مسيلمة الكذاب

مسيلمة الكذّاب (مقتول في 12 هـ)، هو مُسَيلَمة بن ثُمامَة الحَنَفي الوائِلي، ادعى النبوة سنة 10 هـ، وقتل في معركة اليمامة على يد جيش خالد بن الوليد.

اعترف مسيلمة بالنبي محمدصلى الله عليه وآله وسلم، لكنه ادّعى مشاركته في النبوة. أحلّ مسيلمة الخمر والزنا لأتباعه، ورفع الصلاة عنهم، كما أراد أن يأتي ببعض المعجزات التي أتى بها رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم، لكن النتيجة جائت معاكسة.

تزوج مسيلمة من سجاح بنت الحارث التميمي والتي ادّعت النبوة أيضاً، وقد جعل مهرها رفع صلاة الصبح والعشاء عن أتباعهما.

هويته

هو مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي، من بني حنيفة إحدى قبائل اليمامة، وكنيته أبو ثمامة، ولد ونشأ باليمامة، ولُقّب في الجاهلية بالرحمن، وعرف برحمان اليمامة.

وقيل اسمه (هارون) وأن مسيلمة هو لقبه، وقيل كان اسمه (مسلمة) وصغّره المسلمون تحقيراً له.

ادعائه النبوة

ذهب مسيلمة مع عدد من قومه بني حنيفة من اليمامة إلى المدينة، وذلك في سنة 9 هـ وهي سنة الوفود، حيث ورد قولان في كيفية لقائهم برسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم

الأول: إنّ مسيلمة ذهب مع قومه للقاء النبي صلی الله عليه وآله وسلم، حيث كان يقول: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ. فعندما التقى بالنبيصلی الله عليه وآله وسلم قال له النبي وفي يده قطعة من جريد: لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ القِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ ليَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا رَأَيْتُ.

الثاني: إنّ مسيلمة لم يلتقِ بالنبيصلی الله عليه وآله وسلم، حيث بقي مع رحال قومه خارج مكة، فأسلم الوفد وذكروا للنبيصلى الله عليه وآله وسلم مكان مسيلمة فأمر له بمثل ما أمر به لهم.

وبعد عودته إلى اليمامة ادعى مسيلمة النبوة، وكتب رسالة إلى النبيصلی الله عليه وآله وسلم ادعى فيها أنه شريك معه في النبوة، وقد ورد فيها: فاني قد أشركت في الأمر معك، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض. وفي الردّ على رسالته اعتبره النبي كذّاباً، وبعث إليه حبيب بن زيد بن عاصم، إلا أن مسيلمة قتله لعدم الشهادة له بنبوته.

وبعد وفاة النبي (ص) توفرت الأرضية لمسيلمة، فجمع بعض الناس حوله، وتصنّع بعض العبارات الموزونة على سبيل آيات القرآن وعرضها للناس، ومنها:

«يا ضِفدَع بنت ضفدعين! نِقِّى ما تُنقِّين، أعلاك في الماء وأسفلك في الطين، لا الشاربَ تَمنَعِين ولا الماءَ تُكَدِّرِين.»

وقال فیها الجاحظ من أدباء القرن الثاني والثالث: ولا أدري ما هيّج مسيلمة على ذكرها (الضفدع)، ولم ساء رأيه فيها، حيث جعل بزعمه فيما نزل عليه من قرآنه.

شريعته

تزوج مسيلمة من سجاح بنت الحارث التميمي والتي ادّعت النبوة أيضاً، وجعل مهرها رفع صلاة الصبح والعشاء لأتباعهما.

كما أحلّ الخمر والزنا لأتباعه ورفع الصلاة عنهم، إلا أنه كان يعترف بنبوة نبي الإسلام.

حيله وفشل معجزاته

روي عن الجاحظ أنّ مسيلمة قبل ادّعائه للنبوة كان يدور في بعض الأسواق كسوق الحيرة، ويبحث عن طرق تعلّم الاحتيالات والتعویذات، واستخدم بعضها عند ادعائه النبوة. كما ذكر في الأخبار أن مسيلمة أراد أن يأتي ببعض معجزات النبي محمدصلی الله عليه وآله وسلم، إلا أنّ النتيجة جائت معاكسة، فمثلا روي أنه بصق في بئر فجفّ ماؤه، وأُتي بغلام ليبرّك عليه، فمسح على رأسه فقرع رأسه، وأُتي برجل أصابه وجع في عينيه فمسح على عينيه فعُمي.

موته

بعث أبو بكر جيشاً بقيادة خالد بن الوليد إلى اليمامة، وذلك سنة 12 هـ، فقاتل خالد أتباع مسيلمة في منطقة عقربا، وقُتل مسيلمة في ربيع الثاني سنة 12 هـ. وروي أن وحشي بن حرب (قاتل حمزة عمّ رسول الله) وعبد الله بن زيد بن العاصم وأبو دجانة شاركوا في قتله، كما ورد في بعض الروايات أن قاتل مسيلمة كان شخصاً واحداً وهو وحشي بن حرب أو عبد الله بن زيد.

المصادر والمراجع

• ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دار الفكر، 1409 هـ.
• ابن أعثم الكوفي، أحمد بن أعثم، الفتوح، تحقيق: علي الشيري، بيروت، دار الأضواء، 1411 هـ.
• ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415 هـ.
• ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، بيروت، دار الجيل، 1412 هـ.
• ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، بيروت، دار الفكر، 1407 هـ.
• ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى سقا وإبراهيم ابياري وعبد الحفيظ شبلي، بيروت، دارالمعرفة، د. ت.
• البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر، دمشق، دار طوق النجاة، ط 1، 1422 هـ.
• البلاذري، أحمد بن يحيى، فتوح البلدان، بيروت، دار ومكتبة الهلال، 1988م.
• الجاحظ، عمر بن بحر، الحيوان، دار الكتب العلمية‌، د. ت.
• الجواهري، السيد محمد حسن، پاسخ به شبهات إعجاز وتحدي، پژوهشگاه فرهنگ وانديشه اسلامي، 1397 ش.
• الطبري، محمد بن الجرير، تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، دار التراث، 1387 هـ.
• الزركلي، خير الدين، الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، بيروت، دار العلم للملايين، 1989م.
• الزمخشري، جار الله، ربيع الأبرار ونصوص الأخيار، بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1412 هـ.
• المقريزي، تقي الدين، إمتاع الأسماع، بيروت، دار الكتب العلمية، 1420 هـ.
• اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار صادر، د. ت.