أبو الصلاح الحلبي
أبو الصلاح الحلبي، هو تقي الدين بن نجم الدين بن عبيد الله الحلبي (374 ــ 447 هـ)، فقيه ومتكلم إمامي، عاش في القرن الرابع والخامس الهجري، ومن تلامذة الشريف المرتضى، والشيخ الطوسي، وسلار.
عده غير واحد من علمائنا الرجاليين خليفة المرتضى في البلاد الحلبية، ومن أبرز تلامذته ابن البراج، ومحمد بن علي الكراجكي، وأما آراؤه الفقهية فهي متقاربة إلى حد كبير من مدرسة بغداد الفقهية، وعميدها الشريف المرتضى.
ولادته
ولد بتاريخ 374 هـ بمدينة حلب في سورية،[١] وقد ذكرت بعض المصادر ولادته بتاريخ 347 هـ،[٢] ولعل الأصح هو الأول لاحتمال وقوع التصحيف.[٣]
أساتذته
من أساتذته الشريف المرتضى، حيث ذكروا أنه دخل العراق ثلاث مرات وقرأ على يد الشريف المرتضى حتى عدّ خليفة المرتضى في البلاد الحلبية،[٤] ومن أساتذته الشيخ الطوسي،[٥] وسلار.[٦]
تلامذته
تخرج على يديه العديد من العلماء والرواة، ومنهم:
- ثابت بن أسلم الحلبي، والذي خلفه في مسنده بعد وفاته.
- القاضي عبد العزيز ابن البراج.
- الشيخ عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين المفيد النيسابوري.
- محمد بن علي الكراجكي.
- الشيخ أبو محمد ريحان بن عبد اللّه الحبشي.[٧]
آراؤه الفقهية
تأثر في مسلكه الفقهي إلى حد كبير بآراء أستاذه الشريف المرتضى وبمدرسة بغداد الفقهية، يشهد لذلك تبنيه لرأي أستاذه في خصوص عدم حجية خبر الواحد، وبالرغم من التقارب إلا أنه هناك اختلافات بينهما في العديد من المسائل، أشار إليها أبو الفتح الكراجكي في كتابه غاية الإنصاف في مسائل الخلاف، وأما الكراجكي فقد ضم رأيه إلى الشريف المرتضى في أغلب تلك الموارد،[٨] وبالرغم من أنّ الْآراء الفقهية للحلبي في الكثير من المسائل الفقهية تبدو متفقة مع مسلك المشهور إلاَ أنه ثمة موارد خالف فيها المشهور.[٩]
يرى الحلبي أن منصب القضاء لا يصلح إلاَ للأئمة المعصومين ونوّابهم. ويجب على من يتصدّى لمنصب القضاء بالنيابة عن الإمام المعصوم أن يتمتع بجملة خصائص ومميزات من قبيل: العقل، والبصيرة، والورع، والعدالة، والحلم، والقاطعية في تطبيق الأحكام، وبناءً على ذلك فإنَ قبول منصب القضاء حتى من جانب الحاكم الظالم بالنسبة لمن له صلاحية القضاء أمر جائز، بل واجب، باعتباره نائب الإمام وليس ممثلاً عن الحاكم الجائر.[١٠]
آثاره
تضمّن تراثه العديد من المؤلفات الفقهية والكلامية. ومنها:
- الكافي في الفقه، ويضمّ دورة فقهية جامعة تخللتها بعض البحوث الكلامية، وفي بداية هذا الكتاب يذكر المؤلف الشقوق المختلفة لكل مسألة بنحو الإجمال ومن ثم يفصّل في البحث ويذكر رأيه في المسألة (في بعض الموارد يذكر أدلته التي استند إليها). وكثيراً ما يستند فقهاء الشيعة إلى هذا الكتاب، وقد امتدحه غير واحد منهم، نظير ابن إدريس الحلي حيث عدّه (حسن وفيه تحقيق مواضع).[١١]
- تقريب المعارف، ويتضمن مباحث كلامية أهمها: ما جاء في التوحيد، والنبوة، والإمامة، والعدل، ويمتاز هذا الكتاب أنه أفاد من مصادر غير متوفرة لدينا في الوقت الحاضر، من قبيل تاريخ الثقفي وتاريخ الواقدي.
- البداية في الفقه.
- العمدة في الفقه.
- الكافية.
- الشافية.
- شرح الذخيرة.
- دفع شبه الملاحدة.
- منتخب المعارف.
- المعراج في الأحاديث.
