أدنى الحل
أدنى الحِلِّ هو أقرب الأماكن الى حدود الحرم، من خارج حدوده و من مواقیت الاحرام فی الحالات الخاصة والطارئة.
ومن أمثلة الإحرام في ادنى الحل هي : ميقات العمرة المفردة لأهل مكة وميقات المقيمين في مكة التي تشملهم احكام الآفاقي ولازالوا لا يتمتعون باحكام اهل مكة، ويعتبر ميقاتا اضطراريا لمن تجاوز المواقيت السابقة لوجود مانع كالنسيان او الجهل وميقاتاً لمن لا يمرون من مواقيت اخرى.
المفردات والمعني الاصطلاحي
كلمة «ادنى» هي صفة مشتقة من جذر «د ـ ن ـ و» و تعني اقرب والاقرب.[١] والقصد «الحل» هي المنطقة الواقعة قرب حدود مكة.[٢]
والمراد بمصطلح ادنى الحل في المصادر الفقهية هي أقرب الأماكن الى حدود الحرم من خارج الحدود وملاصقا لحدودها.[٣] وتسمى احيانا عن هذه المناطق الحدوية للحرم بادنى الحرم ايضا.[٤]
بعض من امثلة الإحرام من ادنى الحل
اعتبرت المصادر الفقهية الخاصة بالحج ادنى الحل من مواقيت الإحرام (المواقيت او الاماكن التي يمكن الإحرام منها) في الحالات الخاص او الاضطرارية و من اهمها:
۱.ميقات العمرة المفردة لأهل مكة:
حسب فقهاء الإمامية[٥] وبعض من اهل السنة[٦] فإن ادنى الحل ميقاتاً لسكان مكة سواء من هم من أهلها او من المسافرين المقيمين فيها، في العمرة المفردة وكذلك للعمرة بعد الحج.ويستند فقهاء الشيعة الى الاحاديث[٧] المنقولة من الائمة(ع) حول عمرة النبي (ص) الذي احرم من اماكن غير المواقيت الخمسة لحج التمتع، منها جعرانه في شمال شرق مكة، وايضا احاديث[٨] مثل رواية عمر بن زيد الذي اعتبر الجعرانه و الحديبية الواقعتان في شمال غرب مكة ميقاتان لإحرام عمرة اهل مكة وباستخدام تعبير «وما اشبههما» وسع هذه المناطق الى ادنى الحل.[٩] واستند فقهاء اهل السنة ايضا الى روايات عن عمرة رسول الله (ص) و امره لـ عبدالرحمن بن ابي͏ بكر لإحرام عائشة من تنعيم في شمال مكة.[١٠]
وقد اعتبر فقهاء الشيعة[١١] واهل السنة[١٢] و استنادا الى الروايات و لاسيما الاحاديث المنقولة من السيرة النبوية والواردة في هذه الاحاديث، فإن من المستحب أن تتم إحرام المعتمر المقيم في مكة من ثلاثة اماكن هي (التنعيم والجعرانه والحديبية). كما يفضل معظم فقهاء الشيعة[١٣] وبعض من اهل السنة[١٤] الجعرانه على التنعيم بصفتها كانت ميقاتا للنبي (ص) فيما يفضل بعض من اهل السنة[١٥] التنعيم لانها الاقرب الى مكه، كما يرجح قليل منهم الحديبية[١٦] ولا يفرق باقي الفقهاء بين هذه المناطق.[١٧]
وقد نُسب إلى عدد من فقهاء الإمامية أن لمقيمي مكة من اهلها كانو اما الآفاقيين فإن ادنى الحل هو ميقاتهم للعمرة المفردة.[١٨] واعتبر بعض من فقهاء الإمامية[١٩] أنه اذا سافر الآفاقي الى الحرم دون نية العمرة وهناك نوى العمرة المفردة تصبح ادنى الحل ميقاتاً له. ويستند هؤلاء الى رواية تشير الى إحرام النبي (ص) في طريق عودته من غزوة حنين من جعرانه، كما نسب البعض لمالك بن انس ان ميقات المعتمر من مكة هي منطقة التنعيم فقط.[٢٠] وقليل من سلف فقهاء اهل السنة يعتبر وجوب الوقوف لمعتمري اهل مكة ايضا في مواقيت الإحرام الخمسة، كما وإن ميقات العمرة المستحبة لهم هي ادنى الحل.[٢١]
