سارة
سارة، هي زوجة النبي إبراهيم الأولى وهي أم إسحاق، وبناءً على ما ورد في سورتين من القرآن الكريم، أن الملائكة بشّرتها وهي في التسعين من عمرها بولد اسمه إسحاق، وبما أنّ الملائكة حدثتها بهذا الأمر، أصبحت في عداد المحدَّثات كالسيدة مريم والسيدة فاطمةعليهما السلام.
وقد وهبت سارة جاريتها هاجر إلى زوجها إبراهيم؛ لتلد له منها ولداً، وذلك قبل ولادة إسحاق بعدّة سنين، وذكر الشيخ الصدوق روايات تُشير إلى حسد سارة بعد ولادة إسماعيل، كما شكّك بعض الباحثين المعاصرين في دلالة هذه الأحاديث وسندها.
السيرة الذاتية
وردت في الروايات أن سارة كانت بنت عم إبراهيم (ع) وبنت خالته،[١] وكانت أم سارة وأم إبراهيم بنتي النبي لاحج، وقد تزوجت إحداهما من تارخ والد إبراهيم والأخرى تزوجت من أخي تارخ بتوائيل،[٢] كما أن سارة كانت أخت النبي لوط (ع)،[٣] وذكر أن سارة ولدت في منطقة كوثي من جبال بابِل وهي منطقة تقع بـالعراق في الوقت الراهن.[٤]
وآمنت سارة مع أخيها لوط بإبراهيم، وأصبحت من الموحدين،[٥] ثم تزوجت من ابن عمها إبراهيم،[٦] ذُكِر أن سارة كانت من أجمل نساء زمانها،[٧] وكانت تملك مزارع ومواشي عديدة، فمنحت جميع ما تملك للنبي إبراهيم (ع).[٨]
الهجرة إلى مصر
بعد أن دعا إبراهيم الناس إلى وحدانية الله في بابل لم يؤمن معه إلا القليل، مما جعل إبراهيم أن يرحل مع سارة ولوط إلى الشام، ولكن هناك واجهوا تفشي المجاعة وأمراض معدية حتى أجبر إبراهيم وسارة للهجرة إلى مصر.[٩]
وهناك روايات تاريخية تقول أن ملك مصر علم بأن سارة امرأة جميلة،[١٠] وطمع فيها، فأجاب إبراهيم على سؤال الملك الموجه إليه بأن سارة ما نسبتها معه؟ فقال: إنها أخته.[١١] وأورد ابن الأثير، إن إبراهيم كان يعلم إذا أخبر الملك بأن سارة زوجته، فإن الملك سوف يقتله حتى يمتلكها؛ ولهذا أخفى عليه هذا الأمر.[١٢]
أحضر الملك سارةَ إلى مجلسه وأراد أن يتملكها لنفسه، ويتعرض إليها، لكن شلّت يده،[١٣] فعندها طلب الملك من سارة أن تسأل الله لشفاء يده حتى يتركها، لكن عندما شفيت يده أعاد فعلته، فشلت مرة أخرى، وعاد عمله ثلاثا.[١٤] وأخيرا ندم الملك مما ارتكب، ووهبها جارية باسم هاجر، وقدم لها هدايا، ثم خلّى سبيلها.[١٥]
البشارة بالولد
وردت في المصادر أن الملائكة بشرت سارة بولد بعد أن بلغت التسعين من عمرها،[١٦] فضحكت، وقالت: كيف ألد، وأنا عجوز وعاقر؟![١٧] فحملت، وأنجبت إسحاق،[١٨] وأشار القرآن إلى بشارة الملائكة وردّ فعل سارة على الإنجاب في سورتين منه.[١٩]
وبما أن سارة كانت عاقرا، قبل هذه البشارة وهبت جاريتها هاجر إلى إبراهيم حتى يرزق منها ولدا، ثم ولد لهما إسماعيل.[٢٠]
الوفاة
توفيت سارة في منطقة حبرون ولها 127 سنة، فاشترى إبراهيم مكانا من أهالي المنطقة، ودَفن فيها سارة،[٢١] ثم دُفن في هذا المكان إبراهيم وإسحاق ويعقوب،[٢٢] فعرف المكان لاحقا باسم الحرم الإبراهيمي، ويقع في مدينة الخليل جنوب بيت المقدس.[٢٣]
الخصائص
ورد في رواية منسوبة إلى الإمام علي (ع)، أن سارة تعد من السناء المحدَّثات؛ لأن الملائكة حدثتها وبشرّتها بإسحاق،[٢٤] وفي هذه الرواية ورد أن السيدة مريم وفاطمة الزهراء وأم موسى من المحدَّثات أيضاً.[٢٥] وتعتقد الشيعة أن الملائكة لم تتحدث مع الأنبياء والرسل فحسب، بل حدثت الأئمة والسيدة فاطمة وأشخاص أخرى،[٢٦] ويؤيد هذا المعتقد آيات من القرآن الكريم، منها آيات 42 و45 من سورة آل عمران والتي ورد فيها أن الملائكة حدّثت السيدة مريم.[٢٧]
ووردت روايات عن الشيخ الصدوق وعلي بن إبراهيم القمي تشير إلى حسد سارة وسوء خلقها بعد ولادة إسماعيل وصبر إبراهيم على هذا الأمر،[٢٨] لكن هناك بعض الباحثين المعاصرين يعدون أن هذه الروايات ضعيفة من حيث السند والدلالة،[٢٩] وورد في التوراة أن سارة طلبت من إبراهيم أن يُخرج هاجر وإسماعيل من بيتها، فسخط إبراهيم لهذا الطلب،[٣٠] ولكن بعد أن أمر الله أن يخرجهما، فامتثل أمره، وكان في ذلك تلبية لطلب سارة أيضا.[٣١]
ومع ذلك، فهناك روايات تتحدث عن تصدي سارة وإبراهيم لتربية أولاد الشيعة وأطفال المؤمنين في عالم البرزخ، حتى يموت والديهم ثم يسلّمان هؤلاء الأطفال إليهم كي يلحقوا بهم.[٣٢]
الهوامش
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الكتاب المقدس.
