آية إصلاح ذات البين

من ويكي علوي
مراجعة ٠٦:٠٩، ٢ نوفمبر ٢٠٢٣ بواسطة Qanbar (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''آية إصلاح ذات البين''' هي الآية 9 من سورة الحجرات، وقد نزلت هذه الآية أثناء الصراع الذي حصل بين قبيلتي الأوس {{و}}الخزرج، لتدعوا إلى الصلح بينهما، حيث تؤكد هذه الآية على حفظ المجتمع الإسلامي، وأرواح الناس وثرواتهم وشرفهم من اعتداء الأخرين،...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

آية إصلاح ذات البين هي الآية 9 من سورة الحجرات، وقد نزلت هذه الآية أثناء الصراع الذي حصل بين قبيلتي الأوس والخزرج، لتدعوا إلى الصلح بينهما، حيث تؤكد هذه الآية على حفظ المجتمع الإسلامي، وأرواح الناس وثرواتهم وشرفهم من اعتداء الأخرين، وذلك عن طريق إيجاد الصلح بين مجموعتين من المؤمنين المتنازعين، وينبغي أن يكون قتال المجموعة الباغية، وإصلاح ذات البين قائماً على أساس العدل.

وقد تم الاستفادة من هذه الآية بعدة فروع فقهية، منها: إنَّ إصلاح ذات البين واجب كفائي، وفي حالة ما لو سفكت الطائفة الباغية والظالمة دما من الجماعة المصلحة أو نهبت أموالا منها، فهي ضامنة له، ولا حاجة لإذن حاكم الشرع في مراحل الإصلاح عن طريق الكلام، إلّا أنّه لا بدّ من الإذن عند اشتداد العمل ولا سيما إذا انتهى الأمر إلى سفك الدماء.

نص الآية

قال تعالى:

وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [١]


مقدمة إجمالية وشأن النزول

هي الآية التاسعة من سورة الحجرات تؤكد على السعي في الإصلاح بين مجموعتين من المؤمنين المتنازعين.[٢] وفي شأن نزول هذه الآية يوجد نقلان: اعتبر الطبرسي إنَّ الآية قد نزلت بشأن عشيرة الأوس والخزرج اللتين وقع بينهما قتال بالسعف والنعال.[٣] واعتبر البعض إنَّ نزول هذه الآية هي لما حدث بين عبد الله بن أُبي وعبد الله بن رواحة، وحسب هذه الرواية في يوم من الأيام اقترح أنس على النبي(ص) أن يذهب لرؤية عبد الله بن أُبي، فركب رسول الله(ص) الحمار وذهب نحو عبد الله وعندما اقترب منه النبي قال لرسول الله أن يبتعد؛ لأن رائحة وغبار مركبه قد آذاه فأدى هذا الكلام إلى ردة فعل من قبل عبد الله بن رواحة الأنصاري فأيدوه أقاربه، فحصل نتيجة ذلك صراع بين المجموعتين، فحمل بعضهم على بعض بالعصي والحجارة والنعال، فنزلت هذه الآية وطلبت من المؤمنين أين يصلحوا بينهم.[٤]

محتوى الآية

يعتبر الصلح والأخوة الصادقة من لوازم الإيمان؛ ولهذا فإنَّ الحفاظ عليها من الأمور الحتمية للحفاظ على المجتمع الإسلامي.[٥] وهذه الآية من جملة الآيات التي أمرت بالحفاظ على المجتمع الإسلامي وحمايته، وحفظ أرواح الناس وثرواتهم وشرفهم من اعتداء الأخرين؛ وذلك من أجل حفظ حرية الناس وعدم هتك حرمة الأفراد:

  1. إذا نشأ نزاع وعداء بين طائفتين من المؤمنين ينبغي السعي إلى الإصلاح والتوفيق بينهما، وقد ورد عن رسول الله(ص) إنَّ صلاح ذات البين أفضل أعمال أمته، حتى إنَّه أفضل من درجة الصيامالصلاة والصدقة.[٦]
  2. إذا وقع على أحد الطرفين الظلم والعدوان، فينبغي الوقوف مع المجموعة المظلومة والقتال معها، حتى يعودوا إلى الإصلاح وقبول أمر الله تعالى.[٧]
  3. عندما ينتهي القتال، ينبغي الحكم فيما بينهم بالعدل.[٨]

