البعثة

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

البعثة، مصطلح يشير إلى تنصيب الرسول محمد صلی الله عليه وآله وسلم لمقام النبوة والرسالة وتبليغ الإسلام لهداية الناس، وقد كانت بعثة الرسول في غار حراء الواقع في جبل النور القريب من مكة، وذلك في 27 رجب، للسنة الثالثة عشرة قبل الهجرة؛ طبقاً لما هو مشهور عند الإمامية. وكان حينها الرسول صلی الله عليه وآله وسلم في الأربعين من عمره.

كانت الديانة الوثنية شائعة بشكل كبير بين أهل مكة قبل البعثة، كما كان أتباع الديانات السماوية متواجدين في أنحاء متفرقة من شبه الجزيرة العربية، وبعد بعثة النبيصلی الله عليه وآله وسلم انتشر الإسلام في كامل الحجاز، وحلّ محل الديانات السابقة.

تعتبر ذكرى المبعث النبوي عيداً من أعياد الشيعة، وتشتهر بعيد المبعث.

معاني البعثة

البعثة لغة واصطلاحاً

أصل كلمة البعثة من «بعث»، وهي بمعنى الإرسال والتوجيه.[١]
البعثة في الاصطلاح بمعنى إرسال شخص من قبل الله تعالى إلى الناس ليدعوهم إلى دينه.[٢] والبعثة عند المسلمين بمعنى بعثة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

البعثة في القرآن

البعثة في مفهومها القرآني بمعنى السير والوصول إلى مرحلة خاصة من التكامل مع تطور وتحول، ولذا استعمل لبعث الأموات يوم الحشر؛ لأنّه بداية تحول عظيم ودخول في أجواء جديدة وهي عالم الآخرة،[٣] وإن كان يغلب على استخدام هذا المصطلح لبعثة الأنبياء وإرسالهم لهداية الناس.[٤]
القرآن الكريم في جميع الموارد ينسب البعث إلى الله، أي: بعث الموتى والتقنين الخاص لعالم الوجود وإرسال الرسل، فهذه القضايا بأسرها تكشف عن إرادة الله المطلقة في إدارة الكون وعالم الوجود.
فالملفت في بعثة الأنبياء هي منة الله تعالى على الناس،[٥] فهذه المنة ـ أولاً ـ للهداية والإرشاد وثانياً أن الله أرسل الرسل وبعث الأنبياء من بين الناس ومن جنسهم. [٦] وإن كان بعثة الأنبياء من بين الناس قد تسبب باستهزائهم وإنكارهم من قبل المشركين والمتكبرين والمعاندين، [٧] لكنها لا تخلو عن حكمة كامنة؛ إذ أنّ الأنبياء – كما ورد في القرآن – هم الأسوة والنموذج الأعلى. فلو بعثوا من غير نوع البشر ما تمكنوا أن يكونوا أسوة للناس، [٨] فهذه سنة من سنن الله تبارك وتعالى أن بعث لكل قسم من الخلق رسولاً من أنفسهم لتكون الحجة البالغة لله تعالى.[٩]

بعثة النبي (ص)

في الأربعين من عمره بُعث النبي الأعظمصلى الله عليه وآله وسلم للرسالة، وقيل ـ وهو مخالف للمشهور ـ أنّه بعث في الثالث والأربعين من عمره،[١٠] ويرجع سبب هذا الاختلاف إلى مفهوم البعثة، فهل البعثة بدأت بنزول الآيات الآولى للقرآن، أو بدأت بالإعلان الرسمي لها؟ وبناء على ما نقله المؤرخون إنّ هذا الحدث وقع في يوم الإثنين سنة الأربعين بعد عام الفيل، وبحسب بعض الأخبار كانت في 17 أو 18 من شهر رمضان، وقيل أنّها حدثت في بداية شهر ربيع الأول أو أيامها الأولى،[١١] ويرى مشهور الشيعة الإمامية أن بعثة النبي (ص) كانت في 27 رجب.[١٢]

ملف:غار حراء.jpg

عندما كان النبي الأكرم محمدصلى الله عليه وآله وسلم في غار حراء وفي جبل النور يعبد الله، ويتفكر في خلق السموات والأرض نزلت عليه الآيات الأولى من سورة العلق: قالب:قرآن، وبذلك بدأت دعوته، واستمرت هذه الدعوة بنزول الآيات الأولى من سورة المدثر.[١٣]

