آية النجوى

من ويكي علوي
مراجعة ٠٦:٢٠، ٢ نوفمبر ٢٠٢٣ بواسطة Qanbar (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''آية النَّجوَى'''، أو آية المناجاة، هي الآية (12) من سورة المجادلة، حيث إنها تخاطب المسلمين الأغنياء بأن يدفعوا صدقة قبل نجواهم (إِسرارُ الحديث) مع النبي (ص). وطبقا لما ورد في الروايات أن لا أحد من المسلمين دفع الصدقة امتثالا لأمر الآية غير الإم...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

آية النَّجوَى، أو آية المناجاة، هي الآية (12) من سورة المجادلة، حيث إنها تخاطب المسلمين الأغنياء بأن يدفعوا صدقة قبل نجواهم (إِسرارُ الحديث) مع النبي (ص). وطبقا لما ورد في الروايات أن لا أحد من المسلمين دفع الصدقة امتثالا لأمر الآية غير الإمام علي (ع)؛ ولهذا السبب وبّخ الله -سبحانه وتعالى- المسلمين في الآية التي تلتها ونسخ مضمون الآية المتقدمة (بوجوب دفع الصدقة عند النجوى مع النبي (ص)).

نص الآية

قال الله سبحانه في الآية 12 من سورة المجادلة: یا أَیهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذَا نَاجَیتُمُ الرَّ‌سُولَ فَقَدِّمُوا بَینَ یدَی نَجْوَاکمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِک خَیرٌ‌ لَّکمْ وَأَطْهَرُ‌ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ‌ رَّ‌حِیمٌ


شأن النزول

ورد في شأن نزول هذه الآية بأنّ عددا من أثرياء المسلمين في المدينة كانوا يأتون إلى النبي (ص)، ويناجونه (يسرونه بالقول)، وبذلك يأخذون دور الفقراء في الكلام مع النبي (ص)، وكان هذا التصرّف يؤذي الفقراء.[١]

وكان النبي (ص) ينزعج من كثرة كلامهم وإطالة جلوسهم عنده؛ ولهذا نزلت آية النجوى والتي عرفت أيضا بآية المناجاة،[٢] وأمرت هؤلاء بدفع صدقة قبل مناجاة النبي (ص).[٣] وقال بعض المفسرون أن الغاية من هؤلاء الذين كانوا يريدون مناجاة الرسول (ص) هو تحقيق امتياز لأنفسهم على حساب الآخرين. وكان النبي (ص) في نفس الوقت الذي كان يؤذيه، ويشق عليه تصرّف هؤلاء لم يمنعهم من الجلوس عنده ومناجاته، حتى أنّ القرآن نهاهم عن مناجاته.[٤]

لماذا دفع الصدقة قبل النجوى؟

يقول آية الله مكارم في تفسيره الأمثل، أنّ سبب وجوب الصدقة على من يريد النجوى بالنبي (ص) هو أن تكون النجوى أطهر للمسلمين؛ ولأن الصدقة من جهة تعود لصاحبها بالخير والثواب وتكون وسيلة لإعانة الفقراء ومن جهة أخرى تطهّر نفوس الأغنياء من حب المال وقلوب المحتاجين من الحزن الذي اعترضهم.[٥] ورأى العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان، أنّ سبب تقديم الصدقة من قِبَل الأغنياء قبل مناجاتهم النبي (ص) هو تأليف القلوب بين الأغنياء والفقراء وإزالة الشحناء فيما بينهم.[٦]

وفي الآية التالية أعفى الله -سبحانه وتعالى- الفقراء من تقديم الصدقة حتى لم يُحرموا من مناجاة الرسول (ص)، وطرح أسئلتهم المهمة، وطلب حوائجهم عنده. وَرَد في تفسير الأمثل أنّ نزول هذه الآية جعلت الكثير من المسلمين الذين يدّعون المحبة للنبي (ص) في بوتقة الاختبار حتى يتبيّن مدى صدق حبهم إليه.[٧]

فوائد تشريع وجوب الصدقة قبل النجوى

عدّ الفخر الرازي في تفسير الكبير جملة من الفوائد في تشريع تقديم الصدقة قبل المناجاة مع الرسول (ص)، منها إجلال مقام الرسول (ص) وإعظام المناجاة والكلام معه، وانتفاع الفقراء بالصدقة، وتكريمهم وإعلاء شأنهم، وذل الأغنياء لامتناعهم من أداء الصدقة قبل المناجاة، ومنح فرصة للنبي (ص) لقضاء حوائجه الشخصية، وأداء العبادات؛ وأن يُختبر المسلمين بمال الدنيا.[٨]

