مروان بن الحكم
مروان بن الحكم هو رابع خلفاء بني أمية، وأول خليفة مرواني. أبوه الحكم بن العاص طريد رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم.
ولد مروان في عهد رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم، وكان كاتبا ووزيرا لابن عمه وأبو زوجته عثمان بن عفان، وكان من أهم مسببي قتل عثمان. التحق بمعسكر أهل الجمل وقاتل الإمام علي وقتل فيها طلحة بن عبيد الله ثأرا لدم عثمان لكون طلحة من أشد المحرضين على عثمان. اشترك مع معاوية في حرب صفين، وبعدها أمنّه عليّقالب:عليه السلام، فأتاه وبايعه، وانصرف إلى المدينة فأقام فيها إلى أن ولي معاوية الحكم.
بعد أن استولى معاوية على الحكم، نصّبه واليا على مكة والمدينة والطائف وعزله عام 57 هـ عن المدينة، كان من المقربين لـيزيد بن معاوية بعد مساعدته لـمسلم بن عقبة في واقعة الحرة، فبقي مقيما في الشام، وبعد موت معاوية بن يزيد استلم الحكم ولم يدم فيه إلا أشهر قلائل.
مات مروان بن الحكم في شهر رمضان سنة 65 هـ بعد أن صرعته زوجته أم خالد بن يزيد.
هویته الشخصیة
اسمه وكنيته
- اسمه: مروان بن الحكم بْن أَبِي العاص أَبُو عبد الملك الأموي الْقُرَشِيّ.[١]
- كنيته: أبو عبد الملك، ويقال أبو القاسم، ويقال أبو الحكم الأموي،[٢]ويقال أبو الحكم المدني.[٣]
نسبه
- أبوه: الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي، عم عثمان بن عفان، كان ممن أسلم بعد فتح مكة، وأخرجه رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم من المدينة وطرده عنها فنزل الطائف، وخرج معه ابنه مروان، فنزل الطائف حتى قُبِضَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرجع إلى المدينة فمات بها في خلافة عثمان، وضرب على قبره فسطاطا.[٤]
اختُلف في سبب نفي رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم إياه، فقيل: كان يتحيل ويستخفي ويختلس السمع إلى ما يسره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى كبار الصحابة في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين، فكان يُفشي ذلك عليه، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته، فقد ذكروا أن رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم كان إذا مشى ينكفأ، وكان الحكم بن أبي العاص يحكيه، فالتفت النبيّصلى الله عليه وآله وسلم يوما فرآه يفعل ذلك، فقالصلى الله عليه وآله وسلم: فكذلك فلتكن، فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ.[٥]
وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم: يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ لَعِينٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَكُنْتُ قَدْ تَرَكْتُ عُمَرًا يَلْبَسُ ثِيَابَهُ لِيُقْبِلَ إلى رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم، فَلَمْ أَزَلْ مُشْفِقًا أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ، فَدَخَلَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ.[٦]
- أمه: أم عثمان وهي آمنة بِنْت عَلْقَمَة بْن صَفْوان بْن أمية بْن محرث بْن خمل بْن شق بْن رقبة بْن مخدج بْن الحارث بْن ثعلبة بْن مالك بْن كنانة.[٧]
ولادته ووفاته
- ولادته: ولد عَلَى عهد رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم قيل: ولد سنة اثنتين من الهجرة، قَالَ مالك: ولد يَوْم أُحد، وقيل: ولد يَوْم الخندق، وقيل: ولد بمكة، وقيل: بالطائف،[٨] وقال ابن شاهين: مات النبيصلى الله عليه وآله وسلم وهو ابن ثمان سنين، فيكون مولده بعد الهجرة بسنتين، قال: وسمعت ابن داود يقول: ولد عام أُحد يعني سنة ثلاث للهجرة، وقال ابن أبي داود: وقد كان في الفتح مميّزا وفي حجة الوداع، ولكن لا يدري أسمع من النّبيصلى الله عليه وآله وسلم شيئا أم لا، وقال ابن طاهر: ولد هو والمسور بن مخرمة بعد الهجرة بسنتين لا خلاف في ذلك.[٩]
- وفاته: مات بدمشق منصرفه من مصر ودفن بين باب الجابية وباب الصغير، في شهر رمضان سنة 65 هـ، وكانت ولايته عشرة أشهر.[١٠]
زوجاته وأولاده
ولد لمروان بن الحكم ذكوراً، وإناثاً:
روي عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال:
كنا مع النبي (صلى الله عليه واله)، فمرَّ الحكم بن أبي العاص، فقال النبي: ويل لأمتي مما في صلب هذا. |
ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 267.
|
- عبد الملك، ولي الحكم من بعده، أمه: عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاصي بن أمية.
