سورة الصف
سورة الصف، هي السورة الواحدة والستون ضمن الجزء الثامن والعشرين من القرآن الكريم، وهي من السور المدنية، واسمها مأخوذ من الآية الرابعة فيها، وتتحدث عن الدعوة إلى الجهاد بيقين ثابت وعزم راسخ، كما تُبيّن فضيلة الإسلام على جميع الأديان السماوية، وتُشير إلى موقف اليهود من العهود ونقضهم لها، وتُشير إلى حياة الحواريين.
ومن آياتها المشهورة قوله تعالى: نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ حيثُ بشّر الله تعالى المؤمنين بالنعيم في ثواب الآخرة، والنصر والفتح لبلادهم.
ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة منها ما رُوي عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: من قرأ سورة الصف كان عيسى مُصلياً عليه مستغفراً له ما دام في الدنيا، وهو يوم القيامة رفيقه.
تسميتها وآياتها
سُميت السورة بالصف؛ بلحاظ العبارة التي وردت في قوله تعالى في الآية الرابعة: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ،[١] وتسمى أيضاً بسورة الحواريين، وسورة عيسى .[٢] وآياتها (14)، تتألف من (226) كلمة في (966) حرف. وتعتبر من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة،[٣] ومن سور الممتحنات.[٤]
ترتيب نزولها
سورة الصف من السور المدنية،[٥] وقيل: إنها مكية،[٦] ومن حيث الترتيب نزلت على النبي صلی الله عليه وآله وسلم بالتسلسل (111)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثامن والعشرين بالتسلسل (61) من سور القرآن. وهي من السور التي تسمى بسور الممتحنات.[٧]
معاني مفرداتها
أهم المعاني لمفردات السورة:
- (مَقْتًا): المقت: أشدّ البغض وأبلغه.
- (زَاغُوا): مالوا عن الهدى والحق.
محتواها
يتلخّص محتوى السورة في خمسة أمور:
- الأول: فضيلة الإسلام على جميع الأديان السماوية، وضمان خلوده وبقائه؛ لانتصار الإسلام عليها.
- الثاني: الدعوة إلى الجهاد بيقين ثابت وعزم راسخ عن طريق حفظ المبدأ وترسيخ أركانه وتطوير العمل لتقدمه والالتزام به.
- الثالث: تنزيه وتسبيح الباري عزوجل، وتمهيد الأرضية لتلقي وقبول الحقائق.
- الرابع: الدعوة إلى الانسجام بين القول والعمل، والابتعاد عن الدعاوى الفارغة والبعيدة عن المسار العملي.
- الخامس: الإشارة إلى موقف اليهود من العهود ونقضهم لها، بالإضافة إلى إشارة السيد المسيح بظهور الإسلام العظيم، واستعراض مختصر لحياة حواريّيه .[٩]
آياتها المشهورة
- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ،[١٠] جاء في كتب التفسير: إنّ جماعة من الصحابة كانوا قبل أن تتهيأ أسباب الأمر بالقتال يتمنون أن يُفرض عليهم، فلما تهيأت أسبابه وفُرض عليهم تثاقل فريقٌ منهم، فنزلت فيهم هذه الآية.[١١]
- قوله تعالى: وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ،[١٢] جاء في كتب التفسير: (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا) معناه: لكم خصلة أخرى مع ثواب الآخرة، و(نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ) في الدنيا عليهم، و( فَتْحٌ قَرِيبٌ) لبلادهم، ثم قال: و(بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) بالنعيم والنصر والفتح،[١٣] وفي تفسير القمي: يعني في الدنيا بفتح القائم قالب:عج، وقال أيضاً بفتح مكة.[١٤]
فضيلتها وخواصها
وردت فضائل كثيرة في قراءة سورة الصف، منها:
- عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: «من قرأ سورة الصف كان عيسى مُصلياً عليه مستغفراً له ما دام في الدنيا، وهو يوم القيامة رفيقه».[١٥]
- عن الإمام الباقر : «من قرأ سورة الصف وأدمَنَ قراءتها في فرائضه ونوافله صفّه الله مع ملائكته وأنبيائه المرسلين».[١٦]
وردت خواص لهذه السورة في بعض الروايات، منها:
- عن الإمام الصادق : «من أدمنَ قراءتها في سفره أمِنَ من طوارقه، وكان محفوظاً إلى أن يرجع إلى أهله بإذن الله تعالى».[١٧]
قبلها سورة الممتحنة |
سورة الصف |
بعدها سورة الجمعة |
الهوامش
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1421 هـ.
- البحراني، هاشم بن سليمان، البرهان في تفسير القرآن، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1429 هـ.
- الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية، إيران - طهران، مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش.
- الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
- الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف، بيروت - لبنان، دار صادر، ط 1، 1431 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، قم-ايران، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، ط 2، 1430 هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1431 هـ.
- القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، قم - إيران، مؤسسة الإمام المهديقالب:عج، ط 1، 1438 هـ.
- الموسوي، عباس بن علي، الواضح في التفسير، بيروت - لبنان، مركز الغدير، ط 1، 1433 هـ.
- معرفة، محمد هادي، تدريس العلوم القرآنية، ترجمة: أبو محمد فقيلي، دار نشر الدعاية الإسلامية ، 1371 ش.
- معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 1، 1428 هـ.
- مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، بيروت- لبنان، دار الأنوار، ط 4، د.ت.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت - لبنان، مؤسسة الأميرة، ط 2، 1430 هـ.
وصلات خارجية
قالب:القرآن الكريم قالب:فهرس سور القرآن الكريم قالب:المفصل من السور
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 16، ص 76.
- ↑ الألوسي، روح المعاني، ج 28، ص 385.
- ↑ الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1255.
- ↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313.
- ↑ الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 209.
- ↑ الرازي، التفسير الكبير، ج 29، ص 269.
- ↑ معرفة، علوم قرآن، ج 1، ص 2612.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 16، ص 77-90.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 18، ص 178.
- ↑ سورة الصف: 2-3.
- ↑ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 19، ص 259؛ مغنية، تفسير الكاشف، ج 7، ص 313.
- ↑ سورة الصف: 13.
- ↑ الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 217.
- ↑ القمي، تفسير القمي، ج 3، ص 1067.
- ↑ الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 4، ص 1633.
- ↑ الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 551.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 9، ص 286.