إعلام الورى بأعلام الهدى (كتاب)

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

إعلامُ الوَرى بأعلامِ الهدى، كتاب للفضل بن الحسن الطبرسي الملقب بأمين الإسلام (المتوفى سنة 548 هـ). استعرض فيه مختصراً من سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وتاريخ حياة الأئمة المعصومين عليه السلام إضافة إلى موضوع الإمامة. وقد اعتمد الكثير ممن كتب عن حیاة الأئمة (ع) إلي هذا الكتاب كمصدر مهم في مدوناتهم التاريخية وغيرها.

مؤلف الكتاب

أمين الإسلام أبو علي فضل بن الحسن طبرسي (المتوفى 548ه)، الملقّب بأمين الدين، مصنّف "مجمع البيان في تفسير القرآن" المشهور. وكان من أجلّاء علماء الإمامية ومن الأعلام المعتدلين، فقيهاً، محدّثاً، متبحّراً في التفسير، عمدةً فيه، محققاً، لغوياً، ذا معرفة بعلوم أُخرى. صنّف في التفسير كتباً ثلاثة، هي: مجمع البيان، الكاف الشاف من كتاب الكشاف وجوامع الجامع ويعبّر عنه بالوسيط.

فصول الكتاب

رتّب المؤلّف كتابه على أربعة أركان، تتفرّع عنها أبواب وفصول متعددة، تناول فيها حياة المعصوم (عليه السلام). فقد خصص الركن الأول من كتابه لسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأحداث الكبرى التي زامنت عصر الرسالة الأولى، وحياة السيدة الزهراء (ع). وأما الركن الثاني من الكتاب فقد خصصه لحياة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام مستعرضاً فيه مجمل جوانب حياته المباركة.

وخصص المؤلف الركن الثالث من الكتاب لباقي الأئمة المعصومين عليهم السلام حتى الإمام الحسن العسكري عليه السلام من خلال أبواب وفصول متعددة. وكان نصيب الإمام المهدي قالب:عج الركن الرابع والأخير من الكتاب، حيث تناول معظم الاخبار والروايات المتصلة به. اعتمد الطبرسي منهج الاختصار في بيان تاريخ الرسولصلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام من زاوية التاريخ الشيعي مع بيان دليل إمامتهم ليضعه تحت متناول عامة الشيعة المنتشرين بكثرة في إيران وسائر البلدان الاسلامية، وكان رحمه الله يشير في خاتمة كل بحث إلى خصوصية الكتاب هذه.قالب:بحاجة إلى مصدر

الغاية من تدوين الكتاب

ذكر الطبرسي في مقدمة كتابه بعد الحمد والثناء والصلاة على النبي وآله أنّه أهدى كتابه هذا الى الملك المؤيد العادل شرف الدنيا والدين، ظهير الاِسلام والمسلمين أحد سلاطين التشيع أبي الحسن عليّ بن شهريار بن قارن، الذي كان له الدور البارز في تعزيز المذهب الامامي في منطقة مازندران. ثم أضاف: إنّ من لم يتشرّف بتقبيل تراب الحضرة العالية الاِِصفهبذية العلائية، أدام الله لها العلو والعلا والسمو والسنا والقدرة والبهاء ولم ينسب إلى جملة خدمها، ولم يحسب في زمرة حشمها، فهو ناقص عن حيّز الكمال، عادل عن الحقيقة إلى المحال.

وبعد أن سطّر مجموعة من الاشعار في مدح الأمير وأسرته، قال: ولمّا عاق هذا الدّاعي– يعني نفسه- المخلص عن ورود الحضرة العالية، والوصول منها إلى رواق العزّ والجلال، والإكتحال بتلك النهجة والجمال عوائق الزحال وعوادي الاُصول أراد أن يخدمها بخدمة تبقى عوائدها على تعاقب الأيام وتناوب الشهور والأعوام، فيؤلّف كتاباً يتضمّن أسامي الاَئمة الهداة والسادة الولاء واُولي الاَمر وأهل الذكر وأهل بيت الوحي، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، ويشتمل على تواريخ مواليدهم وأعمارهم، وطرف من أخبارهم ومحاسن آثارهم، والنصوص الدالّة على صحّة إمامتهم، والآيات الظاهرة من الله عليهم الشاهدة لتمييزهم عمّن سواهم وإبانتهم عمّن عداهم. [١]