- معاوية، شقيق عبد الملك.
- عبد العزيز، صاحب مصر، أمه: كلبيّة، وهي ليلى بنت زبان بن الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب بن كلب بن وبرة؛
- بشر، صاحب العراق، أمه: كلابية، وهي قطية بنت بشر بن عامر ملاعب الأسنة أبي براء بن مالك ابن جعفر بن كلاب.
- محمّد، صاحب الجزيرة والثغور، وأمه: أم ولد.
- أبان.
- عبد الله، لا نعرف له عقبا.
- عبيد الله، أعقب.
- عثمان، أعقب، أمه: أم أبان بنت عثمان بن عفان.
- أيوب، لا نعرف له عقباً، أمه: أم أبان بنت عثمان بن عفّان.
- داود، أعقب، أمه: أم أبان بنت عثمان بن عفّان.
- عمر، أعقب، أمه: بنت عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي. أعقب منهم عبد الملك، وعبد العزيز، ومحمّد، وبشر، ومعاوية، وأبان، وعبيد الله، وعثمان، وداود، وعمر؛ ولم يعقب الباقون.[١١]
- أم عمرو، تزوجها الوليد بن عثمان بن عفان، وأمها: عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاصي.
- أم عثمان بنت مروان، تزوجها عبد الملك بن الحارث بن الحكم، وأمها: ليلى بنت زبان بن الأصغر بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب، من كلب؛ وأخوهما لأمهما: معاوية بن عبد الله بن القائلة الأنماري؛ وبشر بن مروان.
- رملة، تزوجها أبو بكر بن الحكم؛ وأمها: أم أبان بنت عثمان بن عفان.[١٢]
صفاته
كان قصيرا أحمر الوجه أوقص دقيق العنق كبير الرأس واللحية،[١٣] وقال بعضهم أنه يلقب (خيط باطل) لطول قامته واضطراب خَلْقه،[١٤] ضُرب يوم الثورة على عثمان عَلَى قفاه، فقطع أحد علباويه فعاش بعد ذَلِكَ أوقص، والأوقص الَّذِي قصرت عنقه.[١٥]
الحروب التي شارك فيها
بعدما قُتِلَ عثمان خرج مروان إلى البصرة مع طلحة والزبير وعائشة، يطالبون بدمه، وقاتل مروان في وقعة (الجمل) قتالا شديدا، وانهزم أصحابه فتوارى، وشهد (صفين) مع معاوية، ثم أمنه علي ، فأتاه فبايعه، وانصرف إلى المدينة فأقام إلى أن ولي معاوية الحكم، فولاه المدينة (سنة 42 - 49 هـ) وأخرجه منها عبد الله بن الزبير، فسكن الشام.[١٦]
مناصبه الحكومية
- كتابته لعثمان بن عفان
لقد كان مروان بن الحكم كاتبا لعثمان،[١٧] وكان من أحد الأسباب الداعية لقتل عثمان.[١٨]
فقد أمر له عثمان بأموال، وكان الناس ينقمون على عثمان تقريبه مروان وطاعته له ويرون أن كثيرا مما يُنسب إلى عثمان لم يأمر به وأن ذلك عن رأي مروان دون عثمان، فكان الناس قد نقموا على عثمان لما يصنع بمروان ويقرّبه، فلما حُوصِر عثمان كان مروان يُقاتل عنه، وأرادت عائشة الحج وعثمان محاصر، فأتاها مروان، ويزيد بن ثابت، وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبي العاص، فقالوا: يا أم المؤمنين لو أقمتِ، فإن أمير المؤمنين على ما ترين محصور، ومقامك مما يدفع الله به عنه، فقالت: قد خليت ظهري، وعريت غرائري، ولست أقدر على المقام، فأعادوا عليها الكلام، وأعادت عليهم مثل ما قالت لهم، فقام مروان، وهو يقول: قالب:بداية قصيدة قالب:بيت قالب:نهاية قصيدة فقالت عائشة: أيها المتمثل عليَّ بالأشعار وددت والله أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رِجلِ كل واحد منكما رحى، وإنكما في البحر ،وخرجتْ إلى مكة.[١٩]
- ولايته لمعاوية
