التكليف
التكليف، هو طلب الشارع ما فيه كلفة من فعل أو ترك، وهو شامل للأحكام التكليفية الخمسة، وهي: الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة، وأرکانه هي: المُكلِّف (بالكسر)، والمُكلَّف (بالفتح)، والمُكلَّف به، والتكليف، ويُشترط في المُكلَّف (بالفتح) أن يكون موجوداً عاقلاً بالغاً قادراً على امتثال الأمر.
تعريف التكليف
مصدر كلّف، يُقال: كلّفه تكليفاً، إذا أمره بما يشقّ عليه، وتكلّفت الشيء، إذا تجشّمته على مشقّة،[١] هو طلب الشارع ما فيه كُلفة من فعل أو ترك، وهو شامل للأحكام التكليفية الخمسة، وهي: الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة.[٢]
حقيقة التكليف
التكليف هو الأمر والإرادة لا الفعل والمراد، والإرادة التي تتعلّق بتكاليف العباد هي الإرادة التشريعية، وهذه الإرادة قد تتخلّف عنها الأفعال - كما في الأوامر التي كُلِّف بها العاصون - وقد لا تتخلّف كما في الأوامر التي كُلِّف بها الطائعون.[٣]
الغرض من التكليف
قال الفقهاء: التكليف تشريف من اللّه للإنسان وتكريم له؛ لأنّه يرمز إلى ما ميّز اللّه به الإنسان من عقل، وقدرة على بناء نفسه، والتحكّم في غرائزه، وقابليته لتحمّل المسؤولية خلافاً لغيره من أصناف الحيوانات، فإن أدّى الإنسان واجبَ هذا التشريف، وأطاع وامتثل شرّفه اللّه بعد ذلك بعظيم ثوابه، وإن قصّر في ذلك وعصى كان جديراً بعقاب اللّه وسخطه؛ لأنّه ظلم نفسه.[٤]
حدود التكليف
اتّفقت كلمة علماء الشيعة على أنّ حدود التكليف هو الظاهر لا الواقع، وأنّه لا تكليف فوق العلم كما يُستفاد من كلماتهم في شتّى أبواب الفقه، فإنّ اللّه لم يجعل شيئاً من الأحكام الشرعية متعلقا بالواقع ونفس الأمر؛ دفعاً للحرج ولزوم تكليف ما لا يطاق.[٥]
فنحن مكلّفون في باب الطهارة -مثلاً- بالطهارة والنجاسة الظاهريتين لا الواقعيتين سواء كانتا من الحدث أو الخبث،[٦] وفي باب البيع التكليف بسلامة المبيع عن العيب محمول على السلامة ظاهراً لا السلامة في نفس الأمر.[٧]
تعدد التكاليف
الغرض من التكليف هو اختبار الإنسان، فتعددت الاختبارات والتكاليف بتعدد الميول والرغبات فشُرع الصيام لاختبار الإنسان في شهوة حب النساء والأكل والشرب، وشُرعت النفقات المالية من أجل شهوة حب المال وهكذا الحال في باقي التكاليف.[٨]
أركان التكليف
للتکلیف عدة أركان، وهي:
- المكلِّف (بالكسر) وهو (المشرع)
وهو الذي يصدر منه الخطاب -الأمر والنهي-، وهو إمّا الشارع المقدّس، أو من جعله الشارع، ويُشترط في المُشرع أمور، وهي: علمه باستطاعة المكلف على الامتثال، وانتفاء المانع من هذا الامتثال، وأن يكون المأمور به مما يجوز الأمر به.[٩]
- المكلَّف (بالفتح) وهو (العبد)
وهو الذي توجّه إليه الخطاب الشرعي، سواء كان من قبل اللّه أو ممن جعله الله، ولابدَّ ان تتوفر في المكلف شروط، وهي: أن يكون مؤهلا للتكليف بأن يكون موجودا لا معدوم وأن يكون عاقلا بالغا، وأن يكون قادرا على الإمتثال والطاعة، وقاصدا للإمتثال والطاعة فلا يجوز تكليف الغافل عن الفعل كالساهي والجاهل.[١٠]
- المكلّف به وهو (المأمور به)
وهو الذي اُريد من المكلَّف فعله أو تركه، مثل فعل الصلاة وترك شرب الخمر، وقد يُعبّر عنه بـ (متعلّق التكليف)، ويعتبر فيه اُمور: أن يكون من الأفعال أو التروك، وأن لا يكون فيه مفسدة، وأن يكون ممكن حصوله لاممتنع الحصول.[١١]
- التكليف
وهو الخطاب الموجّه من قبل المكلِّف (بالكسر) إلى المكلَّف (بالفتح)، كالأمر بالصلاة والزكاة،[١٢] ويشترط فيه: أن يكون مقدما على الفعل من قبل المكلف لا متأخرا أو مقارنا له، وأن لا تكون هناك مفسدة في نفس التكليف.[١٣]
