آية الأنفال
آية الأنفال، هي الآية الاُولى من سورة الأنفال التي تنسب جميع الأموال التي ليس لها مالك كغنائم الحرب إلى الله والنبي (ص)، ويعد العلامة الطباطبائي ومكارم الشيرازي وهما من مفسري الشيعة أن غنائم الحرب من مصاديق الأنفال، لكن الملا فتح الله الكاشاني يعدها المصداق الوحيد للأنفال.
يذهب معظم مفسري الشيعة أن آية الأنفال نزلت في جماعة من المهاجرين والأنصار، وقد اختلفوا في أخذ الغنائم بعد الانتصار في معركة بدر، وتخاصموا عند النبي (ص) لحل هذا الاختلاف، ونزلت هذه الأية للإجابة عن سؤالهم في هذا الشأن، لكن هناك عدد قليل من مفسري المسلمين كمجاهد بن جبر، يعقتد أن آية الأنفال نسخت بواسطة آية الخمس، فيما خالف العديد من مفسري الشيعة والسنة هذا النسخ؛ إذ لا يجدون مبررا لهذا النسخ، وليس هناك تناقض بين الآيتين المذكورتين (الأنفال والخمس).
نص الآية
وهي الآية الأولى من سورة الأنفال، قال تعالى: يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ ۖ قُلِ الأَنفالُ لِلّهِ وَالرَّسولِ ۖ فَاتَّقُوا اللّهَ وَأَصلِحوا ذاتَ بَينِكُم ۖ وَأَطيعُوا اللّهَ وَرَسولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ [١]
مفهوم الأنفال
يرى العلامة الطباطبائي ومكارم الشيرازي وهما من مفسري الشيعة، أن الأنفال تشمل جميع الأموال التي ليس لها مالك خاص، بل أنها لله ورسوله وخلفائه،[٢] وبناء عليه فإن غنائم الحرب تعد من مصاديق الأنفال.[٣]
وأمّا الملا فتح الله الكاشاني وهو من مفسري الشيعة في القرن العاشر والذي كان يعيش في عصر الدولة الصفوية ذكر في تفسيره منهج الصادقين أن الأنفال والنفل من الغنائم الحربية، ويعتقد أن الغنائم المذكورة هدية من الله إلى المجاهدين، ويقول أن هذه هدية بما أنها كانت زيادة على الفرائض والواجبات؛ فسميت بالنفل والأنفال.[٤]
الأنفال في اللغة جمع النفل بمعنى الزيادة على الشيء، وعليه كل زيادة على الأصل يقال له نفل ونافلة، وعلى سبيل المثال: تسمى الصلوات التي تقرأ قبل أو بعد الصلوات الواجبة بالنوافل؛ لأنها زيادة على الفرائض.[٥]
شأن النزول
ذكرت تفاسير الشيعة رؤيتين حول آية الأنفال وأنها في أي ظرف نزلت، وما هي شأن نزولها: إحداها أن معظم التفاسير تذهب أن شأن نزول هذه الآية هو اختلاف بعض المسلمين لاكتساب المزيد من الغنائم، وهناك القليل من التفاسير تشير إلى أن الآية نزلت حول رغبة عدد من المهاجرين في عدم دفع خمس أموالهم.
