الميرداماد
محمد باقر بن محمد الحسيني الأسترآبادي، (وفاة: 1041 هـ)، المعروف بـالميرداماد، وهو فيلسوف وفقيه شيعي في القرن الحادي عشر الهجري، أي: في العصر الصفوي، حيث كان معاصراً للشيخ البهائي، كما أنه كان أستاذاً للملا صدرا صاحب الحكمة المتعالية.
يشتهر الميرداماد بلقب المعلم الثالث، ويُعتبر من الفلاسفة المسلمين الذين كان لهم التأثير الكبير في تشكيل الحكمة المتعالية للملا صدرا، وقد وصف بأنه العالم الجامع حيث كان له تخصص في العديد من العلوم، منها: الفلسفة، والكلام، والفيزياء، والرياضيات، والفقه، والأصول.
تصل مؤلفاته المكتوبة إلى أكثر من مائة كتاب، حيث يُعتبر كتاب القبسات من أهم مؤلفاته الفلسفية. تعتمد فلسفته على الطريق العقلي والشهود العرفاني. من أشهر نظرياته الفلسفية أصالة الماهية، و(الحدوث الدهري). له ديوان شعر في اللغة العربية والفارسية.
حياته
هو السيد محمد باقر بن شمس الدين محمد الحسيني الأسترآبادي، ولد في سنة 969 هـ[١] أو 970 هـ،[٢] والمعروف بـالميرداماد وذلك لشهرة والده بالداماد؛ لكونه صهر المحقق الكركي، فعرف محمد باقر أيضاً بهذا الأسم،[٣] والملقب بـأستاذ البشر[٤] والمعلم الثالث.[٥]
عاش الميرداماد في مشهد لسنوات عديدة ودرس فيها العلوم العقلية والنقلية، ثم سافر إلى قزوين وكاشان ومكث فيهما فترة من الزمن ثم استقر في آخر المطاف في أصفهان.[٦] كان معاصر للشيخ البهائي، ومن المقربين لدى الشاه عباس الصفوي.[٧]
سافر الميرداماد في أواخر حياته مع الشاه صفي الصفوي إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة،[٨] وذكر آقا بزرك الطهراني أنه توفى بين النجف وكربلاء سنة 1041 هـ ودفن في النجف.[٩] ورد في كتاب ريحانة الادب بالإضافة إلى التاريخ السابق أنه توفى في سنة 1040 أو 1042 هـ.[١٠]
مكانته العلمية
ذكر المستشرق الياباني والباحث في القرآن إيزوتسو أنَّ الميرداماد من أعظم الفلاسفة المسلمين حيث كان من العلماء المتقنين لجميع العلوم الإسلامية، مثل الفلسفة، وعلم الكلام، والطبيعيات، والرياضيات، والفقه، والأصول، والحديث، والتفسير.[١١] كذلك ذكر أنَّ الميرداماد كان مشهوراً بلقب المعلم الثالث (كما أرسطو المعلم الأول والفارابي المعلم الثاني)، وهذا يدل على مكانته العلمية العالية في فترة حياته.[١٢]
كما وصفه مرتضى مطهري بأنَّه رجل جامع حيث كان فيلسوف، وفقيه، وعالم رياضيات، وأديب، ورجالي.[١٣] وردفي كتاب أعيان الشيعة، أنَّه كان متفننا في جميع العلوم الغريبة.[١٤]
يعتقد إيزوتسو أنَّ فلسفة الميرداماد قد أثرت وبشكل كبير على فلسفة الملا صدرا (الحكمة المتعالية)، والمدرسة الفلسفية في أصفهان؛ بطريقة تجعل فهمهما بشكل صحيح مستحيل من دون معرفة فلسفة الميرداماد.[١٥] كان الميرداماد شاعراً، وله ديوان شعر في اللغة العربية والفارسية.[١٦]
فلسفته
ذكر إيزوتسو، أنَّ فلسفة الميرداماد تعتمد على البرهان العقلي والشهود العرفاني، ففي المنهج العقلي من أتباع المدرسة المشائية، وفي العرفان قد تأثر بالشيخ السهروردي، ففي فلسفته تم الربط بين الحكمة المشائية والحكمة الإشراقية.[١٧]
كان في مسألة أصالة الوجود وأصالة الماهية، يعتقد بأصالة الماهية تبعاً للسهروردي.[١٨] من أشهر وأهم نظرياته هو «الحدوث الدهري».[١٩] اعتقد ابن سينا والفلاسفة الذين جاءوا بعده، أنَّ عالم العقول عالم قديم وأزلي، والفرق بين العقول والله هو إنَّ الله واجب الوجود والعقول ممكنة الوجود؛[٢٠] ولكن ذهب الميرداماد أنَّ العقول ليست قديمة، بل حادثة.[٢١] وفقاً له أن هذا الحدوث لا يحصل في الزمان. يعتقد ابن سينا هذا ليس أمر اعتباري وذهني، بل هو أمر واقعي ونفس أمري ويحدث في مرتبة وجود (الدهر).[٢٢]