شروط التكليف
إنّ كلّ تكليف شرعي مشروط بشرائط تسمى بـ (الشرائط العامة) للتكليف، وهي:
- وجود المكلَّف
فلابدَّ من وجوده عند التكليف والخطاب به.[١٤]
فلا يتجه التكليف إلى غير البالغ، بمعنى عدم المسؤولية الاُخروية في قبال أعماله حتى يبلغ، فلو ترك الصلاة أو كذّب -مثلاً - لا يعاقب يوم القيامة؛ نظراً إلى وقوع ذلك منه قبل بلوغه، وأما حقوق الآخرين فإذا أتلف الصبي أموال الآخرين، فيضمن بدله وليه إلى حين البلوغ، ويدلّ على أصل الشرط حديث رفع القلم.[١٥]
يشترط في التكليف أن يكون المكلف عاقلاً، فلا عبرة بأفعال المجنون وأقواله، لا في عباداته ولا في معاملاته؛ لعدم التكليف في حقه.[١٦]
لا يتعلّق خطاب التكليف بعبادة وغيرها إلاّ مع القدرة على الامتثال، ومن عجز عنه كان معذوراً وسقط عنه التكليف، وإذا عجز عن بعض التكليف وجب عليه الإتيان بالمقدور.[١٧]
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن زهرة الحلبي، حمزة بن علي، غنية النزوع ( قسم الاُصولَين )، قم – إيران، مؤسسة الإمام الصادققالب:عليه السلام، 1418 هـ.
- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، 1408 هـ - 1988 م.
- أبو الصلاح الحلبي، تقي الدين بن نجم الدين، الكافي في الفقه، أصفهان - إيران، مكتبة الإمام أمير المؤمنينقالب:عليه السلام، 1403 هـ.
- الأصفهاني، محمد تقي، هداية المسترشدين، قم – إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، 1421 هـ.
- البحراني، يوسف بن أحمد، الحدائق الناضرة، قم – إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، 1408 هـ.
- الجزائري، عبد اللّه بن نور الدين، التحفة السنية، بيروت - لبنان، مؤسسة التاريخ العربي، 1427 هـ - 2006 م.
- الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، الروضة البهية، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، 1403 هـ.
- الصدر، محمد باقر، الفتاوى الواضحة، بيروت - لبنان، دار التعارف للمطبوعات، 1403 هـ - 1983 م.
- الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد، بيروت - لبنان، دار الأضواء، 1406 هـ - 1986 م.
- الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط، قم – إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، 1428 هـ.
- الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام، قم – إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، 1420 هـ.
- الكركي، علي بن الحسين، جامع المقاصد، قم – إيران، مؤسسة آل البيتقالب:عليهم السلام لإحياء التراث، 1408 هـ.
- كاشف الغطاء، جعفر بن خضر، كشف الغطاء، قم – إيران، مكتب الإعلام الإسلامي، 1422 هـ - 1380 ش.
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، ج 12، ص 141.
- ↑ الطوسي، الاقتصاد، ص 106.
- ↑ أبو الصلاح الحلبي، الكافي في الفقه، ص 34 - 35.؛ الجزائري، التحفة السنية، ج 3، ص 109.
- ↑ الصدر، الفتاوى الواضحة، ص 125.
- ↑ البحراني، الحدائق الناضرة، ج 2، ص 400 .
- ↑ الفاضل الهندي، كشف اللثام، ج 1، ص 379.
- ↑ الكركي، جامع المقاصد، ج 8، ص 259.
- ↑ كاشف الغطاء، كشف الغطاء، ج 4، ص 116.
- ↑ الأصفهاني، هداية المسترشدين، ج 2، ص 711-728.
- ↑ الأصفهاني، هداية المسترشدين، ج 2، ص 711 - 728.
- ↑ الأصفهاني، هداية المسترشدين، ج 2، ص 711 - 728.
- ↑ البقرة : 43 .
- ↑ الأصفهاني، هداية المسترشدين، ج 2، ص 711 - 728.
- ↑ ابن زهرة الحلبي، الغنية (قسم الاُصولين)، ص 303 .
- ↑ الطوسي، المبسوط، ج 1، ص 365.
- ↑ الشهيد الثاني، الروضة، ج 3، ص 307.
- ↑ كاشف الغطاء، كشف الغطاء، ج 1، ص 257.