في هذه الآية يُريد الله تعالى من المؤمنين إنّه لو حدثت مقدّمات للنزاع بين طائفتين من المؤمنين كالمشاجرات اللفظية التي تؤدي إلى المنازعات الدامية، فإنّه ينبغي مع الشعور بالمسؤولية أن يتم السعي إلى الإصلاح بين المتنازعين، ويُعتبر هذا الأمر واجب كفائي.[٩]

تقع عملية الإصلاح بين الطائفتين المتحاربتين بشكل تدريجي، في البداية الصلح يتم عن طريق النصح والدعوة إلى حكم الله، فإن لم ينفع ذلك ينبغي إنهاء الصراع بشكل عملي عن طريق قتال المجموعة الباغية.[١٠]

في نهاية الآية يأمر الله تعالى بإصلاح ذات البين على أساس معيار العدل، وذكر العلامة الطباطبائي إنَّ إصلاح ذات البين القائم على العدل ينبغي أن لا يكون مختص فقط بإنهاء الحرب عن طريق وضع السلاح وترك القتال فحسب، بل العدل يجري عن طريق تطبيق الأحكام الإلهية في كل من تعدى بسفك دم أو عرض أو مال أو أي حق آخر قد ضيعه.[١١]

أحكام فقهية مستفادة من الآية

يستدل بعض الفقهاء بهذه الآية على عدة فروع فقهية:

  • إنَّ الإصلاح بين الطوائف المتنازعة من المسلمين واجب كفائي.
  • الجهاد المسلح مع الجماعة الباغية يجوز بعد مرور المراحل الأولى من الحوار وعدم فعاليته.
  • ما يسفك من دم البغاة في هذا السبيل وما تذهب منهم من أموال كلّها هدر.
  • لا حاجة لإذن حاكم الشرع في مراحل الإصلاح عن طريق الكلام والمباحثات، إلّا أنّه لا بدّ من الإذن عند اشتداد العمل ولا سيما إذا انتهى الأمر إلى سفك الدماء.
  • في حالة ما لو سفكت الطائفة الباغية والظالمة دما من الجماعة المصلحة أو نهبت أموالا منها، فهي ضامنة له بحكم الشرع.
  • حيث أنّ الهدف من هذه المقاتلة والحرب هو الإصلاح بين طائفتين من المؤمنين، فعلى هذا لا تثار في الحرب مسألة أسرى الحرب والغنائم؛ لأنّ الطائفتين بحسب الفرض مسلمتان، إلّا أنّه لا مانع من الأسر مؤقتا لإطفاء نائرة النزاع، ولكن بعد حل النزاع والصلح يجب إطلاق الأسرى.[١٢]


المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 2، 1390 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البیان في تفسير القرآن، طهران، ناصر خسرو، ط3، 1372ش.
  • الفيض الكاشاني، محمد بن مرتضى، تفسير الصافي، طهران، مكتبة الصدر، ط2، 1415هـ.
  • الواحدي، علي بن أحمد، أسباب نزول القرآن، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط1، 1411هـ/ 1991م.
  • باينده، أبو القاسم، نهج الفصاحة، طهران، دنیای دانش، 1382ش.
  • صادقي طهراني، محمد، الفرقان في تفسير القرآن، قم، فرهنگ اسلامی، 1496هـ.
  • مغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف، بيروت، دار الأنوار للطباعة والنشر والتوزيع، ط4، د.ت
  • مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير الأمثل، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط10، 1371ش.
  1. سورة الحجرات، الآية 9.
  2. مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 22، ص 166 - 167.
  3. الطبرسي، مجمع البیان، ج 9، ص 199.
  4. الواحدي، أسباب نزول القرآن، ص 408 ـ 409.
  5. صادقي الطهراني، الفرقان، ج 27، ص 235.
  6. باينده، نهج الفصاحة، ص 240.
  7. مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 22، ص 167.
  8. مغنية، تفسیر الکاشف، ج ۷، ص 113.
  9. مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 22، ص 167 ـ 168.
  10. الفيض الكاشاني، تفسير الصافي، ج 5، ص 50.
  11. الطباطبائي، الميزان، ج 18، ص 315.
  12. مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 22، ص 170 ـ 172.