سورة الممتحنة
سورة الممتحنة، هي السورة الستون ضمن الجزء الثامن والعشرين من القرآن الكريم، وهي من السور المدنية، واسمها مأخوذ من الآية العاشرة فيها، وتتحدث عن موضوع الحب في الله والبغض في الله، كما تنهى عن الولاء والودّ مع المشركين، وتتحدث أيضاً عن مسألة المرأة المهاجرة وضرورة امتحانها، كما تدعو المسلمين أن يقتدوا بنبي الله إبراهيم وموقفه مع أبيه.
ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة منها ما رويَ عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: من قرأ سورة الممتحنة كان المؤمنون والمؤمنات شُفعاء له يوم القيامة.
تسميتها وآياتها
سُميت السورة بالممتحنة؛ بلحاظ حالة التمحيص والامتحان التي وردت في قوله تعالى في الآية العاشرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ،[١] وقيل: إنها سُميت بالممتحنة باسم امرأة جاءت تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرها،[٢] وتسمى أيضاً بسورة الامتحان وسورة المودّة.[٣] وآياتها (13)، تتألف من (325) كلمة في (1560) حرف. وتعتبر من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة،[٤] ومن سور الممتحنات.[٥]
ترتيب نزولها
سورة الممتحنة من السور المدنية،[٦] ومن حيث الترتيب نزلت على النبي صلی الله عليه وآله وسلم بالتسلسل (91)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثامن والعشرين بالتسلسل (60) من سور القرآن.[٧]
معاني مفرداتها
أهم المعاني لمفردات السورة:
- (بِالْمَوَدَّةِ ): المحبة، وهنا المراد منها: الموالاة.
- (يَثْقَفُوكُمْ): يدركوكم ويظفروا بكم.
- (أُسْوَةٌ): قدوة يُقتدى به.
- (فِتْنَةً): اختبار.
- (تُقْسِطُوا): من القسط: وهو العدل.
- (بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ): عِصم: جمع عصمة: وهي ما يُتمسّك به، والكوافر: جمع كافرة: وهي التي لا تؤمن بالله.[٨]
محتواها
يتلخّص محتوى السورة في قسمين:
- الأول: يتحدث عن موضوع (الحب في الله) و (البغض في الله)، وينهى عن عقد الولاء والود مع المشركين، ويدعو المسلمين أن يستلهموا من سيرة الرسول العظيم إبراهيم فيما يتعلّق بموقفه من أقرب الأقربين إليه (أبيه آزر) بلحاظ ما يُمليه عليه الموقف، كما تذكر بعض الخصوصيات الأخرى في هذا المجال.
شأن نزولها
النهي عن موالاة المشركين:
جاء في كتب التفسير: إنّ الآيات الأولى من السورة نزلت في حاطب ابن أبي بلتعة، وهو صحابي من المهاجرين، وقد أحسن البلاء يوم بدر، ويتلّخص ما قالوه في سبب النزول: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تجهّز لغزو مكة، ولمّا عَلِم حاطب بذلك كتب إلى قريش يحذرهم، ودفع بكتابه إلى امرأة، فأوحى الله إلى رسوله بخبر حاطب، فبعث في طلب المرأة جماعة من أصحابه، منهم الإمام علي فأدركوها في الطريق، ولمّا سألوها عن الكتاب أنكرته، فصدّقها بعضهم، وكذّبها الإمام وهدّدها بالقتل، فأخرجت الكتاب من ضفائرها، فجاءوا به إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال لحاطب: من كتب هذا؟ قال: أنا يا رسول الله، فوالله ما كفرتُ منذ أسلمت، ولا غششتُ منذ آمنت، ولكني صانعتُ قريشاً حمايةً لأهلي من شرّهم، وقد علمتُ أنّ الله خاذلهم، فصدّقه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقَبِل معذرته.[١٠]
امتحان المرأة المهاجرة:
جاء في كتب التفسير: إنّ الآية العاشرة والثانية عشر نزلت بعد صلح الحديبية، وكان في العهد المكتوب بين النبي صلی الله عليه وآله وسلم وبين أهل مكة، أنه إن لَحِق من أهل مكة رجل بالمسلمين ردّوه إليهم، وإن لَحِق من المسلمين رجل لأهل مكة لم يردّوه إليهم، ثم إنّ بعض نساء المشركين أسلمنَ وهاجرنَ إلى المدينة، فجاء زوج إحداهنَّ يستردّها، فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يردّها إليه، فأجابه النبي أنّ الذي شرطوه في العهد ردّ الرجال دون النساء، ولم يردّها إليهم، وأعطاه ما أنفق عليها من المهر.[١١] وأما طريقة وأسلوب امتحانهنَّ، فهو أن يَستحلفنَ أنّ هجرتهنَّ لم تكن إلا من أجل الإسلام، وأنهنَّ لم يَقعنَ سبب لبغض أزواجهنَّ، أو حباً في أرض المدينة وما إلى ذلك.[١٢]
فضيلتها وخواصها
وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:
- عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: «من قرأ سورة الممتحنة كان له المؤمنون والمؤمنات شُفعاء يوم القيامة».[١٣]
- عن الإمام السجاد : «من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله امتحن الله قلبه للإيمان ونوّر له بصره، ولا يصيبه فقرٌ أبداً، ولا جنون في بدنه ولا في ولده».[١٤]
وردت خواص كثيرة، منها:
- عن الإمام الصادق : «من بُليَ بالطُّحال وعُسِر عليه، يكتبها ويشربها ثلاث أيام متوالية، يزول عنه الطُّحال بإذن الله تعالى».[١٥]
قبلها سورة الحشر |
سورة الممتحنة |
بعدها سورة الصف |
الهوامش
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1421 هـ.
- البحراني، هاشم بن سليمان، البرهان في تفسير القرآن، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1429 هـ.
- الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية، إيران - طهران، مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش.
- الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
- الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف، بيروت - لبنان، دار صادر، ط 1، 1431 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، قم-ايران، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، ط 2، 1430 هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1431 هـ.
- الموسوي، عباس بن علي، الواضح في التفسير، بيروت - لبنان، مركز الغدير، ط 1، 1433 هـ.
- معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 1، 1428 هـ.
- مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، بيروت- لبنان، دار الأنوار، ط 4، د.ت.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت - لبنان، مؤسسة الأميرة، ط 2، 1430 هـ.
وصلات خارجية
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 18، ص 151.
- ↑ الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 193.
- ↑ الألوسي، روح المعاني، ج 28، ص 361.
- ↑ الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1255.
- ↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313.
- ↑ الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 193؛ الرازي، التفسير الكبير، ج 29، ص 257.
- ↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 170.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 16، ص 49-63.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 18، ص 151.
- ↑ مغنية، تفسير الكاشف، ج 7، ص 298.
- ↑ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 19، ص 249.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 18، ص 167.
- ↑ الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 4، ص 1629.
- ↑ الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 541.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 9، ص 278.