آية الغيبة

من ويكي علوي
مراجعة ٠٦:١٥، ٢ نوفمبر ٢٠٢٣ بواسطة Qanbar (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''آية الغيبة''' هي الآية 12 من سورة الحجرات، حيث ذكر فيها تحريم الغيبة وعلتها، وتم تشبيه الغيبة فيها بأكل لحم الأخ الميت، فكما إنَّ الإنسان يكره أكل لحم أخيه الميت، فإنّه يكره له أيضاً أن يغتاب. {{و}}نزلت هذه الآية في اثنين من صحابة رسول الله(ص)...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

آية الغيبة هي الآية 12 من سورة الحجرات، حيث ذكر فيها تحريم الغيبة وعلتها، وتم تشبيه الغيبة فيها بأكل لحم الأخ الميت، فكما إنَّ الإنسان يكره أكل لحم أخيه الميت، فإنّه يكره له أيضاً أن يغتاب. ونزلت هذه الآية في اثنين من صحابة رسول الله(ص)، كانا يغتابان سلمان المحمدي وأسامة بن زيد. وإنَّ التعبير بالأخ فيها يرجع إلى آية الأخوة التي ذكرت إنَّ المؤمنين إخوة.

يرى بعض الفقهاء وبناءً على عبارة قالب:قرآن لا يُحرم إلا غيبة المسلم، ويجوز غيبة الكافر وحتى الفاسق، واعتبر البعض الآخر، وبناءً على عمومية النهي عن الغيبة في الآية، إنَّ تحريمها يشمل غير المؤمنين أيضاً، وذكر الشيخ مكارم الشيرازي مستنداً على هذه الآية، إنّ سوء الظن هو أساس التجسس، والتجسس يستوجب إفشاء العيوب والأسرار، والاطلاع عليها يستوجب الغيبة، والإسلام ينهى عن جميعها علة ومعلولا.

نص الآية

هي الآية 12 من سورة الحجرات قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [١]


شأن النزول

يوجد قولان في شأن نزول آية الغيبة التي نزلت في المدينة المنورة:[٢]

  • ذكر الطبرسي إنَّ هذه الآية نزلت في اثنين من أصحاب رسول الله(ص) كانا يغتابان سلمان المحمدي، حيث بعثاه إلى رسول الله(ص) ليأتي لهما بطعام، فبعثه النبي(ص) إلى أسامة بن زيد حيث كان مسؤولا عن مخزن الطعام، فقال أسامة لسلمان نفذ الطعام فرجع إليهما خالي اليد، فقالا بخل أسامة، وقالا لسلمان لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها، ثم ذهبا للتجسس على أسامة. فقال لهما رسول الله(ص): ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما، فقالا: يا رسول الله(ص) ما تناولنا اليوم اللحم، فقال رسول الله(ص): ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة.[٣]
  • عن مقاتل في قوله تعالى: قالب:قرآنقال: إنَّ هذه الآية نزلت في رجل كان يخدم النبي(ص) أرسل بعض الصحابة إليه يطلب منه الطعام فمنع الطعام فقالوا له: إنه لبخيل رخيم الصوت.[٤]

معنى الغيبة

يوجد تعاريف متعددة للغيبة،[٥] وقال العلامة الطباطبائي إنَّ السمة المشتركة في جميع التعاريف هو أن يذكر من الإنسان وهو غائب ما يسوءه لو سمع به، ولم يعتبروا من الغيبة ذكر المتجاهر بالفسق في المورد الذي تجاهر به.[٦]

نكات تفسيرية

قال ابن عباس في تفسير الآية إنَّ الله حرم أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرم الميتة.[٧] وحسب هذه الآية فكما إنَّ الإنسان يكره أكل لحم أخيه الميت، فإنّه يكره أيضاً أن يغتاب الإنسان الحي.[٨] فالأول مخالف لطبع الإنسان، والثاني مخالف للعقل والشرع.[٩] وعليه فإنَّ عبارة قالب:قرآن تُعتبر علة تحريم الغيبة.[١٠]

وفي وجه التشبيه بين أكل لحم الميت والغيبة، فكما يـأكل الشخص لحم الميت والميت لا يشعر بذلك، فكذلك ذكرك للغائب بالسوء كأنك تأكل لحمه وهو ميت لا يحس بذلك.[١١]

يرى العلامة الطباطبائي إنَّ التعبير بالأخ في قوله «لَحْمَ أَخِيهِ» يرجع إلى الآية 10 من سورة الحجرات التي ذكرت إنَّ المؤمنين إخوة، وأنَّ اغتياب المؤمن بمنزلة أن يأكل الإنسان لحم أخيه حال كونه ميتا؛ لأنَّه لغيبته غافل لا يشعر بما يقال فيه.[١٢] وذكر حول قوله تعالى: «فَكَرِهْتُمُوهُ» إشعار بأن الكراهة أمر ثابت محقق منكم في أن تأكلوا إنساناً هو أخوكم وهو ميت، فكما أنَّ هذا مكروه لكم، فليكن مكروها لكم اغتياب أخيكم المؤمن بظهر الغيب؛ فإنَّه في معنى أكل أحدكم أخاه ميتاً.[١٣] وذكر الإمام الخميني في كتاب الأربعون حديثاً إن الصورة الباطنية للغيبة هي أكل الإنسان لحم أخيه ميتاً، وفي الآخرة تظهر الغيبة على هذه الصورة أي صورة أكل الميتة.[١٤]

