إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي (مقتول 72 هـ/ 691 م) هو ابن مالك الأشتر، وقائد عربي شهير، ثار ضد الأمويين ملتحقاً بالمختار بن أبي عبيد الثقفي للمطالبة بدم الإمام الحسين بن عليعليه السلام، وبعد استشهاد المختار الثقفي التحق بمصعب بن الزبير ووقف معه في حربه مع المروانيين، وقُتل على يد جيش عبد الملك بن مروان. له مرقد يُزار في مدينة سامراء وفي سنة 2005 م قام مجموعة من الإرهابيين بتفجير هذا المرقد.

سيرته

لا تتوفّر عن حياته معلومات قبل التحاقه بالمختار الثقفي سوى ما روي أنه كان من أنصار الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام في حرب صفّين، وحارب معاوية مع أبيه مالك الأشتر.[١]

إبراهيم ونهضة المختار

دعوته للنهضة

وكان المختار الذي يدّعي أنه مبعوث محمد بن الحنفية يعد العدة في 66 هـ/ 658 م، للنهوض ضد الأمويين مطالباً بدم شهداء كربلاء، فسعى بعض الشيعة المساندين للمختار في الكوفة إلى دعوة إبراهيم للنهوض لما عرف به من شخصية قوية ووفاء لعلي بن أبي طالبعليه السلام، فأجابهم إبراهيم على أن يولوه الأمر، ولكن الشيعة أخبروه أن ابن الحنفية عيّن المختار الثقفي قائداً.[٢]

شكه في ادعاء المختار

أتى المختار إلى إبراهيم وسلّمه رسالة ادعى أنّ ابن الحنفية قد كتبها له، وفيها يدعو إبراهيم للنهوض مع المختار ضد الأمويين،[٣] فاستراب إبراهيم أول الأمر في نسبة الكتاب لابن الحنفية بسبب وجود مسألة في الأسلوب الذي كتب به،[٤] ولكن شهد أمثال يزيد بن أنس الأسدي، وأحمر بن شُمَيط البجلي، وعبد الله بن كامل الشاكري على أن هذا هو كتاب محمد بن الحنفية لإبراهيم، فأجاب الدعوة للنهوض، وبايع المختار، وكان الشعبي مشاركاً في التحاق إبراهيم بنهضة المختار، وروى أكثر المؤرخين هذه الوقعة عنه، وقد شكّ نفسه في صحة الكتاب، فقام بتحقيقات واسعة سمع إثرها كيسان أبو عمرة أحد الذين شهدوا على صحة الرسالة يقول: إن المختار عندهم ثقة فصدّقوا قوله بصدور الرسالة عن محمد بن الحنفية وشهدوا حقاً.[٥]

التحاقه بالمختار

اجتمع رأي إبراهيم والمختار الثقفي على أن يخرجا في الكوفة في النصف من ربيع الأول 66 هــ/ تشرين الأول 685 م، ولكنهما استعدا للنهوض في الخميس بعد النصف من الشهر المذكور لعدم اتخاذ الاستعدادات اللازمة،[٦] وكان إبراهيم يتردّد على المختار مما أساء ظن عبد الله بن مطيع أمير الكوفة من قبل عبدالله بن الزبير.[٧]

ولمّا وقف على خطة النهوض، طلب من رئيس شرطة الكوفة إياس بن مضارب أن يبثّ العيون وأرسل أشخاصاً إلى النقاط الحساسة من المدينة لمراقبة الأوضاع، وفي يوم الأربعاء أي قبل يوم من الموعد المقرّر توجّه إبراهيم في جماعة عظيمة من أنصاره إلى بيت المختار، فاعترضه إياس بن مضارب ودار بينهما نزاع قتله فيه إبراهيم، ثم ما لبثت النهضة أن بدأت، ودارت حرب بين إبراهيم بن مالك الأشتر والمختار الثقفي وأنصارهما في الكوفة من جهة وبين عبد الله بن مطيع وراشد بن إياس من جهة أخرى، قتل فيها راشد وتراجع ابن مطيع إلى القصر، فحاصره إبراهيم بن مالك الأشتر فيه، وبعد أيام فرّ ابن مطيع وانضم أنصاره إلى المختار.[٨]

دوره في نهضة المختار

استقرّ المختار بعد هذه الحرب في الكوفة، وبادر إلى الاستيلاء على سائر مدن العراق لمقاتلة الأمويين وقتلة الحسين بن عليعليه السلام حينما ولّى المختار إبراهيم بن مالك الأشتر إمارة الموصل، ووجّهه لقتال عبيد الله بن زياد الذي سيّره عبد الملك بن مروان إلى العراق، وفي (ذي الحجة 66 هـ/ تموز 686 م، تمرّد بعض أهل الكوفة على المختار الثقفي متّهمين إيّاه بأنه كاهن، فبادر المختار إلى استدعاء إبراهيم بن مالك الأشتر، وهذا يدلّ بوضوح على دور إبراهيم المهم في نهضة المختار، واعتماده عليه، فسارع إبراهيم إلى العودة من المدائن، واستطاع بمعية المختار أن يقضي على التمرّد بعد سلسلة من المعارك في جبّانة السبيع ومناطق أخرى.[٩]

