أبو طالب

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

أبو طالب، هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، والد الإمام عليقالب:اختصار/ع، وعمّ النبي محمدقالب:اختصار/ص، ومن وجهاء مكة ورؤساء قريش عامة وبني هاشم خاصة.

تولى منصب سقاية الحاج لفترة قصيرة قبل البعثة النبوية، وتكفّل بعد وفاة أبيه عبد المطلب رعاية النبي محمد (ص)، فكفّله صغيراً، وحماه كبيراً، ومنعه من مشركي قريش. توفي في 26 رجب في عام الحزن ودفن في مقبرة الحجون.

الولادة والنسب

اسمه عبد مناف، واشتهر بأبي طالب.[١] وقال ابن عنبة: وسمي في رواية ضعيفة بعمران.[٢] ولد أبو طالب قبل ولادة النبي (ص) بـخمسة وثلاثين عاماً. أبوه عبد المطلب سيد قومه والمبرز ومن رؤساء قريش الذين ترجع إليهم في أمورها، وتتحاكم في منافراتها، ومواريثها، ومياهها، ودمائها، وكان على الشريعة الإبراهيمية الحنيفية. أمّه فاطمة بنت عمرو بن عائذ المخزومية.[٣]

زوجته وأولاده

أبناؤه هم:

وأمهم جميعاً فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.

وقيل له ولد اسمه «طليق» بن أبي طالب. وأمّه علة.[٤]

مكانته وخصائصه ومناصبه

كان أبو طالب – كما ذكر المؤرخون - سيداً شريفاً مطاعاً مهيباً مع إملاقه. وروي عن علي بن أبي طالب (ع) أنه قال – كما في الرواية-: ساد أبي فقيراً، وما ساد فقير قبله.[٥]

وقيل في سخائه وكرمه أن قريشاً كانت تطعم، فإذا أطعم (أبو طالب) لم يطعم يومئذٍ أحد غيره.[٦] وكان أَوَّلَ من سن القَسَامَةٍ – على أولياء المقتول- في الجاهليَّة في دم عمرو بن علقمة، ثم أثبتتها السنة في الإسلام.[٧] ووصفه الحلبي قائلاً: كان أبو طالب ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية كأبيه عبد المطلب.[٨]

تقلد أبو طالب قبل البعثة وفي مكة، منصبي الرفادة (ضيافة الحجيج) والسقاية (إيصال الماء إلى الحجيج).[٩] وكان إلى جانب ذلك يحترف التجارة أيضاً، فقد كان يشتري العطور والقمح، ويبيعهما.[١٠]

رعاية النبي (ص) وكفالته

تولى أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب كفالة النبي الأكرم (ص) الذي كان عمره حينئذٍ ثماني سنوات.[١١] وقد أشار ابن شهر آشوب إلى هذه القضية بقوله: لما حضرت عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب، فقال له:

يا بني قد علمت شدة حبي لمحمد (ص) ووجدي به، انظر كيف تحفظني فيه. قال أبو طالب: يا أبتي لا توصني بمحمد (ص)، فإنه ابني وابن أخي.

فلما توفي عبد المطلب كان أبو طالب يؤثره بالنفقة والكسوة على نفسه وعلى جميع أهله‏.[١٢] وكتب ابن هشام في ذلك: كان أبو طالب هو الّذي يلي أمر رسول الله (ص) بعد جدّه، فكان إليه ومعه... ولما خرج أبو طالب تاجراً إلى الشام، وتهيّأ للرحيل، وأجمع المسير صبّ به رسول الله (ص) فرقّ له (أبو طالب)، وقال: والله لأخرجن به معي، ولا يفارقني، ولا أفارقه أبدا[١٣] وكان أبو طالب إذا أراد أن يعشي أولاده أو يغديهم‏ يقول: كما أنتم – أي امسكوا- حتى يحضر ابني فيأتي رسول الله (ص) فيأكل معهم.[١٤]

الحامي والداعم للنبي (ص)

تؤكد جميع الوثائق التاريخية على حماية أبي طالب المستمرة للرسول (ص) والتصدي لقريش رغم كبر سنّه حيث ناهز إبان البعثة الخامسة والسبعين، فوقف منافحاً ومدافعاً عنه بلا أدنى تردد، بل جهر بذلك أمام قريش.[١٥] ولما عرفت قريش أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله (ص) ، وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له:

يا أبا طالب! هذا عمارة فتى في قريش، فخذه، فلك عقله ونصره، واتّخذه ولداً، فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك فنقتله. فقال: والله لبئس ما تسومونني! أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه! هذا والله ما لا يكون أبداً.[١٦]

وتحدث النبي (ص) عن ذلك العطف والحنان الذي حظي به في بيت عمه، وعندما توفيت فاطمة بنت أسد: اليوم ماتت أمي. وكفّنها بقميصه، ونزل في قبرها، واضطجع في لحدها. فقيل له: يا رسول الله (ص)! لقد اشتد جزعك على فاطمة.

قال: إنها كانت أمي، إن كانت لتجيع صبيانها وتشبعني، وتشعثهم وتدهنني‏[١٧] وقال النبي (ص) بعد وفاة عمه أبي طالب:
ما نالتني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب‏.[١٨]

ولم يزل رسول الله (ص) عزيزاً، ممنوعاً من الأذى، ومعصوماً من كل اعتداء، حتى توفى الله أبا طالبقالب:عليه السلام، وعندها جاء نداء ربّه يحمله جبرائيل: «أخرج من مكة فقد مات ناصرك».[١٩]

إيمان أبي طالب

لم يتردد مؤرخ في حماية أبي طالب للنبي (ص) ورعايته له والدفاع عنه طيلة حياته، بل من المؤكد أنه كان من أشد المدافعين عنه (ص) في أشد الظروف وأصعب المواقع منذ الأيام الأولى للرسالة وحتى رحيله عن هذه الدنيا، ولكن وقع البحث في إيمانه، وهل أنه نطق بالشهادتين أم لا؟

فذهب أهل السنة إلى القول بأنّه مات كافراً مستندين في ذلك على رواية تشير إلى إصراره حتى اللحظات الأخيرة على البقاء على دين أجداده، وذهب الشيعة بإجماع علمائهم إلى القول بأنه كان مؤمناً، ومات كذلك، مستندين في ذلك إلى روايات أهل البيتعليهم السلام، وإلى مجموعة من الأدلة التي تثبت بما لا ريب فيه إيمانه ومفندين بذلك دعوى موته مشركاً.[٢٠]

أشعار أبي طالب

ترك أبو طالب من الشعر ما يناهز الألف بيت جمعت في ديوان أبي طالب، جلّها في دعم النبي (ص) وتصديق رسالته (ص)، ومن أشهرها القصيدة اللامية التي يقول فيها: قالب:بداية قصيدة قالب:بيت[٢١] قالب:نهاية قصيدة

وفاته

اختلف المؤرخون في اليوم والشهر الذي توفي فيه أبو طالب، فذهبت بعض المصادر الشيعية إلى القول بانّه توفي في السادس والعشرين من رجب من السنة العاشرة للبعثة بعد ثلاث أيام من وفاة أم المؤمنين خديجة قالب:عليها السلام، عن عمر ناهز الخامسة والثمانين.[٢٢] ومنهم من جعل وفاته في الأول من ذي القعدة، ومنهم من أرخ لها في النصف من شوال. وقد أطلق النبي (ص) على ذلك العام أسم عام الحزن.[٢٣]

ولَمَّا مات جاء عليٌّ (ع) إِلى النبي (ص) فأخبره بموته، فتوجَّعَ عظيماً وحزن شديداً، ثمَّ قال: امضِ فتولَّ غُسلَهُ فإِذا رفَعتهُ علَى سريره، فأَعلمني ففعل،[٢٤] فاعترضهُ (ص) وهو محمولٌ، فقال لهُ: وصلتكَ رحمٌ يا عمِّ! وجزِيتَ خيراً، فلقَدْ رَبَّيْتَ، وكفلْتَ صغيراً، ونصرْتَ وآزرْتَ كبِيراً، ثُمَّ تَبِعَهُ إِلَى حُفرتهِ، فوقف عليه، فقال: أَمَ واللَّهِ لأَستغفرنَّ لَكَ ولأَشْفَعَنَّ فيكَ شفاعةً يعجبُ لها الثَّقَلان.[٢٥] ودفن بمكة في الحجون‏ بجنب قبر أبيه عبد المطلب.[٢٦]

