عبد الله بن سويد الحميري الجرشي
اسمه
عبد الله بن سويد الحميري الجرشي
حياته
فارس ، وكان سيد جرش بن أسلم بن زيد. حضر صفّين ومشى إلى ذي الكلاع فقال له : لم جمعت بين الرجلين؟ (بين عمار بن ياسر ، وعمرو بن العاص) قال : لحديث سمعته من عمرو ، وذكر أنّه سمعه من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وهو يقول لعمار بن ياسر : ـ تقتلك الفئة الباغية ـ فخرج عبد الله بن عمر العنبسي ، وكان من عباد أهل زمانه ، ليلا فأصبح في عسكر عليّ ، فحدّث الناس بقول عمرو ، في عمار.
شعره
قال الجرشي :
ما زلت يا عمرو قبل اليوم مبتدئا
|
تبغي الخصوم جهارا غير إسرار
| |
حتّى لقيت أبا اليقظان منتصبا
|
لله درّ أبي اليقظان عمار
| |
ما زال يقرع منك العظم منتقما
|
مخ العظام بنزع غير مكثار
|
وقال العنبسي :
والراقصات بركب عامدين له
|
إنّ الذي جاء من عمرو لمأثور
| |
قد كنت أسمع والأنباء شائعة
|
هذا الحديث فقلت الكذب والزور
| |
واليوم أبرأ من عمرو وشيعته
|
ومن معاوية المحدو به العير
| |
لا لا أقاتل عمارا على طمع
|
بعد الرواية حتّى ينفخ الصور
| |
تركت عمرا ، وأشياعا له نكدا
|
إنّي بتركهم يا صاح معذور
| |
يا ذا الكلاع فدع لي معشرا كفروا
|
أو لا فدينك مين فيه تعزير
| |
ما في مقال رسول الله في رجل
|
شك ولا في المقال الرسل تحبير
|
فلما سمع معاوية بهذا القول ، بعث إلى عمرو فقال : أفسدت عليّ أهل الشام ، أكل ما سمعت من رسول الله تقوله؟ فقال عمرو : قلتها ولست والله أعلم الغيب ، ولا أدري أنّ صفّين تكون. قلتها وعمار يومئذ لك ولي ، وقد رويت أنت فيه مثل الذي رويت فيه ، فاسأل أهل الشام. فغضب معاوية ، وتنمّر لعمرو ومنعه خيره. فقال عمرو : لا خير لي في جوار معاوية إن تجلّت هذه الحرب عنّا. وكان عمر وحمى الأنف فقال في ذلك :
تعاتبني أن قلت شيئا سمعته
|
وقد قلت لو أنصفتني مثله قبلي
| |
أنعلك فيما قلت نعل ثبيتة
|
وتزلق بي في مثل ما قلته نعلي
| |
وما كان لي علم بصفّين أنّها
|
تكون وعمار يحث على قتلي
| |
فلو كان لي بالغيب علم كتمتها
|
وكابدت أقواما مراجلهم تغلي
| |
أبى الله إلّا أنّ صدرك واغر
|
عليّ بلا ذنب جنيت ولا ذحل
| |
سوى أنّني والراقصات عشية
|
بنصرك مدخول الهوى ذاهل العقل
| |
فلا وضعت عندي حصان قناعها
|
ولا حملت وجناء ذعلبة رحلي
| |
ولا زلت أدعى في لؤيّ بن غالب
|
قليلا غنائي لا أمر ولا أحلي
| |
إن الله أرخى من خناقك مرة
|
ونلت الذي رجيت إن لم أزر أهلي
| |
وأترك لك الشام الذي ضاق رحبها
|
عليك ولم يهنك بها العيش من أجلي
|
فأجابه معاوية :
أألان لما ألقت الحرب بركها
|
وقام بنا الأمر الجليل على رجل
| |
غمزت قناتي بعد ستين حجة
|
تباعا كأنّي لا أمر ولا أحلي
| |
أتيت بأمر فيه للشام فتنة
|
وفي دون ما أظهرته زلة النعل
| |
فقلت لك القول الذي ليس ضائرا
|
ولو ضرّ لم يضررك حملك لي ثقلي
| |
فعاتبتني في كل يوم وليلة
|
كأنّ الذي أبليك ليس كما أبلي
| |
فيا قبّح الله العتاب وأهله
|
ألم تر ما أصبحت فيه من الشغل
| |
فدع ذا ولكن هل لك اليوم حيلة
|
تردّ بها قوما مراجلهم تغلي
| |
دعاهم عليّ فاستجابوا لدعوة
|
أحبّ إليهم من ثرى المال والأهل
| |
إذا قلت هابوا حومة الموت أرقلوا
|
إلى الموت إرقال الهلوك إلى الفحل
|
فلما أتى عمرا شعر معاوية ، أتاه فأعتبه وأرضاه ، وصار أمرهما واحدا.
المصادر
أعيان الشيعة 8 / 53. شرح ابن أبي الحديد 7 / 27 ـ 28. وقعة صفّين / 343 ـ 346.