آية أهل الذكر

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

آية أهل الذكر أو آية السؤال (النحل: 43 والأنبياء: 7) تدعو الناس خاصة المشركين للسؤال من أهل العلم حول حقيقة نبوة نبي الإسلام (ص)، وقد نزلت هذه الآية عندما كان مشركو مكة ينكرون دعوة النبي (ص)، مطالبين من الله باختيار ملكا من الملائكة للنبوة.

ويرى بعض المفسرون أن المراد من أهل الذكر في هاتين الآيتين هم علماء اليهود والنصارى أو العلماء الذين لديهم معرفة بأحوال اللأمم السابقة، والمراد من السؤال هو السؤال عن علائم النبوة التي وردت في كتبهم.

وهناك مفسرون -وفي ذيل هاتين الآتين- يستندون إلى روايات عديدة وردت في كتب الشيعة وأهل السنة تعد أن أوضح مصداق أهل الذكر هم أهل البيت (ع)، ويجب أخذ أحكام الشريعة وتفسير القرآن من هؤلاء.

وفي بعض الكتب الأصولية تستند إلى آية أهل الذكر لحجية خبر الواحد.

نص الآية

آية أهل الذكر تطلق على آية وردت في سورة النحل وهي الآية 43 وفي سورة الأنبياء الآية 7 بنفس الكلمات، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ

شأن النزول

قال ابن عباس: لما بعث الله محمداً عليه السلام رسولاً، أنكرت العرب ذلك. وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً. فأنزل الله قالب:قرآن [يونس: 2] [١] وورد أن الآية نزلت في جواب مشركي مكة، عندما سألوا، فهلاّ بعث إلينا ملكاً.[٢]

مضمون الآية

أورد الطبرسي في تفسير مجمع البيان أن المقطع الأول من الآية يعتبر أن الله أرسل رسوله من جنس البشر حتى يروه، ويتكلموا معه، ويفهموا حديثه، فلا يصح أن يستبدل ملكا مكان البشر لمهمة تبليغ الرسالة.[٣]

ويعد العلامة الطباطبائي أن الآية في مقام تبيين كيفية بعثة الرسل حتى يعلم المشركين أن الدعوة الدينية هي دعوة عادية من رجال يوحى إليهم من البشر يندبون إلى ما فيه صلاح الناس في دنياهم وآخرتهم، وليست هناك قدرة غيبة تبطل إرادة الناس واختيارهم، وتجبرهم بقبول الدعوة الدينية،[٤] ويرى أن المقطع الثاني من الآية وهو قوله «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» وإن كان في الظاهر الآية تخاطب النبي (ص) وقومه، لكن الكلام موجه إلى عموم الناس خاصة المشركين، وعلى من لا يعلم من المشركين أن يسأل أهل العلم.[٥]

كما أن مكارم الشيرازي أيضا يعتبر القسم الثاني من الآية «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْر» يؤكد ويؤيد هذه الحقيقة أن تبليغ الوحي للناس من واجبات الأنبياء وتتحقق عن بالوسائل الطبيعية، وليس من خلال قوى خارقة وخلافا لسنن الطبيعة يُجبر الناس على قبول الدعوة وترك جميع الانحرافات، وإذا كان الأمر هكذا ليس هناك مفخرة لإيمان الناس وتكاملهم.[٦]

مصاديق الآية

ناقش مفسرو القرآن المراد من أهل الذكر ومصاديقهم في آية أهل الذكر، فمنهم يقول أن المراد من أهل الذكر هم أهل العلم بأخبار من مضى من الأمم، وورد أنهم اليهود والنصارى؛ إذ أن أخبارهم حجة على المشركين،[٧] وقيل هم العلماء بأخبار الأمم السابقة سواء أكانوا مؤمنين أم كفارا؟[٨] والمراد من السؤال هو السؤال من علائم النبوة التي وردت في كتبهم،[٩] فالمفسرون حملوا مفهوم أهل الذكر على المفهوم العام له، وذكروا مصاديق أخرى له، وهناك رأيان حول مصداق أهل الذكر بين مفسري الشيعة وأهل السنة.

