العذيب
العذيب
يقع موضع ( العذيب ) بالقرب من بارق في ظهر الكوفة وإنّ المسافة بين القادسية والعذيب ستة أميال وفي هذا الموضع يقول سعد القرفرة ، وهو أخو النعمان بن المنذر من الرضاعة:
ليت شعري حتى تخبّ لي النا * قة نحو العذيب فالصيبون
محقبا زكرة وخبز رقاق * وحباتا وقطعة من نون
وشهد موضع ( العذيب ) أحداثا في التاريخ الإسلامي ، فقد نزل فيه خالد بن الوليد ، وهو في طريقه إلى الحيرة . ونزل فيه أبو عبيد بن عمرو الثقفي قائد موقعة الجسر ونزل فيه المقاتلة المسلمون قبيل موقعة القادسية . وفي قصر العذيب نزل القائد سعد بن أبي وقاص ، وأودع فيه أبا محجن الثقفي السجن.
وقد شهدت منطقة العذيب وقائع معركة القادسية الفاصلة بين العرب والفرس عام 14 ه ، ففي ( يوم عماس ) قال عوف بن مالك التميمي:
أيا نخلة دون العذيب بتلعة * سقيت الغوادي المدجنات من النخل
وبعد ( يوم أغواث ) ، أمر سعد بن أبي وقاص بدفن شهداء المسلمين في هذا اليوم من أيام القادسية في العذيب ويبدو أن المسافة بين العذيب والقادسية كانت ساحة قتال اتخذها العرب المسلمون ، فقد نزل فيها القائد سعد بن أبي وقاص وقد أطلق على تلك المنطقة ( صحراء العذيب ) وأشار إليها بشر بن ربيعة بن عمرو الخثعمي بقوله:
ألمّ خيال من أميمة موهنا * وقد جعلت ودّ النجوم تغور
ونحن بصحراء العذيب ودارها * حجازية إنّ المحل شطير
وفي التاريخ الأموي ، شهد موضع ( العذيب ) أحداثا مهمّة . ففي عام 61 ه ، جرت فيه محاورة بين الإمام الحسين عليه السلام والحر بن يزيد الرياحي ، فقال الحر للإمام الحسين : فخذ هاهنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية ، وكان بينه وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلا ، فسار الحسين عليه السلام في أصحابه ، وكان الحر بن يزيد يسايره وفي عام 82 ه سار الحجاج بن يوسف الثقفي من البصرة في طريقه إلى القادسية فمرّ بالعذيب ، فمنع من قبل عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث من النزول بالقادسية وفي عام 101 ه ، نزل هشام بن مساحق موضع العذيب في محاولة لمنع هروب يزيد بن المهلب إلى مدينة البصرة وفي عام 121 ه ، نزل موضع العذيب الشهيد زيد بن علي بن الحسين عليه السلام ، وقد لحقت به الشيعة وفي عام 127 ه هرب منصور بن جمهور ، وهو من قادة الخوارج ، إلى العذيب وقد قتل البرذون بن مرزوق الشيباني الذي يقول فيه غيلان بن حريث:
ويوم روحاء العذيب دففوا * على ابن مرزوق سمام مزعف
وتعطي هذه الأحداث أهمية لموضع العذيب لما له من موقع حسّاس بين البصرة والكوفة وبين الحجاز والعراق ، وبقي يحتفظ بموقعه هذا في العصر العباسي . ففي عام 158 ه نزل أبو جعفر المنصور في العذيب ، وهو في طريقه إلى مكة المكرّمة وكان الرحّالة العربي ابن جبير قد سلك طريق الحج عن طريق العذيب وقد وصفه بالقول « واجتزنا عشي يوم الخميس على العذيب وهو وادي خصيب وعليه بناء ، وحوله فلاة خصيبة ، فيها مسرح للعيون وفرجة ، وعلمنا أنه بمقربة من بارق » ولذا كان العذيب وبارق يردان في أشعار بعض الشعراء وفيهما يقول ابن زمرك ( ت 795 ه ):
وبارق وعذيب كل مبتسم * من الثغور يجلّيها مجلّيها
ويقول آخر :
ألا فدعوا ذكر العذيب وبارق * ولا تسأموا من ذكر فحص السرادق