ياقوت الدهان

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

ياقوت الدهان (سنّي / العراق)

من مواليد «العراق»، عاش في القرن الثالث عشر، روى العالم الجليل المولى علي الرشتي

قال: رجعت مرّة من زيارة أبي عبد اللّه‏ عليه ‏السلام عازماً للنّجف الأشرف من طريق الفرات، فلمّا ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلاء وطويريج، رأيت أهلها من أهل الحلّة - وطويريج منطقة الفارق بين طريقي الحلّة والنّجف - واشتغل الجماعة باللهو والّلعب والمزاح، رأيت واحداً منهم لا يدخل في عملهم، عليه آثار السكينة والوقار، لا يمازح ولا يضاحك، وكانوا يعيبون على مذهبه

ويقدحون فيه، ومع ذلك كان شريكاً في أكلهم وشربهم، فتعجّبت منه إلى أن وصلنا إلى محلّ كان الماء قليلاً فأخرجنا صاحب السفينة فكنّا نمشي على شاطئ النهر. فاتّفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق، فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه، وذمّهم إيّاه، وقدحهم فيه.

فقال: هؤلاء من أقاربي من أهل السنّة، وأبي منهم وأُمّي من أهل الإيمان، وكنت أيضاً منهم، ولكنّ اللّه‏ منّ عليّ بالتشيّع ببركة الحجّة صاحب الزمان عجل اللّه‏ تعالى فرجه.

فسألته عن كيفيّة إيمانه، فقال: اسمي «ياقوت» وأنا أبيع الدّهن عند جسر الحلّة، فخرجت في بعض السنين لجلب الدّهن، من أهل البراري خارج الحلّة، فبعدت عنها بمراحل، إلى أن قضيت وطري من شراء ما كنت أريده منه وحملته على حماري ورجعت مع جماعة من أهل الحلّة، ونزلنا في بعض المنازل ونمنا، وانتبهت فما رأيت أحداً منهم وقد ذهبوا جميعاً، وكان طريقنا في بريّة قفر، ذات سباع كثيرة، ليس في أطرافها معمورة إلاّ بعد فراسخ كثيرة.

فقمت وجعلت الحمل على الحمار، ومشيت خلفهم فضلّ عليّ الطريق، وبقيت متحيّراً خائفاً من السباع والعطش، فأخذت أستغيث بالخلفاء والمشايخ وأسألهم الإعانة وجعلتهم شفعاء عند اللّه‏ تعالى، تضرّعت كثيراً فلم يظهر منهم شيء، فقلت في نفسي: إنّي سمعت من أُمّي أنّها كانت تقول: إنّ لنا إماماً حيّاً يكنّى أبا صالح يرشد الضالّ، ويغيث الملهوف، ويعين الضعيف، فعاهدت اللّه‏ تعالى إن استغثت به فأغاثني أن أدخل في دين أُمي.

فناديته واستغثت به، فإذا بشخص في جنبي، وهو يمشي معي وعليه عمامة خضراء قال (رحمه اللّه‏): وأشار حينئذ إلى نبات حافّة النهر، وقال: كانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات.

ثُمّ دلّني على الطريق وأمرني بالدخول في دين أُمّي، وذكر كلمات نسيتها، وقال: ستصل عن قريب إلى قرية أهلها جميعاً من الشيعة.

فقلت: يا سيّدي أنت لا تجئمعي إلى هذه القرية؟

فقال ما معناه: لا، لأنّه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد أريد أن اُغيثهم ثُمّ غاب عنّي.

فما مشيت إلاّ قليلاً حتّى وصلت إلى القرية، وكانت في مسافة بعيدة، ووصل الجماعة إليها بعدي بيوم، فلمّا دخلت الحلّة ذهبت إلى سيّد الفقهاء السيّد مهدي القزويني (طاب ثراه)، وذكرت له القصّة، فعلّمني معالم ديني