في سنة 41 هـ ولّى معاوية بن أبي سفيان الطائف لمروان بن الحكم، ثم جمع له مع الطائف كل من مكة والمدينة، وأقام مروان الحج سنة 43 هـ وسنة 45 هـ، ثم سنة 48 هـ عزل معاوية مروان بن الحكم عن المدينة وولاها سعيد بن العاص، وفي سنة 54 هـ عزل معاوية سعيد بن العاص عن المدينة وولاها مروان بن الحكم مرة أخرى، فاستقصى مروان مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وأقام مروان الحج سنة 55 هـ، وفي سنة 57 هـ عزل معاوية مروان عن المدينة في ذي القعدة وولّى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان مكانه.[٢٠]
- توليه الحُكم
لما مات معاوية بن يزيد بن معاوية، ولم يعهد إِلى أحد، بايع بعض الناس بالشام مروان بن الحكم بالخلافة، وبايع الضحاك بن قيس الفهري بالشام أيضا لعبد اللَّه بْن الزبير، فالتقا كل من مروان والضحاك واقتتلا بمرج راهط عند دمشق، فقُتِلَ الضحاك، واستقام الأمر بالشام ومصر لمروان، وتزوج مروان أم خَالِد بْن يَزِيدَ ليضع من خَالِد، وقال يوما لخالد: يا ابن الرطبة الاست، فقال لَهُ خَالِد: أنت مؤتمن خائن، وشكى خَالِد ذَلِكَ يوما إِلَى أمه، فقالت: لا تُعلِمه أنك ذكرته لي، فلما دخل إليها مروان قامت إليه مع جواريها، فغمته حَتَّى مات، وكانت مدة ولايته تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر، ومات وهو معدود فيمن قتله النساء.[٢١]
لم يطل حكم مروان كثيرا، فقد بقي على كرسي الحكم أشهر قلائل،[٢٢] وقد أخبر أمير المؤمنين عن ذلك عندما نظر يوما لمروان بقوله: ليحملن راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه وله إمرة كلحسة الكلب أنفه.[٢٣]
بعض أعماله
- تسببه في مقتل عثمان بن عفان
- لقد ذكر المؤرخون أن المسلمين نقموا على عثمان بسبب بعض ما قام به من الأعمال كإرجاعه الحكم بن العاص طريد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، وتقريبه ولده مروان وإطلاق يده، وتسليط أبناء عمومته من بني أمية مع فسادهم كالوليد مع وجود كبار الصحابة على رقاب المسلمين، وكان أشد الناس عليه نقمة أهل مصر وكان منهم من أبناء الصحابة كمحمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة، فاستفرا نحوا من ستمائة راكب يذهبون للمدينة في صفة معتمرين في شهر رجب، ليُنكروا على عثمان، فكتب عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى عثمان يُعلمه بقدوم هؤلاء إلى المدينة منكرين عليه في صفة معتمرين.
- لما اقتربوا إلى المدينة استنجد عثمان بالإمام علي ليخرج لهم ويردهم إلى بلادهم وكانوا يُعظمون الإمام علي فذهب لهم وهم بالجحفة وأقنعهم بالرجوع لأهلهم، ثم رجع وأخبر عثمان برجوعهم، وقال له: أن يخطب بالناس خطبة يعتذر إليهم فيها مما كان وقع له من الأثرة لبعض أقاربه، ويُشهدهم عليه بأنه قد تاب من ذلك، فاستجاب عثمان لذلك، فخطب يوم الجمعة بالناس وأعلن توبته.
- ولما رجع عثمان إلى بيته جاءه مروان بن الحكم ولامه على إظهاره التوبة، وحثه على نكث عهده، وقد تجمّع الناس على باب عثمان، فقال عثمان: إذهب أنت وتكلّم مع الناس فإني استحي أن أكلمهم، فخرج مروان وأغلظ بالكلام على الناس، ونقض كل ما قاله عثمان بإعلان توبته، فرجع بعض الناس لعلي وأخبروه بالخبر فخرج غاضبا حتى دخل على عثمان وقال له: أما رضيتَ من مروان ولا رضي منك إِلَّا بتحْويلك عن دينك وعقلك، وإِنَّ مثلك مثل جمل الظَّعينة سار حيثُ يسار به، واللَّه ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وايمُ اللَّه إِنِّي لأراهُ سيُوردُكَ ثُم لا يُصدرُكِ، وما أَنَا بعائد بعد مقامِي هذا لمعاتبتك، أَذهبتَ شرفكَ، وغُلبتَ على أَمرِكَ.
