أروى بنت الحارث بن عبد المطلب

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

اسمها

أروى بنت الحارث بن عبد المطلب القرشية توفيت حدود 50 ه‍.

نبذة عنها

من ربات البلاغة والبيان ، وكانت أغلظ الوافدات على معاوية بن أبي سفيان خطابا. عاشت إلى زمنه وكان مقامها بالمدينة. وفدت عليه إلى دمشق ، وهي عجوز كبيرة ، فلما رآها معاوية ، قال : مرحبا بك يا عمة ، قالت : كيف أنت يا ابن أخي لقد كفرت بعدي بالنعمة ، وأسأت لابن عمك الصحبة ، وتسميت بغير اسمك ، وأخذت غير حقّك ، بغير بلاء كان منك ، ولا من آبائك في الإسلام ، ولقد كفرتم بما جاء محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأتعس الله منكم الجدود ، وأصعر منكم الخدود ، حتّى ردّ الله الحق إلى أهله ، وكانت كلمة الله هي العليا ، ونبينا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو المنصور على من ناواه ، ولو كره المشركون.

فكنا أهل البيت أعظم الناس في الدين حظا ونصيبا وقدرا ، حتّى قبض الله نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مغفورا ذنبه مرفوعا درجته ، شريفا عند الله ، مرضيا ، فصرنا أهل البيت منكم بمنزلة قوم موسى من آل فرعون ، يذبحون أبناءهم ، ويستحيون نساءهم ، وصار ابن عمّ سيد المرسلين فيكم بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى ، حيث يقول : يا ابن أم القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني. ولم يجمع بعد رسول الله صلّى الله عليه وو سلّم لنا شمل ، ولم يسهل لنا وعر ، وغايتنا الجنة ، وغايتكم النار.

قال عمرو بن العاص : أيتها العجوز الضالة ، أقصري من قولك وغضّي من طرفك ، قالت : ومن أنت لا أم لك؟ قال : عمرو بن العاص. قالت : يا ابن اللخناء النابغة أتكلّمني ، أربع على ظلعك ، وأعن بشأن نفسك ، فو الله ما أنت من قريش في اللباب من حسبها ، ولا كريم منصبها ، ولقد ادعاك ستة من قريش كله يزعم أنّه أبوك ، ولقد رأيت أمك أيام منى بمكة ، مع كل عبد عاهر فأثم بهم فإنّك بهم أشبه. فقال مروان بن الحكم : أيتها العجوز الضالة ، ساخ بصرك مع ذهاب عقلك فلا تجوز شهادتك ، قالت : يا بني أتتكلم فو الله لأنت إلى سفيان بن الحارث بن كلدة أشبه منك بالحكم ، وإنّك لشبهة في زرقة عينيك وحمرة شعرك ، مع قصر قامته ، وظاهر دمامته ، ولقد رأيت الحكم ماد القامة ظاهر الأمة سبط الشعر ، وما بينكما من قرابة إلا كقرابة الفرس الضامر من الأتان المقرب ، فاسأل أمك عما ذكرت لك ، فإنّها تخبرك بشأن أبيك إن صدقت.

ثم التفتت إلى معاوية فقالت : والله ما عرضني لهؤلاء غيرك ، وإنّ أمك هند القائلة في يوم أحد ، في قتل حمزة رحمة الله عليه :

شعرها

نحن جزيناكم بيوم بدر

 

والحرب يوم الحرب ذات سعر

 

ما كان عن عتبة لي من صبر

 

أبي وعمي وأخي وصهري

 


فأجبتها :

يا بنت رقاع عظيم الكفر

 

خزيت في بدر وغير بدر

 

صبّحك الله قبيل الفجر

 

بالهاشميين الطوال الزهر

 

بكل قطاع ، حسام يفري

 

حمزة ليثي ، وعليّ صقري

 

إذ رام شبيب وأبوك غدري

 

أعطيت وحشي ضمير الصدر

 

هتك وحشي حجاب الستر

 

ما للبغايا بعدها من فخر

 

فقال معاوية ، لمروان ، وعمرو : ويلكما أنتما عرضتماني لها ، وأسمعتماني ما أكره. ثم قال لها : يا عمة اقصدي قصد حاجتك ، ودعي عنك أساطير النساء ، قالت : تأمر لي بألفي دينار ، وألفي دينار ، وألفي دينار. قال : ما تصنعين يا عمة بألفي دينار؟ قالت : أشتري بها عينا خرخارة في أرض خوارة ، تكون لولد الحارث بن عبد المطلب ، قال : نعم الموضع وضعتها. فما تصنعين بألفي دينار؟ قالت : أزوج بها فتيان عبد المطلب من أكفائهم. قال : نعم الموضع وضعتها. فما تصنعين بألفي دينار؟ قالت : أستعين بها على عسر المدينة وزيارة بيت الله الحرام. قال : نعم الموضع وضعتها هي لك نعم وكرامة. ثم قال : أما والله لو كان عليّ ما أمر لك بها. قالت : صدقت إنّ عليا أدى الأمانة ، وعمل بأمر الله ، وأخذ به ، وأنت ضيعت أمانتك ، وخنت الله في ماله ، فأعطيت مال الله من لا يستحقه ، وقد فرض الله في كتابه الحقوق لأهلها ، وبيّنها فلم تأخذ بها ، ودعانا عليّ إلى أخذ حقنا الذي فرض الله لنا ، فشغل بحربك عن وضع الأمور مواضعها ، وما سألتك مالك شيئا فتمنّ به ، إنّما سألتك حقنا ولا نرى أخذ شيء غير حقنا ، أتذكر عليا فضّ الله فاك ، وأجهد بلاءك ، ثم علا بكاؤها وقالت :

ألا يا عين ويحك أسعدينا

 

ألا وأبكي أمير المؤمنينا

 

رزينا خير من ركب المطايا

 

وفارسها ومن ركب السفينا

 


فأمر معاوية لها بستة آلاف دينار. وقال لها : يا عمة أنفقي هذه فيما تحبين ، فإذا احتجت فاكتبي إلى ابن أخيك ، يحسن صفدك ومعونتك إن شاء الله.

وفي رواية ، قال لها معاوية : عفا الله عما سلف يا خالة ، هات حاجتك. قالت : مالي إليك حاجة وخرجت عنه. فقال معاوية لأصحابه : والله لو كلمها من في مجلسي جميعا لأجابت كل واحد بغير ما تجيب به الآخر ، وإنّ نساء بني هاشم لأفصح من رجال غيرهم. وعادت إلى المدينة.

المصدر

الاستيعاب 4 / 224. أسد الغابة 4 / 390. الإصابة 4 / 227. الأعلام 1 / 279. أعلام النساء 1 / 28. أعيان الشيعة 10 / 302 ط 2. بلاغات النساء / 27. جمهرة أنساب العرب / 164. الدر المنثور / 25. شاعرات العرب / 3. الطبقات الكبرى 5 / 453. العقد الفريد 1 / 302 و 5 / 5. الغدير 2 / 121 و 10 / 167. الكامل في التأريخ 2 / 74.