية قالب:قرآن[٦] ليخفى عن أنظار المشركين الذين كانوا يحاصرون بيته.[٧]

أحداث ليلة المبيت

في الليلة الأولى من شهر ربيع الأول، قال النبي محمد (ص) لعلي (ع):

«يا علي (ع)! إن الروح الأمين هبط عليّ يخبرني أن قريشاً اجتمعت على المكر بي وقتلي، وأنه أوصى إليّ عن ربي عز وجلّ أن أهجر دار قومي، وأن أنطلق إلى غار ثور تحت ليلتي، وأنه أمرني أن آمرك بالمبيت على مضجعي لتخفي بمبيتك عليه أثري، فما أنت قائل وصانع؟»، فقال علي (ع) «أو تسلمنّ بمبيتي هناك يا نبي الله؟»، قال: «نعم»، فتبسّم علي (ع) ضاحكاً، وأهوى إلى الأرض ساجداً، فلمّا رفع رأسه قال له: «امض لما أمرت، فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي، ومرني بما شئت أكن فيه كمسرتك واقع منه بحيث مرادك، وإن توفيقي إلّا بالله».[٨] ثم ضمّه رسول الله (ص) إلى صدره وبكى إليه وجداً به، وبكى عليّ (ع) جشعاً لفراق رسول الله (ص)، ثم افترقا.[٩]

حاصر المشركون بيت النبي (ص) من أول الليل، ليهجموا عليه في منتصف الليل، فقال لهم أبو لهب: يا قوم، إنّ في هذه الدار نساء بني هاشم وبناتهم، ولا تأمن أن تقع يد خاطئة إذا وقعت الصيحة عليهن فيبقى ذلك علينا مسبّة وعاراً إلى آخر الدهر في العرب.[١٠]

فأغلق الإمام علي أبواب البيت وأسدل الستار، فلما خلقَ الليل وانقطع الأثر أقبل القوم على عليٍّ (ع) قذفاً بالحجارة (ليتأكدوا من حضوره في البيت)، فلا يشكّون أنّه رسول الله (ص)،[١١] حتّى إذا برق الفجر، وأشفقوا أن يفضحهم الصبح هجموا على علي (ع) وقد انتضوا السيوف، ووَثبوا إلى الحجرة، وقصدوا الفراش، فوثب علي في وجوههم فقال:«ما شأنكم؟ قالوا له: أين محمد (ص)؟ قال: أجعلتموني عليه رقيباً؟ ألستم قلتم: نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم».

فأقبلوا عليه (ع) يضربونه، ثم أخرجوه من البيت، وحبسوه في المسجد الحرام ساعة من الليل، وضربوه حتى كادوا يقتلونه.[١٢] ثم توجّهوا نحو المدينة يطلبون النبي (ص).[١٣]

ويقال عندما كان الإمام علي (ع) في فراش رسول الله (ص)، هبط جبرئيل فجلس عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرئيل يقول:«بخٍّ بخٍّ، مَن مثلك يا ابن أبي طالب! والله عزّ وجلّ يباهي بك الملائكة».[١٤]

نزول آية في شأن الإمام علي(ع)

يذكر علماء الشيعة والسنة أن الآية: قالب:قرآن[١٥] نزلت في شأن الإمام عليعليه السلام في حادثة ليلة المبيت.[١٦]

سير الهجرة في جدول زمني

اليوم التاريخ خط سير الهجرة
الأول
الخميس 27 صفر 1 هـ
(9 سبتمبر 622م)
مغادرة مكة والمكوث ثلاثة أيام في غار ثور بالقرب من مكة.
الخامس
الاثنين 2 ربيع الأول 1 هـ
(13 سبتمبر 622م)
مغادرة جبل ثور متجها إلى منطقة يثرب.
الثاني عشر
الاثنين 9 ربيع الأول 1 هـ
(20 سبتمبر 622م)
الوصول إلى قباء بالقرب من المدينة المنورة، والمكوث فيها عدة أيام.
السادس عشر
الجمعة 13 ربيع الأول 1 هـ
قالب:Nowrap
أول زيارة إلى المدينة المنورة لأداء صلاة الجمعة.
السادس والعشرون
الاثنين 23 ربيع الأول 1 هـ
(4 أكتوبر 622م)
مغادرة قباء والاستقرار بـالمدينة المنورة.

الهوامش

قالب:مراجع

المصادر والمراجع

  • القرآن كريم.
  • ابن الأثير، علي بن محمد، الكامل في التاريخ، ترجمة: محمد حسين روحاني، طهران - إيران، انتشارات اساطير، 1370 ش.
  • ابن حنبل، أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة، تحقيق: وصي الله محمد عباس، بيروت - لبنان، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1403 هـ - 1983 م.
  • ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة - مصر، مكتبة محمد علي صبيح، 1383 ه‍ - 1963 م.
  • الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، 1411 هـ - 1990 م.
  • الحسكاني، عبيد الله بن أحمد، شواهد التنزيل، تحقيق: محمد باقر المحمودي، طهران - إيران، وزارة الإرشاد، 1411 هـ.
  • الحلبي، علي بن إبراهيم، السيرة الحلبية، بيروت - لبنان، دار المعرفة، 1400 هـ.
  • الزركشي، محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت - لبنان، دار إحياء الكتب العربية، ط 1، 1376 هـ - 1957 م.
  • السبحاني، جعفر، فروغ ابديت، قم - إيران، مؤسسة بوستان كتاب، 1390 ش.
  • الصدوق، محمد بن علي، الأمالي، قم - إيران، موسسة البعثة، ط 1، 1417 هـ.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 5، 1417 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، أعلام الورى، ترجمة: عزيز الله عطاردي، طهران - إيران، انتشارات اسلامية، 1390 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي، قم - إيران، دار الثقافة للطباعة، ط 1، 1414 هـ.
  • العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي، تحقيق: سيد هاشم رسولي محلاتي، طهران - إيران، مكتبة علمية الاسلامية، د.ت.
  • الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1420 هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت - لبنان، مؤسسة الوفاء، ط 3، 1403 هـ - 1983م.
  • المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد، بيروت - لبنان، مؤسسة الأعلمي، 1982 م.
  1. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 480.
  2. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 926.
  3. الطبرسي، أعلام الورى، ص 88.
  4. الأنفال: 30.
  5. الحلبي، السيرة الحلبية، ج 2، ص 32.
  6. يس: 9.
  7. السبحاني، فروغ ابديت، ج 1، ص420.
  8. المجلسي، بحار الأنوار، ج19، ص60.
  9. الطوسي، الأمالي، ص 466.
  10. الحلبي، السيرة الحلبية، ج 2، ص 32.
  11. الطوسي، الأمالي، ص 298.
  12. المجلسي، بحار الأنوار، ج 19، ص 92.
  13. المفيد، الاختصاص، ص 30.
  14. الصدوق، الأمالي، ص469.؛ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، ج 5، ص 174 ؛ الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل، ج 1، ص 123.
  15. البقرة: 207.
  16. الطباطبائي، الميزان، ج 2، ص 135.؛ الحاكم النيشابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 5.؛ ابن حنبل، فضائل الصحابة، ج 2، ص 484.؛ العياشي، تفسير العياشي، ج 1، ص 101، ح 292.؛ الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج 1، ص 206.