قيمة الكتاب

يقع الكتاب في مصاف كل من كتاب الإرشاد للشيخ المفيد وكتاب كشف الغمة وروضة الواعظين للفتال النيسابوري التي تعد من عيون مصنفات القرن الخامس الهجري حتى القرن السابع التي تعرضت لحياة المعصومين، وانها تمثل المصادر الأمّ التي يرجع اليها في هذا المجال. وتكمن قيمة الكتاب في اعتماده على المصادر الاصلية والمصنفات المعتبرة في التاريخ والحديث، مع مراعاة نوعية المخاطبين في الكتاب.

إعلام الورى وربيع الشيعة

جاء في مقدمة لجنة التحقيق في مؤسسة آل البيت الاشارة الى التطابق بين كتاب إعلام الورى وكتاب ربيع الشيعة: من يتأمل في متني كتابنا هذا ـ إعلام الورى- وربيع الشيعة المنسوب للسيد ابن طاووس رحمه الله يجد توافقاً غريباً، وتطابقاً عجيباً بين الاثنين، سواء في ترتيب الأركان والأبواب والفصول، أو في المواضيع التي تناولتها هذه التقسيمات، باستثناء بعض الاختصارات المحدودة، والاختلاف في خطبة الكتاب، وهذا ممّا أثار استغراب قرّاء الكتابين وتعجبهم، ودفعهم للتفحُّص بدقة وعناية في علّة هذا التوافق ومصدره، وهل أنّ هذين الاسمين لكتابين مختلفين ومؤلّفين اثنين؟ أم هناك التباس دفع لهذه الشبهة وأن العنوانين هما لكتاب واحد، ولمؤلّف واحد؟ أو لعل احدى هاتين التسميتين مضافة قهراً أو سهواً على هذا الكتاب، وبالشكل الذي قد يدفع البعض للاعتقاد باثنينيتهما؟

نعم، إن هذا الأمر وإن شكّل في أول وهلة حيرة عند الفضلاء والعلماء، إلاّ أنّ البعض منهم لم يلبث أن قطع بعد الفحص والتأمُّل بأنّ هذين الأصلين يعودان- بلا أدنى شك- لكتاب واحد، لاتحادهما الشامل، وتوافقهما الكبير.

ولمّا كانت نسبة كتاب إعلام الورى للشيخ الطبرسي رحمه الله مقطوع بها، وثابتة بشكل لا يرقى إليه الشك، فانّ هذا الشك كان منصبّاً ومتوجهاً نحو الكتاب الآخر- إن تنازلنا وقلنا بعدم وحدتهما- وصحة نسبته للسيّد ابن طاووس رحمه الله وهو الأمر الذي لا يعسر على باحث ومتمرّس في عمله القطع بعدم صواب هذه النسبة وإبطال شبهتها.

ولا غرو في ذلك، فان التحقٍّق في مدى نسبة كتاب ربيع الشيعة للسيّد ابن طاووس رحمه الله تظهر بجلاء وهن وضعف هذه النسبة التي لم يُثار إلاّ من خلال ما وجد على بعض نسخه التي تشير إلى أنّه من تصانيف السيّدعلي بن طاووس فحسب، وهذا الأمر عند إخضاعه للبحث والتمحيص نجده لا يقف قطعاً أمام القرائن والدلائل المتعددة النافية لهذه النسبة، وهذه التسمية.

ولعلّ من تلك القرائن- كما ذكر ذلك الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه الله- إن الممارس لبيانات السيد ابن طاووس لا يرتاب في أن ربيع الشيعة ليس له، والمراجع له لا يشك في اتحاده مع إعلام الورى.[٢] نعم فان للسيد ابن طاووس أسلوباً معلوماً ومنهجاً واضحاً في كتبه ومؤلفاته تجعل من نسبة هذا الكتاب إليه غريبة وشاذة، بل وغير معهودة لما عرف عنه، وتعاهد عليه الجميع. ثم إنّ من تعرّض لجرد مؤلّفاته وكتبه رحمه الله لم يذهب ألى نسبة هذا الكتاب إليه، وكذا معظم من ترجم له، إلاّ في حالات متشككّة ومتردّدة، وفي هذا الأمر ما يضعف أيضاً نسبة الكتاب إليه.