التعقيد في كتاباته
تمتاز كتابات الميرداماد بالتعقيد وصعوبة الفهم، حيث كان يستخدم الكثير من الكلمات والعبارات الغير مألوفة، فقد مزج في عباراته بين الفارسية والعربية وفي بعض الأحيان لا يلتزم في قواعد الكتابة المعتادة، وكان يضع بين الحين والآخر بعض الكلمات الجديدة الغير معروفة.[٢٣] لهذا السبب، لا يفهم الكثيرون ما يقوله بشكل صحيح. حيث كتب رداً على أحد منتقديه: «يجب أن يكون المرء مدرك جيداً أن فهم كلامي يحتاج إلى فن، وليس المجادلة معي والنقاش».[٢٤]
وذكر هانري كُربن، لم يكن أسلوب الميرداماد في الكتابة هو بسبب ضعفه الفلسفي أو عدم قدرته على أستخدام اللغة البسيطة، بل كان السبب هو تجنب لدغة معارضي الفلسفة.[٢٥] لقد تم نقل الكثير من القصص حول طريقة كتابته المعقدة.[٢٦]
أساتذته
تتلمذَ الميرداماد على عدّة من العلماء، منهم:
- خاله ابن المحقق الكركي الشيخ عبد العالي بن الكركي العاملي حيث أجازه بالرواية عنه، وقد أورد المجلسي تلك الإجازة في كتابه بحار الأنوار.[٢٧]
- الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد الشيخ البهائي، حيث أجازه بالرواية عنه، وقد أورد المجلسي تلك الإجازة في البحار.[٢٨]
- السید نور الدین علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي.[٢٩]
- فخر الدين السماكي الاسترآبادي، وهذا هو أستاذه في المعقول.
- تاج الدین حسین الصاعد الطوسي.[٣٠]
تلامذته
تتلمذ على يد الميرداماد عدّة من العلماء، منهم:
- الفيلسوف صدر الدين بن محمد إبراهيم الشيرازي، المشهور بالملا صدرا، وكان الميرداماد أُستاذه في العلوم العقلية.[٣١]
- السيد أحمد العاملي ابن خال وصهر السيد الميرداماد، وله إجازتان من الميرداماد أوردهما العلامة المجلسي في بحار الأنوار.[٣٢]
- حسين بن الميرزا رفيع الدين، الملقب مرّة بـسلطان العلماء وأُخرى بخليفة السلطان.
- شمس الدين الجيلاني المعروف بالملا شمسا.
- قطب الدين الإشكوري، صاحب كتاب ”محبوب القلوب في تاريخ الفلاسفة“.
- مير فضل الله الاسترآبادي.
- الشيخ عبد الرزاق اللاهيجي.[٣٣]
- الشيخ محمد محسن، المعروف بـالفيض الكاشاني.[٣٤]
مؤلفاته
له مؤلفات كثيرة في الفلسفة والحكمة الإشراقية، والكلام، والهندسة، والشريعة والتفسير، والحديث، منها:
- القبسات، في الحكمة.
- الصراط المستقيم.
- الحبل المتين.[٣٥]
- خلسة الملكوت.
- تقويم الإيمان.
- الأُفق المبين في الحكمة الإلهية.
- الرواشح السماوية.
- الإيماضات والتشريفات في حدوث العالم وقدمه.
- الجمع والتوفيق بين رأيي الحكيمين في حدوث العالم.
- رسالة في حدوث العالم ذاتاً وقدّمه زماناً.
- اللوامع الربانية في ردّ شبه النصرانية.
- رسالة في المنطق.
- رسالة في تحقيق مفهوم الوجود.
- كتاب السبع الشداد، في فنون من العلوم، طبع في إيران.
- رسالة في فنون العلوم والصناعات.
- سدرۃ المنتھی.
- رسالة في خلق الأعمال.
- نبراس الضياء في تحقيق معنى البداء.
- شرح الاستبصار، في الحدیث.
- رسالة في الجبر والتفويض، في نفيهما وإثبات الأمر بين الأمرين، توجد منه مخطوطة في المكتبة الرضوية ضمنها رسالة في الموضوع نفسه لملا محسن الفيض الكاشاني، وأخرى لـصدر المتألهين.