قتله عبيد الله بن زياد

بعد هذه الواقعة وفي 6 أو 8 من ذي الحجة،[١٠] خرج إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي من الكوفة لقتال ابن زياد مع رجال يبلغ عددهم من ثمانية آلاف إلى عشرين ألف رجل، جلّهم أبناء الفرس، ويُسمّون الحمراء.[١١]

دارت الحرب بينهما في 10 محرم 67/6 آب 686 م، على شاطئ خازر قرب الزاب على مسافة 5 فراسخ من الموصل، ويذكر البلاذري أن ميسرة إبراهيم بن مالك الأشتر انهزمت في بداية الحرب، وربّما كان هذا بسبب شيوع خبر مقتل ابن الأشتر ومغادرة المختار للكوفة، [١٢] ولكن أنصار إبراهيم ردّوا جيش ابن زياد وهزموه هزيمة نكراء، وقتل إبراهيم بن مالك الأشتر في هذه الحرب عبيد الله بن زياد وعدداً من قتلة الحسين بن عليعليه السلام منهم الحُصين بن نُمير وشُرحبيل بن ذي كلاع، [١٣] وقيل أحرقت أجسادهم.[١٤]

استشهاد المختار

توجّه إبراهيم بعد هذا النصر إلى الموصل، وبعث عدداً من أنصاره منهم أخوه لأمه عبدالرحمن لاحتلال وتولي مدن نصيبين وحرّان والرّها وسُمَيساط وسنجار، [١٥] ومازال إبراهيم في الموصل حتى هاجم مصعب بن الزبير الكوفة بدعوة من متمرّديها الذين نجوا من هجمات إبراهيم بن الأشتر والمختار، واستشهد المختار الثقفي في الحرب التي دارت بينهما في (شهر رمضان 67 هـ/ نيسان 687 م).[١٦]

إجابته دعوة آل زبير

ثم دُعي إبراهيم إلى طاعة عبد الله بن الزبير، ويروي أيضا أنَّ عبد الملك بن مروان دعاه إلى طاعته أيضاً ولكن إبراهيم خشي الإلتحاق بعبد الملك لقتله عبيد الله بن زياد وعدد من أشراف الشام في حربه مع الأمويين، فأجاب دعوة مصعب،[١٧] فاسترد منه مصعب حكم الموصل والجزيرة وآذربيجان وأرمينية، ووجّهه لقتال الأزارقة، واستخلف عليها المهلّب بن أبي صُفرة، ثم ما لبث أن عزل المهلّب وأمره بقتال الأزارقة، وأعاد إبراهيم إليها،[١٨] وبقي إبراهيم في حكمه هذا إلى أن قدم عبد الملك بن مروان إلى العراق، فتصدّى له مصعب بن الزبير، وجعل إبراهيم قائداً لجيشه، فسار إلى باجُمَيري قرب أوانا.[١٩]

أرسل عبد الملك بن مروان كتباً إلى أمراء الكوفة والبصرة يرغّبهم فيها، ومنها كتاب أرسله إلى إبراهيم بن مالك الأشتر، جعل له فيه ولاية العراقين، ووعده في رواية أخرى بإقطاعه أراضي شاطئ الفرات، ولم يكتف إبراهيم بدفع كتابه إلى مصعب ورفض دعوة عبد الملك، بل حذّر مصعباً من أن يكون عبد الملك قد رغّب سائر أمراء العراق بمثل هذه الوعود. وطلب منه أن يحبسهم أو ينفيهم إلى مكة غير أن مصعباً أبى ذلك، وسار نحو عبد الملك ونزل بدير الجاثليق في مسكٍن.[٢٠]

قتله

دارت معركة بين إبراهيم بن مالك الأشتر ومحمد بن مروان قبل يوم واحد من المعركة الأصلية التي وقعت بين عبد الملك ومصعب، ورغم ما أبدى ابن الأشتر فيها من شجاعة فائقة، فقد هُزم وقُتل لخيانة عَتّاب بن الورقاء التميمي الذي تراجع على مواطأة مع عبد الملك، [٢١] وعندئذٍ قتل مولى لبني عذرة يقال له عبيد بن ميسرة ابنَ الأشتر واحتزّ رأسه وأحرق جثّته وهو موالي حُصين بن نمير الذي قتله إبراهيم في حرب خازر.[٢٢]

