من لا يحضره الفقيه (كتاب)
كتابُ من لا يحضره الفقيه هو الكتاب الثاني من الكتب الأربعة لدى الشيعة، من تأليف الشيخ الصدوق (ت 381 هـ)، وهو عبارة عن مجموعة روايات مرتبة على أبواب الفقه، اعتمد في جمعه له على ما صحّ له من بين الروايات المتناثرة في ما عُرف بـ(الأصول الأربعمائة)، وكان غرضه من ذلك أن يحصل ـ من لا يمكنه الوصول إلى العالم الفقيه ـ على أجوبة المسائل الشرعية.
يُعتبر هذا الكتاب أهم وأكبر مصنّفات الشيخ الصدوق، اتّبع في تصنيفه له الأسلوب الرائج في القرون الإسلامية الأولى التي كان يكتفي فيها علماء وفقهاء الشيعة بروايات وأحاديث الأئمة (عليهم السلام). وقد جمع فيه قرابة 5998 حديثاً اقتصر فيها على الروايات الخاصة بالأحكام الفقهية، على العكس من كتاب الكافي.
يحظى الكتاب باهتمام فقهاء الشيعة، ولذا قام عدد منهم بشرحه والتعليق عليه. ومن أشهرها شرح روضة المتقين للمجلسي الأول.
جمع الشيخ الصدوق روايات الکتاب من الأصول وكتب العلماء والمصنفين القدماء مثل حريز بن عبد الله السجستاني، وعلي بن مهزيار الأهوازي، وأحمد بن محمد بن عيسى، وابن أبي عمير، وأحمد بن محمد بن الخالد البرقي، والحسين بن سعيد الأهوازي... وغيرهم.
مؤلف الكتاب
قالب:مفصلة محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابوية القمي المشهور بـ(الشيخ الصدوق) (305 ــ 381 هـ) من علماء القرن الرابع الهجري، دفن في مدينة الرّي، وترك قرابة 300 أثر علمي، لكن الكثير من هذه المؤلفات فقدت، ولم يعثر عليها، ومن آثاره الباقي: معاني الاخبار، كمال الدين، عيون أخبار الرضا، علل الشرائع، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، صفات الشيعة.
موضوعه
الكتاب عبارة عن مجموعة من روايات أهل البيت (عليهم السلام) حول المسائل الفقهية والأحكام الشرعية، وهي من وجهة نظر الشيخ الصدوق روايات صحيحة وعليها يُعوِّل، قال: صنفت هذا الكتاب بحذف الأسانيد؛ لئلاّ تكثر طرقه وإن كثرت فوائده، ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي ـ تقدس ذكره وتعالت قدرته ـ وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة ، عليها المعول وإليها المرجع.[١]
سبب تأليفه
عندما سافر الشيخ الصدوق إلى مدينة بلخ، طلب أحد سادات بلخ منه أن يكتب له كتاباً في الفقه على نمط كتاب من لا يحضره الطبيب الذي ألفه محمد بن زكريا الرازي في علم الطب. فقبل الشيخ وكتب الكتاب.[٢]
الهدف من التأليف
قال الشيخ الصدوق :
لم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي (تقدس ذكره وتعالت قدرته)[٣].
أهمية الكتاب ومكانته
كتاب من لا یحضره الفقیه هو أحد الكتب الأربعة و یعتبر من أهم المصادر الحديثية لدى الشيعة حيث كان ولازال مرجعاً علمياً هاماً لاستنباط الأحكام الشرعية لدى علماء الشيعة ولقد كتبت له العديد من الشروح بالعربية وغيرها.
بين الفقيه والكافي
كان الكافي الذي ألّفه الشيخ الكليني أول كتاب روائي شيعي بتبويب وترتيب جامع لأبواب الفقه تمت كتابته في عصر الغيبة الصغرى، وهو من حيث المحتوى الروائي أكثر شمولاً وجامعيّة من بقية الكتب الأربعة .
ولو أردنا المقارة بين الكافي وبين كتابُ من لا يحضره الفقيه نلاحظ أن الأخير خصصه مؤلفه لمسائل الفقه وأحكامه حيث صّح بذك في مقدمة كتابه (أن أصنف كتاباً في الفقه والحلال والحرام، والشرايع والأحكام)[٤].
بينما كتاب الكافي فهو مضافاً لمسائل الفقه وأحكامه، نلاحظ أنه خصص قسماً من رواياته في العقائد وأخرى في الآداب ومسائل الأخلاق.
وأما من حيث الأسانيد، فكثير من أسانيد من لا يحضره الفقيه مختصرة كما ذكر هو في المقدمة: (صنفت هذا الكتاب بحذف الأسانيد؛ لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده)[٥].