ووفقا لفقهاء الشيعة[٢٢] واهل السنة[٢٣] فإن ميقات اداء العمرة المفردة لاهل مكة ايضا وفي حالة إفساد العمرة هي ادنى الحل، طبعا و بحسب رأي بعض من فقهاء أهل السنة[٢٤] ومنهم احمد بن حنبل فإن مكان الإحرام في عمرة القضاء هو نفس مكان الإحرام في عمرة الاداء. كما اجاز بعض من الفقهاء إحرام اهل مكة للعمرة المفردة من المواقيت الخمسة.[٢٥] فيما روي عن احمد بن حنبل بوجوبها في أشهر الحج.[٢٦] وحسب رأي فقهاء الإمامية[٢٧] وعدد من فقهاء اهل السنة[٢٨] فإن احرام المكي للعمرة من داخل منطقة الحرم لا تنعقد بىون ذهابه الى ادنى الحل ويجب تجديدها من ادنى الحل. طبعا إن الكثير من فقهاء اهل السنة يعتبرون احرام مثل هذا الشخص صحيحا على أن يدفع كفارة لذلك.[٢٩]
يستحب لمن اصبح محرما من ادنى الحل أن يستمر بالّ تلبيه (لبيك اللهم لبيك..) الى لحظة رؤيته لبيت الله الحرام.[٣٠]
۲. ميقات المقيمين في مكة التي يشملهم حكم الآفاقي و لم يصبحوا من اهل مكة
حسب رأي فقهاء الإمامية[٣١]، يجب على الشخص المقيم في مكة والذي وجب عليه الحج، الخروج من مكة لإحرام عمرة التمتع. ويرى بعض الفقهاء[٣٢] استنادا الى احاديث مثل ما رواه الحلبي و حماد عن الإمام الصادق(ع)، إن ميقات هؤلاء هو ادنى الحل. وقد اعتبر فقهاء آخرون ميقات هؤلاء هي مواقيت اوطانهم وفي حالة وجود عذر او اضطرار فإن الميقات هو ادنى الحل.[٣٣] وبالنظر الى وجود احاديث مختلفة في هذه القضية فقد رأى آخرون بالتخير بين اعتبار ادنى الحل ميقاتا او اختيار احدى المواقيت الخمسة.[٣٤]
۳.ميقات الإضطرار لمن فاته الميقات بسبب وجود مانع او نسيان او جهل:
بحسب الرأي المشهور لفقهاء الإمامية[٣٥] واستنادا للاحاديث[٣٦]، فإن على من عبر ميقاته بعذر ولم يحرم لعمرة التمتع، كوجود مانع خارجي او نسيان او جهل فعليه العودة الى الميقات والإحرام من هناك. واذا تعذر الرجوع الى الميقات لضيق الوقت او لإسباب اخرى فعليه الذهاب الى ادنى الحل و الإحرام من هناك.[٣٧] لهذا السبب واستنادا الى الاحاديث الخاصة[٣٨] فإن ادنى الحل هو ميقات الاضطرار للنساء اللاتي دخلن مكة بدون احرام ضناً منهن بعدم جواز الإحرام عند الحيض بشرط تعذر الإحرام لهن من الميقات الاصلي.[٣٩] فيما اعتبر بعض من الفقهاء[٤٠] ادنى الحل ميقاتا لمن اجتاز المواقيت الخمسة متعمدا بدون احرام ايضا.
۴.ميقاتاً لمن لم يمر من المواقيت الاصلية او على امتدادها
وبحسب بعض من الفقهاء الإمامية، إن ميقات الحجاج الذين لا يمرون بإحدى المواقيت الموصى بها او ما يوازيها هو ادنى الحل.[٤١] يستند هؤلاء على حكم اصل البراءة من التكليف الزائد اضافة الى حرمة الدخول الى الحرم بلا إحرام وايضا كون ادنى الحل هو ميقات اضطراري.[٤٢]
بالإضافة الى ما سبق، اعتبر قليل من الفقهاء الإمامية أحيانا ادنى الحل ميقاتا اضطراريا. على سبيل المثال اعتبروه ميقاتاً لمن يسكنون في منطقة تقع بين منطقة الحرم والميقات الاصلي،[٤٣] ولمن يقوم بالحج نيابة عن الميت في حالة ضيق الوقت والاضطرار[٤٤] و لحديثي الاعتناق بالاسلام الذين يعتبر إحرامهم من ميقات وطنهم مستحيلا.[٤٥]
الهوامش
- الانصاف فیما تضمنه الکشاف: ابن المنیر الاسکندري (المتوفی 683ه.)، مصر، مصطفی البابي، 1385ق
- الایضاح: الفضل بن شاذان (المتوفی 260ه.)، تحقیق الحسیني الارموي، جامعة طهران، 1363ش
- تاج العروس: الزبیدي (المتوفی 1205ه.)، تحقیق علي شیري، بیروت، دار الفکر، 1414ه
- تحریر الاحکام الشرعیة: العلامة الحلي (المتوفی 726ه.)، تحقیق بهادري، قم، مؤسسة الامام الصادق(ع)، 1420ه
- تذکرة الفقهاء: العلامة الحلي (المتوفی 726ه.)، قم، آل البیت(ع)، 1414ق
- تهذیب الاحکام: الطوسي (المتوفی 460ه.)، تحقیق موسوي و آخوندي، طهران، دار الکتب الاسلامیة، 1365ش
- التهذیب في مناسک الحج والعمره: جواد بن علي تبریزي (المتوفی 1427ه.)