أهل البيت (ع)

إن مفسري الشيعة -وبناء على روايات عديدة- يرون أن المصداق البارز والكامل لأهل الذكر هم أهل البيت (ع)،[١٠] وذكرت تفاسير أهل السنة في بعض الروايات الواردة منها القرطبي والطبري في تفسيرهما للآية الـ 7 من سورة الأنبياء أن الإمام علي (ع) قال عندما نزلت الآية: "نحن أهل الذكر".[١١]

وورد في كتاب بصائر الدرجات باب تحت عنوان "في أئمة آل محمد أنهم أهل الذكر الذي أمر الله بسؤالهم"،[١٢] وللكليني أيضا في كتابه الكافي باب باسم "إن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة"،[١٣] كما أن المجلسي ذكر في بحار الأنوار باب تحت عنوان "إنهم (الأئمة) عليهم السلام الذكر وأهل الذكر" بأن المراد من أهل الذكر هم أئمة الشيعة.[١٤]

وفي شرح الروايات المتقدمة ورد أن الأئمة قالوا نحن أهل الذكر. ولا يراد منه ظاهر الآية؛ لأن كفار مكة لا يمكن أن يسألوا الأئمة شيئا وعلى افتراض السؤال لم يعدوا كلامهم حجة، كما أنهم رفضوا كلام الرسول (ص)، فالمراد من هذه الروايات هي التشبيه والتمثيل، إضافة إلى أنه يجب أن يُسأل كل شيء من أهله، كما أنه يجب السؤال من علماء الأمم السابقة سبب كون الأنبياء من البشر، ويجب السؤال أيضا من الأئمة المعصومين عن أحكام الإسلام وتفسير القرآن.[١٥]

يقول مكارم الشيرازي إن أهل البيت (ع) هم أفضل مصداق لأهل الذكر، وهذا الأمر لا ينافي أن الآية نزلت في علماء أهل الكتاب، فهذه ليست هي المرّة الأولى في تفسير الرّوايات للآيات القرآنية تقوم ببيان أحد مصاديقها دون أن تقيد بمفهوم الآية.[١٦]

العلماء

قال العلامة الطباطبائي: الآية إرشاد إلى أصل عام عقلائي وهو وجوب رجوع الجاهل إلى أهل الخبرة، وليس ما تتضمنه من الحكم حكماً تعبدياً، ولا أمر الجاهل بالسؤال عن العالم ولا بالسؤال عن خصوص أهل الذكر أمراً مولوياً تشريعياً، وهو ظاهر.[١٧]

مفسرو أهل السنة ذكروا 15 مفهوما لأهل الذكر،[١٨] وورد أن المراد منهم ثلاث جماعات: "مؤمني أهل الكتاب" أو "أهل القرآن"،[١٩] أو"علماء أهل البيت".[٢٠]

الاستخدام الفقهي لحجية خبر الواحد

في أصول الفقه يستند إلى آية أهل الذكر لإثبات حجية خبر الواحد، ويستدل به أنه عندما صار واجبا السؤال من أهل الذكر، بالتالي يصبح واجبا قبول كلامهم وعدم رفضه، وإلا يلغى وجوب السؤال منهم،[٢١] وهناك إشكالات وردت على هذا الاستدلال، منها ما ذكره الشيخ مرتضى الأنصاري أنه قال: بناء على الروايات الواردة أن المراد من أهل الذكر هم الأئمة، وليس رواة أحاديثهم.[٢٢]