بينما الكافي فإن الشيخ الكليني فقد أعطى الأسانيد أهمية واتّبهعا في الكتاب فهو يكتب السند كاملاً وهو ما يعطي الكتاب قوّة واعتباراً أكثر مما لو كان فاقداً لها.
الطريقة المتّبعة في تأليف الكتاب
اتّبع الشيخ الصدوق في كتابه الطريقة السائدة في القرون الإسلامية الأولى في تدوين الكتب الفقهية حيث كان الفقهاء الشيعة يكتفون في تدوين الكتب الفقهية على درج متون الروايات ولا يُدرجون فتاواهم بعباراتهم الخاصة في قبال كلام أئمة أهل البيت (عليهم السلام)؛ وذلك لارتباط أولئك بالوحي والمشرّع الأقدس تعالى.
مواضيع الكتاب
- المياه وأحكامها من الطهارة والنجاسة.
- مقدّمات الصلاة كالوضوء و الغسل و التيمم.
- احكام الصلاة.
- أحكام الأموات.
- المكاسب وأحكام التجارة.
- أحكام النكاح.
- أحكام القضاء.
- أحكام المواريث.
وغيرها.
أبواب الكتاب وأحاديثه
يقع كتابُ من لا يحضره الفقيه في أربعة مجلدات، عدد رواياته ـ كما ذكر المحدّث النوري ـ 5963 رواية، منها 2050 رواية مرسلة.
وذكر المحدث البحراني : أن أبواب الكتاب 636 أو 666، ورواياته 5998 رواية.
ولعل هذا الاختلاف ناشئ من الخلط بين فتاوى الشيخ الصدوق وبين روايات الكتاب، أضف إلى ذلك التداخل بين الروايات المرسل والمسندة منها.
مقارنة الكتاب مع سائر الجوامع الحديثية
مصادر الكتاب
ذكر الشيخ الصدوق أنه جمع كتابه من الأصول المعتبرة حيث قال: وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعوّل وإليها المرجع، مثل كتاب حريز بن عبد الله السجستاني ، وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي ، وكتب علي بن مهزيار الأهوازي ، وكتب الحسين بن سعيد ، ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى ، وكتاب نوادر الحكمة تصنيف محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، وكتاب الرحمة لسعد بن عبد الله ، وجامع شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد (رضي الله عنه) ، ونوادر محمد بن أبي عمير ، وكتب المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي ، ورسالة أبي (رضي الله عنه) ... إلي وغيرها من الأصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي (رضي الله عنهم) [٦].
الشروح والتعليقات
ذكر الآغا بزرگ الطهراني (رحمه الله) مجموعة من الشروح والحواشي، ومنها [٧].
- روضة المتقين، الشيخ محمد تقي المجلسي ، شرح عربي.
- اللوامع القدسية أو لوامع صاحب قراني ، الشيخ محمد تقي المجلسي ، شرح فارسي.
- معاهد التنبيه في شرح كتاب من لا يحضره الفقيه، محمد بن الشيخ حسن بن زین الدین (صاحب المعالم).
- معراج النبيه في شرح كتاب من لا يحضره الفقيه، الشيخ يوسف البحراني ، إلا أنه لم يتم.
- التعليقة السجادية، ومعه شرح المشيخة، المولى مراد بن علي خان التفرشي.
- حاشیه سیداحمد بن زین العابدین علوی عاملی.
- حاشية السيد محمد باقر بن محمد الحسيني الداماد.
- حاشية الشيخ محمد علی بن محمد البلاغي.
- حاشية الشيخ محمد بن علی بن یوسف بن سعيد البحراني.
- حاشية السيد محمد صالح بن الأمير عبد الواضع الخاتون آبادي، صهر العلامة المجلسي.
المصادر والمراجع
- كتاب من لا يحضره الفقيه، الصدوق، تحقيق علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر التابعة لجامعة المدرسي، الطبعة الثانية، 1413هـ .
- الذريعة إلى تصانيف الشيعة، آغا بزرگ الطراني، دار الأضواء، بيروت.
- ↑ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 4 المقدمة.
- ↑ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 2 المقدمة.
- ↑ الصدوق، ابن بابويه القمي، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 2 ـ 3 المقدمة.
- ↑ الصدوق، ابن بابويه القمي، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 2 المقدمة.
- ↑ الصدوق، ابن بابويه القمي، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 2 المقدمة.
- ↑ الصدوق، ابن بابويه القمي، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 4 المقدمة.
- ↑ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 14 ص 33 .