وممّا يقطع بانتفاء هذه النسبة من جانب، وكون النسختين لكتابين مستقلين من جانب آخر، مسألة التطابق بين النسختين بالشكل الذي يدفع القارئ للقول بأنّ ما يقرأه كتاب واحد فحسب، حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتفق مؤلّفان في كتابين مستقلّين على جميع مواد كتابيهما، وتفاصيل بحوثهما وأخبارهما إلاّ اذا عمد اللاحق الى استنساخ ما كتبه السابق ثم قيامه بنسبة ما استنسخه إليه، وهذا الفعل السيء لا يمكن بأي حال من الأحوال نسبته للسيّد ابن طاووس رحمه الله لانّه محض وهم وافتراء لا يليق توجيهه لعلم من أعلام الطائفة الكبار له الكثير من المؤلفات القيمة التي كانت وما زالت تزدان بها المكتبة الاسلامية العامرة، فهذا الأمر مستحيل الوقوع، ومردود الافتراض.

ومن هنا فقد كان لهذا التطابق الغريب بين هاتين النسختين الأثر الكبير في كيفية التعامل معهما، فاُخذ من الاول- أي الاعلام- واعتمد عليه دون الثاني، للقطع الحاصل بصحة انتساب الأوّل الى مؤلفه خلاف ما هو في الثاني. وهذا الأمر هو الذي دفع العلاّمة المجلسي رحمه الله الى التوقُّف عن نقل أي مورد عن ما يُعرف بكتاب ربيع الشيعة، قال: وتركنا منها- أي من كتب ابن طاووس- كتاب ربيع الشيعة لموافقته لكتاب إعلام الورى في جميع الأبواب والترتيب، وهذا ممّا يقضي منه العجب. ثم ذكرت لجنة التحقيق التبريرات لهذا التطابق ووجوه المعالجة فلاحظ.[٣]

خصائص الكتاب

امتاز الكتاب بخصوصيات كثيرة، منها:

  • لغة الاعتدال والوسطية

اتسمت كتب العلامة الطبرسي بلغة الاعتدال والوسطية في الطرح ولعل ذلك يعود الى طبيعة الرجل وانفتاحه على المذاهب الأخرى والمدراس المتعددة.

ويشاركه في لغة الاعتدل هذه الكثير من العلماء المعاصرين له، منهم عبد الجليل القزويني وقوامي الرازي. [٤] ومن هنا نجد لغة الاعتدال هذه بارزة في سائر مؤلفات الطبرسي وخاصة التفسيرية منها. ومن مؤشرات ذلك إهماله لقضية المواجهة بين الزهراء عليه السلام والسلطة الحاكمة وموقفها من الخليفتين الأوّل والثاني. [٥] وحينما تعرض لموقف عائشة من جنازة الحسن عليه السلام والاعتراض على دفنه الى جوار جده، أكد أنّه لم يكن الهدف من الاتيان بجنازة الامام الحسن عليه السلام دفنه الى جوار جده، بل إنما توجّه به الحسين عليه السلام إلى قبرجدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليجدّد به عهداً. [٦]

  • الامتياز بطريقة الطرح

اعتمد الطبرسي في كتابه هذا طريقة الشيخ المفيد في الإرشاد وغيره من كتبه، حيث يستعرض أوّلاً الهويّة الشخصية للإمام الذي يريد ترجمته كالولادة والوفاة والاحوال الشخصية كالنسب والزواج والاولاد ومدّة إمامته ومكان الدفن، ثم يردفها بالبحث عن براهين إمامته العقلية والنقلية.

ويختم البحث باستعراض معاجزه وكراماته الصادرة على يديه مع بيان أخباره والوقائع التي حصلت له بما ينسجم مع حجم البحث. والملاحظ أنّ الطبرسي فصّل الكلام في حياة كل من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين علي عليه السلام، بل غاص كثيراً في فضائله (عليه السلام)، وكذلك فصّل الكلام في ترجمته للإمام الحسين عليه السلام ومقتله.