نسخ حكم وجوب الصدقة قبل النجوى

إنّ آية النجوى نُسخت بالآية التي تليها (الآية 13 من سورة المجادلة). وبعد أن نزل حكم وجوب دفع الصدقة قبل النجوى مع النبي (ص) لم يعمل من المسلمين بالحكم غير الإمام علي (ع)؛[٩] كما أنه بعد أن وبّخ الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية المسلمين لامتناعهم من دفع الصدقة خوفاً من إصابتهم بالفقر، نسخ الله -جل وعلا- حكم الوجوب، ثم تاب الله عليهم لامتناعهم من الامتثال بهذا الأمر، وفي قباله أكّد على العمل بالواجبات وترك المحرمات وإطاعة الله ورسوله.[١٠]

رأى بعض المفسرين أنّ الحكم الذي في الآية كان مؤقتا منذ بداية نزولها؛ لأنه كان اختبارا للمسلمين ومع انتهاء الاختبار نُسخت الآية، مع ملاحظة أنّ استمرار وجوب دفع الصدقة قبل النجوى مع الرسول (ص) يستوجب الوقوع في مشكلات في المجتمع الإسلامي؛ لأنّه كانت تحدث جملة قضايا ضرورية، ويلزم معها أن يطّلع عليها شخص النبي (ص)، وإذا استمر حكم وجوب الصدقة لكانت تلك الضرورات في مهب الضياع، ويعود بالضرر على بعض أفراد المجتمع الإسلامي أو على المجتمع ككل.[١١]

علي (ع) الوحيد الذي عمل بمضمون الآية

بناء على ما نقله فضل بن حسن الطبرسي إنّ أكثر المفسرين من الشيعة وأهل السنة ذهبوا إلى أنّ الشخص الوحيد الذي عمل بمضمون آية النجوى هو الإمام علي (ع).[١٢] وورد في رواية عن الإمام علي (ع) أنّ هناك آية لم يعمل بها قبلي ومن بعدي وكذا لا يعمل بها في المستقبل، كان لدي دينار واحد استبدلته بعشرة دراهم، وكلما أردت أن أناجي الرسول (ص) تصدّقت درهما قبل مناجاتي إياه.[١٣]


المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت، دار الكتب العمية، 1415 هـ.
  • السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، قم، المكتبة العامة لآية الله المرعشي الجفي (ره)، 1404 هـ.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1390 هـ.
  • الطبرسي، فضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، طهران، ناصر خسرو، 1372 هـ ش.
  • العلامة الحلّي، حسن بن يوسف، نهج الحق وكشف الصدق، قم، دار الهجرة، 1407 هـ.
  • فخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير (مفاتيح الغيب)، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1420 هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، التفسير الأمثل في كتاب الله المنزل، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1371 هـ ش.
  • ميبدي، أحمد بن محمد، كشف الأسرار وعدة الأبرار، به اهتمام علي أصغر حكمت، طهران، أمير كبير، 1371 هـ ش.
  • واحدي، علي بن أحمد، أسباب النزول، ترجمة ذكاوتي، قراغزلو، علي رضا، طهران، دار نشر ني، 1383 هـ ش.ذ
  1. الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 189.
  2. العلامة الحلي، نهج الحق، ص 182-183؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 35، ص 376؛ ميبدي، كشف الأسرار وعدة الأبرار، ج 10، ص 20-21.
  3. واحدي، أسباب النزول، ص 220-221.
  4. الآلوسي، روح المعاني، ج 14، ص 224.
  5. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 23، ص 448.
  6. الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 189.
  7. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 23، ص 448.
  8. فخر الرازي، التفسير الكبير، ج 29، ص 495.
  9. السيوطي، الدر المنثور، ج 6، ص 185.
  10. الطباطبائي، الميزان، ج 19، ص 189-190.
  11. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 23، ص 452.
  12. الطبرسي، مجمع البيان، ج 9، ص 380.
  13. فخر الرازي، التفسير الكبير، ج 29، ص 495.