- جواهر الکلام: النجفي (المتوفی 1266ه.)، تحقیق قوجاني والآخرون، بیروت، دار احیاء التراث العربي
- الحدائق الناضره: یوسف البحراني (المتوفی 1186ه.)، تحقیق آخوندي، قم، النشر الإسلامي، 1363ش
- الخلاف: الطوسي (المتوفی 460ه.)، تحقیق خراساني و دیگران، قم، نشر اسلامی، 1418ه
- الدروس الشرعیة: الشهید الاول (المتوفی 786ه.)، قم، نشر اسلامی، 1412ق
- سنن ابن ماجه: ابن ماجه (المتوفی 275ه.)، تحقیق محمد فؤاد، بیروت، دار احیاء التراث العربي، 1395ه
- شرائع الاسلام: المحقق الحلي (المتوفی 676ه.)، تحقیق سید صادق شیرازي، طهران، استقلال، 1409ه
- شرح معاني الآثار: احمد بن سلامة الطحاوي (المتوفی 321ه.)، تحقیق النجار، بیروت، دار الکتب العلمیة، 1416ه
- صحیح البخاری: البخاری (المتوفی 256ه.)، بیروت، دار الفکر، 1401ق
- صحیح مسلم بشرح النووي: النووي (المتوفی 676ه.)، بیروت، دار الکتاب العربی، 1407ه
- العروة الوثقی: سید محمد کاظم یزدي (المتوفی 1337ه.)، قم، نشر اسلامی، 1420ه
- عمدة القاری: العیني (المتوفی 855ه.)، بیروت، دار احیاء التراث العربي
- العین: خلیل (المتوفی 175ه.)، تحقیق المخزومي و السامرائي، دار الهجره، 1409ه
- فتح العزیز: عبدالکریم بن محمد الرافعی (المتوفی 623ه.)، دار الفکر
- الفقه الاسلامي و ادلته: وهبة الزحیلي، دار الفکر، دمشق
- الکافي في الفقه: ابوالصلاح الحلبي (المتوفی 447ه.)، تحقیق استادي، اصفهان، مکتبة امیر المؤمنین(ع)، 1403ه
- لسان العرب: ابن منظور (المتوفی 711ه.)، قم، ادب الحوزه، 1405ه
- المبسوط في فقه الامامیة: الطوسي (المتوفی 460ه.)، تحقیق بهبودي، طهران، المکتبة المرتضویة
- مجمع الفائدة والبرهان: المحقق الاردبیلي (المتوفی 993ه.)، تحقیق عراقي و دیگران، قم، النشر الإسلامي، 1416ه
- المجموع شرح المهذب: النووي (المتوفی 676ه.)، دار الفکر
- مدارک الاحکام: سید محمد بن علي الموسوي العاملي (المتوفی 1009ه.)، قم، آل البیت(ع)، 1410ه
- مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام: الشهید الثاني (المتوفی 965ه.)، قم، المعارف الإسلامیة، 1416ه
- مستند الشیعة: احمد النراقي (المتوفی 1245ه.)، قم، آل البیت(ع)، 1415ه
- المعتبر: المحقق الحلي (المتوفی 676ه.)، مؤسسة سید الشهداء، 1363ش
- المعتمد في شرح المناسک: محاضرات الخوئي (المتوفی 1413ه.)، الخلخالي، قم، مدرسة دار العلم، 1410ه
- المغنی: عبدالله بن قدامه (المتوفی 620ه.)، بیروت، دار الکتب العلمیة
- المقنعة: المفید (المتوفی 413ق.)، قم، النشر الإسلامي، 1410ه
- من لا یحضره الفقیه: الصدوق (المتوفی 381ه.)، تحقیق غفاري، قم، النشر الإسلامي، 1404ه
- مناسک الحج: سید علي سیستاني، قم، شهید، 1413ه
- مواهب الجلیل: الحطاب الرعیني (المتوفی 954ه.)، تحقیقزکریا عمیرات، بیروت، دار الکتب العلمیة، 1416ه
- نیل الاوطار: الشوکاني (المتوفی 1255ه.)، بیروت، دار الجیل، 1973م
- وسائل الشیعة: الحر العاملي (تحقیق 1104ه.)، تحقیق رباني شیرازي، بیروت، دار احیاء التراث العربي، 1403ه.