- البرهان على ثبوت الإيمان.[١٢]
أقوال العلماء فيه
وردت الكثير من الكلمات في حق أبو الصلاح الحلبي، ومنها:
- قال عنه الشيخ الطوسي في رجاله: ثقة، له كتب، قرأ علينا وعلى المرتضى.[١٣]
- قال عنه العلامة الحلي في كتابه خلاصة الأقوال: ثقة عين، له تصانيف حسنة ذكرناها في الكتاب الكبير.[١٤]
- قال عنه ابن داود الحلي في رجاله: عظيم القدر، من علماء مشايخ الشيعة.[١٥]
- قال عنه الحر العاملي في كتابه أمل الآمال: كان ثقة عالما فاضلا، فقيها محدثة، له كتب رأيت منها: كتاب تقريب المعارف حسن جيد.[١٦]
- قال عنه عباس القمي في الكنى والألقاب: الشيخ الأقدم، الفاضل الفقيه، المحدث الثقة، الجليل من كبار علمائنا الإمامية.[١٧]
وفاته
توفي هذا الفقيه ــ والذي يعد من أبرز علماء الشام في عصره ــ في محرم عام 446 هـ بعد عودته من الحج في الرملة بفلسطين.[١٨]
المصادر والمراجع
- ابن إدريس، محمد بن منصور بن أحمد الحلي، السرائر، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1417هـ.
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، لسان الميزان، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط2، 1390هـ/ 1971م.
- ابن شهر آشوب، محمد بن علي، معالم العلماء، بيروت، دار الأضواء، د.ت.
- أبو الصلاح الحلبي، تقي الدين بن نجم الدين، الكافي قي الفقه، تحقيق: رضا استنادي، أصفهان ــ إيران، مكتبة الإمام أمير المؤمنين ، 1403هـ.
- آقا بزرك الطهراني، محمد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، ط3، 1403هـ/ 1983م.
- الأفندي، عبد الله، رياض العلماء وحياض الفضلاء، قم ــ إيران، مطبعة الخيام، ط1، 1401هـ.
- الأمين، السيد محسن، أعيان الشيعة، تحقيق: حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1403هـ/ 1983م.
- الحر العاملي، محمد بن الحسن، أمل الآمل، تحقيق: أحمد الحسيني، قم، دار الكتاب الإسلامي، 1362ش.
- الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط5، 1430هـ.
- العلامة الحلي، الحسن بن يوسف بن المطهر، مختلف الشيعة، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1417هـ.
- العلامة الحلي، الحسن بن يوسف بن المطهر، خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، قم، مؤسسة نشر الفقاهة، ط4، 1431هـ.
- القمي، عباس بن محمد، الكنى والالقاب، طهران، منشورات مكتبة الصدر، ط5، 1368ش.
- الكاظمي، أسد الله الدزفولي، مقابس الأنوار ونفائس الأسرار، قم، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، د.ت.
- المدرس التبريزي، محمد علي، ريحانة الادب، طهران، د.ن، 1369ش.
- النوري، حسین بن محمد تقي، خاتمة مستدرك الوسائل، بيروت، مؤسسة آل البيت قالب:عليهم السلام لإحياء التراث، ط1، 1429هـ/ 2008م.
- منتجب الدين الرازي، علي بن عبيد الله، الفهرست، تحقيق: جلال الدين محمدث ارموي، قم، د.ن، 1366ش.
- الحلي ابن داود، الحسن بن علي، رجال ابن داود، تحقيق: محمد صادق آل بحر العلوم، النجف الأشرف، المطبعة الحيدرية، 1392هـ/ 1972م.
وصلات خارجية
- دائرة المعارف الإسلامية الكبرى
- ابو صلاح في موقع أهل البيت (عليهم السلام)
- موقع لتحميل كتاب تقريب المعارف
- موقع حول سيرة أبو صلاح
- ↑ ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان، ج 2، ص 71.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 3، ص 634؛ المدرس التبريزي، ريحانة الادب، ج 7، ص 161.
- ↑ أبو الصلاح الحلبي، الكافي قي الفقه، ص 5.
- ↑ منتجب الدين الرازي، الفهرست، ص 44؛ ابن شهر آشوب، معالم العلماء، ص 29.
- ↑ الطوسي، رجال الطوسي، ص 417.
- ↑ الكاظمي، مقابس الأنوار ونفائس الأسرار، ص 8.
- ↑ ابنحجر العسقلاني، لسان الميزان، ج 5، ص 300؛ الأفندي، رياض العلماء، ج 4، ص 268؛ الحر العاملي، أمل الآمل، القسم 2، ص 120، 152.
- ↑ النوري، خاتمة مستدرك الوسائل، ج 3، ص 129.
- ↑ ابن إدريس الحلي، السرائر، ج 1، ص 490؛ العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج 1، ص 366.
- ↑ أبو الصلاح الحلبي، الكافي قي الفقه، ص 421 ــ 422.
- ↑ ابن إدريس الحلي، السرائر، ج 2، ص 449.
- ↑ ابن شهر آشوب، معالم العلماء، ص 29؛ الديلمي، أعلام الدين، ص 44 ــ 58؛ آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 21، ص 224، ج 22، ص 435، ج 26، ص 96 ــ 97.
- ↑ الطوسي، رجال الطوسي، ص 417.
- ↑ العلامة الحلي، خلاصة الأقوال، ص 84.
- ↑ الحلي، رجال ابن داود، ص 58.
- ↑ الحر العاملي، أمل الآمل، القسم 2، ص 46.
- ↑ القمي، الكنى والألقاب، ج 1، ص 99.
- ↑ منتجب الدين الرازي، الفهرست، ص 44؛ ابن شهر آشوب، معالم العلماء، ص 29.