بيعة الرضوان
بيعة الرضوان، أو بيعة الشجرة، هي بيعة مجموعة من صحابة النبي الأكرمصلى الله عليه وآله وسلم، في السنة السادسة للهجرة، وقد ذُكرت هذه الحادثة في القرآن في قوله تعالى: قالب:قرآن.
خرج النبيصلى الله عليه وآله وسلم مع عدد من الصحابة لا يحملون السيوف؛ لزيارة بيت الله الحرام وأداء مناسك العمرة، وقد قطع عليهم المكيّون الطريق حين وصولهم إلى الحديبية، حينها انعقدت هذه البيعة تحت الشجرة، وصالح مبعوثو مكة النبيصلى الله عليه وآله وسلم على أن يعود هذا العام إلى المدينة، ويزور في العام المقبل. واشتهر المبايعون بعد ذلك بأصحاب الشجرة.
خروج النبي الأكرم (ص) من المدينة
خرج النبيصلى الله عليه وآله وسلم من المدينة، مع مجموعة من أصحابه، لا يحملون سوى السيوف في أغمادها، يتراوح عددهم من ألف وأربعمائة إلى ألف وستمائة؛ لزيارة بيت الله الحرام وأداء مناسك العمرة.[١]
التوقف في الحديبية
لما وصل ركبُ النبي الأكرمصلى الله عليه وآله وسلم الى الحديبية، وهي: قرية متوسطة ليست بالكبيرة على بعد منزلة من مكة وتسع منازل من المدينة، فقطع عليهم المكيّون الطريق، ومنعوهم من متابعة السير إلى مكة.[٢]
تدابير النبي (ص) مع المكيين
قام النبي الأكرمصلى الله عليه وآله وسلم بمجموعة من الخطوات لمعالجة الموقف، منها أنه صلى الله عليه وآله وسلم أرسل رجلين من أصحابه لمفاوضة قريش، هما:
خُراش بن أمية
بعث رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم إلى مكّة خراش بن أمية الخزاعي ليخبرهم بأنّ النبي (ص) لم يأت مقاتلاً وإنما جاء مُعتمراً، فأرسله على جمل له يسمى بالثعلب، فعقروا جمل رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم، وأرادوا قتل خُراش، فمنعته الأحابيش فخلوا سبيله، فعاد إلى رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم ولم يحقق شيئاً.[٣]
عثمان بن عفان
وعند رجوع خُراش، دعا رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم عثمان بن عفان فقال له: «اذهب إلى قريش وأخبرهم نحن لم نأت لقتالٍ وإنّما جئنا عمّاراً». فاحتبسته قريش عندها، ولما تأخر عثمان عن الرجوع بلغ رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين أنّ عثمان بن عفان قد قُتل.[٤]
مبايعة الصحابة للنبي الأكرم (ص)
لما بلغ رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم أنّ عثمان قد قُتل، قال: «لا نبرح حتى نناجز القوم»، فدعاصلى الله عليه وآله وسلم الناس للبيعة فبايعوهصلى الله عليه وآله وسلم على الموت تحت شجرة يقال لها سَمُرة، ثم أُبلغَ رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم أنّ الذي ذُكر في مقتل عثمان باطل.[٥]
هذا ما ذكرته بعض المصادر التاريخية ولكن هناك من الباحثين من شكك في كون سبب البيعة ما أشيع من قتل عثمان وساق مجموعة من الأدلة على مدعاه وخلص الى القول بأنّ: الذي نطمئن اليه وتؤيده بعض النصوص التاريخية أنّ رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم دعا المسلمين لهذه البيعة كاجراء وقائي رادع لقريش كي تكفّ عن تصلبها وعنادها وامتناعها عن السماح لهصلى الله عليه وآله وسلم وللمسلمين بدخول مكة، بل وحتى عن التفاوض المباشر معه، فقد بلغ تعنت قريش وتصلبها حداً أنها حبست بعض المسلمين، وتعرضت لمعسكرهم ليلاً، رجاء أن يصيبوا أحداً من المسلمين أو أن يصيبوا النبي الأكرمصلى الله عليه وآله وسلم نفسه.[٦]
عقد صلح الحديبية مع المكيين
لما نظرت قريش إلى ما رأت من سرعة الناس إلى البيعة وتشميرهم إلى الحرب اشتد رعبهم وخوفهم فقرروا عقد الصلح مع النبي (ص)، فكان من فقرات الصلح أن يرجع النبيصلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة في عامه هذا وأن يُسمح له بالحج في العام القابل.[٧]
بيعة الرضوان في القرآن الكريم
ورد ذكر هذه البيعة في القرآن الكريم في سورة الفتح وتحت اسم بيعة الرضوان حيث قال تعالى: قالب:قرآن.[٨]
بناء المسجد
عرف أصحاب تلك البيعة بـأصحاب الشجرة، وقد ذکر أنه کان الناس یأتون تلك الشجرة فیصلّون عندها فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأوعدهم فیها، وأمر بها فقطعت.[٩] وقد شيّد المسلمون مسجداً في المكان الذي عقد فيه الصلح.[١٠]
مواضيع ذات صلة
- النبي (ص)
- صلح الحديبية
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، زاد المسير، بیروت، دار الفکر، 1407 هـ.
- ابن سعد، محمد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر، 1405 هـ.
- ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، تحقيق: سهيل زكار، بيروت، د.ن، 1412 هـ/ 1992 م.
- أبو الفتوح الرازي، حسين بن علي، روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن، مشهد، د.ن، 1365 ــ 1375 ش.
- آل قاسم، عدنان فرحان، دروس في السيرة النبوية، بيروت، دار السلام، 1432 هـ/ 2011 هـ.
- الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، تحقيق: فرديناند ووستنفلد، لايبزيك، بيروت، طبعة افست، 1873 م.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، تحقیق: محمد أبوالفضل إبراهیم، بیروت، دار إحیاء التراث العربي، ط 2، 1387 هـ/ 1967 م.
- حسن، إبراهيم حسن، تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي، بيروت، طبعة افست، بيروت، 1964 م.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 95؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 620 ـ 621؛ ابوالفتوح الرازي، روض الجنان، ج 17، ص 337.
- ↑ ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 2، ص 222.
- ↑ ابن حجر، الإصابة، ج 2، ص 231.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 3، ص 310.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 95 ـ97؛ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 781ـ 782؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 631 ـ 632؛ حسن ابراهيم حسن، تاريخ الإسلام السياسي، ج 1، ص 127؛ ابوالفتوح الرازي، روض الجنان، ج 17، ص 336 ـ 337.
- ↑ آل قاسم، دروس في السيرة النبوية، العهد المدني، ج 3، ص 60 ــ 63 بتلخيص.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 95 ــ97؛ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 781 ــ 782؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 631 ــ 632؛ حسن ابراهيم حسن، تاريخ الإسلام السياسي، ج 1، ص 127؛ ابوالفتوح الرازي، روض الجنان، ج 17، ص 336 ــ 337.
- ↑ الفتح: 18.
- ↑ ابن الجوزي، زاد المسير، ج 7، ص 167.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 99 ــ 101.