ذات صلة

المصادر والمراجع

  • ابن أبي الحديد، عبد الحميد بن هبة الله، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت - لبنان، دار إحياء الكتب العربية، 1378 هـ.
  • ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، بيروت - لبنان، دار صادر، د.ت.
  • ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، قم - إيران، علامه، 1379 هـ.
  • ابن عساكر، علي بن حسن، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: علي شيري، بيروت - لبنان، دار الفكر، 1415 هـ.
  • ابن عنبه، أحمد بن علي، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، النجف الأشرف - العراق، المطبعة الحيدرية، 1380 هـ.
  • ابن قتيبة، محمد بن قتيبة، المعارف، القاهرة - مصر، دار المعارف، د.ت.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، 1408 هـ.
  • ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، تحقيق: محي الدين عبد الحميد، القاهرة - مصر، مكتبة صبيح، 1383 هـ.
  • البلاذري، أحمد بن يحيی، أنساب الأشراف، بيروت - لبنان، دار الفكر، 1420 هـ.
  • البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوة، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، 1405 هـ.
  • الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، تصحيح: عبد الوهاب عبد اللطيف، بيروت - لبنان، دار الفكر، 1403 هـ.
  • الغفاري، عبد الرسول، كبير الصحابة أبو طالب (ع)، بيروت - لبنان، من اصدارات العتبة العلوية المقدسة، 2012 م.
  • القمي، عباس، الكنى والألقاب، طهران- إيران، مكتبة الصدر، د.ت.
  • المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، بحار الأنوار، بيروت - لبنان، مؤسسة الوفاء، 1403 هـ.
  • المفيد، محمد بن محمد، إيمان أبي طالب، بيروت - لبنان، دار المفيد، 1414 هـ.
  • المقريزي، أحمد بن علي، امتاع الأسماع، تحقيق: عبد الحميد النميسي، بيروت - لبنان، دار الكتب، 1420 هـ.
  • النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي، بيروت - لبنان، دار الفكر، 1348 هـ.
  • اليعقوبي، أحمد بن إسحاق، تاريخ اليعقوبي، النجف الأشرف - العراق، المكتبة الحيدرية، 1384 هـ.
  • حسن، فيصل، أبو طالب طود الإيمان الراسخ، د.م، د.ن، د.ت.
  • خاتون آبادي، محمد رضا بن مير محمد مؤمن، جنات الخلود، قم - إيران، مصطفوي، 1363 ش.
  • سبط ابن الجوزي، يوسف بن عبد الله، تذكرة الخواص من الأمة في ذكر خصائص الأئمة، قم - إيران، المجمع العالمي لأهل البيت، 1426 هـ.
  1. البلاذري، أنساب الاشراف، ج 2، ص 288. ابن سعد، الطبقات، ج 1، ص 121.
  2. ابن عنبة، عمدة الطالب، ص 20.
  3. الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 2. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 111.
  4. ابن سعد، الطبقات، ج 1، ص 121-122.
  5. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 14. القمي، الكنى والألقاب، ج 1، ص 108-109.
  6. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 2، ص 288.
  7. النسائي، سنن النسائي، ج 8، ص 2-4.
  8. الحلبي، سيرة الحلبي، ج 1، ص 184.
  9. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 13.
  10. ابن قتيبة، المعارف، ص 575.
  11. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 116. البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 22.
  12. ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 1، ص 36.
  13. ابن سعد، الطبقات، ج 1، ص 119.
  14. ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 1، ص 37.
  15. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 172-173.
  16. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 173. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 31.
  17. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 14.
  18. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج 66، ص 339. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 3، ص 164.
  19. المفيد، إيمان أبي طالب، ص 24.
  20. الغفاري، كبير الصحابة أبو طالب (ع)، ص 166؛ حسن، أبو طالب طود الإيمان الراسخ، ص 166.
  21. المفيد، إيمان أبي طالب، ص 18.
  22. خاتون، جنات الخلود، ص 16. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 35.
  23. المقريزي، إمتاع الأسماع، ج 1، ص 45.
  24. المجلسي، بحارالأنوار، ج35، ص163. ابن جوزي، تذكرة الخواص، ج1، ص145.
  25. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 7، ص 76.
  26. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 29.