محمد بن علي بن محمد بن الحسين
محمد بن علي بن محمد بن الحسين:
قال الشيخ الحر في أمل الآمل (175): «الشيخ الجليل، محمد بن علي بن محمد بن الحسين الحر الآملي، المشغري، الجبعي، عم مؤلف هذا الكتاب: كان فاضلا، عالما، ماهرا، محققا، حافظا، جامعا، عابدا، شاعرا، منشئا، أديبا، ثقة، قرأت عليه جملة من الكتب العربية و الفقه و غيرهما، توفي سنة (1081). له رسالة في ذكر ما اتفق له في أسفاره سماها الرحلة، و له حواش و فوائد كثيرة، و له ديوان شعر جيد، ما رأيت فيه بيتا رديئا، و أمه بنت الشيخ حسن ابن
الشهيد الثاني، و له قصائد في مدح النبي(ص)، و الأئمة(ع). و قد ذكره السيد علي بن ميرزا أحمد، في سلافة العصر في محاسن أعيان العصر، فقال فيه: حر، رقيق الشعر، عتيق سلافة الأدب، ينتدب له عصي الكلام إذا دعاه و ندب، له شعر يستلب نهي العقول بسحره، و يحل من البيان بين سحره و نحره، فهو أرق من خصر هيفاء مجدولة و أدق، و أصفى من صهباء يشعشعها أغن ذو مقلة مكحولة الحدق، فمنه قوله و أجاد في التورية بلقبه ما شاء:
قلت لما لحيت في هجو دهر* * * بذل الجهد في احتفاظ الجهول
كيف لا أشتكي صروف زمان* * * ترك الحر في زوايا الخمول
و قوله:
يراكم بعين الشوق قلبي على النوى* * * فيحسده طرفي فتنهل أدمعي
و يحسد قلبي مسمعي عند ذكركم* * * فتذكو حرارات الجوى بين أضلعي
و قوله:
و كم غلت الأحشاء مني حرارة* * * من الدهر لافات الردى هامة الدهر
تقدمني بالمال قوم أجلهم* * * لدي مقاما قدر فاضلة الظفر
و قوله:
يا دهر كم تحتسي منك الورى غصصا* * * و كم تراعى لأهل اللوم من ذمم
بحكمة الله لكن الطباع ترى* * * في رفعة النذل صدعا غير ملتئم
انتهى ما نقلته من سلافة العصر. و لقد قصر في مدح هذا الشيخ، حيث وصفه بالشعر و الأدب، و لم يذكر جمعه لجميع المحاسن و الفضائل و العلوم، و عذره أنه لم يطلع على أحواله، و قد كنت مدحته بقصيدة، و رثيته بأخرى، ذهبا فيما ذهب من شعري، و كتبت إليه مرة هذين البيتين:
أنت فخر لولدك الغر في يوم* * * فخار بل أنت فخر أبيكا
و كما لي فخر بأنك عمي* * * لك فخر بأني ابن أخيكا
و من شعره أيضا، قوله من أبيات و فيه استخدامات خمسة:
ما رنحت صادحات الأيك في الشجر* * * إلا و ناحت لنوحي أنجم السحر
يا ساكني البان أزرت منكم مرحا* * * تلك القدود على أغصانه النضر
و حقكم ما جرى ذكر العقيق ضحى* * * إلا و أسبلته في الخد كالمطر
و لا ذكرت الغضا إلا و أججه* * * بين الضلوع لكم مور من الفكر
أفنيتم العين سقما عند ما حرمت* * * إليكم بالنوى رغما من النظر
تروي الغزالة عنكم في الجمال كما* * * سلبتم النفر عنها حكم مقتدر
و قوله:
تنبه فأوقات الصبا عمر ساعة* * * و عما قليل سوف تسلبها قسرا
و ما المرء إلا ضيف طيف لأهله* * * يقيم قليلا ثم يغدو لهم ذكرا
و إن بني الدنيا و إن طال مكثهم* * * بها أو علوا فوق هام السهى قدرا
كركب أناخوا مستظلين برهة* * * و حثوا المطايا نحو منزلة أخرى
و قوله:
إن كان حبي للوصي و رهطه* * * رفضا كما زعم الجهول الخائض
فالله و الروح الأمين و أحمد* * * و جميع أملاك السماء روافض
و قوله:
يا عترة المختار حبكم* * * مازجه الباطن و الظاهر
تالله لا يطوي على حبكم* * * إلا فؤاد طيب طاهر
و لا يناويكم سوى فاجر* * * ضمته في أرحامها عاهر
فمنكم يمتاز أصل الورى* * * و يستبين البر و الفاجر
و قوله:
إلهي شاب في التفريط رأسي* * * و أوهنت الذنوب العظم مني
فجد يا رب و ارحم ضعف حالي* * * و وفقني لما يرضيك عني
و قوله:
أين الأولى نامت عيونهم* * * عني و عيني شغفها السهر
طالت ثواهم فاستشاط لها* * * في القلب نار شبها الفكر