  • حذف الأسانيد والمصادر

الملاحظ أن الطبرسي اعتمد في كتابه هذا لغة الاختصار بحذف الأسانيد وعدم الإشارة إلى المصادر التي اعتمدها؛ والسبب في ذلك يعود الى رغبته بتوفير مادة تاريخية يضعها تحت متناول الشيعة لتكون لهم نافذة يطلون من خلالها على حياة الأئمة. وهذا بطبيعة الحال لا يحتاج الى ذكر الأسانيد أو الإشارة الى المصادر. ومن هنا اكتفى بالقول "روى نقلة الآثار" أو "نقلة الأخبار" أو "جاء في الخبر" و "روى جماعة من أهل السير" و "روى جماعة من أهل التاريخ".

وحينما تعرّض لفضائل أمير المؤمنين عليه السلام المتواترة قال: وأمّا ما رواه أصحابنا من فضائله فلا تجتمع أطرافه، ولا تعدّ آلافه، وأنا اُورد من جملتها اُناسي العيون ونفوس الفصوص، وأثبتها محذوفة الأسانيد تعويلاً في ذلك على إشتهارها بين نقلة الآثار، واعتماداً على أنّ نقلها من كتب محكومة بالصحّة عند نقّاد الأخبار.[٧]

ومع ذلك توجد حالات يتعرض فيها لذكر المصدر الذي استقى منه المعلومة، أو يطرح القضية بنحو يطمئن القارئ بأن أخذها من كتاب محدد، فحينما يذكر الشيخ المفيد يقطع القارئ بأنّه أخذ المعلومة من كتابه الإرشاد.[٨] الا أن ذلك لا يمثل قاعدة مطّردة فقد يذكر اسم المؤلف ولم يعرف بالتحديد الكتاب الذي استقى المعلومة منه كما في قوله: "وذكر السيد الأجل المرتضى في بعض مسائله....[٩]

  • الاعتماد على مصادر مفقودة

اعتمد الطبرسي بعض المصادر غير المتوفرة في الاسواق بل المفقود أصلا والتي لم يصل لنا منها سوى الفقرات التي نقلها العلامة الطبرسي عنها، منها: كتاب أخبار أبي هاشم الجعفري، وكتاب الرد على الزيدية لأحمد الدوريستي، والتفهيم لأبي محمد الحسيني ونوادر الحكمة للاشعري، ومن أبرز تلك المصادر كتاب المغازي لأبان بن عثمان الأحمر الذي نقل عنه الطبرسي كثيراً.

نسخ الكتاب وتراجمه

قامت مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بإصدار طبعة محققة ومنقحة للكتاب في مجلدين مزينة بتخريج المصادر وملحقة بفهارس علمية ضرورية، كما تصدى الأستاذ عزيز الله عطاردي لترجمة الكتاب إلى الفارسية وطبعه تحت عنوان "زندگي چهارده معصوم عليهم السلام".

المصادر والمراجع

  • الفضل بن الحسن؛ الطبرسي، أعلام الورى باعلام الهدى، قم، مؤسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث، ۱۴۱۷هـ ق.
  • جعفريان؛ رسول، تاريخ تشيع در ايران از آغاز تاقرن دهم هجري[تاريخ التشيع في إيران من بداية الاسلام وحتى القرن العاشر الهجري]،تهران، علم،1387.
  1. جعفريان، ج 2، فصل: تشيع اعتدالي در ايران قرن ششم و هفتم.
  2. الذريعة، ج 2، ص 241.
  3. انظر: اِعلامُ الوَرى بأعلام الهُدى، تأليف أمين الإسلام الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، الجزء الأول، ص 22- 25، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ايران، قم.
  4. اعلام الورى، ج 1، ص 300-301.
  5. ج 1، ص 414 ـ 415.
  6. راجع: ج 1، ص 359.
  7. راجع: ج 1، ص 359.
  8. راجع: ج 1،ص 477.
  9. راجع: ج 1،ص 477.