- ابن الأثير، علي بن أبيالكرم، الكامل في التاريخ، بيروت، دار صادر، 1385 هـ.
- ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، تحقيق: خليل شحادة، بيروت، دار الفكر، 1408 هـ/1988 م.
- ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، بيروت، دارالفكر، 1407 هـ/ 1986 م.
- تهامي، فاطمة، واعظم فرجامي، «ساره همسر إبراهيم(ع) در قرآن وروايات»، مجلة صحيفه مبين، طهران، مركز دراسات "قرآن وعترت": دائرة جامعة الحرة الثقافية، رقم 43، خريف 1387 ش.
- الحسني العاملي، عبد الصاحب، الأنبياء: حياتهم - قصصهم، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 2002 م.
- الحسيني الجلالي، محمد حسين، مزارات أهل البيت وتاريخها، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1415 هـ/1995 م.
- دقس، فؤاد حمدو، آشنايي با زنان قرآني، ترجمة: فاطمة الحيدري، طهران، مشعر، 1389 ش.
- الصدوق، محمد بن علي، الخصال، تصحيح: علي أكبر غفاري، قم، رابطة مدرسي الحوزة العلمية بقم، 1403 هـ.
- الصدوق، محمد بن علي، معاني الأخبار، قم، دفتر انتشارات اسلامي، 1361 ش.
- الصدوق، محمد بن علي، من لايحضره الفقيه، تصحيح علياكبر غفاري، قم، مكتب النشر الإسلامي التابع لرابطة مدرسي الحوزة العلمية بقم، 1413 هـ.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، دار التراث، 1387 هـ/1967 م.
- عاشور، علي، موسوعة أهل البيت (ع)، بيروت، دار نظير عبود، 1427 هـ/2006 م.
- القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، تحقيق: السيد طيب الموسوي الجزائري، قم، دار الكتاب، 1363 ش.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح علياكبر غفاري، طهران، دار الكتب الاسلامية، 1407 هـ.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403 هـ.
- المقدسي، محمد بن طاهر، البدء والتاريخ، بورسعيد، مكتبة الثقافة الدينيه، د ت.
- محلاتی، ذبيح الله، رياحين الشريعه: در ترجمه بانوان مسلمان شيعه، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1369 ش.
- ↑ الحسني العاملي، الأنبياء: حياتهم - قصصهم، 2002م، ص 115.
- ↑ الحسني العاملي، الأنبياء: حياتهم - قصصهم، 2002م، ص 115.
- ↑ الحسني العاملي، الأنبياء: حياتهم - قصصهم، 2002م، ص 115.
- ↑ محلاتی، ریاحین الشریعه، ج 5، ص 116 و117.
- ↑ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 1، ص 245.
- ↑ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 1، ص 245.
- ↑ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 1، ص 101؛ المقدسي، البدء والتاريخ، ج 3، ص 51.
- ↑ كلینی، الكافی، ج 8، ص 370.
- ↑ دقس، آشنایی با زنان قرآنی، ص 110 و111.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 1، ص 150.
- ↑ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 1، ص 101.
- ↑ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 1، ص 101.
- ↑ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 1، ص 101.
- ↑ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 1، ص 101.
- ↑ المقدسي، البدء والتاريخ، ج 3، ص 52.
- ↑ دقس، آشنایی با زنان قرآنی، ص 116-119.
- ↑ دقس، آشنایی با زنان قرآنی، ص 116-119.
- ↑ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 1، ص 248-249.
- ↑ سورة هود، الآية 71-73؛ سورة الذاريات، الآية 29 و30.
- ↑ المقدسي، البدء والتاريخ، ج 3، ص 53.
- ↑ ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر، ج 2، ص 43.
- ↑ المقدسي، البدء والتاريخ، ج 3، ص 52-53.
- ↑ الحسيني الجلالي، مزارات أهل البيت وتاريخها، ص 254.
- ↑ عاشور، موسوعة أهل البيت، ج 7، ص 24.
- ↑ عاشور، موسوعة أهل البيت، ج 7، ص 24.
- ↑ امینی، مصحف فاطمی، ص 60.
- ↑ امینی، مصحف فاطمی، ص 60-61.
- ↑ الصدوق، الخصال، ص 307؛ الصدوق، معاني الأخبار، ص 128؛ القمي، تفسير القمي، ج1، ص 60.
- ↑ تهامی، «ساره همسر ابراهیم(ع) در قرآن وروایات».
- ↑ الكتاب المقدس، سفر التكوين، الباب21، الآية 9-15.
- ↑ الكتاب المقدس، سفر التكوين، الباب21، الآية 9-15.
- ↑ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج3، ص 490؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج5، ص 293.