آية الظهار
آية الظِهار هي الآية 2 من سورة المجادلة التي ذكرت مسألة الظهار ووبّخت فاعله، وهو أحد التقاليد التي كانت في الزمن الجاهلي، حيث كان الرجل يقول لامرأته «أنتِ مني كظهر أمي»، فتنفصل المرأة عن الرجل، وتحرم عليه حرمة مؤبدة. ففي هذه الآية يحكم الله تعالى ببطلان الظهار، ويجب على الشخص الذي ظاهَرَ زوجته أن يدفع الكفارة ويتوب.
وقد نزلت هذه الآية حول أحد أصحاب النبيقالب:اختصار/ص واسمه أوس بن الصامت، حيث ظاهر زوجته وندم فيما بعد على هذا الفعل، وأرسل زوجته إلى النبيقالب:اختصار/ص لإيجاد حل لها، فبعدها نزلت هذه الآية والآيات الأخرى المرتبطة بهذا الموضوع. وفي الآيات اللاحقة يُبين الله تعالى أحكام كفارة الظهار، بحيث لا يحق للزوج أن يُجامع زوجته قبل أن يدفع الكفارة، ولا يقع الظهار إلا بشروط، منها: أن لا تكون المرأة حائضاً عن وقوع الظهار، وحضور شاهدين عدلين.
نص الآية
هي الآية 2 من سورة المجادلة قال تعالى: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [١]
المقدمة
يُطلق على الآية الثانية من سورة المجادلة بآية الظاهر، وأول أربع أو ست آيات من سورة المجادلة لها علاقة بمسألة الظهار.[٢] وقد نزلت هذه الآية في إدانة أحد التقاليد في الزمن الجاهلي التي كان الرجل يقول لامرأته أنت مني كظهر أمي فتنفصل المرأة عن الرجل، وتحرم عليه حرمة مؤبدة.[٣] هذه الآية بصدد التوبيخ[٤] على هذا الفعل وأنه كذب مخالف للواقع،[٥] وأنَّ الظهار عمل قبيح وغير مقبول[٦] من وجهة نظر العقل والشرع.[٧] وبنزول هذه الآية قد أبطل الله تعالى حكم الظهار[٨] وآثاره السيئة[٩] وهي الحرمة المؤبدة بين الزوج والزوجة،[١٠] كما نفى أمومة الزوجة للزوج.[١١]
ما هو الظهار
يُعرف الظهار بطلاق أهل الجاهلية[١٢] ويُعد من معتقداتهم[١٣] ويقصد من الظهار في اللغة هو الظهر[١٤] وفي الاصطلاح هو عبارة عن تحريم المرأة على الرجل.[١٥] في طلاق الظهار قد شبّه الزوج زوجته بأمه[١٦] أو أحد محارمه؛[١٧] وذلك بسبب عصبيته وكراهته لزوجته[١٨]قالب:ملاحظة وبقراءة صيغة الظهار تحرم الزوجة على الرجل ولا يحق لها الرجوع إليه.[١٩] ويُعتبر الظهار من الظلم الواضح بحق المرأة، حيث يُسبب لها مشقة وضرر.[٢٠]
شأن النزول
في شأن نزول الآية ذُكر أنِّه في يوم من الأيام استخدم أحد أصحاب النبي(ص) واسمه أوس بن الصامت كلمة الظهار بحق زوجته في حالة الغضب، ولكنه بعد فترة ندم على هذا الفعل، وأرسل زوجته إلى النبي(ص) لإيجاد حل لها والإطلاع على حكم الإسلام في هذه المسألة. بعد هذه الحادثة نزلت الآيات الأربعة الأولى من سورة المجادلة لتعطي حكم خاص بالظهار.[٢١]
محتوى الآية
جاء في آية الظهار إنَّ أم الرجل هي التي ولدته[٢٢] ولا يُمكن أن تُعتبر الزوجة أماً.[٢٣] ويرى مكارم الشيرازي إنَّ الامّ والولد ليس بالشيء الذي نصنعه بالألفاظ، بل إنّهما حقيقة واقعية عينية خارجية، وبناء على هذا فإذا حدث أن قال الرجل لزوجته أنت عليّ كظهر امّي فإنّ هذه الكلمة لا تجعل زوجته بحكم والدته، إنّه قول هراء و حديث خرافة.[٢٤] وبالاستناد على هذه الآية فلا يوجد شك عند الفقهاء في حرمة الظهار.[٢٥] في الآيتين التاليتين على هذه الآية حدَّد الله تعالى للتوبة والرجوع إلى الزوجة كفارة معينة[٢٦] فإما عتقد رقبة وفي حالة عدم الاستطاعة صيام شهرين متتابعين، وإذا لا يُمكن الصوم فطعام ستين مسكين.[٢٧] واختلف الفقهاء في حكم من عجز عن أداء أي من الكفارات السابقة.[٢٨] وذهب البعض إنَّ فلسفة كفارة الظهار هي من أجل الاعتبار[٢٩] وتهذيب النفس،[٣٠] ولمنع القسوة على الزوجين، والحفاظ على نظام الأسرة.[٣١] بالإضافة إلى ذلك اعتبر الله تعالى التوبة واجبة على كل شخص ظاهر زوجته،[٣٢] ومن تاب منه يغفر الله له ذنبه.[٣٣]