وقد قيل في جملة «وَاتَّقُوا اللَّـهَ» يعني خافوا من الله في الغيبة، ومع ذلك؛ فإنَّ الله يقبل توبة التائبين «إِنَّ اللَّهَ تَوَّاب‏ رَحِیمٌ».[١٥]

وذكر الشيخ مكارم الشيرازي استناداً على هذه الآية، إنّ سوء الظن هو أساس التجسس، والتجسس يستوجب إفشاء العيوب والأسرار، والاطلاع عليها يستوجب الغيبة، والإسلام ينهى عن جميعها علة ومعلولا.[١٦]

أحكام فقهية

وبناء على آية الغيبة فقد ذكر الفقهاء جملة من الأحكام تختص بالغيبة وهي:

  • اعتبر الفقهاء الغيبة من المحرمات؛ وذلك حسب ما جاء في آية الغيبة، والروايات،[١٧] والإجماع.[١٨]
  • تعتبر الغيبة من الذنوب الكبيرة؛ لأنَّها من الموبقات، وقد شبهتها هذه الآية بأكل الميتة.[١٩]
  • حرمة الغيبة في هذه الآية، تشمل غيبة المسلمين فقط؛ لأنَّ عبارة «لَحْمَ أَخِیهِ مَیْتاً» لا تشمل الكافر.[٢٠] وكذلك عبارة «بَعْضُكُمْ» في الآية تدل على جواز غيبة الكافر.[٢١]
  • اعتبر بعض الفقهاء، وبناءً على عمومية النهي عن الغيبة في الآية، إنَّ تحريمها يشمل غير المؤمنين أيضاً،[٢٢] ولكن ذهب البعض الآخر إنَّها تشمل حرمة غيبة المؤمن فقط.[٢٣]
  • ويستثنى من الغيبة حسب عموم الآية الفاسق، فغيبته مباحة.[٢٤]


المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن أبي حاتم، عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، تفسير القرآن العظيم، السعودية، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط3، 1419هـ.
  • الخميني، روح الله، الأربعون حديثاً، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، ط24 1380ش.
  • الخميني، روح الله، المكاسب المحرمة، قم، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، ط1، 1415هـ.
  • الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، رسائل الشهيد الثاني، قم، منشورات مكتبة بصيرتي، ط1، د.ت.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط2، 1390هـ.
  • الطبراني، سليمان بن أحمد، التفسير الكبير: تفسير القرآن العظيم، أربد الاردن، دار الكتاب الثقافي، 2008م.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البیان في تفسير القرآن، طهران، ناصر خسرو، ط3، 1372ش.
  • الفاضل الكاظمي، جواد بن سعد، مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام، تحقيق وتصحيح: محمد تقي كشفي ومحمد باقر شريف زاده، طهران، مرتضوي، ط2، 1365ش.
  • المقدس الأردبيلي، أحمد بن محمد، مجمع الفائدة والبرهان، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، 1403هـ.
  • النراقي، أحمد بن محمد، مستند الشيعة، قم، مؤسسة آل البيتقالب:عليهم السلام لإحياء التراث، ط1، 1415هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير الأمثل، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط10، 1371ش.
  1. سورة الحجرات، الآية 12.
  2. الطباطبائي، الميزان، ج 18، ص 305.
  3. الطبرسي، مجمع البيان، ج 9، ص 203.
  4. ابن أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم، ج 10، ص 168.
  5. الخميني، المكاسب المحرمة، ج 1، ص 381 ـ 385.
  6. الطباطبائي، الميزان، ج 18، ص 323.
  7. ابن أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم، ج 10، ص 167.
  8. الطبرسي، مجمع البیان، ج 9، ص 206؛ الطبراني، التفسير الكبير، ج 6، ص 87؛ الطباطبائي، المیزان، ج 18، ص 323.
  9. الطبرسي، مجمع البیان، ج 9، ص 206؛ الطبراني، التفسير الكبير، ج 6، ص 87.
  10. الطباطبائي، المیزان، ج 18، ص 324 ـ 325.
  11. الطبرسي، مجمع البیان، ج 9، ص 206؛ الطبراني، التفسير الكبير، ج 6، ص 87.
  12. الطباطبائي، المیزان، ج 18، ص 324.
  13. الطباطبائي، المیزان، ج 18، ص 324.
  14. الخميني، الأبعون حديثاً، ص 303.
  15. الطبراني، التفسير الكبير، ج 6، ص 87.
  16. مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 22، ص 184.
  17. النراقي، مستند الشيعة، ج 14، ص 161.
  18. الشهيد الثاني، رسائل الشهيد الثاني، ص 285؛ النراقي، مستند الشيعة، ج 14، ص 161.
  19. الشهيد الثاني، رسائل الشهيد الثاني، ص 285؛ المقدس الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان، ج 12، ص 339؛ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 22، ص 185.
  20. المقدس الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان، ج 8، ص 76 ـ 77؛ الطباطبائي، الميزان، ج 18، ص 325.
  21. الفاضل الكاظمي، مسالك الأفهام، ج 2، ص 416 ـ 417.
  22. المقدس الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان، ج 8، ص 76 ـ 77.
  23. النراقي، مستند الشيعة، ج 14، ص 161؛ الفاضل الكاظمي، مسالك الأفهام، ج 2، ص 416.
  24. الفاضل الكاظمي، مسالك الأفهام، ج 2، ص 416.