السيد محمد هادي الميلاني
السيد محمد هادي الميلاني (1313-1395 هـ)، أحد مراجع التقليد الشيعة في القرن الرابع عشر الهجري، كان مشتغلاً بالتدريس في النجف الأشرف، ثمّ هاجر إلى كربلاء، وفتح فيها باب التدريس أيضاً. وفي سنة 1373 هـ تشرّف بزيارة الإمام الرضا، وبقي فيها بعد طلب أهل المدينة ذلك، فأقام فيها وتزعّم شؤون الحوزة وترأسها أصولاً وفقهاً.
وله مؤلفات كثيرة وإنجازات كبيرة، كما كان له نشاط سياسي ضد النظام الملكي في إيران. وتوفي الميلاني في آخر شهر رجب من عام 1395 هـ، ودفن في الحضرة الرضوية المقدسة.
سيرته
ولد السيد الميلاني في السابع من شهر محرم سنة 1313هـ في النجف الأشرف من كريمة الشيخ محمّد حسن المامقاني.[١] وقد توفّي عنه والده وهو ابن السادسة عشرة من عمره، فتكفّل خاله الشيخ عبد اللّه المامقاني به و بإخوته، وزوجه من كبرى بناته، وقد أنجب منها ابنةً وولدين، وهما: السيد نور الدين والسيد عباس، وتزوّج بزوجة أخرى هي بنت آية الله السيد حسن الجزائري التستري ورُزق منها ولداً واحداً وهو السيد محمد علي.[٢]
بلغ مرحلة الاجتهاد في العقد الثالث من عمره. كان مشتغلاً بالتدريس في النجف الأشرف، ثمّ هاجر إلى كربلاء، وفتح هناك باب التدريس. وفي سنة 1373 هـ تشرّف بزيارة الإمام الرضا عليه السلام، وبقي فيها لإدارة دفة الحوزة أصولاً وفقهاً.[٣]
أساتذته
دراسته في النجف
بدأ دراسته لمرحلة المقدمات في النجف الأشرف، ومن أساتذته الميرزا الهمداني، وحسن التبريزي. ثم درس السطوح عند إبراهيم السالياني، وجعفر الأردبيلي، وعلي الإيرواني، وغلام علي القمي، وأبو القاسم المامقاني (خاله). كما درس الفلسفة عند حسين البادكوبي، ومحمد حسين الغروي. ودرس الأخلاق عند السيد علي القاضي، وعبد الغفار المازندراني. ودرس علم المناظرة والتفسير عند البلاغي. ودرس علم الرياضيات عند أبو القاسم الخونساري. ودرس البحث الخارج في الفقه والأصول عند شيخ الشريعة الأصفهاني، وضياء الدين العراقي. وقد حاز على إجازة رواية من: حسن الصدر، عبد الحسين شرف الدين، عباس القمي، آقا بزرك الطهراني.[٤]
دراسته في مشهد
في سنة 1373 هـ ذهب إلى مدينة مشهد لزيارة حرم الإمام الرضا عليه السلام، وبعد إلحاح فضلاء من الحوزة العلمية ووجهاء البلد من أهل خراسان للبقاء عندهم، استجاب لطلبهم وأقام فيها،[٥] وترأس إدارة الحوزة بشتى مفاصلها، وكان إماماً في الصحن الجديد ومسجد گوهرشاد، ومرجعاً لجمعٍ كبير ٍفي أنحاء البلاد الشيعية.[٦]
مشايخه في الرواية
السيد الميلاني يروي عن:
- السيد حسن الصدر، صاحب تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام.
- السيد عبد الحسين شرف الدين، صاحب المراجعات.
- الشيخ آغا برزك الطهراني، صاحب الذريعة.
- السيد محمد سعيد الهندي العبقاتي.
- الشيخ محمد تقي الجعفري التبريزي.[٧]
ويروي عنه كثير من الأعلام، نذكر منهم:
طلابه
تخرج على يديه جماعة من الفضلاء، من أشهرهم:
- الشيخ الوحيد الخراساني.
- السيد يوسف الطباطبائي الحكيم.
- الشيخ محمد رضا المظفر.
- السيد نور الدين الميلاني.
- السيد إبراهيم علم الهدى السبزواري.[٩]
مؤلفاته
له جملة مؤلّفات، منها:
- محاضرات في فقه الإمامية
- قادتنا كيف نعرفهم. يقع هذا الكتاب في عدّة مجلدات، وهو في سيرة المعصومين عند الشيعة.
- تفسير سورة الجمعة والتغابن.
- مئة وعشر أسئلة.
- حاشية على العروة الوثقى. حاشيةٌ على كتاب العروة الوثقى لمحمد كاظم الطباطبائي اليزدي.
- مختصر الأحكام.
- نخبة المسائل. رسالةٌ عمليّة مُوجّهة لعمل مُقلّديه.