في بداية رسالته أخبر النبي الأعظمصلى الله عليه وآله وسلم زوجته خديجة وابن عمه علي بن أبي طالب (ع) بذلك. وبنزول آية قالب:قرآن [١٤] قام النبي بدعوة أهله وعشيرته وبذلك دخلت دعوته في مرحلة جديدة. وفي نفس السنة، بنزول آية قالب:قرآن [١٥] دعى الناس إلى الإسلام في سوق عكاظقالب:ملاحظةوأعلن عن رسالته.
في ذلك اليوم قام أبو لهب باستهزاء النبي (ص)، وتبعه آخرون. فأسلم عدد قليل من الناس وآمنوا برسالته والتحقوا بالمسلمين الأوائل الذين آمنوا من قبل.[١٦]

  • استعداده لتلقّي الوحي

حينما نزل جبرائيل لأول مرة بالوحي على النبي (ص) كان فيه هيبة وثقل عظيم للرسالة بحيث عندما وصل إلى زوجته قال لها: دثّريني، ولكن لا ينقل عنه دهشة أو استغراب من هذا الموقف؛ لأن الظروف كانت مهيأة وأنّه مستعد لتلقي الوحي والارتباط بعالم الغيب، فكان على علم بآثار جبرئيل قبل أن ينزل عليه الوحي ويشاهده.

وكان النبي يمتلك فطرة طاهرة منذ أيام عمره الأولى وكانت الفئات الحاكمة في مكة حينها ملتهية بعبادة الأصنام، مما جعله يميل إلى العزلة والاعتكاف والعبادة في جبال مكة، وكانت عبادته تمتد على مدى شهر، ومن ثم يرجع (ص) إلى مكة. وكما ورد أن اسرافيل وكّل به ثلاث سنين وجبرئيل عشرين سنة[١٧] وذلك قبل البعثة هيّأت له الأرضية المناسبة لتلقي الوحي.

إذا قبلنا هذه الروايات فعلينا أن نقف أمام الروايات التي تحكي عن عدم معرفة النبيصلى الله عليه وآله وسلم عن أجواء الوحي، ونتأمل فيها، فالأخبار التي تتحدث عن النبي (ص) بأنّه لم يصدّق أنه نزل عليه الوحي فأدى إلى ذعره أو خشيته بأن اعتراه الجن، فاستشار خديجة في ذلك أو التعاليم التي وجهها ورقة بن نوفل إليه؛ ليدله على صدق رسالته ونبوته[١٨] يخالف تماماً مع مراحل تربيته والبصيرة التي وقف عليها قبل البعثة.

مكانة المبعث النبوي بين المسلمين

لبعثة النبي (ص) مكانة متميزة بين المسلمين، وتعتبر بداية الشريعة الإسلامية، تلك الشريعة التي بدأت بأتباع قليلة وفي ظروف صعبة، ثم انتشر في أنحاء العالم حتى أصبحت تهواها القلوب، كما أنها بداية تطور عظيم ومنعطف تاريخي في حياة الإنسان.

تعتبر ذكرى المبعث النبوي عيداً من أعياد الشيعة، وتشتهر بعيد المبعث، وتقام الاحتفالات بهذه المناسبة. يوم المبعث في بعض الدول الإسلامية كإيران والعراق عطلة رسمية.

الهوامش

قالب:مراجع

المصادر والمراجع

قالب:المصادر

  • القرآن الكريم.
  • ابن كثير، أسماعيل، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، بيروت، دار المعرفة، 1977 م.
  • ابن هشام، عبدالملك، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى سقا وآخرون، القاهرة، د.ت.
  • التهانوي، محمد علي، كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم‌، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، 1996 م.
  • الراغب الأصفهاني، حسين، المفردات في غريب القرآن، د.م، د.ن، ط 2، 1404 هـ.
  • الفراهيدي، الخليل، العين، تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، قم، مؤسسة دار الهجرة، ط 2، 1409 هـ.
  • العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، قم، دار الحديث، د. ت.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، طهران، إسلامية، ط 2، 1363 هـ ش.
  1. الفراهيدي، العين، ج 2، ص 112، الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، ص 52.
  2. التهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم‌، ج 1، ص 340.
  3. سورة يس: 52؛ البقرة: 56؛ الحج: 7؛ الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، ص 52-53.
  4. البقرة: 213؛ النحل: 36؛ الإسراء: 17.
  5. آل عمران: 164.
  6. التوبه: 128؛ الجمعة: 2.
  7. الفرقان: 25/41؛ الإسراء: 95/17.
  8. الأحزاب: 21/33؛ الممتحنة: 6/60.
  9. الإسراء: 95
  10. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 15؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 46؛ ابن كثير، السيرة النبوية، ج 1، ص 385.
  11. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 240؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 15؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 293.
  12. المجلسي، بحار الأنوار، ص 18، ص 190؛ العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج 2، ص 290.
  13. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 236 ـ 237؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 16؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 298.
  14. الشعراء: 214.
  15. الحج: 94.
  16. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 1، ص 17ـ 18.
  17. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 16؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 46 ــ 50.
  18. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 238؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص17؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 299.