علي بن محمد بن مكي

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

علي بن محمد بن مكي:

قال الشيخ الحر في أمل الآمل (140): «الشيخ نجيب الدين علي بن محمد بن مكي العاملي الجبيلي، ثم الجبعي: كان عالما، فاضلا، فقيها محدثا (محققا)،

مدققا متكلما، شاعرا، أديبا منشئا، جليل القدر، قرأ على الشيخ حسن، و السيد محمد، و الشيخ بهاء الدين و غيرهم، له شرح الرسالة الاثني عشرية للشيخ حسن، و جمع ديوان الشيخ حسن، و له رحلة منظومة لطيفة، نحو ألفين و خمسمائة بيت، و له رسالة في حساب الخطأين، و له شعر جيد، رأيته في أوائل سني قبل البلوغ و لم أقرأ عنده. يروي عن أبيه، عن جده عن الشهيد الثاني، و يروي عن مشايخه المذكورين، و غيرهم، و كان حسن الخط و الحفظ، له إجازة لولده و لجميع معاصريه، و ذكره السيد علي بن ميرزا أحمد في سلافة العصر، فقال فيه: نجيب أعرق فضله و أنجب، و كماله في العلم معجب، و أدبه أعجب، سقى روض آدابه صيب البيان، فجنت منه أزهار الكلام أسماع الأعيان، فهو للإحسان داع و مجيب، و ليس ذلك بعجيب من نجيب، و له مؤلفات أبان فيها عن طول باعه، و اقتفائه لآثار الفضل و اتباعه، و كان قد ساح في الأرض، و طوى منها الطول و العرض، فدخل الحجاز، و اليمن، و الهند، و العجم، و العراق، و نظم في ذلك رحلة أودعها من بديع نظمه ما رق و راق، و قد حذا فيها حذو الصادح و الباغم، و رد حاسد فضله بحسن بيانها و هو راغم، وقفت عليها فرأيت الحسن عليها موقوفا، و اجتليت محاسن ألفاظها و معانيها أنواعا و صنوفا، و اصطفيت منها لهذا الكتاب ما هو أرق من لطيف العتاب (انتهى). ثم نقل منها نحو مائة بيت، و أنا أذكر يسيرا من شعره، فمنه قوله:

يا أمير المؤمنين المرتضى* * * لم أزل أرغب في أن أمدحك

غير أني لا أرى لي فسحة* * * بعد أن رب البرايا مدحك

و قوله:

مدت حبائلها عيون العين* * * فاحفظ فؤادك يا نجيب الدين

في هجرها الدنيا تضيع و وصلها* * * فيه إذا وصلت ضياع الدين

و قوله:

لي نفس أشكو إلى الله منها* * * هي أصل لكل ما أنا فيه

فمليح الخصال لا يرتضيني* * * و قبيح الخصال لا أرتضيه

فالبرايا لذا و ذاك جميعا* * * لي خصوم من عاقل و سفيه

و قوله:

يا ما رأينا و ما رأينا* * * و كل شيء له انقضاء

و الحكم لله في البرايا* * * كما به قد جرى القضاء

و قوله:

كل امرئ بين امرأين* * * بين الأنام مقصر

إما امرؤ متوكل* * * أو آخر متهور

و قوله في مرثية شيخه السيد محمد:

جودي بدمع مستهل غزير* * * يا عين فالرزء جليل خطير

و إن رقى الدمع فسيحي دما* * * ففادح الرزء بهذا جدير

دك لعمري جبل شامخ* * * كادت له الشم العوالي تسير

طود على بحر نهى يا له* * * من أوحد ليس له من نظير

و قوله:

يا رب ما لي عمل صالح* * * به أنال الفوز في الآخرة

إلا ولائي لبني هاشم* * * آل النبي العترة الطاهرة

و قوله:

يا من تحار البرايا في وصف عز جلاله* * * حرم على النار وجهي بالمصطفى، و بآله

و قوله من قصيدة يرثي بها الشيخ حسن و السيد محمد (رحمهما الله):

أسفا لفقد أئمة لفواتهم* * * أيدي الفضائل و العلى جذاء

هم عزة كانت لجبهة دهرنا* * * ميمونة وضاحة غراء

إن عد ذو فضل و علم زاخر* * * فهم لعمري القادة العلماء

أو عد ذو كرم و فضل شامخ* * * فهم لعمري السادة الكرماء

حبران ما لهما و حقك ثالث* * * فاعلم بأن الثالث العنقاء

بحران ماؤهما فرات سائغ* * * عذب و فيه رقة و صفاء

و قوله:

علة شيبي قبل إبانه* * * هجر حبيبي في المقال الصحيح

و يدعي العلة في هجره* * * شيبي و في ذلك دور صريح

أقول: و قد كتبت الرحلة المذكورة بخطي من خطه في أوائل الشباب و كتبت على ظهرها من شعري هذه الأبيات:

يا رحلة بديعة في فنها* * * كاملة في لطفها و حسنها

بليغة أنيقة طريفة* * * لطيفة رشيقة شريفة

فهي كروض مونق نضير* * * ليس له في الحسن من نظير

لست ترى في نظمها تكلفا* * * كلا و لا في سبكها تعسفا

تفوق في اللطف شذى النسيم* * * و العنبر الفائح في التسنيم

جامعة للوعظ و الأمثال* * * بارعة عديمة المثال

ألفها أفصح أهل دهره* * * فتى علا عن كل أهل عصره

فيا له من كامل ممجد* * * أحرز أصناف العلى و السؤدد

سقى ثراه سحب الرضوان* * * و كان مثواه لدى رضوان

في جنة الخلد مع الأئمة* * * أهل العلى و شفعاء الأمة

(عليهم السلام) ما دار فلك* * * و سبح الله مدى الدهر ملك