- رسالة في إبطال الزمان الموهوم.[٣٦]
الهوامش
المصادر والمراجع
- آقا بزرك الطهراني، محمد محسن، طبقات أعلام الشيعة، قم، إسماعيليان، ط 2، د.ت.
- الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق: حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1403 هـ/ 1983 م.
- القبانجي، حسن علي، حياة الفلاسفة والعرفاء، بيروت، مؤسسة الأعلامي للمطبوعات، ط 1، 1435 هـ/ 2014 م.
- القمي، عباس، الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفري، تحقيق: ناصر باقر بيدهندي، قم، بوستان كتاب، ط 2، 1387 ش.
- القمي، عباس، الكنى والألقاب، طهران، مكتبة الصدر، ط 5، 1409 هـ.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403 هـ/ 1983 م.
- الميرداماد، محمد باقر، الرواشح السماوية، تحقيق: غلام حسين ونعمة الله الجليلي، قم، دار الحديث، ط 1، 1422 هـ.
- الميرداماد، محمد باقر، القبسات، أهتمام: مهدي محقق، والسيد علي الموسوي البهبهاني، وإيزوتسو، وإبراهيم دياجي، طهران، جامعة طهران، ط 2، 1367 ش.
- الميرداماد، محمد باقر، جذوات ومواقيت، تصحيح وتحقيق: على أوجبي، طهران، ميراث مكتوب، ط 1، 1380 ش.
- اوجبي، علي، الميرداماد، طهران، مرکز پژوهش کتابخانه، موزه ومرکز اسناد مجلس شورای اسلامی، ط 1، 1389 ش.
- مدرس تبريزي، محمد علي، ريحانة الادب، طهران، مكتبة خيام، ط 3، 1369 ش.
- مطهري، مرتضى، مجموعه آثار مطهري، طهران، صدرا، 1377 ش.
- نجف، محمد أمين، علماء في رضوان الله، قم، انتشارات الإمام الحسين، 1430 هـ/ 2009 م.
- نعمة، عبد الله، فلاسفة الشيعة حياتهم وآراؤهم، تقديم: محمد جواد مغنية، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1987 م.
- ↑ اوجبي، ميرداماد، ص 172.
- ↑ آقا بزرك الطهراني، طبقات اعلام الشيعة، ج 5، ص 67.
- ↑ آقا بزرك الطهراني، طبقات اعلام الشيعة، ج 5، ص 67.
- ↑ آقا بزرك الطهراني، طبقات اعلام الشيعة، ج 5، ص 67.
- ↑ الميرداماد، الرواشح السماوية، ص 7.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة المحقق، ص 11؛ الميرداماد، الرواشح السماوية، ص 7.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 189.
- ↑ القمي، الفوائد الرضوية، ج 2، ص 677.
- ↑ آقا بزرك الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ج 5، ص 68.
- ↑ مدرس تبريزي، ريحانة الادب، ج 6، ص 61 ــ 62.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة: إيزوتسو، ص 114 ــ 115.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة: إيزوتسو، ص 114.
- ↑ مطهري، مجموعة آثار، ج 14، ص 509.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 189.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة: إيزوتسو، ص 115.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 189.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة: إيزوتسو، ص 115 ــ 116.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة: إيزوتسو، ص 124 ــ 125.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة: فضل الرحمن، ص 128.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة: فضل الرحمن، ص 132.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة: فضل الرحمن، ص 128.
- ↑ الميرداماد، القبسات، مقدمة: فضل الرحمن، ص 133 ــ 134.
- ↑ الميرداماد، جذوات ومواقيت، مقدمة: على أوجبي، ص 33 ــ 34.
- ↑ الميرداماد، جذوات ومواقيت، مقدمة: على أوجبي، ص 34.
- ↑ الميرداماد، جذوات ومواقيت، مقدمة: على أوجبي، ص 36.
- ↑ الميرداماد، جذوات ومواقيت، مقدمة: على أوجبي، ص 34 ــ 36.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 106، ص 84 ــ 86.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 106، ص 87.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 189.
- ↑ الميرداماد، الرواشح السماوية، ص 11.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 189.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 106، ص 152 ــ 156.
- ↑ نعمة، فلاسفة الشيعة، ص 442.
- ↑ نجف، علماء في رضوان الله، ص 172.
- ↑ القبانجي، حياة الفلاسفة والعرفاء، ص 360.
- ↑ القبانجي، حياة الفلاسفة والعرفاء، ص 360.