تاريخ قتله

اختلف المؤرخون في تاريخ قتل إبراهيم بن مالك الأشتر، فرغم أنّ ابن الأثير،[٢٣] والطبري [٢٤] ذكرا بناءً على إحدى الروايات عام 71 هـ/ 690 م، إلا أن أكثر المؤرخين، يرون أنّه كان 72 هـ/ 691 م.[٢٥]

ملف:مرقد ابراهيم الاشتر بعد تفجيره.jpg
مرقد إبراهيم بن مالك الأشتر بعد تفجيره

قصائد في رثاءه

وقد نظم عدد من الشعراء قصائد في رثاء إبراهيم بعد قتله، كقول ابن الزبير الأسدي: قالب:بداية قصيدة قالب:بيت قالب:بيت قالب:بيت قالب:بيت[٢٦] قالب:نهاية قصيدة

ونسب له أبو الفرج أبياتاً، فقد بعث إبراهيم بن الأشتر إلى أبي عطاء ببيتين من شعر، وسأله أن يضيف إليهما بيتين من رويّهما وقافيتهما، وهما: قالب:بداية قصيدة قالب:بيت قالب:بيت[٢٧] قالب:نهاية قصيدة

قبره

يقع قبره جنوب مدينة دُجيل، على بعد ثمانية فراسخ من سامراء وعلى الشارع القديم بين سامراء وبغداد، وفي سنة 2005 م قام مجموعة من الإرهابيين بتفجير مرقده.

الهوامش

قالب:مراجع

المصادر والمراجع

قالب:المصادر

  • ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتاب العربي، ط 1، 1417 هـ / 1997 م.
  • ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد عبد القادر عطا - مصطفى عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1412 هـ - 1992 م.
  • ابن خياط، خليفة بن خياط، تاريخ خليفة بن خياط، المحقق: د.أكرم ضياء العمري، دمشق - سوريا, بيروت - لبنان، الناشر: دار القلم, مؤسسة الرسالة، ط 1، 1397 هـ.
  • ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1410 هـ - 1990 م.
  • أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين،الأغاني، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، 1415 هـ.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، التاريخ الصغير، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، فهرس أحاديثه: يوسف المرعشي، بيروت - لبنان، الناشر : دار المعرفة، د.ت.
  • البلاذري، أحمد بن يحيى، جمل من أنساب الأشراف، تحقيق: سهيل زكار - رياض الزركلي، بيروت - لبنان، الناشر: دار الفكر، ط 1، 1417 هـ - 1996 م.
  • الدينوري، أحمد بن داود، الأخبار الطوال، تحقيق: عبد المنعم عامر، مراجعة: الدكتور جمال الدين الشيال، القاهرة - مصر، الناشر: دار إحياء الكتب العربي - عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط 1، 1960 م.
  • الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام، المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف، د.م، الناشر: دار الغرب الإسلامي، ط 1، 2005 م.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، بيروت - لبنان، الناشر: دار التراث، ط 2، 1387 هـ.
  • المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: أسعد داغر، قم - إيران، الناشر: دار الهجرة، 1409 هـ.
  • المنقري، نصر بن مزاحم، وقعة صفين، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، القاهرة - مصر، المؤسسة العربية الحديثة للطبع والنشر والتوزيع، 1382 هـ.
  1. المنقري، وقعة صفين، ص 441.
  2. ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، ج 6، ص 52.
  3. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 6، صص 385 - 386.
  4. الطبري، تاريخ الطبري، ج 6، ص 17.
  5. الدينوري، الأخبار الطوال، ص 290.
  6. الطبري، تاريخ الطبري، ج 6، ص 18.
  7. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، ص 74.
  8. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، ص 113.
  9. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 6، ص 398.
  10. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 6، ص 423.
  11. الدينوري، الأخبار الطوال، ج 5، ص 100.؛ الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 2، ص 605.
  12. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 6، ص 425.
  13. ابن خياط، تاريخ خليفة بن خياط، ص 263.
  14. البخاري، التاريخ الصغير، ج 1، ص 178.
  15. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 330.
  16. ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، ج ‏6، ص 68.
  17. الطبري، تاريخ الطبري، ج 6، ص 111.
  18. الدينوري، الأخبار الطوال، ص 310.
  19. البلاذي، أنساب الأشراف، ج 7، ص 89.
  20. البلاذي، أنساب الأشراف، ج 7، ص 89.
  21. المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 106.؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 7، ص 91.
  22. البخاري، التاريخ الصغير، ج 1، ص 178..
  23. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 379.
  24. الطبري، التاريخ، ج 6، ص 158.
  25. الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 2، ص 754.
  26. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 7، ص 95.
  27. أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، ج 17، ص 214.