- مناسك الحج.[١٠][١١]
إنجازاته
للسيد الميلاني إنجازات كثيرة، منها:
1ـ تأسيس أربع مدارس دينية في مدينة مشهد المقدّسة
2ـ بناء المدرسة المنتظرية (الحقّاني) في قم المقدّسة
3ـ إرسال المبلّغين إلى مناطق البلاد المختلفة لإرشاد الناس إلى الأحكام الشرعية
4ـ ترميم العديد من المدارس الدينية في مختلف أنحاء إيران
5ـ المساهمة في بناء الكثير من المدارس الدينية والمشاريع الخيرية في مختلف أنحاء إيران
6ـ بناء العديد من المساجد والحمّامات في القرى والأرياف
7ـ دعم وإسناد المبلّغين والكُتّاب الإسلاميين المقيمين خارج إيران، خاصّة المتواجدين في أوربا
8ـ إنجاز المراحل الأخيرة من بناء مسجد هامبورغ في ألمانيا، الذي أمر ببنائه السيّد حسين الطباطبائي البروجردي
نشاطه السياسي
كان الميلاني من العلماء البارزين الذين أخذوا على عاتقهم مهمّة التصدّي لممارسات الشاه التعسّفية، وعلى الأخصّ عندما قام مجلس الأُمّة الشاهنشاهي بالتصويت على قانون الانتخابات العامّة والمحلّية، ذلك القانون الجائر الذي تصدّى له علماء الدين، ومنهم السيّد الميلاني، الذي أرسل برقية شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء آنذاك، وحذّره فيها من عواقب إصدار هذه اللّائحة القانونية.
ويمكن ايجاز مواقفه الأخرى بما يأتي:
1 ـ قام بكتابة رسالة إلى العلماء بمناسبة الحوادث المؤلمة التي جرت في المدرسة الفيضية بقم المقدسة، والتي قُتل وجرح فيها كثير من طلبة العلوم الدينية.
2 ـ بتاريخ 2 / 5 / 1342 هـ ش ( 1963 م ) أصدر بياناً إلى أبناء الشعب كافة، استنكر فيه إعتقال السيد الخميني، وفضح فيه المواقف الخيانية للنظام الملكي.
3 ـ وفي رده على إستفسارات المواطنين حول المشاركة بإنتخابات الدورة الحادية والعشرين لمجلس الأمة آنذاك، أجاب قائلاً: المشاركة في الأنتخابات حرام، ومعارضتها واجب شرعي.
4 ـ بعد أن ضيّق عليه النظام ووضعه تحت الإقامة الجبرية في طهران بسبب مواقفه المتصلبة أُجبر على ترك العاصمة والرجوع إلى مدينة مشهد المقدسة، وبعد رجوعه أصدر بياناً تحدث فيه عن الممارسات اللإنسانية للنظام ضد علماء الدين.
وفاته
أصيب السيد الميلاني بسرطان الكبد والمعدة، وظلّ يعاني من هذا المرض العضال إلى أن توفي في يوم الجمعة آخر شهر رجب من عام 1395 هـ في مدينة مشهد المقدسة، ولما انتشر نبأ وفاته عمّ الحزن والأسى هذه المدينة المقدسة، فهبّ الناس للمشاركة في تشييعه، وأقيمت عليه صلاة الميت بإمامة ولده آية الله السيد نور الدين، ثم دُفن على بعد أمتار من المرقد الشريف للإمام الثامن علي بن موسى الرضا.[١٢]
المصادر والمراجع
- الشاكري، حسين، ربع قرن مع العلامة الأميني، قم- إيران، الناشر: مطبعة ستارة، ط 1، 1417 هـ.
- المامقاني، عبد الله، تنقيح المقال في علم الرجال، قم -إيران، الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1، 1423 هـ.
- حرز الدين، محمد، معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء، قم - إيران، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي، ط 1، 1405 هـ.
- ↑ حرز الدين، معارف الرجال، ج 2، ص 265.
- ↑ المامقاني، تنقيح المقال، ج 5، ص 415.
- ↑ حرز الدين، معارف الرجال، ج 2، ص 265.
- ↑ الشاكري، ربع قرن مع العلامة الأميني، ج 1، ص 236.
- ↑ المامقاني، تنقيح المقال، ج 5، ص 417.
- ↑ حرز الدين، معارف الرجال، ج 2، ص 265.
- ↑ الشاكري، ربع قرن مع العلامة الأميني، ج 1، ص 236.
- ↑ الشاكري، ربع قرن مع العلامة الأميني، ج 1، ص 236.
- ↑ الشاكري، ربع قرن مع العلامة الأميني، ج 1، ص 235.
- ↑ حسين الشاكري، ربع قرن مع العلامة الأميني، ج 1، ص 236.
- ↑ آية الله العظمى السيد محمد هادي الحسيني الميلاني.
- ↑ المامقاني، تنقيح المقال، ج 5، ص 417.