التطبيق الفقهي
ذكر بعض المفسرين جملة من أحكام الظهار عند تفسيرهم لهذه الآية، منها: لا يحق للزوج أن يُجامع زوجته قبل أن يدفع الكفارة،[٣٤]قالب:ملاحظة ولا يقع الظهار إلا بشروط أن لا تكون المرأة حائض، وكونها على طهر لم يقربها بالجماع، وحضور شاهدين عدلين.[٣٥]
ويرى البعض مستنداً على رواية وردت عن الإمام عليقالب:اختصار/ع أن من ظاهر أول مرة فلا كفارة عليه، فإذا عاد وظاهر مرة ثانية فعليه الكفارة.[٣٦] واعتبر البعض الآخر إنَّ هذا الرأي خلاف اعتقاد أكثر الفقهاء[٣٧] ويتعارض مع سياق الآية.[٣٨]
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن العربي، محمد بن عبد الله، أحكام القرآن، بيروت، دار الجيل، 1408هـ
- ابن کثیر، إسماعيل بن عمر، تفسیر القرآن العظیم، بيروت، دار الكتب العلمية، 1419هـ.
- أبو الحسن، مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل بن سليمان، بيروت، دار إحياء التراث، ط1، 1423هـ.
- أبو الفتوح الرازي، حسين بن علي، روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن، مشهد، آستان قدس رضوی، ط1، 1371ش.
- الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ.
- الثعلبي، أحمد بن محمد، الكشف والبيان عن تفسير القرآن، تحقيق: أبي محمد بن عاشور، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1422هـ/ 2002م.
- الجزائري، أبو بكر جابر، ايسر التفاسير لكلام العلي الكبير، المدينة، مكتبة العلوم والحكم، 1416هـ.
- الدينوري، عبد الله بن محمد، الواضح في تفسير القرآن الكريم، بیروت، دار الکتب العلمیة، 1424هـ.
- الزمخشري، محمود بن عمرو، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، بيروت، دار الكتاب العربي، ط 3، 1407هـ.
- السبزواري، محمد، إرشاد الأذهان إلى تفسير القرآن، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1419هـ.
- الصنعاني، عبد الرزاق بن همام، تفسیر القرآن العزيز المعروف بتفسير عبد الرزاق، بيروت، دار المعرفة، 1411هـ.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط2، 1390هـ.
- الطبراني، سليمان بن أحمد، التفسير الكبير: تفسير القرآن العظيم، أربد الاردن، دار الكتاب الثقافي، 2008م.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، قم، الحوزة العلمية في قم، مركز مديريت، 1412هـ.
- الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار المعرفة، ط1، 1412هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- العاملي، إبراهيم، تفسير العاملي، طهران، كتاب فروشي صدوق، 1360ش.
- الفخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط3، 1420هـ.
- القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، قم، دار الكتاب، ط3، 1363ش.
- سلطان علي شاه، محمد بن حيدر، بيان السعادة في مقامات العبادة، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط2، 1408هـ.