- ↑ العین، ج8، ص75، «دنو».
- ↑ نک: لسان العرب، ج5، ص241؛ تاج العروس، ج14، ص162، «دنو».
- ↑ نک: المجموع، ج7، ص305؛ مسالک الافهام، ج2، ص202.
- ↑ نک: الخلاف، ج2، ص281؛ المغنی، ج3، ص512؛ تذکرة الفقهاء، ج8، ص239-240.
- ↑ الخلاف، ج2، ص281؛ الکافی فی الفقه، ص202؛ تحریر الاحکام، ج1، ص563.
- ↑ فتح العزیز، ج7، ص97؛ عمدة القاری، ج9، ص131؛ نیل الاوطار، ج5، ص23.
- ↑ من لا یحضره الفقیه، ج2، ص450-451.
- ↑ من لا یحضره الفقیه، ج2، ص454.
- ↑ مستند الشیعه، ج11، ص189-190؛ الحدائق، ج14، ص455.
- ↑ صحیح البخاری، ج4، ص14؛ سنن ابن ماجه، ج2، ص997، 999؛ المغنی، ج3، ص210.
- ↑ تحریر الاحکام، ج1، ص562-563؛ الدروس، ج1، ص338.
- ↑ المجموع، ج7، ص204.
- ↑ تذکرة الفقهاء، ج7، ص194-195؛ الدروس، ج1، ص338؛ قس: جواهر الکلام، ج18، ص119.
- ↑ المجموع، ج7، ص204-205.
- ↑ الفقه الاسلامی، ج3، ص453.
- ↑ نک: المجموع، ج7، ص205.
- ↑ شرح معانی الآثار، ج2، ص241؛ عمدة القاری، ج10، ص120.
- ↑ نک: المعتمد، ج2، ص429.
- ↑ المعتمد، ج2، ص393، 429؛ التهذیب، تبریزی، ج2، ص106.
- ↑ نک: صحیح مسلم، ج8، ص152.
- ↑ الانصاف، ج4، ص54.
- ↑ المبسوط، ج1، ص337؛ تحریر الاحکام، ج2، ص61؛ قس: مناسک الحج، ص65.
- ↑ المغنی، ج3، ص379؛ المجموع، ج7، ص390.
- ↑ فتح العزیز، ج7، ص475.
- ↑ فتح العزیز، ج7، ص475؛ تذکرة الفقهاء، ج7، ص194.
- ↑ المغنی، ج3، ص211.
- ↑ تذکرة الفقهاء، ج7، ص205؛ قس: جواهر الکلام، ج18، ص133.
- ↑ نک: المجموع، ج8، ص265.
- ↑ المجموع، ج8، ص265؛ مواهب الجلیل، ج4، ص40.
- ↑ المغنی، ج3، ص418.
- ↑ نک: المقنعه، ص396؛ الحدائق، ج14، ص412-413.
- ↑ التهذیب، طوسی، ج5، ص35؛ الحدائق، ج14، ص412، 414.
- ↑ المعتبر، ج2، ص799؛ مستند الشیعه، ج13، ص114.
- ↑ نک: المعتمد، ج2، ص218-222.
- ↑ شرائع الاسلام، ج1، ص178؛ تحریر الاحکام، ج1، ص565.
- ↑ نک: وسائل الشیعه، ج11، ص328-331.
- ↑ نک: الدروس، ج1، ص341؛ مجمع الفائده، ج6، ص171.
- ↑ وسائل الشیعه، ج11، ص329-330.
- ↑ شرائع الاسلام، ج1، ص187؛ الدروس، ج1، ص349.
- ↑ العروة الوثقی، ج4، ص649.
- ↑ تحریر الاحکام، ج1، ص565؛ مجمع الفائده، ج6، ص186.
- ↑ نک: ایضاح الفوائد، ج1، ص284؛ مدارک الاحکام، ج7، ص224.
- ↑ مسالک الافهام، ج2، ص202؛ مجمع الفائده، ج7، ص391.
- ↑ مجمع الفائده، ج6، ص80-81.
- ↑ مجمع الفائده، ج6، ص96-97.