خفاف بن عبد الله الطائي

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

خفاف بن عبد الله الطائي [١]

شاعر ، فاضل ، متكلم منطيق ، شجاع ، من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام). قال نصر : وفي حديث صالح بن صدقة ، باسناده ، قال : قام عديّ بن حاتم ، إلى عليّ (عليه السلام) ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّ عندي رجلا من قومي لا يجارى به ، وهو يريد أن يزور ابن عم له حابس بن سعد (كان على طيء الشام مع معاوية) الطائي بالشام فلو أمرناه أن يلقى معاوية ، لعله أن يكسره ويكسر أهل الشام. فقال له عليّ : نعم ، فمره بذلك وكان اسم الرجل خفاف بن عبد الله ، فقدم على ابن عمه حابس بن سعد بالشام ، وكان حابس سيد طيء فحدّث حابسا أنّه شهد عثمان بالمدينة ، وسار مع عليّ إلى الكوفة ، وكان لخفاف لسان وهيئة وشعر. فغدا حابس وخفاف إلى معاوية وهو ثقة.

فقال له معاوية : هات يا أخا طيء حدّثنا عن عثمان. قال : حصره المكشوح ، وحكم فيه حكيم ، ووليه محمد ، وعمار ، وتجرّد في أمره ثلاثة نفر ، عديّ بن حاتم ، والأشتر النخعي ، وعمرو بن الحمق ، وجد في أمره رجلان : طلحة ، والزبير ، وأبرأ الناس منه عليّ.

قال : ثم مه؟ قال : ثم تهافت الناس على عليّ بالبيعة تهافت الفراش حتّى ضلت النعل ، وسقط الرداء ، ووطئ الشيخ ، ولم يذكر عثمان ولم يذكر له ، ثم تهيّأ للمسير وخف معه المهاجرون والأنصار ، وكره القتال معه ثلاثة نفر : سعد بن مالك ، وعبد الله بن عمر ، ومحمد بن مسلمة ، فلم يستكره أحدا ، واستغنى بمن خف معه عمن ثقل. ثم سار حتّى أتى جبل طيء ، فأتاه منا جماعة كان ضاربا بهم الناس حتّى إذا كان في بعض الطريق ، أتاه مسير طلحة والزبير وعائشة ، إلى البصرة فسرّح رجالا إلى الكوفة فأجابوا دعوته ، فسار إلى البصرة فهي في كفه ، ثم قدم إلى الكوفة فحمل إليه الصبي ، ودبّت إليه العجوز ، وخرجت إليه العروس فرحا به ، وشوقا إليه فتركته وليس همّه إلّا الشام.

فذعر معاوية من قوله ، وقال : حابس أيّها الأمير لقد أسمعني شعرا غيّر به حالي في عثمان ، وأعظم به عليّا عندي. قال معاوية : أسمعنيه يا خفاف. فأسمعه قوله شعرا :

قلت والليل ساقط الأكناف

 

ولجنبي عن الفراش تجافي

 

أرقب النجم مائلا ومتى الغم

 

ض بعين طويلة التذراف

 

ليت شعري وإنّني لسؤول

 

هل لي اليوم بالمدينة شاف

 

من صحاب النبيّ إذ عظم الخط

 

ب وفيهم من البريّة كاف

 

أحلال دم الإمام بذنب

 

أم حرام بسنّة الوقاف

 

قال لي القوم : لا سبيل إلى ما

 

تطلب اليوم قلت  : حسب خفاف

 

عند قوم ليسوا بأوعية العل

 

م ولا أهل صحة وعفاف

 

قلت لما سمعت قولا : دعوني

 

إنّ قلبي من القلوب الضعاف

 

قد مضى ما مضى ومرّ به الدّ

 

هر كما مرّ ذاهب الأسلاف

 

إنّني والّذي يحج له النا

 

س على لحق البطون العجاف

 

تتبارى مثل القسيّ من النب

 

ع بشعث مثل الرصاف نحاف

 

فانكسر معاوية ، وقال يا حابس : إنّي لا أظن هذا إلّا عينا لعليّ. أخرجه عنك لا يفسد أهل الشام ـ وكنّى معاوية بقوله ـ ثم بعث إليه بعد ، فقال يا خفاف : أخبرني عن أمور الناس؟ فأعاد عليه الحديث ، فعجب معاوية من عقله ، وحسن وصفه للأمور.

  1. أعيان الشيعة 6 / 327. الإمامة والسياسة 1 / 78. شرح ابن أبي الحديد 3 / 111 ـ 112. وقعة صفّين / 64 ـ 68.