المصادر والمراجع

  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1419 هـ.
  • أبو حيان، محمد بن يوسف، البحر المحيط في التفسير، بيروت، دارالفكر، 1420 هـ.
  • الآخوند الخراساني، محمدكاظم، كفاية الأصول، قم، مؤسسة آل البيت، 1409 هـ.
  • اصغرپور قراملكي، محسن، «اهل‌الذكر»، در دائره المعارف قرآن كريم، قم، بوستان كتاب، 1383ش.
  • الأنصاري، مرتضي، فرائد الأصول، قم، مؤسسة نشر اسلامي، 1416 هـ.
  • بشوي، محمديعقوب، «نقد وبررسي ديدگاه فريقين درباره اهل ذكر»، در مجله پژوهشنامه حكمت وفلسفه اسلامي، قم، جامعة المصطفي العالمية، شماره 8، پاييز 1382ش.
  • الحر العاملي، محمد بن حسن، وسائل الشيعه، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، 1414 هـ.
  • الحسكاني، عبيد الله بن عبد الله، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، طهران، وزارة الثقافة الإسلامية، 1411 هـ.
  • الحويزي، عبدالعلي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، تصحيح: هاشم رسولي، قم، إسماعيليان، 1415 هـ.
  • الشعراني، أبو الحسن، نثر طوبي، طهران، دار الكتب الاسلاميه، 1398 هـ.
  • الصفار القمي، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات في فضائل آل محمد ص، تصحيح وتعليق ميرزا محسن كوچه باغي تبريزي، قم، انتشارات مكتبة آية الله المرعشي النجفي، 1404 هـ.
  • الطباطبايي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، 1390 هـ.
  • الطبرسي، فضل بن حسن، مجمع البيان، طهران، ناصر خسرو، 1382 ش.
  • الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: خليل الميس، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415 - 1995 م.
  • الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت،‌ دار المعرفة، 1412 هـ.
  • القرطبي، محمد بن احمد، الجامع لاحكام القرآن، طهران، ناصر خسرو، 1364 ش.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي،‌ طهران دار الكتب الإسلامية، 1408 هـ.
  • المجلسي، محمدباقر، بحارالانوار، بيروت، دار احيا التراث العربي، 1403 هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسیر کتاب الله المنزل، قم، مدرسة الإمام علي (ع)، 1379 هـ ش.
  • الواحدي، علي بن احمد، اسباب نزول القرآن، تحقيق: كمال بسيوني زغلول، بيروت،‌ دار الكتب العلمية، 1411 هـ.
  1. الطبري، جامع البيان، 1415 هـ، ج 11، ص 107.
  2. الواحدي، أسباب نزول القرآن، ص 286.
  3. الطبرسي، مجمع البيان، 1381 ش، ج 6، ص 558.
  4. الطباطبائي، الميزان، 1390 هـ، ج 12، ص 256.
  5. الطباطبائي، الميزان، 1390 هـ، ج 12، ص 258.
  6. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 8، ص 197.
  7. أبو حيان، البحر المحيط، 1420 هـ، ج 6، ص 533؛ الطباطبائي، الميزان، 1390 هـ، ج 12، ص 258.
  8. الطبرسي، مجمع البيان، 1382 ش، ج 6، ص 558؛ الطباطبائي، الميزان، 1390 هـ، ج 12، ص 258.
  9. اصغرپور قراملکی، «اهل‌الذکر»، ص 132.
  10. الكليني، الكافي، 1408 هـ، ج 1، ص 210-211.
  11. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 1364 ش، ج 11، ص 282؛ طبری، جامع البیان، 1412 هـ، ج 18، ص 5.
  12. الصفار القمي، بصائر الدرجات، باب 19.
  13. الكليني، الكافي، 1408 هـ، ج 1، ص 303.
  14. المجلسي، بحار الأنوار، 1403 هـ، ج 23، ص 182.
  15. شعرانی، نثر طوبی، 1398 هـ، ج 1، ص 286.
  16. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 8، ص 199.
  17. الطباطبائي، الميزان، ج 12، ص 259.
  18. بشوی، «نقد وبررسی دیدگاه فریقین درباره اهل ذکر»، ص58.
  19. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 1364 ش، ج 10، ص108.
  20. ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 1419 هـ، ج 4، ص492.
  21. الأنصاري، فرائد الأصول، 1416 هـ، ج 1، ص132؛ الأخوند الخراساني، كفاية الأصول، 1409 هـ، ج 1، ص300.
  22. الأنصاري، فرائد الأصول، 1416 هـ، ج 1، ص133.