- بعد ان رأى الثوار ما وصلت إليه الأمور ونكث عثمان لوعده وعدم تغيّر شئ وغضب علي على عثمان تكاتب أهل مصر وأهل الكوفة وأهل البصرة وتراسلوا واتفقوا على السير للمدينة في سنة 35 هـ في شوال فسار أهل مصر في أربعة رفاق وأهل الكوفة والبصرة كذلك، فوصلوا واستقروا خارج المدينة، فسأل علي أهل مصر عن سبب رجوعهم. فقالوا: وجدنا مع بريد كتابا بقتلنا، وكذلك قال البصريون والكوفيون، بعد ذلك وثبوا على عثمان فقتلوه.[٢٤]
قال ابن كثير الدمشقي: ومروان كان أَكبر الأسباب في حصار عثمان، لأنه زوَّرَ على لسانه كتابًا إِلى مصر بقتل أُولئك الوفد.[٢٥]
- قتله طلحة بن عبيد الله
لما رأى مروان بن الحكم في معركة الجمل انكشاف الناس نظر إلى طلحة بن عبيد الله واقفا، فقال: والله إن دم عثمان إلا عند هذا، هو كان أشد الناس عليه، وما أطلب أثرا بعد عين، ففوق له بسهم فرماه به فقتله.[٢٦]
- تحريضه مسلم بن عقبة على أهل الحرة
لما وثب أهل المدينة أيام الحرة أخرجوا بني أمية من المدينة، وفيهم مروان بن الحكم، فلما استقبلوا مسلم بن عقبة سلموا عليه وجعل يسائلهم عن المدينة وأهلها، فجعل مروان يخبره ويحرضه عليهم، فخيّرهم مسلم بين البقاء معه أو الذهاب للشام، فاختاروا الذهاب للشام إلا مروان، فقد رجع معه مؤازرا له معينا له على أمره حتى ظفر بأهل المدينة، وقتلوا، وانتهبت المدينة ثلاثا، وكتب مسلم بن عقبة بذلك إلى يزيد، وكتب يشكر مروان بن الحكم، ويذكر معاونته إياه ومناصحته ومقاومته وقيامه معه، وقَدِمَ مروان على يزيد بن معاوية الشام فشكر ذلك له يزيد وقربه وأدناه.[٢٧]
- سبه عليا على المنبر
نقل لنا التاريخ ان مروان بن الحكم كان يُصرّح بسبه لأمير المؤمنين ، فعندما التقى الإمام السجاد فقد بادر قائلا: ما كان القوم أدفع عن صاحبنا - يعني عثمان - من صاحبكم - يعني عليا - ، فقال الإمام: فما بالكم تسبونه على المنابر؟ فقال مروان: أنه لا يستقيم لنا الأمر إلاّ بذلك.[٢٨]
- اضطهاده للشيعة
قال المسعودي وهو يتحدث عن حكم مروان بن الحكم: فاستخفى المؤمنون، وكانت الشيعة تُطلب في أقطار الأرض، تهدر دماؤهم وأموالهم، وأظهروا لعن أمير المؤمنين على منابرهم.[٢٩]
- تغييره لولي عهده خالد بن يزيد
لما مات معاوية بن يزيد وبويع لمروان بن الحكم كان شرط البيعة له من الأجناد أن يكون خالد بن يزيد ولي عهده وقد تزوج مروان بامه أم هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن أبي ربيعة، ولكن لما استتب له الأمر دعا الناس إلى مبايعة ولده عبد الملك من بعده، فدخل عليه خالد بن يزيد، وقال له: بلغني أنك هممت أن تبايع لعبد الملك من بعدك وما على هذا دعوت الأجناد إلى نفسك إنما بايعوك على أني ولي عهدك، قال مروان: وإنك ليهناك يا بن الرطبة فدخل عليَّ في رأيي، فقال له خالد: مؤتمن خائن، وبعث خالد إلى أمه بالذي كان فقتلت مروان بسبب هذا.[٣٠]
- تأخيره الخطبة
روي عن طارق بن شهاب أنه قال: أول من أخر الخطبة مروان، فقام إليه رجل فقال: يا مروان خالفت خالف الله بك، قال: يا فلان أترك ما هنالك، فقام أبو سعيد الخدري، فقال: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من رأى منكراً فليُغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.[٣١]
كلماتٌ في حقه
- روي عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، أنه قال: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ لَمَّا وُلِدَ دُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لِيَدْعُوَ لَهُ، فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ، ثُمَّ قَالَ: ابْنُ الزَّرْقَاءِ، هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْهِ وَيَدِي ذُرِّيَّتِهِ.[٣٢]
- روي عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمرَّ الحكم بن أبي العاص، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ويل لأمتي مما في صلب هذا.[٣٣]
- روي عن عائشة من طرق ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره أنها قالت لمروان: أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه.[٣٤]
