مقاتل بن عطية

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

مقاتل بن عطيّة البكري (سنّي / العراق)

هو الأمير المؤرّخ أبو الهيجاء «مقاتل بن عطيّة البكري الحجازي»، الملقّب بـ«شبل الدولة»، وهو شاعر من بيت إمارة في البادية، رَحَل إلى بغداد وخراسان وتجوّل في البلدان، تعرّف على نظام الملك وزير السلاجقة فأصبح من خلّص أصحابه، ثُمّ تزوّج ابنته ومدحه، ثُمّ رثاه بشعره عندما قتل.

كان «شبل الدولة» من جملة الأُدباء الظرفاء، وله نظم بديع، وأشعار أُخرى كثيرة، وكان بينه وبين الزمخشريّ مكاتبات مشهورة، وظلّ في بلاد خراسان حتّى قتل بمرو في ١٢ محرم سنة ٤٨٦ه .

تشيّع على إثر المناظرة التي جرت بين علماء الشيعة والسنّة في المدرسة النظاميّة ببغداد، والتي تشيّع فيها أيضاً السلطان السلجوقي ملك شاه، والوزير نظام الملك الطوسي، وأغلب العلماء والوزراء والقادة الحاضرين في مجلس المناظرة، «وكان عددهم يقارب السبعين»، وعدد كبير من الناس على إثر سماعهم المناظرة.

مؤلّفاته:

١) «مؤتمر علماء بغداد»:

كان أوّل عهد العلماء والباحثين بهذا الكتاب، عندما عثر على نسخة مخطوطة في مكتبة الأمير «راجا محمود آباد» في الهند بخطّ مؤلّف الكتاب سنة ١٣٠٠ه ، وقد طبع الكتاب طبعات كثيرة ومختلفة، وفي أماكن متفرقة من العالم الإسلامي. منها الطبعة المحقّقة من قبل محمّد شوقي الحدّاد، وصدرت سنة ١٤١٩ه (١٩٩٨م) عن مؤسّسة الصدّيق، وطبعة دار الإرشاد الإسلامي في بيروت سنة ١٤١٤ه (١٩٩٤م)، وطبعة مؤسّسة البلاغ في بيروت، وطبعة دار الكتاب الإسلاميّة في إيران سنة ١٣٧٧ه ش. والتي اعتمدنا عليها في درج المناظرة.

جاء في مقدّمة المناظرة:

ودخل ذات مرّة على ملك شاه، أحد العلماء الكبار واسمه «الحسين بن علي العلوي»، وكان من علماء الشيعة، وطلب إلى الملك شاه حاجة، وأرجأه ملك شاه إلى أن يأتي الوزير «نظام الملك»، ولمّا خرج هذا العالم من عند الملك غمز بعض الحاضرين.

قال الملك: لماذا غمزته؟!

قال الرجل: ألا تعرف أيّها الملك إنّه من الكفّار الذين غضب اللّه‏ عليهم ولعنهم؟

قال الملك متعجّباً: ولماذا؟! أليس هو مسلماً؟!

قال الرجل: كلا إنّه شيعيّ.

قال الملك: وما معنى الشيعي؟ أليس الشيعة هم فرقة من فرق المسلمين؟

قال الرجل: كلا، إنّهم لا يعترفون بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان.

قال الملك: وهل هناك مسلم لا يعترف بخلافة هؤلاء الصحابة الأجلاّء؟

قال الرجل: نعم إنّهم هم الشيعة.

قال الملك: وإذا كانوا لا يعترفون بخلافة هؤلاء الصحابة الأجلاّء فلماذا يسميّهم الناس مسلمين؟!

قال الرجل: ولذا قلت لكم: إنّهم كفّار.

فتفكّر الملك مليّاً ثُمّ قال: لابدّ من إحضار الوزير «نظام الملك» لنرى جليّة الحال.

أحضر الملك «نظام الملك» وسأله عن الشيعة: هل هم مسلمون؟

قال نظام الملك: اختلف أهل السنّة فطائفة يقولون: إنّهم مسلمون، وطائفة يقولون: إنّهم كفّار.

قال الملك: وكم عددهم؟

قال الوزير: لا أحصى عددهم كاملاً، وإنّما قريب نصف المسلمين.

قال الملك: فهل نصف المسلمين كفّار؟!

قال الوزير: إنّ بعض أهل العلم يعتقدون أنّهم كفار وإنّي لا أكفّرهم.

قال الملك: فهل لك أيّها الوزير أن تحضر علماء الشيعة، وعلماء السنّة لنرى جليّة الحال.

