أبو العباس خال شبل كاتب إبراهيم بن محمد
أبو العباس خال شبل كاتب إبراهيم بن محمّد (سنّي / العراق)
جاء في كتاب «بحار الأنوار»: روى أبو محمّد البصري عن أبي «العباس» خال شبل كاتب إبراهيم بن محمّد، قال: كنّا أجرينا ذكر أبي الحسن(عليه السلام) فقال لي: يا أبا محمّد لم أكن في شيء من هذا الأمر وكنت أعيب على أخي وعلى أهل هذا القول عيباً شديداً بالذّم والشتم إلى أن كنت في الوفد الذين أوفد المتوكّل إلى المدينة في إحضار أبي الحسن(عليه السلام)، فخرجنا إلى المدينة.
فلمّا خرج وصرنا في بعض الطريق وطوينا المنزل وكان منزلاً صائفاً شديد الحرّ، فسألناه أن ينزل فقال: «لا»، فخرجنا ولم نطعم ولم نشرب فلمّا اشتدّ الحرّ والجوع والعطش فبينما ونحن إذ ذلك في أرض ملساء، لا نرى شيئاً ولا ظلّ ولا ماء نستريح، فجعلنا نشخص بأبصارنا نحوه قال: «مالكم أحسبكم جياعاً وقد عطشتم».
فقلنا: إي والله يا سيّدنا قد عيينا.
قال: «عرّسوا وكلوا واشربوا».
فتعجّبت من قوله ونحن في صحراء ملساء لا نرى فيها شيئاً نستريح إليه، ولا نرى ماءً ولا ظلاًّ.
فقال: مالكم عرّسوا فابتدرت إلى القطار لأنيخ ثُمّ التفت، وإذا أنا بشجرتين عظيمتين تستظلّ تحتهما عالم من الناس وإنّي لأعرف موضعهما أنّه أرض براح قفراء، وإذا بعين تسيح على وجه الأرض أعذب ماء وأبرده.
فنزلنا وأكلنا وشربنا واسترحنا، وإنّ فينا من سلك ذلك الطريق مراراً، فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب، وجعلت أحدّ النظر إليه وأتأمّله طويلاً وإذا نظرت إليه تبسّم وزوى وجهه عنّي.
فقلت في نفسي: والله لأعرفنّ هذا كيف هو؟
فأتيت من وراء الشجرة فدفنت سيفي ووضعت عليه حجرين وتغوطّت في ذلك الموضع وتهيّأت للصلاة.
فقال أبو الحسن(عليه السلام): «استرحتم»؟
قلنا: نعم.
قال: «فارتحلوا على اسم الله»، فارتحلنا.
فلمّا أن سرنا ساعة رجعت على الأثر فأتيت الموضع فوجدت الأمر والسيف كما وضعت والعلامة وكأنّ الله لم يخلق ثُمّ شجرة ولا ماءً ولا ظلالاً ولا بللاً فتعجبت من ذلك، ورفعت يدي إلى السماء، فسألت الله الثبات على المحبّة والإيمان به، والمعرفة منه، وأخذت الأثر فلحقت القوم.
فالتفت إليّ أبو الحسن(عليه السلام) وقال: «يا أبا العباس فعلتها»؟
قلت: نعم يا سيدي، لقد كنت شاكّاً وأصبحت أنا عند نفسي من أغنى الناس في الدنيا والآخرة.
فقال: «هو كذلك هم معدودون معلومون لا يزيد رجل ولا ينقص»(1).