- بناء على ما ورد في تفسير مجمع البيان للفضل بن الحسن الطبرسي، والتبيان للشيخ الطوسي، وتفسير منهج الصادقين للملا فتح الله الكاشاني، وتفسير الأمثل لمكارم الشيرازي أن هذه الآية نزلت في غنائم معركة البدر، وذلك عندما اختلف المسلمين من المهاجرين والأنصار حول أخذ المزيد من الغنائم، وكل واحد سعى ليأخذ حصة أكثر؛ الأمر الذي أدى إلى الذهاب للتخاصم عند النبي (ص).[٦]
- حسب ما ورد في شأن نزول الآية في كتابي مجمع البيان للطبرسي والتبيان للشيخ الطوسي، أن الآية نزلت عندما أراد جماعة من المهاجرين عدم دفع خمس أموالهم.[٧]
عدم نسخ الآية بآية الخمس
بناء على ما أورده الشيخ الطوسي في تفسير التبيان هناك عدد من مفسري أهل السنة أمثال: مجاهد بن جبر (21-104 هـ) -والذي كان من تلامذة ابن عباس في تفسيره- وأبو علي الجبائي (303-235 هـ) -المتكلم المعتزلي- يذهبان أن الآية الأولى لسورة الأنفال نسخت بآية الخمس،[٨] وقد امتنع سائر مفسري الشيعة والسنة من قبول نسخ آية الأنفال.[٩]
ورفض الشيخ الطوسي نسخ آية الأنفال؛ إذ يعتقد أن النسخ يحتاج إلى دليل، وليس هناك تناقض وتنافي بين آية الأنفال وآية الخمس حتى يلزم قبول نسخ آية الأنفال،[١٠] ورفض الفضل بن الحسن الطبرسي، والعلامة الطباطبائي، وناصر مكارم الشيرازي التناقض بين الآيتين.[١١]
ويعتقد العلامة الطباطبائي أن الآية الـ 41 من سورة الأنفال الشهيرة بآية الخمس تبيّن وتفسّر الآية الأولى من سورة الأنفال؛ لأنها تزيل الإبهام الوارد حول ملكية الأنفال في الآية الأولى من هذه السورة، وبناء عليه، لا أحد يمتلك الأنفال، وإنما الأنفال التي إحدى مصاديقها غنائم الحرب، تعد لله ورسوله، وأن الآية الـ 41 خصت أربعة أخماس من الغنائم للمسلمين، وخمس الغنائم أيضا لله والرسول وذوي القربى.[١٢] ويرى الطباطبائي أن مثل هذا التفسير لا يناقض فحوى ومفهوم الآيتين، حتى نعتقد بلزوم النسخ بين الآيتين.[١٣]
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الشيخ الطوسي، محمد بن حسن، التبيان في تفسير القرآن، تصحيح: أحمد حبيب العاملي، بيروت، دار احياء التراث العربي.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، طهران، ناصرخسرو، 1372ش.
- العلامة الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم، دفتر انتشارات اسلامي رابطة مدرسي حوزة قم العلمية، 1417 هـ.
- قمي كاشاني، الملا فتح الله، منهج الصادقين في إلزام المخالفين، طهران، مطبعة محمدحسن علمي، 1330 ش.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، 1421 هـ.
- ↑ الأنفال: 1.
- ↑ العلامة الطباطبائي، الميزان، 1417 هـ، ج 9، ص 6؛ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 5، ص 357.
- ↑ العلامة الطباطبائي، الميزان، 1417 هـ، ج 9، ص 6؛ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 5، ص 357.
- ↑ قمی کاشانی، منهج الصادقین، 1330 ش، ج 4، ص 167.
- ↑ الطوسي، التبيان، بيروت، ج 5، ص 73؛ العلامة الطباطبائي، الميزان، 1417 هـ، ج 9، ص 5؛ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 5، ص 356.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، 1372 ش، ج 4، ص 796؛ الطوسي، التبيان، بيروت، ج 5، ص 72؛ قمی کاشانی، منهج الصادقین، 1330 ش، ج 4، ص 167؛ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 5، ص 355.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، 1372 ش، ج 4، ص 797؛ الطوسي، التبيان، بیروت، ج 5، ص 72.
- ↑ الطوسي، التبيان، بیروت، ج5، ص 73-74.
- ↑ الطوسي، التبيان، بیروت، ج5، ص 74.
- ↑ الطوسي، التبيان، بیروت، ج5، ص 74.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، 1372 ش، ج 4، ص 798؛ الطوسي، التبيان، بیروت، ج 5، ص 73-74؛ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 5، ص 358، العلامة الطباطبائي، الميزان، 1417 هـ، ج 9، ص 9-10.
- ↑ العلامة الطباطبائي، الميزان، 1417 هـ، ج 9، ص 9-10.
- ↑ العلامة الطباطبائي، الميزان، 1417 هـ، ج 9، ص 9-10.