- قراءتي، محسن، تفسير النور، بيروت، دار المؤرخ العربي، ط1، 1435هـ/ 2014م.
- قطب، سيد، في ظلال القرآن، بیروت، دار الشروق، ط35، 1425هـ.
- مغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1424هـ.
- مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير الأمثل، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط10، 1371ش.
- ↑ سورة المجادلة، الآية 2.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 178.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 178.
- ↑ السبزواري، إرشاد الأذهان، ص 547؛ الطبرسي، تفسیر جوامع الجامع، ج 4، ص 255.
- ↑ مغنية، التفسیر الکاشف، ج 7، ص 265؛ الطبرسي، تفسیر جوامع الجامع، ج 4، ص 255.
- ↑ الدينوري، الواضح، ج 2، ص 385؛ الطبراني، التفسير الكبير، ج 6، ص 220؛ الطوسي، التبیان، ج 9، ص 542.
- ↑ الآلوسي، روح المعاني، ج 14، ص 200.
- ↑ الزمخشري، الكشاف، ج 4، ص 485؛ الطبرسي، تفسیر جوامع الجامع، ج 4، ص 255.
- ↑ قطب، في ظلال القرآن، ج 6، ص 3506.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 178.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 178.
- ↑ ابن العربي، أحکام القرآن، ج 5، ص 301؛ الطبري، جامع البیان، ج 28، ص 6؛ الثعلبي، الکشف والبیان، ج 9، ص 253.
- ↑ الطبرسي، تفسیر جوامع الجامع، ج 4، ص 255.
- ↑ الآلوسي، روح المعاني، ج 14، ص 199؛ الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج 29، ص 478.
- ↑ الزمخشري، الكشاف، ج 4، ص 485؛ الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج 29، ص 478 ـ 479.
- ↑ القمي، تفسير القمي، ج 2، ص 354.
- ↑ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج 19، ص 61.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 23، ص 407.
- ↑ الطبري، جامع البیان، ج 28، ص 6؛ الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 178.
- ↑ قراءتي، تفسير النور، ج 9، ص 488.
- ↑ أبو الحسن، تفسیر مقاتل بن سلیمان، ج 4، ص 257؛ الطبري، جامع البیان، ج 28، ص 6؛ ومع اختلاف بسيط في: الصنعاني، تفسیر عبد الرزاق، ج 2، ص 224؛ الطبراني، التفسیر الکبیر، ج 6، ص 218؛ الثعلبي، الکشف والبیان، ج 9، ص 253؛ الزمخشري، الکشاف، ج 4، ص 484؛ ابن کثیر، تفسیر القرآن العظیم، ج 8، ص 66.
- ↑ قطب، في ظلال القرآن، ج 6، ص 3506.
- ↑ الدينوري، الواضح، ج 2، ص 385؛ الطبراني، التفسیر الکبیر، ج 6، ص 220؛ الطوسي، التبيان، ج 9، ص 542؛ الزمخشري، الکشاف، ج 4، ص 485.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 23، ص 410.
- ↑ مغنية، الكاشف، ج 7، ص 265.
- ↑ السبزواري، إرشاد الأذهان، ص 547.
- ↑ الدينوري، الواضح، ج 2، ص 385.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 23، ص 417.
- ↑ الطبرسي، تفسیر جوامع الجامع، ج 4، ص 256؛ الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 179.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 23، ص 413.
- ↑ قراءتي، تفسير النور، ج 9، ص 488.
- ↑ الجزائري، ايسر التفاسير، ج 5، ص 285.
- ↑ الطبرسي، تفسیر جوامع الجامع، ج 4، ص 256.
- ↑ الطبراني، التفسیر الکبیر، ج 6، ص 221؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج 19، ص 61؛ الزمخشري، الکشاف، ج 4، ص 486؛ قراءتي، تفسیر النور، ج 9، ص 488.
- ↑ الطوسي، التبیان، ج 9، ص 540؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج 19، ص 61.
- ↑ سلطان علي شاه، بيان السعادة، ج 4، ص 154.
- ↑ العاملي، تفسير العاملي، ج 8، ص 203.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 179.