قال الوزير: هذا أمر صعب، وأخاف على الملك والمملكة.

قال الملك: لماذا؟

قال الوزير: لأنّ قضيّة الشيعة والسنّة ليست قضيّة حقّ وباطل، وإنّما هي قضيّة جرت فيها الدماء، واحترقت فيها المكتبات وأُسرت فيها نساء، وأُلّفت فيها الكتب، وقامت لأجلها حروب.

تعجّب الملك الشاب لهذه القضيّة العجيبة، وفكّر فيها مليّاً وقال: أيّها الوزير، إنّك تعلم أنّ اللّه‏ أنعم عليّ بالملك العريض والجيش الكثيف، فلابدّ أن نشكر اللّه‏ على هذه النعمة، ويكون شُكرنا أن نتحرّى الحقيقة، ونرشد الضالّ إلى الصراط المستقيم، فإذا هيّأت مثل هذا المجلس بحضور العلماء من أهل السنّة والشيعة بحضور القُوّاد،والكتّاب، وسائر أركان الدولة ورأينا أنّ الحقّ مع أهل السنّة أدخلنا الشيعة في السنّة بالقوّة.

قال الوزير: وإذا لم يقتنع الشيعة في السنّة بالقوّة.

قال الملك الشاب: نقتلهم.

قال الوزير: وهل يمكن قتل نصف المسلمين؟!

قال الملك: فما هو العلاج؟

قال الوزير: أن نترك هذا الأمر.

انتهى الحوار بين الملك والوزير، ولكنّ الملك بات تلك الليلة قلقاً ولم ينم إلى الصباح فكيف يستعصي عليه هذا الأمر المهمّ.

وفي الصباح الباكر دعا «نظام الملك» وقال له: حسناً، نحضر علماء الطرفين، ونرى نحن من خلال المجادلات - المحادثات - التي تدور بينهما أنّ الحقّ مع أيّهما، فإذا كان الحقّ مع أهل السنّة دعونا الشيعة بالحكمة والموعظة الحسنة، ونرغّبهم بالمال والجاه، كما يفعل رسول اللّه‏ صلى الله عليه و آله و سلم مع المؤلّفة قلوبهم، وبذلك نتمكّن من خدمة الإسلام والمسلمين.

قال الوزير: رأيك حسن، ولكنّي أتخوّف من هذا الحوار.

قال الملك: ولماذا الخوف؟

قال الوزير: إنّي أخاف أن ترجح احتجاجات الشيعة على احتجاجات السنّة، وبذلك تقع في عقيدة الناس ثُلمة، وفي المّلك خلل لا يمكن سدّه.

قال الملك: هل يمكن ذلك؟ أليس أنّ أهل السنّة على حقٍّ؟

قال الوزير: نعم السنّة هم أهل الحقّ «لكنّ الحجّة قد تعوز المحقّ».

فلم يعجب كلام الوزير الملك وقال: لابدّ من إحضار علماء الطرفين لنرى الحقّ ونُميّزه عن الباطل، فاستمهل الوزير شهراً، لكنّ الملك الشاب لم يقبل وأخيراً

قرّر أن تكون المدّة خمسة عشر يوماً.

وفي هذه الأثناء جمع «نظام الملك» عشرة من كبار علماء أهل السنّة الذين يعتمد عليهم في التاريخ والفقه والحديث والجدل والأصول، كما أحضر عشرة من علماء الشيعة وكان ذلك في شهر شعبان في المدرسة النظاميّة في «بغداد».

وجاء في خاتمة المناظرة:

التفت [الملك] إلى الحاضرين قائلاً: أيّتها الجماعة إنّي وثقت من هذه المحاورة (وكانت دامت ثلاثة أيّام)، وأنّ الحقّ مع الشيعة في كلّ ما يقولون ويعتقدون وإنّ أهل السنّة باطل مذهبهم، وإنّي أكون ممّن إذا رأى الحقّ أذعن له، ولا أكون مع أهل الباطل في الدنيا، وأهل النّار في الآخرة، ولذا فإنّي أعلن تشيّعي، ومن أحبّ أن يكون معي فليتشيّع.

دار الحوار في المناظرة حول مواضيع منها: عدالة الصحابة، إدّعاء تحريف القرآن، صفات اللّه‏ سبحانه وتعالى، المحكم والمتشابه في القرآن، الجبر والتخيير، أحوال الخلفاء الثلاثة، الاجتهاد مقابل النصّ، زواج المتعة، فتوحات عمر وفتوحات علي عليه‏السلام، فاطمة الزهراء عليهاالسلام والخلفاء، الخلفاء اثنا عشر، المهديّ المنتظر.