القبر
القبر، مصطلح يُراد منه تارة حفرة في الأرض یُدفن فیها المیت، وأُخرى ما يعيش فيه الإنسان بالبدن البرزخي، وهو مقصود الروايات، وتشهد الآيات على أنّه أمر عام، يشمل جميع أفراد الإنسان، دون فرق بين من مات حتف أنفه، أو من افترسه السبع، أو من غرق في الماء، أو من تحوّل بدنه إلى تراب فنثرته الرياح ونشرته، فأكثر هؤلاء لا قبر لهم بالمعنى الفقهي، ولكن لهم قبر بالمعنى الكلامي. إن الإنسان الميّت سواء كان له قبر فقهيّ أم لم يكن، فله قبراً برزخياً، وهو الذي يكون فيه نعيم القبر، وعذابه، ضغطته، وسؤال منكر ونكير.
توجد مجموعة من الأمور التي إذا فعلها الإنسان في هذه الدنيا سوف تؤثر في ذلك العالم وتنجيه من أهواله، منها: قراءة سورة النساء في كل يوم جمعة، وصوم 12 يوماً من شهر شعبان، وتنفيس كربة المؤمن، وزيارة قبر الإمام الحسين، والدفن في أرض الغري قرب مرقد أمير المؤمنين ، وإقامة الصلاة.
تعريفه
لغةً: القبر: معروف، والجمع قبور، والمقبرة بضمّ الثالث وفتحه: موضع القبور، والجمع مقابر، وقبرت الميّت قبرا من بابي قتل وضرب: دفنته، وأقبرته: أمرت أن يقبر أو جعلت له قبرا، وهو أصل صحيح يدلّ على غموض في شيء وتطامن، ومن ذلك قبر الميّت، يقال قبرته أقبره، فإن جعلت له مكانا يقبر فيه قلت أقبرته قال تعالى: ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ.[١][٢]
اصطلاحاً: يطلق القبر ويراد منه تارة ذلك المكان الضيّق، وأُخرى ما يعيش فيه الإنسان بالبدن البرزخي في عالم فسيح، والذي هو مقصود الروايات الشريفة.[٣] والقبر في الظاهر: هو بيت الجسد، والقبر في التأويل: هو طبيعة الشخص، وحياته، وشهواته[٤]
القبر في القرآن والسنة
- قال تعالى: وَمَا يَسْتَوِى الْأَحْيَاءُ وَلاَ الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِى الْقُبُورِ.[٥]
- قال تعالى:ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ.[٦]
- قال تعالى: وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ.[٧]
- قال تعالى: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ.[٨]
- كتب أمير المؤمنين لمحمد بن أبي بكر: «يا عباد الله! ما بعد الموت لمن لايغفر له أشدّ من الموت، القبر فاحذروا ضیقه وضنکه وظلمته وغربته، إن القبر یقول کل یوم: انا بیت الغربة، أنا بیت التراب، أنا بیت الوحشة، أنا بیت الدود والهوامّ؛ والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، إنّ العبد المؤمن إذا دُفن قالت له الأرض: مرحباً وأهلاً، قد كنت ممّن أحب أن تمشي على ظهري، فإذا ولّيتك فستعلم كيف صنيعي بك؛ فيتسع له مدّ البصر، وإنّ الكافر إذا دُفن قالت له الأرض: لا مرحباً بك ولا أهلاً، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري، فإذا ولّيتك فستعلم كيف صنيعي بك، فتضمّه حتى تلتقي أضلاعه؛ وإن المعيشة الضنك التي حذّر الله منها عدوه عذاب القبر، إنّه یسلط علی الکافر في قبره تسعة وتسعین تنیناً فینهشن لحمه، ویکسرن عظمه، یتردّدن علیه کذلك إلی یوم یبعث؛ لو أن تتيناً منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعاً“.[٩]
- عن الإمام الصادق قال: «من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج، والمسألة في القبر والشفاعة“.[١٠]
- عن السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله «ضَغْطَةُ الْقَبْرِ لِلْمُؤْمِنِ كَفَّارَةٌ لِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ تَضْيِيعِ النِّعَمِ“.[١١] وغيرها من الروايات التي أشارة إلى مسألة القبر، والأمور التي يتعرض لها الإنسان فيه.
- ↑ عبس: 21.
- ↑ المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن، ج 9، ص 192.
- ↑ السبحاني، مفاهيم القرآن، ج 8، ص 181.
- ↑ الأحسائي، أحوال البرزخ والآخرة، ص 47.
- ↑ فاطر: 22.
- ↑ عبس: 20ــ22.
- ↑ يس: 51 ـ ـ52.
- ↑ المعارج: 43.
- ↑ العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 6، ص 218 - 219، ح 13.
- ↑ العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 6، ص 223، ح 23.
- ↑ الصدوق، ثواب الأعمال، ص 197.