- عن عُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّهِ، قال: رأيت أسامة بْن زيد يصلي عند قبر النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم فدعي مروان إِلَى جنازة ليصلي عليها، فصلى عليها، ثم رجع وأسامة يصلي عند باب بيت النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له مروان: إنما أردت أن يرى مكانك، فعل اللَّه بك وفعل، وقال قولًا قبيحًا، ثم أدبر، فانصرف أسامة، وقال: يا مروان، إنك آذيتني، وَإِنك فاحش متفحش، وَإِني سمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن اللَّه يبغض الفاحش المتفحش.[٣٥]
- أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فأخذ مروان برقبته، ثم قال: هل تدري ما تصنع؟! فأقبل عليه، فقال: نعم أني لم آت الحجر إنما جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم آت الحجر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن أبكوا على الدين إذا وليه غير أهله.[٣٦] وكان ذلك الرجل أبو أيوب الأنصاري.[٣٧]
- روي عن عبد الله بن الزبير أنه قال وهو على المنبر: ورب هذا البيت الحرام، والبلد الحرام إن الحكم بن أبي العاص، وولده ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وآله وسلم.[٣٨]
موقفه من أهل البيت (ع)
- سبه أمير المؤمنين
قال ابن كثير: وَلَمَّا تَوَلِّى مروان بن الحكم عَلَى الْمَدِينَةِ لِمُعَاوِيَةَ كَانَ يَسُبُّ عَلِيًّا كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: لَقَدْ لَعَنَ اللَّهُ أَبَاكَ الْحَكَمَ وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْحَكَمَ وَمَا وَلَدَ.[٣٩]
عندما كان مروان يسب عليا في كل خطبة جمعة قيل للإمام الحسن : ألا تسمع ما يقول هذا فجعل لا يرد شيئا، وكان الحسن يجئ يوم الجمعة فيدخل في حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيقعد فيها، فإذا قضيت الخطبة خرج فصلى، ثم رجع إلى أهله، فلم يرضَ مروان بذلك فأرسل للإمام الحسن رسولا، فنال من الإمام وشبهه بالبغلة، فأجابه الإمام : ارجع إليه فقل له إني والله لأمحو عنك شيئا قلت بأن أسبك ولكن موعدي وموعدك الله، فإن كنت صادقا جزاك الله بصدقك وإن كنت كاذبا فالله أشد نقمة، وقد أكرم الله جدي أو يكون مثلي، فلما كان رسول مروان في الحجرة أتى الحسين وسأله عن الخبر وعما جاء به، فلما أخبره أجابه بجواب ليوصله لمروان فقال له: قل له بك وبك ونأتيك ونقومك وأنه بيني وبينك أن يمسك منكبيك من لعنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،[٤٠] ونقل بعض الرواة هذه الحادثة بملاقاة الحسن والحسين قالب:عليهما السلام لمروان فلما أجاب الحسين مروان قال مروان: إنكم أهل بيت ملعونون، فغضب الحسن وقال: ويلك قلت أهل بيت ملعونون فوالله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وأنت في صلبه.[٤١]
- منعه من دفن الإمام الحسن قرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم
روي عن محمد بن جعفر عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول يوم دفن الحسن بن علي: قاتل الله مروان قال: والله ما كنت لأدع ابن أبي تراب يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد دفن عثمان بالبقيع، فقلت: يا مروان! اتق الله، ولا تقل لعلي إلا خيراً، فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يحبه الله ورسوله، ليس بفرار، وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في حسن: اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه. قال مروان: إنك والله قد أكثرت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحديث، فلا أسمع منك ما تقول، فهلم غيرك يعلم ما تقول، قال: قلت: هذا أبو سعيد الخدري، فقال مروان: لقد ضاع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى لا يرويه إلا أنت وأبو سعيد الخدري، والله ما أبو سعيد الخدري يوم مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا غلام، ولقد جئت أنت من جبال دوس قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاتق الله يا أبا هريرة! قال: قلت: نعم ما أوصيت به وسكت عنه.[٤٢]
- علاقته بالإمام زين العابدين
نقل المؤرخون ان علاقة مروان بن الحكم الأموي كانت طيّبة مع الإمام السجاد لما أبداه الإمام اتجاهه من رعاية أسرته أيام وقعة الحرة، وكان مروان شاكرا للإمام هذه المكرمة.[٤٣]
المصادر والمراجع
- ابن أبي الحديد المعتزلي، عبد الحميد، شرح نهج البلاغة، د.م، دار إحياء الكتب العربية، 1378 هـ - 1959م.
- ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، أسد الغابة في معرفة الصحابة، المحقق: علي محمد معوض - عادل أحمد عبد الموجود، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1415 هـ - 1994 م.
- ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، المحقق: محمد عبد القادر عطا - مصطفى عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1412 هـ - 1992 م.
- ابن حنبل، أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد بن حنبل، المحقق : شعيب الأرنؤوط وآخرون، د.م، الناشر : مؤسسة الرسالة، ط 2، 1420 هـ - 1999 م.
- ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1410 هـ - 1990 م.
- ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، المحقق: علي محمد البجاوي، بيروت - لبنان، الناشر: دار الجيل، ط 1، 1412 هـ - 1992 م.
- ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق، المحقق: عمرو بن غرامة العمروي، د.م، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415 هـ - 1995 م.
- ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، د.م، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط 1، 1418 هـ - 1997 م.
- ابن منظور، محمد بن مكرم، مختصر تاريخ دمشق، المحقق: روحية النحاس - رياض عبد الحميد مراد - محمد مطيع، دمشق - سوريا، دار النشر: دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، ط 1، 1402 هـ - 1984 م.
- البخاري، محمد بن إسماعيل، التاريخ الكبير، حيدر آباد - الدكن، الطبعة: دائرة المعارف العثمانية، د.ت.
- الجلالي، محمد رضا، جهاد الإمام السجاد ، قم – إيران، الناشر: دار الحديث، ط 1، 1418 هـ.
- الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام، المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف، د.م، الناشر: دار الغرب الإسلامي، ط 1، 2003 م.
- الزبيري، مصعب بن عبد الله، نسب قريش، المحقق: ليفي بروفنسال، القاهرة - مصر، الناشر: دار المعارف، ط 3، د.ت.
- الزركلي، خير الدين بن محمود، الأعلام، د.م، الناشر: دار العلم للملايين، ط 15، 2002 م.
- السمهودي، علي بن عبد الله، خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى، دراسة وتحقيق: د.محمد الأمين الجكيني، د.م، د.ت.
- الظاهري، علي بن أحمد، جمهرة أنساب العرب، تحقيق: لجنة من العلماء، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1403 هـ - 1983 م.
- العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1415 هـ.
- المزي، يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المحقق: د. بشار عواد معروف، بيروت - لبنان، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط 1، 1400 هـ - 1980 م.
- المسعودي، علي بن الحسين، إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب ، بيروت – لبنان، دار إحياء التراث العربي، 1996م.
- ↑ البخاري، التاريخ الكبير، ج 7، ص 368.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 224.
- ↑ المزي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ج 27، ص 388.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 236.
- ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 1، ص 359 - 360.
- ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 1، ص 360.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، ص 26.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 5، ص 139.
- ↑ العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 6، ص 203.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 277.
- ↑ الظاهري، جمهرة أنساب العرب، ج 1، ص 87.
- ↑ الزبيري، نسب قريش، ص 160 - 161.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 279.
- ↑ الزركلي، الأعلام، ج 7، ص 207.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 5، ص 139.
- ↑ الزركلي، الأعلام، ج 7، ص 207.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 5، ص 139.
- ↑ العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 6، ص 204.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 258.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 241 - 242.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 5، ص 139.
- ↑ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 4، ص 238.
- ↑ ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، ج 6، ص 50.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 10، ص 270 - 280
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 11، ص 712.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، ص 28.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 259.
- ↑ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 13، ص 220.
- ↑ المسعودي، إثبات الوصية، ص 168.
- ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص 1389.
- ↑ ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، ج 24، ص 182.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 9، ص 270.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 267.
- ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 1، ص 360.
- ↑ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 1، ص 194.
- ↑ السمهودي، خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى، ج 1، ص 457.
- ↑ ابن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، ج 38، ص 558.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 271.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 11، ص 712.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج 57، ص 243 - 244.
- ↑ الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 2، ص 198.
- ↑ ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، ج 7، ص 41 - 42.
- ↑ الجلالي، جهاد الإمام السجاد قالب:عليه السلام، ص 207.