محمد بن علي بن أحمد الحرفوشي
محمد بن علي بن أحمد الحرفوشي:
قال الشيخ الحر في أمل الآمل (167): «الشيخ محمد بن علي بن أحمد الحرفوشي الحريري العاملي الكركي الشامي: كان عالما، فاضلا، أديبا، ماهرا، محققا، مدققا، شاعرا، منشئا، حافظا، أعرف أهل عصره بعلوم العربية، قرأ على السيد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي في مكة (جملة من كتب الفقه و الحديث، و قرأ على جماعة من فضلاء عصره من) الخاصة و العامة. له كتب كثيرة الفوائد، منها: كتاب اللآلي السنية في شرح الأجرومية مجلدان، و كتاب مختلف النجاة لم يتم، و شرح الزبدة، و شرح التهذيب في النحو، و شرح الصمدية في النحو، و شرح القطر للفاكهي، و شرح شرح الكافجي على قواعد الإعراب، و كتاب طرائف النظام و لطائف الانسجام في محاسن الأشعار، و شرح قواعد الشهيد، و رسالة الخال، و ديوان شعره، و رسائل متعددة. رأيته في بلادنا مدة (ثم سافر إلى أصفهان). و لما توفي رثيته بقصيدة طويلة، منها:
أقم مأتما للمجد قد ذهب المجد* * * و جد بقلب السود و الحزن و الوجد
و بانت عن الدنيا المحاسن كلها* * * و حال بها لون الضحى فهو مسود
و سائلة ما الخطب راعك وقعه* * * و كادت لها الشم الشوامخ تنهد
و ما للبحار الزاخرات تلاطمت* * * و أمواجها أيد و ساحلها خد
فقلت نعى الناعي إلينا محمدا* * * فذاب أسى من نعيه الحجر الصلد
مضى فائق الأوصاف مكتمل العلى* * * و من هو في طرق السرى العلم الفرد
فكم قلم ملقى من الحزن صامت* * * فما عنده للسائلين له رد
(و طالب علم كان مغتبطا به* * * كمغتنم للوصل فاجأه الصد)
لقد أظلمت طرق المباحث بعده* * * و كان كبدر التم قارنه السعد
فأهل المعالي يلطمون خدودهم* * * و قد قل في ذا الرزء أن يلطم الخد
لرزء الحريري استبان على العلى* * * أسى لم يكن لو لا المصاب به يبدو
و قد ذكره السيد علي بن ميرزا أحمد في كتاب سلافة العصر، فقال فيه: منار العلم السامي، و ملتزم كعبة الفضل و ركنها الشامي، و مشكاة الفضائل و مصباحها، المنير به مساؤها و صباحها، خاتمة أئمة العربية شرقا و غربا، و المرهف من كمام الكلام شبا و غربا، أماط عن المشكلات نقابها، و ذلل صعابها، و ملك رقابها .. و ألف بتأليفه شتات الفنون و صنف بتصانيفه الدر المكنون .. و مدحه بفقرات كثيرة، و ذكر أنه توفي في (شهر ربيع الثاني) سنة (1059)، و نقل جملة من مؤلفاته السابقة، و نقل كثيرا من شعره، و منه قوله من قصيدة:
خليلي عرج على رامه* * * لأنظر سلعا و تلك الديارا
و عج بي على ربع من قد نأى* * * لأسكب فيه الدموع الغزارا
فهل ناشد لي وادي العقيق* * * عن القلب إني عدمت القرارا
و قوله:
أنا مذ قيل لي بأنك تشكو* * * ضر حماك زاد بي التبريح
أنت روحي و كيف يبقى سليما* * * جسد لم تصح فيه الروح
و قوله في الخال:
و شحرور ذاك الخال لم يجف* * * روضة المحيا و من عنها يميل إلى الهجر
و لكنه خاف اقتناص جوارح* * * اللحاظ فوافى عائذا بحمى الثغر
و قوله في الشيخ محمد الجواد الكاظمي:
جرى في حلبة العلياء شوطا* * * بسعي ما عدا سنن السداد
ففاق السابقين إلى المعالي* * * و ما هذا ببدع من جواد
و من شعره قوله:
لا بدع أن أضحى الجهول يزدري* * * مكانتي و يدعي الترفعا
فالشمس أعلى رفعة و قد غدا* * * من فوقها كيوان أعلى مطلعا
و قوله:
عش بالجهالة فالجهول* * * له المقام الفاخر
و أخو الفطانة و النباهة* * * منه كل ساخر
هذا اقتضاه زماننا* * * و لكل شيء آخر
و قوله:
يروم ولاة الجور نصرا على العدى* * * و هيهات يلقى النصر غير مصيب
و كيف يروم النصر من كان خلفه* * * سهام دعاء عن قسي قلوب
و قوله:
بروحي خالا قد تأرج نصره* * * و ضاع فهام القلب فيه غراما
سعى لائذا بالثغر من نار خده* * * فمن شام أقامته أومض قاما
(كذا) و قوله:
في وجه من أهواه كنز محاسن* * * فيه لباغيه النفيس الفائق
في الثغر در و العذار زمرد* * * و الخد تبر و الشفاه شقائق
و قوله:
في الوجه أن فكرت روض ملاحة* * * أضحت تدل على هواه الأنفس
فالخد ورد و العذار بنفسج* * * و الصدغ آس و اللواحظ نرجس
و قد كتبت هذه الأبيات من خطه».